تقديم كتاب «من ألحان الزهور»
الكتاب: من ألحان الزهور
المؤلف: عقيل المسكين
الناشر: الطبعة الأولى 1424هـ ـ 2003م، مؤسسة البلاغ، بيروت ـ لبنان
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله الطاهرين.
يتحفزّ الطفل منذ نهاية السنة الأولى من عمره إلى التعرف على العالم من حوله، وفي السنة الثانية يبدأ محاولة التخاطب مع المحيطين به، حيث تصل حصيلته اللغوية في سن السنتين إلى حوالي 50 كلمة، وفي منتصف السنة الثالثة يتوفّر على 400 كلمة، وعند إكمال الثالثة يصل رصيده من الكلمات إلى 1000 كلمة، وتبدأ محاولاته لتركيب الكلمات، ويصبح كلامه مفهوماً بنسبة 80% وفي الرابعة من عمره يتقن اللغة.
إنه يتأمل الوجوه والأشياء، وتستثير ذهنه الأحداث والوقائع التي تجري في محيط إدراكه، ويزداد اندفاعه الذاتي للتعرف على ما حوله، ولاستكشاف الأمور التي يلاحظها.
فينهال على والديه والقريبين منه بالأسئلة، عن كل شيء وأي شيء، وينجذب نحو من يحدثه ويتفاعل معه، مما يوفر أفضل فرصة لتربيته وتنمية مداركه وقدراته، فإذا نشأ في أحضان عائلة واعية، تدرك أهمية هذه الفترة في تأسيس شخصية الطفل وبناء كيانه النفسي والعقلي والسلوكي، فإنها ستحرص على استثمار هذه المرحلة، الاستفادة من حالة الفضولية وحب الاستطلاع عند الطفل، باتجاه تفجير مواهبه وطاقاته، وتنشيط مواهبه الذهنية، وتوجيه سلوكه وميوله النفسية، وغالباً ما يترعرع الأطفال النوابغ والموهبون في مثل هذه الأجواء التربوية المشجعة.
بينما يتضايق بعض الكبار من أسئلة أطفالهم، ويقمعون لديهم هذه الحالة الطبيعية، أو يستهينون بها، وقد يكون انشغال الوالدين سبباً رئيساً في عدم التوجه لتنمية قدرات الطفل ومواهبه.
إن التخاطب مع الأطفال ومحادثتهم بالإضافة إلى دوره في تنمية كفاءاتهم فإنه يوفر لهم زخماً معنوياً كبيراً، فالطفل عندما تقبل عليه وتحادثه يشعر بالثقة والاعتزاز والاحترام، بينما تجاهلك له وإعراضك عنه، يمزّق مشاعره، ويخرج أحاسيسه.
من هنا يحتل أدب الأطفال مكانة هامة لدى المجتمعات المتحضرة، ويلفتنا القرآن الكريم إلى أهمية التخاطب مع الأبناء عبر نقله لحديث لقمان التربوي المفصّل الذي وجهه لإبنه. كما تنقل لنا السيرة النبوية حرص الرسول على السلام على الأطفال والتعاطي معهم بكل محبة واحترام، والتخاطب معهم حسب مستوى إدراكهم كما في وصيته لابن عباس يوم كان غلاماً صغيراً.
وفي عالم اليوم أصبح أدب الأطفال والثقافة الموجهة لهم مكتبة واسعة مترامية الأطراف، وبوسائل متعددة، وألوان مختلفة، من القصة والشعر، والرسوم المتحركة، والألعاب التعليمية، والأفلام، والمسارح.
وكل مجتمع يهتم بتنشئة أبنائه ضمن نظامه القيمي، وأخلاقه الاجتماعية، لا بد وأن يهيأ الوسائل والأساليب التربوية التي تجتذب الطفل، وتزرع في نفسه عادات الخير، وتوجهات الصلاح.
وقد سررت كثيراً حينما قدّم لي الأخ الكريم الأستاذ عقيل المسكين، عمله الأدبي الجديد، الموجه للأطفال، تحت عنوان (من ألحان الزهور). ورأيت فيه استجابة لحاجة ملّحة نعيشها في مجتمعنا، وهي توفير وسائل التثقيف والتوجيه للجيل الناشئ، بأن نقدم لأطفالنا مفاهيم الدين، ومكارم الأخلاق، بلغة سهلة واضحة شيقة.
والأستاذ عقيل المسكين عرفته من حداثة سنه باهتمامه الثقافي،ونبوغه الأدبي، ونشاطه الاجتماعي، وخلقه القويم، وهو نموذج للمواطن الصالح المخلص لهموم مجتمعه ووطنه.
فحياّه الله في نتاجه الجديد (من ألحان الزهور) والذي يمثل عملاً أدبياً هادفاً ناجحاً، وأسأل الله له المزيد من التوفيق والعطاء في خدمة دينه وأمته، وأن يكون قدوة لأبناء جيله من الشباب الذي نعقد عليهم آمال التغيير والتطوير.
والحمد لله رب العالمين
حسن موسى الصفار
10 رمضان 1422هـ