حسن الصفار لـ«عكاظ» مطالبًا العلماء بالتعامل مع قضايا العصر:
الحوار في الاسلام وعند العقلاء أصل ومنهج واستراتيجية وليس حالة عرضية
ثمن الشيخ حسن الصفار جهود خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز في ارساء دعائم الحوار الداخلي والخارجي وقال ان الملك عبدالله بن عبدالعزيز اعطى الحوار اهمية بالغة بما منحه الله من نظرة واسعة ورؤية ثاقبة ونقاء قلب وصفاء فكر. ودعا الصفار علماء الامة الى الاستمرار في الحوار مع اتباع الاديان السماوية الاخرى وقال في حديث لـ«عكاظ» ان الحوار في الفكر الاسلامي وعند العقلاء هو اصل ومنهج واستراتيجية وليس حالة عرضية ولا يصح النظر اليه كنتاج للظروف المحيطة بالامة في الوقت الراهن وفي ما يلي نص الحوار:
بداية كيف ترون تأثير المبادرة الكريمة من خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز في ترسيخ مفهوم "الحوار" وجعله وسيلة للتواصل وفهم الآخر؟
ــ كل متأمل في واقع الامة الداخلي وفي علاقات الامة مع الخارج وما يكتنفها من مشكلات يدرك الحاجة الماسة الى الحوار من أجل فهم واقع هذه المشكلات ووجهات نظر الاطراف المختلفة وتلمس طريق المعالجة والحل بعد ذلك.
وخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز من خلال موقعه وبنظرته الواسعة ورؤيته الثاقبة التي تجعله على مقربة من جميع مشكلات الامة. وبما منحه الله من نقاء قلب وصفاء فكر اعطى للحوار أهمية بالغة حيث أسس لملتقى الحوار الوطني وأقام مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني كما دعا مفكري وعلماء الامة قبل سنتين الى مكة ليتجاوزوا في تحديد مشكلات الامة ويتدارسون خطط معالجتها ويقدمونها كتوصيات للقمة الاسلامية الاستثنائية التي عقدت في مكة المكرمة.
كما دعا الى الحوار بين اتباع الاديان قبل شهرين وكل ذلك يدل على ايمانه بمنطق الحوار واهتمامه بان تفهم الاطراف بعضها بعضا.
تعلم بان أحداث الـ11 سبتمبر فتحت صحفة نحو النقد لمفهوم الخطاب الاسلامي وكذلك الثقافي والاعلامي فكيف لنا في ظل هذه المعطيات تحديد مفهوم لهذا الخطاب بأنواعه؟ ثم هل حقيقة أن مفهوم الحوار لدينا "غاب" فترة من الزمن مما سبب غيابه في عدم تفهم ما لدى الآخر؟
ــ علاقة المسلمين مع الغرب تأثرت بشكل كبير من انحياز الادارة الامريكية والحكومات الغربية الى جانب العدوان والظلم الصهيوني الذي وقع على الشعب الفلسطيني وسائر الشعوب العربية في مصر والاردن ولبنان وسوريا. كما ان وجود حالة انغلاق وانطواء عند اغلب التيارات الاسلامية سبب تركيزها على الجوانب السلبية من الحضارة الغربية ومنع تفاعلها مع الجوانب الايجابية الكبيرة أدت الى ذلك ايضا.
ولم يكن هناك حوار جاد لتنفيس هذا الاحتقان في العلاقة مع الغرب بالاضافة الى عمق تأثير اللوبي الصهيوني سياسيا واعلاميا في أمريكا والدول الغربية. ثم جاءت أحداث 11 سبتمبر لتفجير هذا الازمة وتزيدها تعميقا ودفعت الامة الاسلامية ثمنا باهظا لذلك الحدث المأساوي الأليم.
ولا شك ان خطابنا الاسلامي والثقافي بحاجة الى مراجعة ونقد فتطور الحياة يحتاج الى مواكبة فكرية وتشريعية والخطاب السائد منتج لبنية ومرحلة سابقة قد يكون ملائما لها لكن بعض جوانبه لا تتلاءم مع الوضع الحاضر بكل تأكيد.
ومبرر وجود المجتهدين والفقهاء في كل عصر هو إعمال الرأي وتجديد النظر في المستجدات واستنباط ما تحتاجه الامة في ظل تطورات الحياة.
هل الحوار سيجعل لنا تبني لقضايا هامة تعالج خلل الأمة؟
ــ لا شك ان الحوار يؤدي الى تلاقح الافكار وتكاملها وتسليط الاضواء على مواقع الخلل فيها لتجاوزها فحين تجتمع نخبة من الوطن او الامة وتتجه لبحث القضايا الاستراتيجية ولا تنشغل بالقضايا الصغيرة من الخلافات الموروثة بل تهتم بصياغة مشروع للنهضة على مستوى الوطن والامة لا شك ان ذلك هو مدخل الاصلاح والتغيير.
برأيك من هم الاولى في اطراف الحوار؟
ــ الاولى في أطراف الحوار هم ذوو الرأي والتأثير في المجتمع.
لكن عدم القناعة بمفهوم الحوار مع الآخر عند البعض جعلت نتائجه شبه معطلة او غائبة فكيف السبيل للخروج من هذه الدائرة؟
ــ لا خيار لنا الا الاصرار على الحوار والاجتهاد في ابداع الاساليب والوسائل المقنعة به وينبغي ان نفسح المجال لعامل الزمن مع مواصلة المشروع وخلق الاجواء الاعلامية والثقافية الداعمة له حتى يصبح للحوار تيار وجمهور واسع وحتى تنشأ عليه الاجيال الجديدة.
هناك من يذهب بقوله ان الحوار بهذه الصورة يعبر عن مرحلة الضعف؟ فكيف يمكن ان نجعله مصدرا للقوة؟
ــ الحوار في الفكر الاسلامي وعند عقلاء البشر هو منهج وأصل واستراتيجية وليس حالة عرضية او عملا مقطعيا تكتيكيا لذا لا يصح النظر اليه كناتج للظروف المحيطة من حيث القوة او الضعف.
ان القرآن الكريم يتحدث لنا عن حوار الله تعالى مع الملائكة بل مع إبليس المتمرد على طاعته كما ينقل لنا حوارات الانبياء مع اقوامهم ومخالفيهم.