من أساء لكِ يا بلقيس؟

تحت عنوان «ابنتي معجبة بنصرالله» كتبت الأديبة والشاعرة السعودية بلقيس الملحم:

«ولندرة النماذج والرموز الحية، وجد الشباب والشابات العربيات وابنتي واحدة منهن، وجدوا جميعا في شخص حسن نصرالله ـزعيم حزب الله ـ أنموذجا أخاذا، للأفعال لا للأقوال!

فحضوره يطغى على صمته المهيب، وماء عينيه زيت محرق إذا ما ادلهمت الظلمات... كلامه قذائف، ووقوفه جبال لا تهتز، لابتسامته سحر، ولبياناته رنين مغناطيس للروح البعيدة... أمّا أدبياته الساخرة الممغنطة في خطاباته الجماهيرية، فهي سهام مصيبة وهي بلا شك أجدى من كل هذر!

لقد استطاع هذا الرجل بفضل علمه، ومكانته، وورعه، وصدق قضيته، وجرأته في الحق، استطاع أن يكسب قلب فتاة تبلغ من العمر 16 عاماً».

مقالها المشار إليه كان في بداية العام 2009، وفي الأسبوع الماضي تفاجأت بعدد كبير من الايميلات وصلتني عبر أصدقائي «المتواصلين معي» وغيرهم «عناوين بريدية مجهولة»، ولاحقا دخلت على شيخ الإنترنت «google» فرأيت عددا كبيرا من المواقع الشيعية عامرا بقراء الخبر الذي مفاده أن بلقيس الملحم قتلت بسبب مواقفها الدينية المتسامحة، وكتابتها للموضوع المشار إليه، ولكي يُصدق الخبر، ويتبناه الشيعة، ثم يندفعون لنشره، فبركت قصة على وزن الحكايات البوليسية المعروفة، أما التعليقات فلم تأخذ في اعتبارها «إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا...»، بل راحت تطلق العنان لتصوراتها المنفعلة كالعادة دون أن تتأنى أو تتبين أو تتأكد من الخبر، لقد تحول الخبر في منطقتنا من كتابات النت إلى حديث المنتديات والديوانيات وجلسات المسامرة.

بلقيس بخير:

بلقيس لم يصبها سوء ولله الحمد، والخبر الذي نقل حولها مصطنع ومفبرك، ولكن هناك أسئلة أرى أن تعيدنا القهقري للكثير من الأخبار والمقالات التي تسربت، وأوجدت إرباكا في ساحاتنا الداخلية والساحة العامة، ولي حديث لاحق في هذا إن شاء الله.

من سرب هذا الخبر للمواقع الشيعية؟

من هو الشخص؟

من هي الجهة؟

من هو صاحب المصلحة؟

ثم ما هي المصلحة المرجوة من هذا الكذب؟

ولماذا أراد «الشخص أو الجهة» للمواقع الشيعية أن تسيء للشاعرة والكاتبة الملحم؟

ولماذا ربطت قضية القتل بمقال الكاتبة الذي أشرت إليه في مقدمة؟

ما الذي يغذي هذا النوع من الربط لدى القارئ البسيط؟

وكيف يمكن أن يتفاعل الخبر في أجواء تكتوي بنار الطائفية؟

لقد رجحت الكاتبة الملحم أن الكاذب الذي صنع الخبر ربما يكون شابا مراهقا، ولتسمح لي أن أختلف معها، فالخبر وصياغته الاحترافية واستهدافاته التي حملتها سطوره على شكل رسائل، ليست صناعة مراهق، إنها صناعة جهة لها أهدافها، في صناعة القصة، واختيار أماكن النشر، وتضمين المعاني.

الأمر محسوم بالنسبة لي شخصيا، فالكاتب ليس بالبساطة التي عرضته بها طيبة الكاتبة الملحم وأخلاقها، وما ليس محسوما لدي هو السؤال عن نوع تلك الجهة وماهيتها وحقيقتها.

لقد حاولت الدخول على أكثر من موقع وقراءة أكثر من صياغة للخبر علني أجد فجوة أركن لها في طريق معرفة طبيعة الجهة الفاعلة، لكني لم أستطع، الأمر الذي أكد في نفسي قدرة الكاتب الاحترافية.

كل ما يمكنني قوله إن الشبكة العنكبوتية لا أمان لأخبارها، لأنها عند العديد من التوجهات أصبحت ساحة حرب، تملأها الخديعة والوقيعة بين الناس، فلكل دائرة من الدوائر أعداء ومنافسون، وهناك جهات تتابع وترصد وترى حراك هذه الدائرة وتلك، ومن السذاجة أن نتصورها ستقف متفرجة، ولن تحاول العبث.

كوني بخير وسلام يا بلقيس، فمقالاتك المنصفة أكبر من الافتراءات، لكن أرجو منك التضامن معي في جزئية بسيطة، وهي أن أحد أغراض التسريب ربما تكون فركة أذن لك، كي لا تقربي الإنصاف أكثر، كما أن صياغة الخبر ودسه هو مكر فاعل محترف.

العدد 2453 الاثنين 25 مايو 2009 الموافق 29 جمادى الثاني 1430 هــ