مع الشيخ الصفار في كتاب ثقافة التنمية والإصلاح

مكتب الشيخ حسن الصفار محمد المحسن

 

• الكتاب: مسارات في ثقافة التنمية والإصلاح (ج6)
• المؤلف: الشيخ حسن الصفار
• الناشر: دار المحجة البيضاء ـ بيروت، لبنان
• الطبعة الأولى 1437ﻫ - 2016م
• عدد الصفحات: 747

( 1 )


من يعرف الشيخ حسن الصفار، يعلم تماما التصاقه بالكتاب منذ سنيه الأولى، فهو ألف عددا من الكتب والكتيبات في مقتبل عمره، وسنواته الأولى في الدراسة الدينية وذلك عام 1394هـ من خلال كتيب عن شهر رمضان المبارك، وأضحت مؤلفاته اليوم تتجاوز المائة والثلاثين، بين كتيب وكتاب. هذا بالإضافة لمواظبته على القراءة، ومتابعته لكل جديد يصدر من الكتب والدوريات، حتى أصبحت القراءة هي همه اليومي.

ذاك الرصيد الكبير من القراءة والكتابة، جعلت الشيخ "وهو الخطيب المفوه" يجهد على تدوين وتوثيق كل ما يطرحه منبريا وخطابيا في كتاب سنوي يؤرخ فيه لمسار ذلك العام، فكان كتاب "مسارات في ثقافة التنمية والإصلاح" ككتاب سنوي يصدره الشيخ، يحتوي على خطب الجمعة، بالإضافة إلى الحوارات التي أجريت مع سماحته خلال العام نفسه، والمقالات المنشورة في الصحف، ومشاركاته في الندوات العامة، وتقديمه لبعض الكتب.

وكانت فكرة "السلسلة" قد بدأت عام "1420هـ" من خلال كتاب (أحاديث في الدين والثقافة والاجتماع) وصدر منه 10 مجلدات حتى عام 1429هـ. ثم بدا في العام التالي "1430هـ" في "السلسلة" الجديدة واسماها لأسباب الطباعة والنشر " مسارات في ثقافة التنمية والإصلاح"، والذي يصدر منه اليوم الجزء السادس، ويؤرخ لعام "1435".

( 2 )

 

يقول الشيخ الصفار في مقدمة الجزء السادس من الكتاب: ان الأمة بعد ان كسبت معركة التمسّك بهويتها وانتمائها الديني، في مواجهة من أرادوا سلخها من تلك الهوية والانتماء، بفرض أنظمة استبدادية متطرفة، وقدّمت قوافل من الشّهداء، وتحمّلت آلام التضحيات لعقود من الزمن، حتى تكسب هذه المعركة المصيرية؛ لأنّها رأت في الدين ملاذًا وملجأً لحفظ عزّتها واستقلالها المستهدف من قبل الغزاة المستعمرين، والطغاة المستبدّين.

لكن الآن يضيف الصفار تجد الأمة نفسها أمام معركة أخرى أشدّ خطورة وأكثر شراسة، وهي معركة الوعي والفهم لقيم وتعاليم الدين، الذي عقدت عليه آمال الخلاص والنجاة، من واقعها المتخلّف الفاسد.

الموروث الديني وما حاط به من إضافات وزيادات هو مشكلة المشاكل التي تعاني منها الامة، وهو ما يشير اليه الشيخ الصفار بالقول: "ما ورثته الأمة من دينها يتمثل أساسًا في نصوص الكتاب والسنة، وآراء العلماء والفقهاء السّالفين، ولا شك أنّه إرث عظيم، لكنه بحاجة إلى إعادة قراءة وتمحيص، تخلّصه من الشوائب التي لحقت به وأضيفت إليه من قبل الوضّاعين والمدلّسين، حيث أجمعت الأمة على حصول الكذب والافتراء على رسول الله "ص" وعلى الأئمة من آل بيته وخيار صحابته".

ويلفت الشيخ الصفار النظر على رغم الجهود التي بذلها علماء الحديث لتنقية السّنة مما لحق بها من أكاذيب وإضافات، عبر وضع معايير ومقاييس لتصحيح وتخريج الأحاديث، إلا أنّ ذلك لا يعني اكتمال هذه المهمة، وانتهاء دور علمي الدراية والرواية، خاصة إذا أخذنا بعين الاعتبار ما يمكن أن توفره الخبرة المتراكمة، والتطور في وسائل البحث ومناهج التحقيق في التراث والآثار.

ويشير إلى أنّ قسمًا من النصوص الدينية، وخاصة فيما يتعلق بشؤون الحياة وإدارة المجتمع، قد تكون محدودة ومحكومة بزمن وبيئة صدورها، ولا يقصد الشارع منها الإطلاق والشّمول لكلّ الأزمنة والأوضاع الاجتماعية المختلفة، فهي تشريعات تدبيرية، وضعها الرسول "ص" أو الأئمة والخلفاء، بحكم الممارسة لموقع الإدارة والقيادة.

وبالنسبة للشيخ الصفار، فإن آراء العلماء والفقهاء السّابقين فهي غير ملزمة لأجيال الأمة، وليست سقفًا يمنع العلماء والفقهاء اللاحقين من إعادة القراءة والفهم للنص الديني، فكما اجتهد أولئك يحقّ لهؤلاء الاجتهاد وإبداء النظر، وذلك هو مبرّر وجوب الاجتهاد في المعرفة الدينية، وضرورة وجود الفقهاء المجتهدين في كلّ عصر وجيل.

وتابع القول في مقدمة كتابه، "فأن تقدّم العلم وتطور الحياة في مختلف المجالات، فإنّ هناك تحدّيات وأوضاعًا مستجدة، وأسئلة حادثة، تتطلب الإجابة والمعالجة".
مشددا ان هذا هو ميدان المعركة الجديدة التي تواجهها الأمة اليوم، بعد تجاوزها لمعركة الحفاظ على الهوية والانتماء. فما هي صورة الدين الذي تتطلع الأمة إلى تطبيقه في هذا العصر؟

مؤكدا ان مواجهة فكر التطرف، وثقافة التشدّد، تقتضي تضافر جهود الواعين من قيادات الأمة، لتنقية التراث الديني، وإزالة الشوائب التي لحقت به في عصور التخلف والاستبداد، وإعادة قراءته بعقلية عصرية منفتحة، تتجاوز أفهام الماضين، وتتجه صوب القيم الأساس في الدين، والمقاصد الرئيسة للشريعة.
كما تستدعي مواجهة فكر التطرف، حشد كلّ القدرات والطاقات، للتبشير بثقافة التسامح والمحبّة والعدل والإحسان وحقوق الإنسان، كمبادئ راسخة في الدين، وتفنيد كلّ التبريرات المفتعلة لتجاوزها، بشرعنة سلوك التوحّش والإرهاب.

 

( 3 )

 

الكتاب ضم بين دفتيه (80) خطبة لقاها سماحته خلال العام 1435هـ، وتناول فيها عدة أمور من أبرزها:

الثقافة المهدوية وسوء التوظيف، احتكار الجنة بين الطوائف الدينية، الطوائف الدينية والاحترام المتبادل، الاحتراب والقتل العبثي في بلاد المسلمين، التديّن الموروث والبعد الأخلاقي، مخرجات الازدراء والتعبئة الطائفية، الانتماءات الفئوية ورعاية القيم، لماذا تضطهد المرأة في المجتمعات الإسلامية؟، الخصومة في الدين انقلاب على الدين، التشيّع بين المظاهر والالتزام، العنصرية حين تنسب إلى الدين، المزايدة في الدين، التديّن والنزعة الإنسانيّة، المشاعر الدينيّة بين الوعي والاستغلال، التحدّي الأكبر مواجهة التطرف الديني، مفهوم الوحدة والتطبيقات المعاصرة، التطرف وارتداداته الداخلية.

كذلك ضم الكتاب عدد من كتابات الشيخ، منها تقديم لعدة كتب منها: عمرو الأطرف بن علي بن أبي طالب، الدكتور الرفاعي دعوة التجديد ورسالة الانفتاح، تقديم لكتاب: العلم والعقل ومرادفاتهما في القرآن الكريم، وتقديم لكتاب: رسالة سلام مذهبي للشيخ حيدر حب الله.

 وشمل قسم المتابعات في الكتاب خبر عن ندوة للشيخ في قم عن العلاقة مع السلفيين، ونص حوار برنامج المنصة على قناة الكوت. كما ضم عددا من أخبار الشيخ في استقبال عدد من اللجان والمبادرات الأهلية، واستقبال عدد من الشخصيات الوطنية والعلمائية.