الشيخ الصفار: نسبة المحرمات ضئيلة والحلال مساحة أوسع

مكتب الشيخ حسن الصفار

 

قال سماحة الشيخ حسن الصفار إن نسبة الحرام والمحظور على الإنسان شرعًا في هذه الحياة نسبة ضئيلة، ولا ينقصه شيء إن تجنّبها، وأن اقترابه منها يصيبه بالضرر، إما المادي أو المعنوي، بتمرده على أمر خالقه".

وأشار إلى إن في قصة آدم التي عرضها القرآن جوانب مهمة يجب أن نتأمل فيها ونأخذ منها الدروس والعبر لحياتنا.

جاء ذلك في خطبة الجمعة 4 رمضان 1445هـ الموافق 15 مارس 2024م بمسجد الرسالة بمدينة القطيف شرقي السعودية بعنوان: دروس من تجربة الانسان الأول.

وأوضح سماحته أن الله تعالى أراد للإنسان قبل أن يباشر حياته الطبيعية في هذه الدنيا، أن يمر بدورة تدريبية تأهيلية، وأن يخوض تجربة واقعية، يأخذ منها الدروس في ممارسته لهذه الحياة.

وذكر أن إسكان آدم وحواء الجنة من أجل أن يخوضا تلك التجربة، فكلاهما سيواجه تحديات الحياة، ويتحمل نتائج تجربته.

وتابع: لقد وضع الله تعالى كل ما في الجنة تحت تصرف آدم وحواء، يأكلان منه بهناء، لكن شجرة واحدة عليهما ألا يقربا منها، ولا يأكلا من ثمرها.

مستشهدًا بقوله تعالى ﴿وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلَا مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَٰذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ.

وأضاف: لقد التزما في البداية بما أمرهما الله تعالى به، فهي شجرة واحدة من بين أشجار كثيرة تشبع حاجتهما ورغبتهما، ولم تكن لتلك الشجرة قيمة أو أهمية، في سدّ أي حاجة لهما. وقد حذرّهما منها، بأن الاقتراب منها يشكل اقترافًا للظلم بحق نفسيهما لا بحق أحد آخر.

وأشار إلى أن إبليس كان بالمرصاد لآدم وزوجه، فرأى الفرصة سانحة له لكي يغريهما، فيوقعهما في مخالفة أمر الله.

وتابع: فعلى الإنسان أن يحذر من الوساوس التي تُزيّن له المعصية، وتُغريه بالأوهام، فيقع في الخطأ والزلل، إنه بحاجة إلى اليقظة والوعي، وتنمية إرادته ليقول: لا أمام المعاصي والإغراءات.

وأضاف: الوسوسة باتجاه الحرام قد تحصل بسبب رغبة وشهوة ذاتية، أو بإغواء من أحد، أو بتأثير الأصحاب والأجواء والإعلام.

ومضى يقول إن الانسان بطبيعته معرّض للإغواء والاغراء، والوقوع في المعصية والخطأ.

وتابع: لكن الله تعالى فتح أمامه باب التوبة والتراجع عن الخطأ، حتى لا يقع في أحضان الشيطان إلى النهاية، بسبب اليأس والقنوط من عفو الله ورحمته ومغفرته.

وأضاف: قصة آدم أول نموذج لقبول التوبة من الانسان، فان الله لم يقبل توبته وحسب، بل اجتباه وهداه وقرّبه.

موسم التوبة

وبيّن أن الله يرحب بالتوبة من عبده في كل وقت وحال، مؤكدًا وجود أمكنة مقدسة وأزمنة مباركة، تتهيأ فيها نفس الإنسان أكثر للتوبة والإنابة إلى الله، وتساعد أجواؤها على تطهير النفس وتزكيتها، وتكون مغفرة الله وعفوه أقرب وأوسع للعباد.

وتابع: في طليعة تلك الأزمنة المباركة أيام وليالي شهر رمضان، مستشهدًا بما ورد عن رسول الله : «فَاسْأَلُوا اَللَّهَ رَبَّكُمْ بِنِيَّاتٍ صَادِقَةٍ وَقُلُوبٍ طَاهِرَةٍ أَنْ يُوَفِّقَكُمْ لِصِيَامِهِ وَتِلاَوَةِ كِتَابِهِ فَإِنَّ اَلشَّقِيَّ مَنْ حُرِمَ غُفْرَانَ اَللَّهِ فِي هَذَا اَلشَّهْرِ اَلْعَظِيمِ».

جنة الخلد

وفي موضوع متصل قال سماحته: إن هناك نقاشًا بين العلماء والمفسرين حول هذه الجنة، هل هي جنة الخلد التي وعد بها المتقون في الآخرة، والتي تتبادر إلى أذهان المؤمنين حينما يطلق هذا الاسم؟ أم هي جنة من جنان الدنيا؟ بمعنى المكان الذي فيه أشجار وارفة متنوعة، وهي البستان او الحديقة الواسعة.

وأبان أن عددًا من العلماء المحققين يرجح أنها من جنان الأرض، وذلك لأن الجنة الموعودة في القيامة هي دار الخلود لا يخرج منها من دخلها، ولأن إبليس كان مطرودًا من رحمة الله، فكيف يدخل إلى الجنة ويوسوس لآدم وزوجه فيها؟

وتابع: إن الجنة ليس دار تكليف وأمر ونهي، فكيف يصدر فيها نهي لآدم وزوجه عن الاقتراب من تلك الشجرة؟ وقد وردت روايات عن أهل البيت تنفي أنها جنة الآخرة.

وذكر آراء بعض العلماء المؤيدين لهذه النظرية كالسيد محمد باقر الصدر والسيد عبدالأعلى السبزواري والشيخ ناصر مكارم الشيرازي.