هل سندفع المزيد من ضحايا الخطف والاغتصاب؟
(اتهمت عضو ورئيسة مركز المعلومات والإحصاء والتوثيق بالجمعية الوطنية لحقوق الإنسان الدكتورة سهيلة زين العابدين هيئة التحقيق والادعاء العام بتعطيل إجراءات الطب الشرعي لإثبات حالات وآثار اغتصاب الفتيات إلا بعد توجيهها إذنا لفحص الفتاة المغتصبة تمتد لأسبوع كامل مشيرة إلى أن آثار الاغتصاب لا يبقى لها أثر بعد تلك البيروقراطية التي تتخذها الهيئة تجاه الضحية وهو ما كشفه أحد العاملين بالطب الشرعي خلال مداخلته بلقاء الخبراء الثالث حول العنف الأسري بالرياض أمس في ضياع حق فتاة في السابعة عشرة من عمرها كانت تعرضت للاغتصاب من أحد أفراد عائلتها، متهماً هيئة التحقيق والادعاء العام بالإهمال بسبب تأخيرها في تحويل مثل هذه القضايا إلى الطب الشرعي) جريدة الجزيرة 19/5/2010.
وقال رئيس لجنة التكافل الأسري التابعة لإمارة المنطقة الشرقية الدكتور غازي الشمري لـ «الحياة»: «لا يوجد في المملكة مراكز متخصصة للتعامل مع المغتصبات، إلا المراكز الأهلية، التي تستقبل هذه الحالات، وهي موجودة في كل المناطق، إلا انها تفتقر إلى الخبرة في معالجة هذه الحالات»، مضيفاً «نحن بحاجة إلى اختصاصيين لهم باع طويل في معالجة مثل هذه الحالات، فلدينا حالات اختطاف واعتداء جنسي، وأكثر ما نخشاه انتشارها، ونتعامل مع هذه الحالات بسرية تامة، ولا مجال لـ «الواسطة» والمحسوبية، لا في هذه النوعية الحساسة من القضايا، أو غيرها» جريدة الحياة 19/5/2010.
أتفهم تماما الموقعية التي من خلالها انطلقت الدكتورة سهيلة زين العابدين في تطرقها لقضايا الاغتصاب من هذه الزاوية فهي عضو ورئيسة مركز المعلومات والإحصاء والتوثيق بالجمعية الوطنية لحقوق الإنسان، كما أعي بدقة جهة الاختصاص التي أطل من خلالها الدكتور غازي الشمري رئيس لجنة التكافل الأسري التابعة لإمارة المنطقة الشرقية.
ومع أن تلك الدراسات مهمة وتؤدي غرضها في زاوية ما، لكننا نلاحظ انعداما للدراسات الجادة التي تتحدث عن ظاهرة الاختطاف والاغتصاب باعتبارهما إخلالا بالأمن الاجتماعي الذي يضر المواطن، ويدفعه للبحث عن حماية نفسه بطرق وأساليب قد لا تكون سوية ومناسبة، وكذلك تنعدم الدراسات التي تحمل مسؤولية هذا الانفلات على الجهات التي من شأنها السهر على أمن المجتمع وتأكيد الطمأنينة بين أبنائه.
ولتقريب الصورة أقول: إن ما حصل في أمطار جدة كشف فسادا متمددا شارك فيه مسؤولون سابقون في أمانة جدة وبعض البلديات وكتاب عدل، ومؤسسات خدمية ضخمة، وتلاعبات مالية بملايين الريالات، وربما تتكشف الأمور (عمّا قريب) عن الكثير من المستور مما هو أكبر من ذلك.
لكننا حتى وصلنا إلى حقيقة الفساد الضارب في البنية التحتية لجدة، احتجنا لكل الأرواح والخسائر التي دفعها أهلنا في فيضانات جدة، لتتكشف الصورة الحقيقية (لجدة غير).
فهل ستستمر جرائم الخطف والاغتصاب إلى أن نصبح مجتمعا مرعوبا ونخسر الكثير من الضحايا على هذا الطريق ثم نتحرك لنعاقب المسؤول والمقصر عن هذا الوضع الخطير؟
هل يمكن أن يكون الوضع الضابط والماسك بأمن المجتمع سليما وصفحات جرائدنا تمتلئ يوميا بالجرائم التي يندى لها الجبين؟ وهل سنستمر في اعتبار أن النجاح هو في الكشف عن مهرب هنا ومختطف هناك دون أن نسلمهما إلى نظام قضائي صارم يحفظ المجتمع؟ ودون أن نطيح برؤوس الإجرام الكبيرة التي تسيطر على عصابات المجرمين؟
إن بلدنا يمتلك كل الوسائل والإمكانات والكفاءات التي تؤهله لضبط الأمن الاجتماعي، ليبقى الأمن نقطة مشرقة على صفحات وتاريخ هذا البلد، لكن الحاجة ماسة لأن يتحول الأمن الاجتماعي لأولوية تسخر من أجلها تلك الطاقات والكفاءات والإمكانات، فهل سيتأخر ذلك؟