إمكانية الانتصار على السرطان

كفاءات الإنسان وطاقاته الكامنة، لا تظهر إلا عبر مواجهته للتحدّيات، التي تستثير قدراته وتحفزها من أجل التغلب على الصعوبات، وبذلك تتقوى إرادة الإنسان، وينشط عقله، وتصقل مواهبه ومهاراته، وكما قيل فإنّ الحاجة أمّ الاختراع، والتحدّي يدفع إلى التقدم.

وهذا هو معنى الابتلاء في الحياة التي تحدثت عنه النصوص الدينية، كقوله تعالى: ﴿وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً ۖ وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ .(35) الأنبياء

فالشرّ الذي يسوء الإنسان ويزعجه، يشكل في الوقت ذاته باعثاً على المقاومة واكتشاف وسائل الدفاع والحصانة، كما أنّ الخير يبعث نحو الاستثمار والتنمية والبناء، فكلاهما – الشرّ والخير – ينتج حركة تظهر مدى تفعيل الإنسان لقدراته وطاقاته الفكرية والنفسية والعلمية.

لذا ورد عن الامام الحسن العسكري أنه قال: «مَا مِنْ بَلِيَّةٍ إِلَّا وَللهِ فِيهَا نِعْمَةٌ تُحِيطُ بِهَا»[1]  .

معركة الإنسان ضدّ المرض

ومن أشدّ الابتلاءات والتحديات التي تواجه الإنسان في هذه الحياة هي الأمراض، حيث تهدد حياته ووجوده، وتعوق حركته ونشاطه، وتسلب عنه الراحة والهناء.

لكنّ لهذه الأمراض وجهًا آخر، فقد حفزت الإنسان ودفعته للتعرف على نظام جسمه، وطريقة عمل أجهزته وأعضائه، وتعمقت الأبحاث في تشريح جسم الإنسان حتى وصلت إلى مستوى قراءة شيفرات جيناته الوراثية، والدخول على خط هندستها وتشكلها.

من جانب آخر، فإنّ السعي إلى استكشاف سبل الوقاية من الأمراض، والتمكن من علاجاتها، قاد الإنسان إلى تكثيف دراسته للطبيعة التي يعيش في أحضانها، من جماد ونبات وحيوان ومكونات وظروف مختلفة لبيئة الحياة؛ نظرًا لصلتها الوثيقة بحياته، وتأثيرها على صحة جسمه، ولتوفرها على عناصر مكافحة الأمراض ومعالجتها.

وحين نقرأ تاريخ مواجهة الإنسان لمختلف الأمراض، نجد أنه يقف في البداية حائرًا مضطربًا أمام أيّ مرض جديد يغزو جسمه، ويتحمّل الخسائر ويقدم الضحايا تلو الضحايا من أفراده، بسبب بطش ذلك المرض وسطوته، ومن ثم يتحرك للتعرف على طبيعة المرض وأسبابه، واستكشاف وسائل الوقاية منه، وطرق محاصرته، وصولاً إلى خطوات العلاج والسيطرة عليه، وإعلان الانتصار على خطره.

حصل هذا مع مرض الحصبة مثلاً، ومع مرض الجدري، ومع مرض الكوليرا، وأمثالها من الأمراض التي كانت تقضي على حياة كثيرين من البشر، لكنها الآن أصبحت تحت السيطرة الكاملة، حيث صنّعت لها لقاحات تؤمن الوقاية منها.

إمبراطور الأمراض

وفي هذا العصر يواجه الإنسان التحدّي الأكبر مع إمبراطور الأمراض – كما يطلق عليه – وهو مرض السرطان، هذا المرض الذي يفتك كل عام بأكثر من 12 مليون من البشر، في معدل تصاعدي يتوقع أن يصل إلى 24 مليونًا بحلول عام 2035م.

السرطان "تسمية عامة لمجموعة تضم أكثر من مئة نوع من الأمراض، وبالرغم من عددها الكبير، فإنّ جميع أنواع السرطان تحدث نتيجة حصول نمو غير طبيعي في خلية ما، وتحولها إلى خلية سرطانية، مما يؤدي إلى نمو غير متحكم فيه، وتمدد غير محدود إلى الأنسجة المجاورة. وذلك ما يعرف باسم الورم الخبيث، الذي يختلف عن نوع آخر من الأورام تسمى بالحميدة. وهو نمو غير طبيعي للخلايا، لكنه لا يمتلك القدرة على الانتشار لمناطق مجاورة أو أخرى، ولذلك فهو يبقى جالساً في مكانه محموداً على أدبه"[2] .

وجاءت تسمية السرطان من اللغة اليونانية، نسبة إلى شكل المقطع العرضي للورم الخبيث، الذي تظهر فيه الأوردة الدموية مشدودة بصورة تشبه أقدام حيوان سرطان البحر "القبقب".

عوامل تؤدي إلى الإصابة

إنّ معركة الإنسان مع السرطان لا تزال محتدمة، وسلاحه الأساس فيها هو العلم، الذي كشف لنا عن طبيعة هذا المرض، ورغم أنّ العلم لا يستطيع الجزم بالسبب المؤدي إلى حدوث المرض على نحو الدقة، لكنه يشير إلى العوامل التي قد تؤدي إلى الإصابة به، مما يساعد على توقيه باجتنابها. ومن أبرزها:

1/ التدخين وهو يتسبب في حدوث 1.8 مليون من وفيات السرطان كلّ عام.

2/ زيادة الوزن، أو السمنة، أو الخمول البدني، وهي عوامل تسبب مجتمعة في وقوع 274.000 من وفيات السرطان كلّ عام.

3/ تعاطي الكحول على نحو ضارّ، وهو يتسبب في وقوع 351.000 من وفيات السرطان كلّ عام.

4/ التعرض للمواد المسرطنة في أماكن العمل، وهو يتسبب في وقوع ما لا يقل عن 152.000 من وفيات السرطان كلّ عام[3] .

الفحص المبكر

كما حقق العلم إنجازاً آخر في المعركة ضد السرطان، بتطوير القدرة على اكتشاف تسلل المرض إلى الجسم، حيث يتسلل خفية دون أن تكون له أعراض تدلّ على حدوثه، ليتمكن من التمدد والانتشار بصمت وهدوء، لكن العلم اليوم استطاع إنتاج وسائل للفحص المبكر، لفضح تسلل السرطان، والعمل على مواجهته في أسرع وقت، لمحاصرته ومنعه من التمدد والانتشار.

ولاستثمار هذا الإنجاز العلمي، لا بُدّ من نشر التوعية للمبادرة إلى إجراء الفحص المبكر، وتوفير فرص القيام بها.

يقول أحد الباحثين الإخصائيين: (إنّ الإنجازات لكثيرة، وتبدأ بالمعرفة التي أدت إلى فهم عميق لماهية الخلية السرطانية، وكيف تختلف عن الخلية السليمة. فأصبحنا نعرف أنّ «السرطان» ليس مرضاً واحداً، بل هو أمراض عديدة، بل مئات منها. وتختلف هذه الأمراض عن بعضها بيولوجياً كما تختلف سريرياً. وتختلف بنسبة تجاوبها للعلاج كما تختلف بنسبة إمكانية الشفاء التام. وأصبحنا على قناعة اليوم أنّ تشخيص المرض بواسطة المجهر فقط غير كافٍ. لقد أصبح تحديد المرض بهويته البيولوجية أمراً ضرورياً لاختيار العلاج الشافي له. وهنا تبرز معضلة جديدة، وهي أنّ التقنيات المخبرية المتطورة والقادرة على تحديد الهوية البيولوجية غير متوافرة بشكل كافٍ في العالم، مما يجعل من عدم القدرة على تحديد المرض بدقة أحد أهم الأسباب لفشل المعالجة.

ويضيف: تعلمنا أيضاً أنّ تحول الخلية السليمة إلى خلية سرطانية قد يستغرق سنين عديدة. في هذه المدة الزمنية تمر الخلية السليمة بمراحل بريئة، قبل أن تصبح خلية سرطانية قادرة على النمو والتكاثر بشكل عشوائي. وقد أصبح بمقدورنا اليوم تشخيص هذه المراحل البريئة، كما أنه بمقدورنا تطوير استراتيجيات علاجية جديدة تستهدفها، وتشل قدرتها على التحول إلى المراحل الخبيثة، وبهذا نمنع الإصابة بالسرطان. وأكبر مثل على ذلك هو سرطان الثدي عند المرأة. لقد أثبتت الدراسات أنّ نسبة الإصابة عند النساء المعرّضات لسرطان الثدي، إما بسبب عمر يناهز الستين سنة أو لوجود حالات مماثلة في العائلة، تنخفض إلى النصف إذا ما عولجن وقائياً بواسطة أدوية تقليدية تؤخذ بالفم.

ويتابع: إنّ المعرفة العلمية التي نملكها اليوم، إذا وضعت في خدمة الإنسان، توفر له الوقاية من 75 في المئة من الإصابات. هذا يعني أنه بدل أن يكون هناك 13 مليون إصابة جديدة بالسرطان كلّ سنة، فنحن قادرون اليوم على خفض هذا الرقم إلى ربعه. نحقق ذلك بسياسات صحية، تقضي على الأسباب التي نعرفها للأمراض السرطانية، وتفرض الفحص الدوري للاكتشاف المبكر. أما بالنسبة إلى الأمراض السرطانية الأخرى التي نجهل كيفية الوقاية منها، فالطب الحديث قادر على شفاء 60 في المئة من المرضى المصابين بها)[4] .

المواجهة المباشرة

وإذا أخذ المرض موقعه – لا سمح الله – في أيّ موضع من جسم الإنسان، تصبح المعركة معه مباشرة عبر برامج العلاج، التي تطورت وما زالت تتطور كلّ يوم، حيث يحرز الأطباء انتصارات كبيرة في كلّ ساعة وفي مختلف مستشفيات العالم التي تجري عمليات العلاج.

فهناك العلاج بالجراحة لاستئصال الجزء المصاب بالسرطان، والعلاج الاشعاعي لتدمير الخلايا السرطانية، والعلاج الكيماوي في حال الاشتباه بوجود بقايا خلايا سرطانية، وأخيراً العلاج البيولوجي.

وبفضل هذه البرامج العلاجية يتم إنقاذ عدد كبير من المصابين بالسرطان، ليواصلوا حياتهم بشكل طبيعي.

سلاح الأمل والمعنويات الرفيعة

إذا كان الإنسان بحاجة إلى سلاح الأمل والمعنويات الرفيعة، تجاه كلّ مشكلة أو تحدٍّ يواجهه، فإنّ هذه الحاجة تكون في أعلى درجاتها عند الإصابة بمرض السرطان، حيث تحوّل هذا المرض إلى "بعبع" في نفوس الناس، بسبب الاعتقاد الشائع بأنه يعني نهاية الحياة، وأن لا إمكانية للنجاة وتحقيق الشفاء منه.

ولشياع هذه الفكرة الخطأ، ورسوخها في النفوس، فإنّ اكتشاف الإنسان لإصابته بالسرطان تشكل صدمة كبيرة، قد تسبب له الانهيار النفسي، والاضطراب الفكري، وذلك ما يزيد ضعف مناعته أمام المرض، ويجعله فريسة سهلة لانتشاره وسيطرته، بينما تكون رباطة الجأش، والثقة والاطمئنان النفسي هو ما يعزّز قوة المناعة، والقدرة على المقاومة، ويحفّز كلّ العناصر الإيجابية في وجود الإنسان لمواجهة المرض.

ولا تقتصر الحاجة للمعنويات الرفيعة على المريض نفسه فقط، بل تشمل عائلته والمحيطين به، فكلما كانوا أكثر أملاً وتفاؤلاً، فإنهم يلهمون مريضهم الأمل والثقة، ويكون اهتمامهم به أكثر دقة وموضوعية.

في الماضي كان كسب الرهان والانتصار على السرطان إمكانية ضعيفة، لكن تقدم العلم، وتراكم الخبرة والتجربة الطبية، جعل الإمكانية في درجة أعلى، وهو ما تثبته حقائق الواقع الخارجي، حيث تحتفل بلدان عدة كلّ عام بالناجين من السرطان. وذلك في اليوم الأول من شهر يونيو/ حزيران من كلّ عام. ويتم الاحتفال بهذا اليوم في أمريكا وإيطاليا، وهولندا، والهند، وماليزيا، وأستراليا، وأفريقيا الجنوبية، ودول أخرى، وانطلقت هذه الفكرة في 20 نوفمبر 1987م على يد (ميريل هاستنج) خلال المؤتمر العام الثاني للتحالف الوطني للناجين من مرض السرطان، الذي عقد في مدينة (نيومكسيكو) في الولايات المتحدة الأمريكية.

وتقوم بعض المدن والمستشفيات ومجموعات الدعم لمرضى السرطان بالاحتفال بهذا اليوم بتنظيم عدة فعاليات، على شاكلة استعراضات، مهرجانات، معارض، مبادرات، وتقديم شهادات حيّة حول مقاومة المرض من أجل رفع معنويات المرضى الجدد.

يقول الدكتور نبيل تمام من البحرين: إنّ الناجين من السرطان هم تجارب حية للمرضى الجدد، ليثبتوا لهم أنهم قادرون على التغلب على المرض، وذلك لإثبات أنّ الحياة بعد تشخيص مرض السرطان واقع يجب التعامل معه، وخصوصاً أنّ المرض غير قاتل. وذكر أن هذه الفكرة تأتي في ظل الفكرة السائدة بأن أي شخص يصاب بالمرض فإنّ هذه هي نهاية الحياة، وهي فكرة خاطئة[5] .

وفي الأردن نظمت (مؤسسة ومركز الحسين للسرطان، جلسة للاستماع لقصص الناجين من مرض السرطان، بعنوان "قصص الامل والحياة". ورغم اختلاف أعمار المتحدثين وبيئاتهم وحتى اهتماماتهم فقد جمعتهم إصابتهم بالمرض وفوزهم جميعاً بالمعركة ضدّ هذا المرض)[6] .

وفي جدة وقفت الدكتورة نوره الزهراني أمام أكثر من 100 شخصية مجتمعية في احتفالية أقيمت بمناسبة اليوم العالمي للسرطان، لتعلن بكلّ قوة وعزيمة وإصرار انتصارها على إمبراطور كلّ الأمراض.

وقالت: "جئت اليوم لأقول لكم إنّ الإمبراطور خسر الكثير من جبروته، وبدأ يسقط تدريجياً عن عرشه، إنّ الشفاء بيد الله ثم العزيمة والإصرار والتحدّي لا مستحيل مع الإيمان بالله وقدرته والتوكل عليه".

وبمناسبة اليوم العالمي للسرطان لهذا العام 4 فبراير 2017/ كتب الدكتور (فيليب سالم) رئيس مركز سالم للسرطان في هيوستن مقالاً رائعاً، ومما جاء فيه: "في مثل هذا اليوم من كلّ سنة، تقف البشرية بخوف أمام هيبة «إمبراطور الأمراض». هذا «الطاغية» الذي يهدّد كلّ واحد منا، ولا يميّز بين غني وفقير، أميركي وعربي. لكن الظلمة تتبدد، ودائرة الضوء في آخر هذا النفق تكبر وتتسع. هل كنت جالساً إلى التلفزيون في 20 كانون الثاني (يناير) تشاهد حفل تنصيب الرئيس الجديد للولايات المتحدة؟ وهل تعرفت إلى الرئيس السابق جيمي كارتر الذي كان يجلس إلى المنصة؟ هذا الرجل أصيب منذ أربع سنوات بسرطان الجلد Melanoma، وكان المرض قد انتشر إلى الدماغ. يومها لم يتوقع أحد أن يبقى كارتر على قيد الحياة. وها هو اليوم يتمتع بصحة جيدة وليس هناك ما يشير إلى بقايا المرض عنده. لم يكن ذلك أعجوبة. كان ذلك ثمرة البحث العلمي، ونتيجة لإخضاع كارتر لعلاج جديد اسمه keytruda، وهو أحد العلاجات الحديثة التي تقوي وتدعّم جهاز المناعة في الجسم بحيث يصبح قادراً على التعرف إلى الخلية السرطانية وبالتالي قادراً على تدميرها"[7]  .

منابع الأمل والرجاء

في عقيدتنا وثقافتنا الدينية مفاهيم وتوجيهات تلهمنا الثقة والاطمئنان، وتبعث في نفوسنا الأمل والرجاء، لمواجهة مختلف الظروف الصعبة والأخطار البالغة، وحين يتهددنا المرض وإن كان بقوة السرطان، فإنّ إيماننا بالله تعالى وبقدرته ورحمته يجب أن يكون أقوى.

إننا نعتقد أنّ كلّ شيء بيد الله، وأنه تعالى من يقرّر حياتنا وموتنا، و﴿لِكُلِّ أَجَلٍ كِتَابٌ، [سورة الرعد: الآية 38] إنّ أيّ مرض لا يستطيع إنهاء حياة إنسان قبل حلول أجله، وإذا حان الأجل فلن تدفعه عن الإنسان أقوى عوامل الصحة والنشاط.

وكم رأينا أشخاصًا يهدّ كيانهم المرض الشديد لكنهم يبقون على قيد الحياة لسنوات، وفي المقابل نرى أشخاصًا يختطفهم الموت فجأة وهم في أوج القوة وتمام الصحة.

وكما يقول الشاعر:

وكم من صحيح مات من غير علةٍ          وكم من سقيم عاش دهرًا إلى دهر

فالسرطان ليس نهاية الحياة، لأنّ نهاية الحياة يكتبها الله وحده بعلة أو بغير علة.

وتوجهنا التعاليم الدينية للالتجاء إلى الله تعالى في كلّ محنة تحيط بنا، أو شدة نمرّ بها، ولن يُعجِزَ إرادة الله أيّ مرض، فهو على كلّ شيء قدير، وهو الذي يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء، يقول تعالى: ﴿وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِي الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ (83) فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِنْ ضُرٍّ الأنبياء 83-84

وعلى المؤمن أن يكون واثقًا باختيار الله تعالى له، ويفوّض أمره إليه، ويرجو رحمته وفضله.

إنّ كلّ الحقائق والتجارب تؤكد أهمية روح الأمل والمعنويات الرفيعة، لمساعدة المريض في إنجاح برامج علاجه، وللتغلب على آثار المرض وتداعياته، إضافة إلى ما يناله المريض من ثواب الله تعالى إذا ما تحلى بالصبر والثقة بالله والتوكل عليه.

ورد عن الإمام الصادق أنه قال: فِيمَا أَوْحَى اللَّهُ جَلَّ وَعَزَّ إِلَى مُوسَى بْنِ عِمْرَانَ: يَا مُوسَى، مَا خَلَقْتُ خَلْقاً أَحَبَّ إِلَيَّ مِنْ عَبْدِيَ الْمُؤْمِنِ، وَإِنِّي إِنَّمَا ابْتَلَيْتُهُ لِمَا هُوَ خَيْرُ لَهُ، وَأُعَافِيهِ لِمَا هُوَ خَيْرُ لَهُ، وَأَنَا أَعْلَمُ بِمَا يَصْلُحُ عَبْدِي عَلَيْهِ‏، فَلْيَصْبِرْ عَلَى بَلَائِي، وَلْيَشْكُرْ نَعْمَائِي، وَلْيَرْضَ بِقَضَائِي، أَكْتُبْهُ فِي الصِّدِّيقِينَ [8] .

تضافر الجهود

أمام زحف هذا المرض الخطير لا بُدّ من تضافر الجهود الرسمية والأهلية، من أجل بثّ الوعي الوقائي، والتشجيع على الفحص المبكر، وتهيئة وسائل التوعية وإجراء الفحوصات، وإرشاد المصابين للجهات التي تفيدهم، ومساعدتهم في الوصول إلى أفضل فرص العلاج، ونشر ثقافة التعامل الإيجابي لمواجهة المرض، في أوساط المصابين وذويهم.

إنّ التقارير التي يصدرها السجل السعودي للأورام بمستشفى الملك فيصل التخصصي، ومركز الأبحاث تحت إشراف وزارة الصحة، تستوجب بذل المزيد من الجهود لوضع حدٍّ لتصاعد أرقام الإصابات، ولمساعدة المصابين.

فقد بلغ المعدل المعياري للإصابة بالسرطان 85.5 لكل 100.000 من السكان (80.9 بين الرجال و90.1 لدى النساء)، وسجلت المنطقة الشرقية أعلى معدل لحدوث حالات السرطان بمعدل 117.7 في كل 100 ألف من السكان بين الذكور، والأعلى بين السيدات، بمعدل 118.9 في كل 100 ألف سيدة.

ويمكن للجمعية السعودية الخيرية لمكافحة السرطان أن تشكل إطاراً لتضافر الجهود الأهلية على هذا الصعيد، وقد تأسست الجمعية بعد موافقة وزارة الشؤون الاجتماعية في 29/4/1424هـ، وتهدف إلى تقديم الدعم والمساندة لأولئك المرضى الذين ابتلوا بهذا المرض والحدّ من انتشار الإصابة به.

ولها عدة فروع في عدد من مدن المملكة كالرياض وجدة والمدينة المنورة والمنطقة الشرقية.

وأنشئ فرع لهذه الجمعية في القطيف بتاريخ 19/7/1430هـ، حيث يقوم بدور فعّال في نطاق الإمكانات المتاحة، ونأمل أن يرفده المجتمع بالمزيد من الدعم والتفاعل، ليستطيع خدمة أهداف إنشائه، وهي:

-       تثقيف وتوعية المجتمع بأمراض السرطان (أسبابها ومعالجتها والوقاية منها).

-       العمل على رعاية وخدمة مرضى السرطان وذويهم معنويًّا واجتماعيًّا.

-       تأهيل وتطوير الكوادر الطبية والصحية من خلال عقد الندوات والمؤتمرات وورش العمل.

-       تدريب الكوادر التطوعية التي تسند نشاطات الجمعية.

إنّ مستوى تحقيق هذه الأهداف يتحدد بمدى مشاركة ودعم أبناء المجتمع، بالتحاق الأعضاء المتطوعين، وتوفير الإمكانات المالية.

 

خطبة الجمعة 6 جمادى الأولى 1438هـ الموافق 2 فبراير2017م
[1] بحار الأنوار، العلامة المجلسي، ج٧٥ ص٣٧٤، ح34.
[2] الجزيرة نت –6/2/2014م.
[3] صحيفة الاقتصادية الصادرة بتاريخ 25/1/2001م
[4]http://www.albawaba.com بتاريخ 04 شباط/فبراير 2015م
[5] صحيفة الوسط الصادرة بتاريخ 1 يونيو 2014م.
[6] الرأي الأردنية الصادرة بتاريخ 26/ 9/ 2014م.
[7] صحيفة الحياة الصادرة بتاريخ 3/ 2/2017م.
[8] بحار الأنوار، ج١٣، ص 348.