الانضباط في العلاقة بين الجنسين
الانضباط في العلاقة بين الجنسين
مسألة العلاقة والتعامل بين الرجال والنساء لا تزال محل إشكال اجتماعي وأخلاقي في المجتمعات البشرية. فالمجتمع البشري ينقسم إلى هذين الشطرين رجل وامرأة، وكل منهما يكمل الآخر، ولا تستقيم الحياة البشرية بأحدهما دون الآخر، كما أراد الله سبحانه وتعالى. ومكمن الإشكالية هي في وجود حالة الانجذاب الجنسي من كل من الطرفين نحو الآخر، هذا الانجذاب العاطفي والغريزي وضعه الله سبحانه وتعالى لمنفعة هي التناسل البشري، وإقامة الحياة العائلية الأسرية، ولحكمة هي الامتحان والابتلاء للإنسان في هذه الحياة. فلا يصبح الإنسان مكلفاً ولا يدخل قاعة الامتحان إلا حينما تستيقظ عنده هذه الغريزة الجنسية، ذلك أن البلوغ هو شرط التكليف في الفقه الإسلامي.
في كل المجتمعات هناك إطار للعلاقات المشروعة بين الرجل والمرأة يتمثل في الزواج وإقامة البيت العائلي، بناءً على تشريعات دينية أو تقنينات وضعية. فليس هناك مجتمع من المجتمعات إلا ولديه نظام وإطار لهذه العلاقة، وكما ورد في الحديث: «إن لكل قوم نكاح».
والسؤال: ماذا عن العلاقة بين الجنسين خارج هذا الإطار الزوجي؟
هنا مكمن المشكلة التي عانت ولا تزال تعاني منها المجتمعات البشرية، فهناك من تطرف ذات اليمين أو ذات الشمال، هناك من رأى أن التعاطي والتعامل بين الرجال والنساء خارج الإطار الزوجي المشروع مثار خطر الوقوع في الانحراف والفساد، وأن الحل إقامة جدار فاصل بين النساء والرجال، وكأن الرجال يعيشون في مكان، والنساء في مكان آخر، والتلاقي بينهما يكون ضمن حدود مقيدة مقننة، وهذه حالة من المبالغة نشهدها في بعض المجتمعات الدينية، حيث تدعو أوساط إلى شدة الفصل بين الطرفين، وتتناقل بعض النصوص، والآراء المشرّعة لهذا التوجه، كالرأي الذي يقول بأن صوت المرأة عورة، وعليه لا ينبغي أن يسمع رجل صوت امرأة أجنبية، ولا ينبغي للمرأة أن تُسمِع صوتها لرجل أجنبي، وهذا لا أساس له في الدين، نعم إذا كان في الأمر إثارة للعاطفة والغريزة، فهذا عنوان ثانوي، أما في الأصل فليس هناك مثل هذا الحكم، فالقرآن ينقل لنا مشاهد للتخاطب بين الرجال والنساء الأجنبيات، كما تتضمن السيرة النبوية الشريفة، وسيرة الأئمة والصحابة الكثير من هذه الصور، وتتناقل بعض الأوساط رواية متداولة عن سيدتنا الصديقة فاطمة الزهراء أنها قالت: «خير النساء أن لا يرين الرجال ولا يراهن الرجال»[1] . وهذه الرواية مرسلة[2] ، ليس لها سند يقبلها العلماء من خلاله.
وقد تبرر هذه المبالغة في الفصل بين الرجال والنساء بقاعدة سدّ الذرائع، تلافياً للوقوع في المعاصي، وفي هذا السياق يأتي منع المرأة من سياقة السيارة مثلاً، إلا أن هذه المبالغة فيها مضاعفات ومشاكل أخرى، وخاصة في الزمن الذي نعيش فيه، إذ أن ذلك يعني الحيف على دور المرأة وحقوقها وموقعيّتها، كما أنها إذا أخذت عنوانا شرعياً، فإنها تكون تشريعاً ولا يحق لأحد أن يشرع شيئاً لم يشرعه الله.
فالله سبحانه حرّم الخلوة بين الرجل والمرأة الأجنبية، أما الاختلاط فليس هناك عنوان شرعي يحرمه في الكتاب والسنة. بل نجد في مناسك الحج وفي سيرة المتشرعة من المسلمين مظاهر من الاختلاط الطبيعي بين النساء والرجال، كما في المساجد والأسواق.
هذه الحالة من التشدد تود أن تسجن المرأة في البيت، وأن لا ترى الرجل ولا الرجل يراها، ولا يسمع أجنبي صوتها، وكما قال بعضهم: للمرأة خروجان مشروعان من البيت، الخروج الأول من بيت أبيها إلى بيت بعلها عند زواجها، والخروج الثاني من بيت زوجها إلى القبر.
في المقابل هناك تطرف ذات الشمال، يتمثل في الابتذال والميوعة، والاختلاط غير المحتشم، والمتاجرة بأنوثة المرأة ومفاتنها. وهي المشكلة التي تعيشها المجتمعات الغربية، وهي سبب لويلات ومصائب في المجال الاجتماعي والأخلاقي والأمني والصحي، فقد أصبحت هذه المجتمعات تعاني من تفكك أسري، وخواء روحي، وتصاعدت فيها أرقام جرائم التحرش الجنسي، والاغتصاب والخطف، وتفشت الأمراض الخطيرة كالأيدز.
وقد يقول البعض: إن وجود قوانين وأنظمة رادعة يمكنه أن يحدّ من سلبيات وأخطار حالة الانفتاح بين الرجال والنساء، إلا أن تجربة المجتمعات الغربية تعطي أفضل برهان على عجز الردع القانوني عن تحقيق الأمن الاجتماعي، في ظل حالة الابتذال والتبرج.
نحن نجد أن رجالاً في مواقع كبيرة ومهمة كالرئيس الأمريكي الأسبق (كلينتون)، والذي لا يعوزه شيء ولا ينقصه شيء، ومع ذلك حصلت تلك الفضيحة بينه وبين موظفة تعمل في البيت الأبيض الأمريكي(مونيكا)، ونتابع هذه الأيام بذهول المحاكمة التي تحصل في مصر، ضد رجل الأعمال الملياردير(هشام طلعت مصطفى)، وشركاته فيها أكثر من 10000 موظف، وله نفوذ سياسي، وهو قيادي في الحزب الوطني الحاكم، ومع ذلك تدفعه شهوته وغريزته، حينما استعصى عليه تلبيتها، إلى قتل الفنانة اللبنانية في الحادثة المشهورة، وصدر الحكم عليه بالإعدام، والقضية الآن شغل شاغل لوسائل الإعلام.
الإسلام كدين قيمي يعتمد القيم والمبادئ، لكنه في ذات الوقت واقعي يعترف بواقعية حياة البشر وتأثير الغرائز والشهوات في سلوكهم. ولهذا لا يقبل الانفتاح غير المنضبط بين الرجال والنساء، كما لم يأمر بالفصل بين الرجال والنساء، ولا وضع ضوابط على حساب مصلحة المرأة، ومشاركتها في إدارة الشئون العامة، وإنما ركز الإسلام على أمرين:
الأول: إثارة التقوى في نفس الإنسان
فحينما يتعامل الرجل مع المرأة ينبغي أن يعيش حالة التقوى في داخل نفسه وقلبه، على أساس أن الله تعالى مطلع عليه ويراقب حركاته، وأن هناك حساباً وعقاباً يوم القيامة، وأن عليه الورع عن الحرام، ومراعاة حدود الله.
الآخر: صنع أجواء الاحتشام
فليس هناك مانع من التلاقي والتعامل بين الرجال والنساء، إذا كانت هناك أجواء الاحتشام، بالالتزام بالحجاب الشرعي، والضوابط الشرعية، التي توفر أجواء الحشمة والعفة، وحينئذ لا مشكلة في الأمر.
إضافة لذلك فإن الإسلام يدفع باتجاه وجود تقنينات وتنظيمات تضع حدا للإنجرار خلف الرغبات والشهوات، مع الفارق الكبير بين التقنينات والتشريعات الإسلامية والغربية. ولهذا فإن المجتمع المسلم عليه أن يحرص على توفير أجواء الاحتشام، وإلا فإن التفريط في ذلك يعني فتح المجال للابتذال والميوعة والإثارات الجنسية، وستكون النتائج وخيمة.
وقد بدأنا نلحظ بعض آثارها متمثلةً في حالات الاغتصاب والاختطاف والعدوان على الأعراض وانتهاكها، حتى وصل الأمر إلى حدوث حالات من التحرش بالمحارم والعياذ بالله، وهناك قضايا تنظرها المحاكم في البلاد في هذا الاتجاه وهي ليست قضية أو قضيتين، وهذا كله بسبب أجواء الإثارة وتحريض الشهوات التي أصبحنا نعيشها في ظل وسائل الإعلام والاتصالات.
ومن أهم المفردات التي يركز عليها الإسلام في هذا المجال مسألة النظرة المريبة، بأن ينظر الرجل للمرأة أو المرأة للرجل نظرة تنطلق من الانجذاب العاطفي. فقد جاء الأمر الإلهي للرجل والمرأة على حدٍّ سواء بغض البصر، يقول تعالى: ﴿قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ* وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا﴾[3] . والآية الكريمة لم تأمر بإغماض البصر، وإنما أمرت بغض البصر، وهذا يعني: التقليل من النظر، بأن لا يملأ الرجل عينيه بالنظر للمرأة، وكذلك المرأة، لأن هذه النظرة المريبة مفتاح للوقوع في الإنحراف. وقد ورد عن رسول الله أنه قال: «من ملأ عينيه من حرام ملأ الله عينه يوم القيامة من النار إلا أن يتوب ويرجع»[4] . لأن النظرة بهذا الشكل تثير غريزة الإنسان وعاطفته وتخلق حالة من الانجذاب.
فعلى الإنسان أن لا يسير في هذا الطريق من أول خطوة لأنه سيصعب عليه، في كثير من الأحيان، أن يضع الحد لباقي الخطوات، والوقاية خير من العلاج. وعنه أنه قال: «اشتد غضب الله عز وجل على امرأة ذات بعل ملأت عينها من غير زوجها أو غير محرم منها»[5] . وعنه: «ما من مسلم ينظر امرأة أول رمقة ثم يغض بصره إلا أحدث الله له عبادة يجد حلاوتها في قلبه»[6] . وحلاوة العبادة يفقدها الكثير، بل إن كثيراً من الناس يقوم بالعبادة كفرض واجب وبتثاقل، فكيف سيتذوق حلاوة العبادة والإيمان؟!.
وتُشير النصوص أن من أسباب فقدان حلاوة العبادة والإيمان هي النظرات المحرمة، ومن أراد أن لا يُحرم من لذة العبادة وحلاوة الإيمان، فعليه أن يتجنب النظرات المحرمة. صحيح هي تشد الإنسان وتستقطبه، والغريزة تدفعه لذلك، إلا أن هذا هو الامتحان. جاء في الحديث عنه: «إياك والنظر بعد النظرة فإن الأولى لك والثانية عليك»[7] . فوقوع بصرك على امرأة مرّت بجانبك أمرٌ طبيعي، وليس المطلوب منك أن تغمض عينيك، إلا أن عليك أن لا تعاود النظر مرة أخرى، فهي الخطوة الأولى باتجاه الانحراف الذي يبدأ من إثارة المشاعر داخل النفس وقد تترتب عليه خطوات خارجية، أمير المؤمنين يقول: «العين رائد الفتن»[8] ، ويقول : «العيون مصائد الشيطان»[9] ، ويقول : «كم من نظرة جلبت حسرة»[10] ، ويقول : «من غض طرفه أراح قلبه»[11] لأن الإنسان إذا أطلق العنان لنظره، فسيقع تحت ضغط شهواته وغرائزه، فإن صبر يكون قد قسر نفسه، وإن استجاب للرغبة انحرف، والأفضل أن يمنع نفسه من بداية الطريق.
وحتى بالنسبة للأفلام والصور المبتذلة التي تخرج في وسائل الإعلام على الإنسان أن لا يملأ عينه بالنظر إليها لأن العواقب سيئة على أخلاقه ودينه، الإمام جعفر الصادق (صلوات الله وسلامه عليه) ينقل لأصحابه عن نبي الله عيسى بن مريم أنه قال لأصحابه: «إياكم والنظرة فإنها تزرع بالقلب الشهوة وكفى بها لصاحبها فتنة»[12] . عن عبد الرحمن ابن مسلمة يقول: سألت أبا عبد الله جعفر الصادق عن قوله تعالى: ﴿يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ﴾.
ماذا يعني خائنة الأعين؟ قال : «ألم تر الرجل ينظر إلى الشيء وكأنه لا ينظر إليه»[13] .
فعلينا أن نوفر أجواء الاحتشام وأن نربي أبناءنا وبناتنا على أجواء الاحتشام ابتداءً من المنزل فمسؤوليتنا أن نحصن أجواءنا الأخلاقية حتى لا نصاب بما تصاب به المجتمعات الأخرى من الفظائع والمشاكل.
الخصومة بين الإنصاف والفجور
الخصومة تعني النزاع والخلاف بين شخص وآخر، أو بين جهة وأخرى، على أمر من الأمور. وحينما تحصل خصومة فإن كل طرف يستخدم كل ما لديه من قدرة لكي يتغلب على الطرف الآخر، وهنا قد يندفع الإنسان إلى تجاوز الحدود، لذا على الإنسان حين الخصومة أن يُراعي عدة أمور:
أولاً: على الإنسان أن يبتعد ما أمكنه عن الخصومات والنزاعات، فإذا استطاع أن يعيش حياته دون أن ينازع أحداً فتلك هي السعادة.
ثانياً: على الإنسان أن يبتعد عن مثيرات النزاعات، لأن الصراع إنما يحصل بسبب مثيرات تخلق الخلافات والنزاعات، وقد ورد عن رسول الله أنه قال: «ما عهد إلي جبرئيل في شيء، ما عهد إلي في معاداة الرجال». وعن أمير المؤمنين علي ابن أبي طالب أنه قال: «رأس الجهل معاداة الناس»، وقال : «معاداة الرجال من شيم الجهال»، وورد عن الإمام الصادق : «العداوة القليل منها كثير».
ثالثاً: وقد يجد الإنسان نفسه أمام خصومةٍ فُرضت عليه وهنا عليه أن يتلمس مختلف الطرق لحل المشكلة.
رابعاً: إذا اضطر للنزاع والخصومة عليه أن يراعي الحدود في الخصومة، فلا يبالغ في الخصومة، والنصوص الشرعية تُطلق على ذلك مصطلح الفجور في الخصومة. وهنا محك الأخلاق الحقيقية والتدين الحقيقي، في التعامل مع من تختلف معه، أما الذين ليس بينك وبينهم مشكلة، فليس فخراً أن تكون علاقتك بهم جيدة، يقول رسول الله : «أربع من كنّ فيه كان منافقاً، ومن كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها» أحدها: «إذا خاصم فجر». وورد عنه أنه قال: «إن أبغض الرجال إلى الله الألد الخصم» يعني: الشديد في الخصومة.
ونجد مظاهر للفجور في الصراعات والخلافات على مختلف المستويات، فعلى المستوى السياسي حين تختلف دولة مع أخرى أو يختلف مع نظام آخر، قد يتصاعد الصراع ليتجاوز كل الحدود، ومثال ذلك: النظام الصدامي البائد في العراق فهو مثال واضح للنظام الفاجر في خصومته، فقد شنّ حرباً على إيران وبعدها على الكويت.
ومن مظاهر الفجور في الخصومة، ما يُتحدث عنه الآن من أن بعض الدول العربية مستعدة للتنسيق مع إسرائيل وأمريكا ضد دولة إسلامية هي إيران، لماذا؟ لأن عندها برامج نووية. وهذا من الفجور في الخصومة، لأنه مهما كان حجم الاختلاف مع إيران لا ينبغي أن يُدار بهذه الطريقة، وإنما ينبغي أن تكون هناك ضوابط لإدارة الخلاف، أما أن يكون هناك تعاون مع العدو المشترك، مع الصهاينة، الذين يحتلون أراضينا ومقدساتنا، ويسفكون دماءنا في فلسطين، فهذا من الفجور في الخصام السياسي.
ومن مظاهر الفجور في الخصومات، على المستوى الاجتماعي، حين تختلف جماعة مع أخرى، فتمارس أساليب قذرة في التخوين والإسقاط والتشويه.
ومن المظاهر أيضاً الصراعات العائلية، حين تحصل خلافات بين الزوج وزوجته، وما أكثرها، وقد يصل الأمر لرفع دعاوى في المحكمة، وأسوأ ما في الأمر أن بعض الأطراف تدفعه حالة الانتقام إلى أن يفجر في خصومته فيسعى بمختلف الطرق لكسر الطرف الآخر، والقرآن الكريم يُحذّر من هذا الأمر، يقول تعالى: ﴿وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَاراً فَلا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئاً أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَاناً وَإِثْماً مُبِيناً* وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ﴾[14] . وهذا محل الشاهد زوجتك كانت تعيش معك، وهي أم أبنائك، كيف ترضى لنفسك أن تقوم بهذا الدور تجاهها لخلاف قد حصل، والله تعالى يقول: ﴿فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ﴾[15] . والقضايا في المحاكم كثيرة، فترى الزوج أو الزوجة، أو أهل الزوج أو أهل الزوجة، يديرون صراعهم بوحشية، وهذا خلاف خُلق الإنسان المؤمن العاقل. فعلى الإنسان في صراعاته وخلافاته مع الآخرين أن يلتزم بالحدود والضوابط، وقد ورد عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب أنه قال: «من بالغ في الخصومة أثم، ومن قصر فيها ظلم، ولا يستطيع أن يتقي الله من خاصم».
أخيراً لا يسعنا إلا أن نشير إلى تعاطفنا مع إخواننا المواطنين في شمال غرب البلاد في العيص وأملج وحرة الشاقة وينبع، الذين يواجهون خطر النشاط الزلزالي واحتمال حصول نشاطات بركانية، نحن نتعاطف معهم إنهم إخواننا في الدين والوطن، ما يصيبهم يصيبنا، وما يؤلمهم يؤلمنا، لذلك ينبغي أن يكون هناك شعور وطني عام. نحن نضرع إلى الله تعالى أن يدفع عنهم البلاء، وعن كل بلادنا وبلاد المسلمين والبشرية جمعاء. وإن شاء الله يعود هؤلاء المواطنون الأعزاء الذين اضطروا للخروج من مواقع سكناهم والبقاء في المخيمات هذه المدة، سريعاً إلى مناطقهم. ونأمل أن أجهزة الدولة تقوم بواجبها تجاه هؤلاء المواطنين الأعزاء، والمواطنون جميعاً عليهم أن يعيشوا نفس المشاعر معهم فهي قضية إنسانية وطنية تهمنا جميعاً، نسأل الله أن يدفع البلاء عن الجميع.