أحمد زمان يقدم قراءة لكتاب: نحو علاقة أفضل بين السلفيين والشيعة
نشرت جريدة الأيام البحرينية مقالاً للأستاذ أحمد زمان يُقدّم فيه قراءة لكتاب: نحو علاقة أفضل بين السلفيين والشيعة، وهو أحد مؤلفات سماحة الشيخ حسن موسى الصفار، مؤكداً أن الكتاب يستحق أن يقرأه كل شيعي وكل سني وخاصة إخواننا السلفيين. كان ذلك في العدد: 5670 الاثنين 28 رجب 1425هـ.
وهذا نص ما نشرته الجريدة:
عنوان المقال هو عنوان للكتاب الاخير الذي اصدره سماحة الشيخ حسن الصفار اصدار دار الواحة للطباعة والنشر والتوزيع اللبنانية لهذا العام ٤٠٠٢م.
مؤلف هذا الكتاب سماحة الشيخ حسن الصفار غني عن التعريف فهو أحد علماء الدين الشيعة في المنطقة الشرقية بالمملكة العربية السعودية، وهو من العلماء والكتاب المعتدلين، تدل على ذلك كتبه الكثيرة في هذا الصدد ومنها «التعددية والحرية في الاسلام: بحث حول حرية المعتقد وتعدد المذاهب» ومنها «التنوع والتعايش» ومنها «التسامح وثقافة الاختلاف» وكتاب «رؤية حول السجال المذهبي» وكتاب«السلم الاجتماعي.. مقوماته وحمايته» وهي كتب صدرت لهذا الشيخ الجليل منذ ٩٨٩١ وما تلاه، وهي تدل على اعتداله ونبذه للفرقة ودعوته الى الوحدة والأئتلاف بين الفرق والطوائف والمذاهب الاسلامية.
يقول الشيخ حسن الصفار في مقدمة كتابه: «ربما يستبعد كثيرون امكانية تحسن العلاقة بين السلفيين والشيعة، لما بين الطرفين من اختلاف وتضاد في مسائل عقدية حساسة، ولوجود تاريخ مثقل بالمشاحنات بينهما، لكنني اشعر بدرجة من الأمل والتفاؤل على هذا الصعيد، فهناك تطور فكري ثقافي ملحوظ عند مختلف الاطراف الاسلامية يجعلها أقرب الى القبول بوجود الرأي الآخر والتعامل معه، مهما كانت درجة الاختلاف والتباين، مع التزام كل طرف بثوابته وقناعاته، كما ان ضخامة التحديات التي تواجها الأمة يفترض ان تدفع الواعين من الطرفين لتجميد الخلافات على الأقل، ان لم يكن تجاوزها».
ويؤكد الشيخ حسن الصفار في كتابه ان الأمة الاسلامية تعافت من كثير من جراحات الخصام الفكري والمذهبي التي اصابت كيانها في غابر التاريخ كالصراع بين الجبرية والقدرية، وبين المرجئة ومخالفيهم، وبين الاشاعرة والمعتزلة، هذه الصراعات التي كانت حادة في قرون سابقة تجاوزتها الأمة واصبحت مجرد حوادث وذكريات في التاريخ، وبقي الخلاف السني الشيعي كأوسع ثغرة في جدار الوحدة الاسلامية تنفذ منه رياح الفتن وتتسلل مطامع الاعداء ومؤامراتهم.
كما يؤكد بأن العلماء المصلحون من السنة والشيعة تحركوا مطلع هذا القرن لسد هذه الثغرة الخطيرة المتبقية، وكان من مظاهر هذا التحرك الاصلاحي تأسيس دار التقريب بين المذاهب الاسلامية في القاهرة في الخمسينيات وانتاج خطاب وحدوي يؤكد على القواسم المشتركة، ويحرر محل النزاع ضمن اطار الخلاف الاجتهادي عقدياً وفقهياً.
ويتساءل الشيخ الصفار في كتابه، أليس من المثير للدهشة والاستغراب ان نرى تسارع خطوات التقارب والتنسيق بين اليهود والمسيحيين وهم اهل ديانتين متصارعتين بينهم خلاف عقائدي عميق وصراع تاريخي طويل، لكنهم يتجاوزون كل ذلك ويتعاونون تجاه ما يرونه خطراً مشتركاً، بينما نعجز نحن المسلمين عن تجاوز خلافاتنا والاقتراب من بعضنا ونحن أهل دين واحد ونبي واحد وبيننا هذا القدر الكبير من القواسم المشتركة ونواجه التحديات والاخطار العاصفة؟!
ويضرب الكاتب مثالاً لنموذج علاقة حميمية بين شيخ سلفي هو الشيخ زهير الشاويش الدمشقي مع الشيخ الشيعي المعروف محمد مهدي شمس الدين الذي توفي قبل ثلاث سنوات وكانت تربطهما علاقة جوار ومحبة حتى ان الشيخ زهير الشاويش كتب مقدمة طويلة لآخر كتاب للشيخ شمس الدين تحدث عن العلاقة بينهما وانطباعاته الايجابية عن شخصية الشيخ محمد مهدي شمس الدين وعنوان هذا الكتاب «في الاجتماع المدني الاسلامي- أحكام الجوار في الشريعة الاسلامية».
ويؤكد الشيخ الصفار في كتابه على حقيقة هامة وهي انه مهما كانت اشكاليات السلفيين على الشيعة، واشكاليات الشيعة على السلفيين، فإن الجميع يعيشون في منطقة واحدة ولا يستطيع أحد الطرفين ابادة الآخر، ولا أظن انه يفكر في ذلك، وهم جميعاً أهل هذه الأرض، وأبناء ترابها، لا يحق لأحدهما المزايدة على الآخر في الاصالة وعمق الانتماء.
كما انه يشيد بمبادرات ولي العهد السعودي الأمير عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود للدعوة الى الحوار الوطني بالمملكة العربية السعودية حيث جاءت توصيات اللقاء الوطني الأول والثاني لتؤكد على هذه الحقيقة، وتدعو الجميع الى الانصهار في بوتقة الوطن مع الاقرار بالتنوع المذهبي والفكري.
وفي سياق دعوته الى الألفة والتقارب فإنه يدعو اخوانه الشيعة الى ضبط انفعالاتهم ومراعاة مشاعر اخوانهم من أهل السنة بمنع اي اساءة لأحد من الخلفاء الراشدين وأجلاء الصحابة، كما انه يدعو اخوانه من العلماء والدعاة السلفيين الى اعادة النظر في موقفهم المتشدد تجاه اخوانهم الشيعة والذين لا يقلون عنهم حرصاً على العقيدة والتزاماً بالدين، كما انه يدعو الجميع الى الكف عن فتاوى التكفير وخطابات التحريض التي قد تصدر من البعض واستبدالها بالدعوة الى الله تعالى بالحكمة والموعظة الحسنة.
وما ذكرته مختصر شديد لكتاب سماحة الشيخ حسن الصفار الأخير «نحو علاقة افضل بين السلفيين والشيعة» وهو كتاب يستحق ان يقرأه كل شيعي وكل سني وخاصة إخواننا السلفيين.
والله من وراء القصد.