تقديم كتاب «سياحة في الدعاء والمناجاة»
الكتاب: سياحة في الدعاء والمناجاة
المؤلف: حسن علي أبو حسين
بسم اللَّه الرحمن الرحيم
الحمد للَّه رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله الطاهرين.
يجد الإنسان نفسه ضعيفاً أمام هذا الكون الهائل العملاق، بأجرامه الضخمة, وموجوداته الكبيرة، وخاصة حينما تعصف به بعض كوارث الطبيعية كالزلازل والبراكين والفيضانات والإعصارات وما أشبه.
كما يشعر بالقلق والاضطراب تجاه مشاكل الحياة المختلفة، التي تحاصره من كل جهة وجانب، من مرض وفاقة، وشدائد وصعوبات.
وطبيعة حياته الاجتماعية تنتج له تحديات وأزمات, فهو لا يستغني عن محيطه، لكنه قد يعاني من الانسجام معه, حيث تتصادم المصالح، وتختلف التوجهات, وتحدث حالات النزاع والخصام.
وهو في داخل نفسه يعيش معركة حامية الوطيس، بين عقله وأهوائه, بين ميول الخير ونوازع الشر، وبين شهواته المتعددة المختلفة.
وإذا كان من أهل الإيمان باللَّه والدار الآخرة فإنه معني بالتفكير في مستقبله الأخروي، ومصيره بعد هذه الحياة، وكيف ينفذ نفسه من غضب اللَّه تعالى ونار جهنم الحامية؟ وكيف يتجنب المعاصي والذنوب، ويتلافى الإسراف والتقصير تجاه ربه الخالق؟
هكذا يجد الإنسان نفسه أمام هذه التحديات العظيمة الخطيرة, التي تواجهه منذ اللحظات الأولى لوعيه وإدراكه، ويرى نفسه عاجزاً ضعيفاً، لا يستطيع بقدراته الذاتية، مقاومتها وتجاوزها، كما لا يستطيع الآخرون وهم بشر ضعفاء مثله أن يمنحوه الأمن والنجاة، والإنقاذ والخلاص.
والملجأ الوحيد الذي يمكن للإنسان أن يلوذ به، وأن يعتمد عليه، ويطمئن إليه هو خالقه ورازقه، ومن بيده أمره وناصيته، هو اللَّه سبحانه وتعالى، وهو نعم الملجأ والملاذ، لأنه الرحمن الرحيم، ولأنه المهيمن القادر.
لذلك من الطبيعي أن تدفع الإنسان فطرته، ويوجهه ضميره، للاستغاثة بربه، ولطلب عونه وحمايته.
وكلما كان وعي الإنسان بالتحديات والمخاطر التي تحيط به أعمق، وكانت معرفته بعظمة ربه ورحمته أكبر، أصبح أكثر التجاءً إلى ربه، وأشد إلحاحاً في استمداد العون والدعم من فيض كرمه وفضله.
والأنبياء والأئمة والأولياء، هم طليعة البشر، والخيرة والنخبة، في وعيهم ومعرفتهم بالخالق جل وعلا، من هنا كانوا الأكثر اتصالاً باللَّه تعالى، وتضرعاً إليه، ودعاءً له.
وقد انعكس عمق وعيهم، وصدق معرفتهم، على مضامين ومحتويات أدعيتهم ومخاطباتهم للَّه سبحانه وتعالى، وهذا ما يتجلى لكل باحث متأمل في الأدعية والمناجاة الواردة عن الأنبياء والأئمة عليهم جميعاً أفضل الصلاة والسلام.
إنها تسلط الأضواء على زوايا وخبايا نقاط ضعف الإنسان, وتصور معاناته وحاجاته في أبعادها المختلفة بشكل واضح صريح, كما تذكر الإنسان بحقائق العظمة الربانية، وفيوضات الرحمة الإلهية، وترسم أروع الصور والأشكال لنعم اللَّه المتدفقة على الإنسان، مما يشيع في النفس أملاً وثقة واطمئناناً.
وهي بعد ذلك كنوز لمعارف الشريعة، ومفاهيم الدين، تستعرض حقائق العقيدة, ومناهج الرسالة، وبرامج الأخلاق، بلغة وجدانية شفافة، وأسلوب شيق جذاب.
ومن توفيق اللَّه تعالى للأخ الكريم الأستاذ حسن علي أبو حسين أن اختار الكتابة في هذا المجال العرفاني الهام، فقام بجولة سياحية روحية، في ربوع بعض الأدعية والمناجاة، التي سجلها القرآن الكريم عن لسان أنبياء اللَّه وأوليائه، أو نقلها الرواة عن أهل بيت الوحي والعصمة صلوات اللَّه عليهم، وذلك لإلفات الأنظار إلى هذه الكنوز الثرية، والمنابع العذبة، وتبيين بعض مقاصد هذه الأدعية الشريفة، وتبين شيء من معاني ألفاظها وعباراتها الجلية.
بارك اللَّه للأخ الكريم في جهده الطيب، وشكر له سعيه، ونفع المؤمنين بكتابه، ووفقه للمزيد من العطاء والإنتاج في خدمة الدين والمجتمع إنه ولي التوفيق والحمد للَّه رب العالمين.
حسن الصفار
3 رمضان 1421هـ