تقديم «موسوعة المدائح النبوية»
المؤلف: الحاج عبدالقادر الشيخ علي أبو المكارم
الكتاب: موسوعة المدائح النبوية
الدار النشر: الطبعة الأولى 2004م، دار المحجة البيضاء، بيروت
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله الطاهرين.
لقد تجلى الإبداع الإلهي والكمال الرباني في شخصية الرسول الأعظم خاتم الأنبياء محمد بن عبدالله ، فلا مخلوق يدانيه في علو شأنه ومقامه ومكارمه، فهو النسخة الفريدة في عالم المخلوقات، والوجود المتميز في دنيا الكائنات، لذلك ليس غريباً أن يتبارى الشعراء، وأن يتسابق العلماء، وأن تتفجر قرائح الأدباء في التغني بكمال رسول الله ، وتوصيف ما يستطيعون إدراكه من شمائله وفضائله. إن أحداً لا يستطيع ولن يستطيع الإحاطة بجوانب عظمته، فذلك موكول لخالقه الذي وصفه بقوله تعالى: ﴿وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ﴾، لكن كل مرآة تعكس من أشعة الشمس ما يتناسب مع حجمها وصفائها، وكذلك كل عقل وفكر وقريحة إنما يتلقى ويقتبس من أنوار الرسالة والنبوة بمستوى إدراكه ووعيه.
لقد فرضت شخصية النبي محمد نفسها على التاريخ، ولم يتمكن حتى أعداؤه ومناوئوه من التنكر لعظمته وكبير دوره وتأثيره في تاريخ البشرية، وحينما أراد باحث مسيحي هو السيد (مايكل هارت) أن يكتب عن أبرز عظماء العالم وجد نفسه ملزماً ومضطراً بوحي إنصافه لموضوعيته أن يتحدث عن النبي محمد باعتباره الرقم الأول في سجل عظماء البشرية.
ومدائح الرسول في الواقع هي تمجيد لقيم الفضيلة والسمو المتجسدة في شخصيته، من هنا تبدو قيمة هذه المدائح وأهميتها فهي:
أولاً: تكشف بعض أبعاد شخصية الرسول الأعظم، وتوضح شيئاً من جوانب عظمته، وذلك أمر مهم لكل مسلم بل لكل عاقل يهمه إدراك الحقائق ومعرفة الأمور، والمدائح ترسم صوراً رائعة جميلة للفضيلة والسمو، وتأخذ موقعها في نفس الإنسان وعقله.
وثانياً: أنها نوع من أداء واجب التعظيم والاحترام تجاه الرسول المنقذ الذي فرض الله تعالى علينا محبته وطاعته، والذي له علينا فضل الهداية والإنقاذ والنجاة، فلولاه لكنا والبشرية جميعاً في حضيض الجاهلية ومتاهات الظلام.
وثالثاً: فالمدائح النبوية إشادة وتمجيد بمكارم الأخلاق وجميل الفضائل والصفات، مما يوجب توجه النفوس وانجذاب القلوب إليه.
وإدراكاً لقيمة هذه المدائح النبوية ودورها الإيجابي النافع بادر الأخ العزيز الفاضل النبيل الحاج عبدالقادر نجل العلامة الحجة الشيخ علي أبو المكارم، بجمع هذه المدائح وتبويبها وتصنيفها، فأصبحت موسوعة أدبية كبيرة تحفظ ما أنتجته قرائح الشعراء، وما تفتقت عنه مواهب الأدباء في مدح الرسول الأعظم ، والإشادة بمكارم أخلاقه وروائع سيرته وحياته.
والمؤلف الكريم أخ عزيز على قلبي، عرفته منذ الأيام الأولى لاهتماماتي الاجتماعية والثقافية، ووجدت فيه صورة الإنسان المؤمن الخلوق المحب للخير وأهله، وهو سليل أسرة عريقة، ووثيق الصلة بالعلماء والأدباء، وقد وفقه الله تعالى للالتحاق بموكب المؤلفين والكتّاب المدافعين عن العقيدة والمبدأ بأقلامهم.
وهذه الموسوعة إحدى ثمار نشاطه الأدبي والثقافي، فحيّاه الله وبيّاه، ووفّقه للمزيد من العمل الصالح في مختلف المجالات، وأرجو أن تأخذ هذه الموسوعة مكانتها في عالم الأدب والتاريخ، وأن يثيب الله المؤلف على أتعابه وجهوده، والحمد لله رب العالمين.
حسن الصفار
15/11/1414هـ