توثيق الحقوق والديون بين الناس

 

تشتمل كلّ صفحة من صفحات القرآن الكريم على عدد من الآيات القرآنية، تصل إلى أكثر من عشر آيات فما فوق كما هو الحال في المصحف الشريف، والاستثناء الوحيد هو في الآية رقم 282 من سورة البقرة، التي تغطّي صفحة كاملة من المصحف القرآني الشريف، وتتبعها آية مكملة لها في الصفحة التالية، فهي أطول آية في القرآن الكريم.

واللافت للنظر أنّ أطول آية لا تتحدّث عن جانب عقدي أو عبادي، وإنّما خصّصت للتأكيد على توثيق الديون والحقوق بين الناس.

وتبدأ بقوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنتُم بِدَيْنٍ إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى فَاكْتُبُوهُ.

ثم تتحدّث عمّن يكتب وثيقة الدين: ﴿وَلْيَكْتُب بَّيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ.

وعن وجود شهود على الموضوع ضمن صفات وأحكام مفصّلة.

ثم تحذّر الآية من التساهل في توثيق الدين وإن كان مبلغًا زهيدًا: ﴿وَلَا تَسْأَمُوا أَن تَكْتُبُوهُ صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا إِلَىٰ أَجَلِهِ.

وتبين الآية فلسفة الاهتمام والتأكيد على التوثيق: ﴿ذَٰلِكُمْ أَقْسَطُ عِندَ اللَّهِ وَأَقْوَمُ لِلشَّهَادَةِ وَأَدْنَىٰ أَلَّا تَرْتَابُوا.

إنّ كثيرًا من النزاعات والمشكلات تحصل بسبب عدم التوثيق إما تساهلًا، أو اعتمادًا على الثقة، وهو خطأ كبير.

إنّ التوثيق ضروري حتى بين الأقارب كالزوجين والآباء والأبناء فضلًا عن الإخوان وسائر الأرحام.

إنّ إطلاق الوعود بالهبات والوصايا دون توثيق يسبب شروخًا في العلاقات بين الورثة.

من هنا يجب الاهتمام بالتوثيق. وهناك قول مأثور ذكره الميداني في مجمع الأمثال: (تعاشروا كالإخوان وتعاملوا كالأجانب).