العمل التطوعي ركيزة للمجتمع المتماسك

 

لماذا العزوف عن العمل التطوعي في الوقت الذي أصبحنا في حاجة ماسة اليه وأصبح ضرورة اجتماعية لمد يد العون للآخرين؟ من الملاحظ ان فئة الشباب هم الاكثر عزوفا عن ذلك وأصبح التطوع منحصرا على فئة بعينها ، فهل مرجع ذلك الى الصعوبات والعراقيل التى تواجه المتطوع .أم انها ترجع الى انشغال الشباب بأمور أخرى ؟ يختلف العمل التطوعي من مجتمع الى اخر باختلاف شكله واتجاهاته .

فالكثير منا لا يعرف معنى العمل التطوعي وأهميته كركيزة أساسية لبناء مجتمع متماسك اجتماعيا، كما انه دليل على تقدم الأمة واتساع ثقافتها ومدى الادراك والوعي فيها ، كما ان فلسفة التطوع ذاتها تعكس روح الاسلام بما يحمله من معاني الخير والعمل الصالح والانساني ، وليس التطوع مجرد حب الظهور أو للوجاهة الاجتماعية.

وفي كتاب «العمل التطوعي في خدمة المجتمع» أشار المؤلف سماحة الشيخ حسن الصفار إلى أهمية العمل التطوعي وكيفية تشجيع الناس عليه في مجتمعنا ومردوده الايجابي على الفرد والمجتمع وما هي اسباب العزوف عن هذا العمل الخير وماهو وضع العمل التطوعي في المجتمعات الاسلامية وهذه قراءة موجزة فصولها الثلاثة :غلاف كتاب العمل التطوعي

الفصل الأول: العمل التطوعي في خدمةالمجتمع :

لاشك في أن لكل إنسان مسؤولية تجاه شؤونه الخاصة، بعدها سيكون مسؤولاً عن عائلة يرعى شؤونها، ولأنه جزء من المجتمع فهومعني بالشأن العام: الاجتماعي المحلي، والإنساني العالمي. هذا ما يشيرإليه المؤلف، ويؤكد بأن الإنسان مؤهل وقادرللقيام بهذه المسؤوليات في دوائرها المتعددة، وهذا ما يثبته الواقع وتاريخ البشرية في الماضي والحاضر. ولكن لن يكون الإنسان كذلك إلا بالوعي والإدراك، والتحلي بإرادة التصدي، وبذل الجهد والنشاط.

ثم يشير المؤلف إلى أسباب العزوف عن العمل التطوعي والتي يذكر منها: الإستغراق في الحالة الذاتية، وتعدد الاهتمامات والانشغالات وذلك لتطور طبيعة الحياة العصرية، وأخيراً العوائق التي تعترض العمل التطوعي سيما في مجتمعات العالم الثالث، كالقوانين غير المشجعة، والروتين، والمواقف السلبية من قبل بعض الناس تجاه العاملين في خدمة المجتمع.

ولكن يبقى للعمل التطوعي نتائج ومكاسب، إذا أدركها الإنسان استسهل كل الصعوبات، كما يؤكد على ذلك المؤلف، ويذكر من تلك النتائج والمكاسب:

ـ الراحة النفسية بقضاءحوائج الناس.

ـ تنمية القدرات الذهنية ومهارات ومؤهلات سلوكية تزيد من نقاط قوة الشخصية.

ـ اتساع دائرة العلاقات والحصول على مكانة اجتماعية.

ـ توفير ضمان مستقبلي للحالات الطارئة لأبناء المجتمع،

ـ الثواب العظيم من الله عزّوجل.

ثم أشار المؤلف إلى ضعف الإقبال على العمل التطوعي في مجتمعاتنا مقارنة بالدول المتقدمة كالولايات المتحدة الأمريكية، والتي بلغ عدد مؤسساتها الخيرية 32000 مؤسسة والمتطوعون 30% من سكان أمريكا، حسب بعض الإحصائيات.

ويقول سماحته أسفا: «يفترض أن تشهد مجتمعاتنا الإسلامية إقبالا على العمل التطوعي الاجتماعي أكثرمن المجتمعات الغربية لما في تعاليم ديننا الإسلامي الحنيف من حث كبيرعلى نصرة المظلومين، ومساعدة الفقراء، وخدمة المحتاجين، حتى اعتبر القرآن الكريم ذلك مقياسا ًلصدق التدين».

مشيرا ًإلى قلة انضمام عناصر جديدة لإدارات المؤسسات الخيرية في مجتمعاتنا ومن يحضر انتخابات الجمعيات الخيرية يلحظ ذلك، وكذلك ضعف رفد لجانها ومجالات عملها بالطاقات والكوادرالتي تطور مسيرة العمل.

رافضاً تعذر بعض الناس بانشغالاتهم الدراسية والعملية والعائلية، مؤكداً أن الأمر يحتاج إلى الشعور بالمسؤولية، وطلب رضا الله وثوابه، وتنظيم الوقت، وإلا فإن العاملين فعلاً في المؤسسات الخيرية، ليسوا خالين من الالتزامات، ولا عاطلين عن العمل.

وفي الفصل الثاني من الكتاب الذي جاء بعنوان المجتمع واليتم يقول سماحته:

من الأمور المهمة والملحة في مجتمعاتنا، رعاية الأيتام. ويوصي المؤلف كل يتيم بتقبل الأمر، والتسليم بقضاء الله وقدره، وأن لا يشعر بالنقص في قيمته عند ربه، فاليتم لا يدل على الدونية، وضعة المقام عند الله، حيث يذكر التاريخ أن كثيراً من أولياء الله الصالحين كانوا أيتاماً، وكفى بمحمد خاتم النبيين، وسيد الأولين والآخرين، مثلاً.. وقد أشار المؤلف إلى أهمية كفالة اليتيم وعظيم ثوابها، كما ورد ذلك عن رسول الله وأئمة أهل البيت . مشيراً إلى دور لجان كافل اليتيم وأهميتها، حيث عملها مؤسسي ويلفت الآخرين لهذه الفئة من الناس ويشجع على رعايتهم، كما أن فيها طمأنة للأيتام بوجود من يتابع شؤونهم، كما يتوافر فيها الكفاءات وتبادل الخبرات. مذكراًهذه اللجان بالاهتمام برفع كفاءة الأيتام، وتقدمهم علىصعيد التعليم وبناء القدرات والمهارات والتوجيه السلوكي .جريدة عمان

وتكلم في الفصل الثالث عن التزويج والمساعدة على الزواج حيث يقول: لتوفير أجواء العفة والاحتشام، لصيانة أخلاق وأعراض المجتمع، يوجه الله تعالى المؤمنين إلى تزويج عزابهم، من الذكور والإناث ﴿وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله والله واسع عليم﴾.

ولأن من يريد تأسيس حياة عائلية في بداية مشواره يحتاج إلى دعم وعون مادي ومعنوي في غالب الأمر، فإن الله تعالى يوجه المجتمع إلى تزويج العزاب.

كما أنه يصح التزويج من الزكاة، ، وعن طريق البذل والصدقة، وهذه الموارد تحتاج إلى مؤسسة لتوجيه المصارف، مشيراً إلى أهمية صندوق الزواج الخيري، لمساعدة المحتاجين للزواج، واعتبره أ فضل أسلوب لتحقيق هذا الأمر، لما فيه من تنظيم، ودراسة حالة المحتاجين، بالإضافة إلى احتوائه على ميزات العمل الجماعي.

مؤكداً على أهمية التفاعل والتجاوب مع هذا الصندوق وايجاده في كل منطقة، لما في ذلك من مصلحة ومنفعة كبرى للمجتمع.


 

جريدة عمان العمانية - السبت 14/5/2011م الموافق 11/6/1432هـ