سماحة الشيخ حسن الصفار: كسب السمعة الحسنة للفرد والمجتمع
بدأ سماحة الشيخ حسن الصفار حديثه في اللية الخامسة من محاضراته العاشورائية في جامع الكوثر بصفوى بالآية المباركة ﴿رَبِّ هَبْ لِي حُكْمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ وَاجْعَلْ لِي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الْآَخِرِينَ﴾ وكان محاضرته بعنوان (كسب السمعة الحسنة للفرد والمجتمع) وقد تمحورت حول ثلاثة محاور:
وبدأ فيها سماحة الشيخ الصفار بتعريف السمعة الحسنة وأنها هي الإنطباعات التي تكون في نفوس الآخرين عن الإنسان، فإذا كانت سمعة الإنسان طيبة بين الناس والمجتمع ينعكس ذلك إيجابياً على شخصيته فيعيش الراحة النفسية ويكون راضياً وواثقاً عن نفسه فيعيش الأمن النفسي.
أما إذا كان الإنسان سيء السمعة في محيطه ولدى الآخرين فإن ذلك ينعكس عليه ويسبب له ضغوطاً نفسية وعدم ثقة بالنفس.كما أشار سماحته أن نفس المفهوم ينطبق على المجتمع ككل فما يؤثر على الجزء يؤثر على الكل من ناحية السمعة سواء كانت طيبة أو حسنة.
وبين سماحته أيضاً أن الذكر الحسن يؤثر الفرد والمجتمع لما تجعل لهما من موقعية تساهم في تسهيل الأمور والوصول إلى الأهداف.
ومن ناحية دينية أوضح سماحة الشيخ حسن بأن السمعة الحسن تخدم انتماء الإنسان لصالح دينه ومذهبه وبين أن الإنطباع الجيد أمر مطلوب وحث عليه الإسلام.وأنبياء الله بعظمتهم وجلال قدرهم طلبوا من الله ذلك ويتجلى ذلك في الآية الكريمة ﴿واجعل لي لسان صدق في الآخرين﴾ أي بمعنى أن قيمة السمعة مهمة عندالله سبحانه وتعالى وعند الناس.
وذكر سماحته بعض أحاديث أهل البيت عليهم السلام في هذا الجانب ومنها قول أمير المؤمنين حيث شدد على أفضلية السمعة والرصيد المعنوي على الرصيد المادي بقوله : (وَلِسَانُ الصِّدْقِ يَجْعَلُهُ اللهُ لِلْمَرْءِ في النَّاسِ خَيْرٌ لَهُ مِنَ الْمَالِ يُوَرِّثُهُ غَيْرَهُ).
وركز سماحته في ختام المحور الأول على أهمية تكامل دور الفرد والمجتمع في في الإهتمام بالسمعة والذكر الحسن أمام الآخرين.
وفيه بدأ فضيلته بتساؤل عن كيفية توفر السمعة الحسنة للفرد والمجتمع؟ وأجاب بأن الواقع المشرق هو أساس في توفير السمعة الحسنة أمام الناس فالناس حسب تعبير سماحته "عقولهم في عيونهم" ومن هذا المنطلق أشار الشيخ إلى حديث الإمام الصادق حين قال: (معاشر شيعتنا إنكم نسبتم إلينا فكونوا لنا زينا،ولا تكونوا علينا شينا) وضرب سماحته مثالاً بالأخوة المؤمنين في لبنان حيث كونوا صورة مشرقة وواقعاً طيباً يشهد به القاصي والداني.
وفي السياق نفسه وجه سماحة الشيخ الصفار رسالة إلى الطلاب والطالبات الذين يدرسون داخل وخارج المملكة بأن يكونوا سمعة طيبة في أماكن تواجدهم وأن يعكسوا صورة إيجابية عن الدين والمذهب الذي ينتمون إليه من خلال تصرفاتهم وتعاملهم مع الاطراف الأخرى.
ومن ناحية أخرى أكد على نقطة حسن الخطاب مع الآخرين وأن من الأشياء التي لها أثر بالغ في حياة الإنسان هو خطابه مع الآخرين وأنه لابد من إنتقاء الأسلوب الأمثل للتخاطب والحوار مع الطرف الآخر، ووجه سماحته على عدم الخوض في نقاشات مذهبية أو دينية إلا إذا كان الإنسان متمكناً ويملك أسلوباً مهذباً يجنبه الوقع في مهاترات أو مواقف غير محبذة.
وفي نقطة ضمن هذا المحور أشار إلى أهمية الإحسان لأن الإحسان يكسب السمعة الحسنة عند الناس وأن عمل الخير إذا كان بقصد تشجيع الناس على فعله فهو أمر جيد ولا يعد ضمن نطاق الرياء أ وحب الظهور.
وفيه بدأ سماحته الحديث عما إذا كنا نهتم بآراء الآخرين عنا؟ وأن البعض منا لا يبالي بهذه النقطة وينظر لها بسلبية بينما هي نقطة مهمة جداً وأساسية وأبلغ تجسيد لذلك كانت مواقف الرسول الأكرم محمد صلى الله عليه وآله وسلم مع المنافقين الذين حاربوا الرسول وتهموا نزاهته وعدالته ومع ذلك كان الرسول يتعامل بالحسنى لأنه كان لا يريد خلق إنطباع سيء عن الدين الإسلامي في تعامله مع هذه الفئات وهذا مما حث عليه أهل البيت ويتضح ذلك في حديث الإمام الصادق : (رحم الله امرأً اجتر مودة الناس إلينا فحدثهم بما يعرفون وترك ما ينكرون).
وفي سياق الحديث ذكر الشيخ حسن ما ذكره المرجع الراحل السيد الشيرازي في موسوعة الفقه من أنه إذا كان العرف في بلد يتعارض مع مستحب فإن الأولوية تكون للعرف وحينها يتحول المستحب مكروهاً او المكروه مستحباً.
ومن ناحية أخرى في جانب الرأي العام أطلق سماحته مصطلح (صراع الإرادات) حيث بين أن الواقع الحالي يفرض علينا العمل الجاد والحثيث من أجل تكوين السمعة الحسنة والصورة الناصعة لكي نردع أي تشويه يمسنا من الأطراف المتربصة بنا ومن هنا ذكر أعترف سماحته بوجود تقصير في مجال الإهتمام بالرأي العام وأننا لازالنا غير متقدمين في هذا المجال وطاقاتنا غير مستثمرة في هذا الأمر.
وتطرق سماحته أيضاً إلى تقدم الغرب في مجال الإعلام ودفعهم الأموال الطائلة من أجل تحسين صورتهم أما م العالم والعالم الإسلامي بشكل خاص وأن بعض هذه المؤسسات الإعلامية تكسب تعاطف الناس وتؤثر على القرارات السياسية والمصيرية للغرب، بينما المسلمون لا يزالون يراوحون مكانهم وإن حصل تقدم في هذا المجال فإنه أتى بعد خمسين عاماً من بداية المؤسسات الإعلامية في أمريكا وضرب مثالاً بمؤسسة (كير) الإسلامية في أمريكا التي تعنى بشؤون المسلمين وتحسين صورة الإسلام في الغرب.
وفي هذا الموضوع تمت الإشارة إلى دورنا كأتباع لمدرسة أهل البيت من أنه يجب علينا التحرك العملي من أجل كسب الرأي العام والإنفتاح على الآخرين والخروج من نطاق الدائرة الداخلية التي نعيش فيها إلى آفاق أرحب وأوسع لنوصل رسالتنا للعالم أجمع.
ومن هنا تطرق الشيخ الصفار إلى زيارة بعض الصحفيين والصحفيات من خارج المنطقة للإطلاع على أحوال الشيعة في المنطقة وشاهدوا عن كثب نشاطات الشيعة في شهر محرم وخرجوا بانطباعات إيجايبة عما رأوه.
وفي ختام الحديث عرج على سيرة الإمام الحسين في كربلاء والجانب الإعلامي فيها حيث كان خروج الأطفال والنساء معه ليكون شاهداً على ثورته ونهضته الخالدة وليسمعوا العالم صرخة الحسين ورسالته حيث كانت خطب الحوراء زينب والإمام زين العابدين وأم كلثوم سلام الله عليهم أجمعين في الشام والكوفة لها أبلغ الأثر في نشر أهداف تلك الثورة العظيمة.