الحوار والانفتاح على الآخر في حلة جديدة
من يتصفح شبكة الإنترنت، ويتجول في منتدياتها، يشهد حرباً كلامية بين أتباع المذاهب، والأطياف، والأحزاب، والقيادات!
من يفتح القنوات الفضائية، ويشاهد قنوات الأخبار، يرى تلك الحروب الطاحنة التي تفتك بالأبرياء، وتقضي على الثروات، ولا ترحم طفلاً ولا كبيراً، يُقصف بسببها كل شيء، حتى بيوت الله!
ومن يتابع في قنوات الحوار واللقاءات يرى كيف يدار الحوار من قبل المتحاورين، وأخلاقيات ذلك الحوار المفعم بالشتم والاتهامات، يرى كيف يسوده التعالي، وحب الغلبة ولو على حساب الحق!
من يتأمل علاقاتنا الداخلية والخارجية ،علاقات أتباع هذا المذهب والآخر، يرى فيها حالة الجفاء والقطيعة، والحيف والجور، مشوبة بسوء الظن والتلفيقات، وكأن كل منهم يعيش في قارة بعيدة كل البعد عن الأخرى! علماً بأن قنوات الاتصال، والمواصلات، والإعلام، لم تترك لأحد عذراً!
علاقاتنا مع بعضنا في غاية السوء، وحواراتنا والحروب التي بيننا شاهدة علينا، نحن لا نعرف كيف نتفق، بل حتى لا نعرف كيف نختلف!
من يشهد ذلك يصاب بالخيبة والإحباط، وله أن يعجب من انتماء هؤلاء إلى دين واحد، ورب واحد، ونبي واحد، وقبلة واحدة! وله أن يعجب إن كان دينهم حقاً يدعو إلى السلم وحماية واحترام حقوق الآخر! وهل يستطيع هؤلاء أن يتآلفوا ويتعايشوا، ويتحاورا بدون تشنج؟
الكاتب والمفكر الإسلامي سماحة العلامة الشيخ حسن الصفار، أحد رواد الإصلاح والدعوة للتقريب والتلاقي، ونبذ الخلافات، واحترام الآخر، يفتح لنا شباك الأمل لينفذ لنا منها شروق الحب، والأخوة، والإخلاص.
يبشرنا بنشر ثقافة الحوار، وحسن إدارته، مشيراً إلى أسسه وأخلاقياته، محذراً من مساوئه ومفسداته. مؤكداً على أهمية الانفتاح على الآخر، وكيف يتأتى لنا ذلك، موضحاً سوء الانغلاق، وعدم تقبل الآخرين، وأنه لا سبيل إلى التقدم، والتطور والتجديد إلا بالانفتاح والاستفادة من الآخر، حتى نعرف أين نحن بالضبط. مشيراً إلى تجربتين خاضهما بنفسه، وهما: (الحوار الوطني) بالمملكة العربية السعودية، و(مؤتمر التقريب بين المذاهب) في مملكة البحرين.
كل ذلك وأكثر، أشار له في كتابه القيم (الحوار والانفتاح على الآخر) الذي بث فيه جل تجربته ومشواره في هذا المجال.
طبع الكتاب طبعته الأولى عام 1425هـ ـ 2004م، دار الهادي ، بيروت، في 192صفحة من القطع الكبير.
وهذه الطبعة الثانية في حلتها الجديدة، مطبوعات دار التآخي، دمشق، 1427هـ ـ 2006م، في 248صفحة من القطع المتوسط.
كتاب يعالج قضية عصرية، فحري بنا قراءته، حتى نغير من واقعنا.