شجاعة أم عدوان؟

 

تزخر مكاتبنا وجامعاتنا بالعديد من الدراسات التي تحمل في طياتها «العنف» كعنوان، يطُبع أسم الباحث على وريقاتها وتبقى في تلك الأرفف ساكنه لسنوات. غير أن الواقع المحسوس يضع العنف في رُتبة عليا من مشاكل العالم اليوم.

قد نجد أنفسنا نميل للإعجاب للقوة في الشخصيه، ولكن كم منا يدرك الاختلاف بين الشجاعة والقوة والعدوان؟ للأسف يُظهر الناس القوة بهيئة عدوانية ظناً منهم انها شجاعة.

هذه ليست المره الأولى التى ينتقي فيها الشيخ حسن الصفار محاضرة تتمحور على المواقع المتصدعة بالمجتمع، فرحلة التغيير والتحرك نحو العلاج تحتاج أن تصل فيها صدى كلماته لكل بيت فالاسرة هي اللبنة الاساسية للبدء بقلع جذور المشاكلات.

منذ بدايه الخلق بدأ العداء بقتل قابيل أخاه هابيل، وأستمر هذا المنوال الى يومنا هذا فلا يخلو مكان ولا زمان من العدوان. من هذا المنطلق كانت أساس محاضرة الشيخ الصفار بعنوان «سيكلوجية العنف والعدوان» حيث بين أن الانسان أكثر المخلوقات وحشية وعدوان لشبيهه بالنوع، وما يحدث في سوريا والعراق وبقية البلدان هو تطبيق لهذه الوحشية بين الناس.

يعجبني دائما أستخدام الشيخ الصفار الجانب العلمي في كلماته التي تعطي محتوى محاضرته قوة. بأسلوب متكامل حاول الاجابة باختصار على سؤال «لماذا يعتدي الانسان على أخيه؟» وكان جوابه قائم على ثلاث نظريات هي:

النظرية البيولوجية: التي تعتبر العدوان ظاهرة تعود لسبب تكويني عضوي موجود بخلق الأنسان منذ البداية تقوده الى العدوان أذا توافرت البيئه والقابلية له.

النظرية السيكولوجية: التي تعتبر العدوان غريزة موجودة في كل أنسان على سواء، ولكنها تحتاج لتفريغ مستمر لان كبتها يتحول الى احباط يبعث الى استخدام العنف.

النظريات الاجتماعيه: التي تعتبر العدوان سببه المؤثرات البيئية والنفسية المكتسبة من المحيط الذي يعيش فيه، وزيادة علاقات الارتباط وضبط القوانين بين الناس تساعد على قلة العدوان والعكس صحيح.

ووجه الشيخ الصفار دعوة للمسؤولين بزيادة النوادي الرياضية في الدولة ليس للاهتمام بالجانب الصحي فقط ولكن لهدف حماية الابناء واستيعابهم حتى لا يكونو فريسة اتجاهات مضره كالإرهاب والعدوان.

نحن نعيش في عالم يمارس عنف منزلي يوميا والإحصائيات في المؤسسات الاجتماعي تزداد يوما بعد يوم رغم تكتم الكثيرين. غير غافلين ان السب والشتم هو نوع من العنف الذي نهانا الدين عن ممارسته. وشدد الشيخ على ضرورة التعاون لوضع قوانين حاسمة ونشر توعية تهدف لمحاربة هذه الظاهرة.

كثير من الحالات النفسية والانتحار بسبب التنمر المنتشر في المدارس وفِي التنمر الالكتروني المتمثل بالالعاب الجماعية عن بعد. حيث أن هذه المشكلة مدمرة فعليا للاطفال ومن الضروري على الاهل متابعة هذا الجانب واحتوائه في منازلهم. فهناك ربع مليار طفل بالعالم يتعرض للتنمر في مراحل دراسته.

وللشيخ دعوه أخرى للمجتمع موجهة الى أصحاب الديات لما وصلت له المطالبات الى ارقام قياسية هي اقرب بالمتاجرة بالدماء من العفو.

ولنا في أخلاق مسلم بن عقيل قدوة بنبذه العنف حين اتيحت له الفرصه لاغتيال عبيد الله بن زياده لكنه رفض العدوان اقتداء بقول الرسول ﷺ «الإيمان قيد الفتك».

نحتاج في هذا الوقت الى أشخاص كالشيخ الصفار قادرين على التواصل مع المجتمع حاملين مصلحة الانسان وحمايته هدف وغاية للوصول لحلول حقيقه. ولا يجب ان تكون قيادي او سياسي لإيقاف هذا العنف فكل فرد منا مسؤول بذاته لنشر السلام والامان في العالم.