قراءة في كتاب «العمل التطوعي في خدمة المجتمع» للشيخ الصفار
الكتاب: العمل التطوعي في خدمة المجتمع.
المؤلف: سماحة الشيخ حسن الصفار.
الطبعة الأولى: 1425هـ ـ 2004م.
الطبعة الثانية: 1426هـ ـ 2005م.
الناشر: مؤسسة العارف للمطبوعات ـ بيروت.
الصفحات: 64 صفحة من القطع الصغير.
التطوع ظاهرة إنسانية فطرية، قبل أن تكون دعوة دينية، وهو أمر يدعو للترفع عن الدونية والأنانية، وحب الخير للجميع، لذلك كان ثوابه عند الله عظيم، وجعله مصداقاً للتدين.
وهذه الظاهرة الإيجابية أصبحت منتشرة في أغلب المجتمعات الإنسانية، وأصبحت مادة لتخصص علمي، تدرس في الجامعات، سيما في الدول المتقدمة. وعالمياً يتم الاحتفاء باليوم الخامس من ديسمبر كيوم للتطوع، حتى تُلفَت أنظار الناس إلى أهمية العمل التطوعي، وتبيان مكانته ودوره في التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
وتضامناً منا مع حملة «أصدقاء العمل التطوعي» ورغبة في تفعيل هذا الأمر وتشجيع الناس على الانخراط في الأعمال التطوعية، وتقديم الشكر والعرفان لكل ناشط اجتماعي، أحببت أن أقدم عرضاً لكتاب سماحة الشيخ حسن الصفار والذي جاء بعنوان: «العمل التطوعي في خدمة المجتمع».
وهو كتاب يتناول فيه المؤلف أهمية العمل التطوعي، ومردوده الإيجابي على الفرد والمجتمع، وما هي أسباب العزوف عن هذا العمل الخيّر. وما هو وضع العمل التطوعي في المجتمعات الإسلامية.
ثم يعرض لك نموذجين من نماذج العمل التطوعي واللذين لهما أهمية كبيرة تصب في خدمة ورقي المجتمع، وهما:
ـ كفالة الأيتام، موضحاً لك المؤلف من هو اليتيم، وكيف ينبغي التعامل معه، ومن هو المسؤول عن رعايته وكفالته، وما هو الواجب علينا لاحتواء هذه الفئة من الناس.
ـ تزويج العزاب، لضمان نزاهة المجتمع وحصانته من الفساد، ويبين لك المؤلف من المسؤول عن تزويج عزاب المجتمع، وما أهمية ذلك، وكيف يتحقق ذلك الأمر.
وهذه قراءة موجزة لفصوله الثلاثة:
لا شك في أن لكل إنسان مسؤولية تجاه شؤونه الخاصة، بعدها سيكون مسؤولاً عن عائلة يرعى شؤونها، ولأنه جزء من المجتمع فهو معني بالشأن العام: الاجتماعي المحلي، والإنساني العالمي. هذا ما يشير إليه المؤلف، ويؤكد بأن الإنسان مؤهل وقادر للقيام بهذه المسؤوليات في دوائرها المتعددة، وهذا ما يثبته الواقع وتاريخ البشرية في الماضي والحاضر. ولكن لن يكون الإنسان كذلك إلا بالوعي والإدراك، والتحلي بإرادة التصدي، وبذل الجهد والنشاط.
ثم يشير المؤلف إلى أسباب العزوف عن العمل التطوعي والتي يذكر منها: الإستغراق في الحالة الذاتية، وتعدد الاهتمامات والانشغالات وذلك لتطور طبيعة الحياة العصرية، وأخيراً العوائق التي تعترض العمل التطوعي سيما في مجتمعات العالم الثالث، كالقوانين غير المشجعة، والروتين، والمواقف السلبية من قبل بعض الناس تجاه العاملين في خدمة المجتمع.
ولكن يبقى للعمل التطوعي نتائج ومكاسب، إذا أدركها الإنسان استسهل كل الصعوبات، كما يؤكد على ذلك المؤلف، ويذكر من تلك النتائج والمكاسب:
ـ الراحة النفسية بقضاء حوائج الناس.
ـ تنمية القدرات الذهنية ومهارات ومؤهلات سلوكية تزيد من نقاط قوة الشخصية.
ـ اتساع دائرة العلاقات والحصول على مكانة اجتماعية.
ـ توفير ضمان مستقبلي للحالات الطارئة لأبناء المجتمع، والذين قد يكونون عيالك لا سمح الله.
ـ الثواب العظيم من الله عزّ وجل.
ثم أشار المؤلف إلى ضعف الإقبال على العمل التطوعي في مجتمعاتنا مقارنة بالدول المتقدمة كالولايات المتحدة الأمريكية، والتي بلغ عدد مؤسساتها الخيرية 32000 مؤسسة والمتطوعون 30% من سكان أمريكا، حسب بعض الإحصائيات.
ويقول سماحته أسفاً: «يفترض أن تشهد مجتمعاتنا الإسلامية إقبالا على العمل التطوعي الاجتماعي أكثر من المجتمعات الغربية لما في تعاليم ديننا الإسلامي الحنيف من حث كبير على نصرة المظلومين، ومساعدة الفقراء، وخدمة المحتاجين، حتى اعتبر القرآن الكريم ذلك مقياساً لصدق التدين».
مشيراً إلى قلة انضمام عناصر جديدة لإدارات المؤسسات الخيرية في مجتمعاتنا ومن يحضر انتخابات الجمعيات الخيرية يلحظ ذلك، وكذلك ضعف رفد لجانها ومجالات عملها بالطاقات والكوادر التي تطور مسيرة العمل.
رافضاً تعذر بعض الناس بانشغالاتهم الدراسية والعملية والعائلية، مؤكداً أن الأمر يحتاج إلى الشعور بالمسؤولية، وطلب رضا الله وثوابه، وتنظيم الوقت، وإلا فإن العاملين فعلاً في المؤسسات الخيرية، ليسوا خالين من الالتزامات، ولا عاطلين عن العمل.
من الأمور المهمة والملحة في مجتمعاتنا، رعاية الأيتام. واليتم في الاصطلاح الشرعي يطلق على من فقد أباه قبل بلوغه، لأن الولد سيكون معرضاً للنقص العاطفي، ومفتقداً لبعض أو كثير من متطلبات الحياة واحتياجاتها من لوازم المعيشة، ووسائل الترفيه، وغيرها.
بعد هذه اللفتة يوصي المؤلف كل يتيم بأن بتقبل الأمر، والتسليم بقضاء الله وقدره، وأن لا يشعر بالنقص في قيمته عند ربه، فاليتم لا يدل على الدونية، وضعة المقام عند الله، حيث يذكر التاريخ أن كثيراً من أولياء الله الصالحين كانوا أيتاماً، وكفى بمحمد خاتم النبيين، وسيد الأولين والآخرين، مثلاً.
ويضيف «إن على اليتيم أن يفجّر طاقاته ويحيل النقص كمالاً».
ثم يؤكد على دور المجتمع ابتداء من الأم بتوفير العطف والحنان، والاهتمام بالتربية الصالحة، وموازنة أمر الرعاية فلا إفراط ولا تفريط. ثم يأتي دور المجتمع بعدم الإساءة للأيتام ﴿فأما اليتيم فلا تقهر﴾ وتلبية احتياجاتهم المادية من مسكن، وملبس، وطعام، وأخيراً توفير الإرشاد والتوجيه الثقافي والسلوكي، وهو من أهم الأمور سيما مع مغريات الحياة العصرية.
وقد أشار المؤلف إلى أهمية كفالة اليتيم وعظيم ثوابها، كما ورد ذلك عن رسول الله وأئمة أهل البيت . مشيراً إلى دور لجان كافل اليتيم وأهميتها، حيث عملها مؤسسي ويلفت الآخرين لهذا الفئة من الناس ويشجع على رعايتهم، كما أن فيها طمأنة للأيتام بوجود من يتابع شؤونهم، كما يتوافر فيها الكفاءات وتبادل الخبرات. مذكراً هذه اللجان بالاهتمام برفع كفاءة الأيتام، وتقدمهم على صعيد التعليم وبناء القدرات والمهارات والتوجيه السلوكي.
لتوفير أجواء العفة والاحتشام، لصيانة أخلاق وأعراض المجتمع، يوجه الله تعالى المؤمنين إلى تزويج عزابهم، من الذكور والإناث ﴿وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله والله واسع عليم﴾.
ولأن من يريد تأسيس حياة عائلية سيما في بداية مشواره يحتاج إلى دعم وعون مادي ومعنوي في غالب الأمر، فإن الله تعالى يوجه المجتمع إلى تزويج العزاب ﴿وأنكحوا﴾.
ثم ناقش المؤلف أمر الإعفاف وهو مصطلح فقهي يعني تزويج المحتاج للزواج لتجنيبه الوقوع في الحرام، مستعرضاً نقاش الفقهاء من مختلف المذاهب حول وجوب قيام الإنسان المقتدر بمهمة الإعفاف ممن تجب نفقته عليه كوالديه وأولاده؟ أم أن ذلك لا يعدو كونه مستحباً ومندوباً إليه فقط؟
وذكر بأن بعض فقهاء الشيعة أوجب ذلك على الأب وإن علا، وبعض المعاصرين أفتى بأن ذلك مطلوب على سبيل الاستحباب الاحتياطي، والمشهور عندهم عدم والوجوب على خلاف فقهاء السنة والذين يشتهر عندهم رأي إلزام الولد إعفاف الأب والأجداد، ولذلك شروط طبعاً.
كما أنه يصح التزويج من الزكاة، وكذلك الخمس، وعن طريق البذل والصدقة، وهذه الموارد تحتاج إلى مأسسة لتوجيه المصارف، مشيراً إلى أهمية صندوق الزواج الخيري، لمساعدة المحتاجين للزواج، واعتبره أفضل أسلوب لتحقيق هذا الأمر، لما فيه من تنظيم، ودراسة حالة المحتاجين، بالإضافة إلى احتوائه على ميزات العمل الجمعي.
مؤكداً على أهمية التفاعل والتجاوب مع هذا الصندوق وايجاده في كل منطقة، لما في ذلك من مصلحة ومنفعة كبرى للمجتمع.
ولقراءة الكتاب اضغط على الوصلة التالية: