قرار السعادة والشقاء
ورد أن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم خطب مستقبلا شهر رمضان، ومما جاء في خطبته الجميلة:
«فأسألوا الله ربكم بنيات صادقة وقلوب طاهرة ان يوفقكم لصيامه وتلاوة كتابه، فإن الشقي من حرم غفران الله في هذا الشهر العظيم».
لقد انتصف شهر رمضان المبارك وما زالت الحناجر تدعو الله سبحانه وتعالى وكلها أمل ورجاء (اللهم اجعلنا فيه من عتقائك من جهنم وطلقائك من النار ومن سعداء خلقك يا أرحم الراحمين).
مهم أن يصارح الصائم نفسه فيسألها هل أنا شقي أم سعيد؟ وأن يجد الإجابة في أعماقه، وهو سيجدها دون عناء (بَلِ الإِنسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ).
السعيد هو من دخل الجنة ووصلها بما قدم في حياته الدنيا، والشقي هو من كان حطبا لجهنم.
﴿فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُواْ فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ * خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ إِلاَّ مَا شَاء رَبُّكَ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِّمَا يُرِيدُ * وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُواْ فَفِي الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ إِلاَّ مَا شَاء رَبُّكَ عَطَاء غَيْرَ مَجْذُوذٍ﴾.
لو كانت سعادتنا في حياتنا وآخرتنا تتحقق بمجرد الدعاء فقط، إذا لملأنا كل لحظاتنا وساعاتنا بالدعاء، لكن الله سبحانه وتعالى أراد منا بالإضافة للدعاء مفرزاته وتطبيقاته.
أراد منا العمل الصالح، وأراد من الدنيا أن تكون لنا دار ابتلاء وتمحيص ورسم لنا طريق الفوز وأمرنا بالتسابق للفوز.
الدعاء مهم في أنه يعيد للإنسان الهدف، ويصنع عنده التوثب، ويجدد الدافع، ويشعره بالقرب من خالقه فيزداد قوة وثقة، ولكن السير نحو الهدف والسلوك المؤدي له، والتقدم باتجاهه، هذا كله مرهون بقرار الإنسان وإرادته وتصميمه.
وهنا أمران لا بد من ملاحظتهما وهما مرتبطان بالعمل وليس الدعاء، هناك عبادات وفرائض وواجبات ومحرمات بين الانسان وخالقه، عليه أن يراعي حدودها وأن يلتزم بتعاليم الله فيها، لأن التساهل يفضي للشقاء والضياع.
وهناك ما يرتبط بالناس من حقوق وواجبات وتعامل، ولقد قرأت قبل يومين 26/8/2010 في جريدة الحياة خبرا مهولا إن صدقت صاحبة الخبر في دعواها، لأنه خبر في بلد الصائمين ومن الصائمين (خادمة سيريلانكية تتهم سعوديا بغرس 24 مسمارا في جسدها)، والجريمة فيها شريكان، ربة المنزل حيث كانت تسخن المسامير، والزوج حيث كان يزرقها بالقوة تحت جلدها، وقد قال الدكتور هـ. ك. ك. ساثارا سينغ الطبيب في مستشفى كامبوروبيتيا الذي يبعد 160 كيلومتراً من العاصمة كولومبو، حيث تُعالج أرياواثي، إن الأشعة السينية أظهرت وجود 24 مسماراً في جسد المرأة يتراوح سمكها بين انش وانشين. وأبلغ ساثارا سينغ وكالة «أسوشييتد برس» هاتفياً بأن جروح المصابة قد اندملت، لكنها تواجه صعوبة في المشي بسبب وجود مسمارين في الركبة واثنين في الكعب، فضلاً عن وجود ابرة في جبينها) كما قالت الجريدة المذكورة.
وإذا كان هذا ظلما واضحا نمارسه مع هذه الفئة من الخادمات اللاتي جئن للتخفيف على أسرهن من الفقر والحاجة بارسال بعض الأموال لهم، فإن هناك ممارسات من الظلم لهن قد اعتدناها وربما خفيت علينا.
هناك الاجهاد الزائد عن الحد والطاقة الذي يمارسه بعض الكفلاء وبعض ربات البيوت، فيحمّلون الخادمة فوق طاقتها، خصوصا حين يكون المنزل كبيرا وعدد أفراد العائلة كثيرا.
وهناك ظلم نمارسه من حيث لا نعلم حين نذهب مع خادمتنا لمنازل أهلنا وأقاربنا وأحيانا أصدقائنا، وهناك نطلب منهن أن يقومن بالتنظيف والغسيل وغير ذلك، وهذا خارج عن اتفاقنا الأساس مع الخادمة، فهي جاءت لخدمة أسرة معينة ومنزل معلوم، والخروج عن الاتفاق ظلم إلا أن نعوضها عن عملها الآخر ونحصل على رضاها وقبولها.