إلهي لا تحرمنا فرحة العيد
غطت السماء ملايين الدولارات التي صرفت على المفرقعات النارية في كل مكان من العالم العربي والإسلامي، وبدأت المسرحيات المسلية والمضحكة تعرض والناس يقبلون عليها أفواجا، فلا شيء يكدر خاطر هذه الأمة.
بضعة أعداد من البشر قد يصلون إلى 8 ملايين متضرر جراء فيضانات باكستان لا يعنون شيئا يستحق أن نخاطب أولادنا وأجيالنا حولهم فنقوي فيهم روح المحبة للإنسان والتأثر لأجله.
وماذا لو تعودوا على الفرح واللعب وتعالت ضحكاتهم وأفراحهم، كلما تعالت تقارير المنظمات الدولية حول حجم كارثة الفيضانات الباكستانية؟
ماذا لو مرت هذه المأساة ومر غيرها دون أن نوقظ ضمير هذا الجيل فنذكره بأحاديث الرسول (صلى الله عليه واله وصحبه وسلم) (واعلموا أنكم مسئولون حتى عن بقاع الأرض وبهائمها), (ليس منا من بات شبعانا وجاره جائع)؟
إذا كانت إحدى علل الصوم هي أن نتذكر الفقراء والمحتاجين ومن لا يجدون للشبع سبيلا سالكا، فإن فرحتنا الاعتيادية – مع صعوبة أوضاع المشردين الباكستانيين - بعد شهر رمضان تدل على برمجة ليست دقيقة للاستفادة من جوهر الصيام الذي أراده الله سبحانه وتعالى منا.
بعد أكثر من شهر على فيضانات نهر(السند) تتكشف الأرقام عن ثمانية ملايين منكوب بينهم حوالي خمسة ملايين شخص دون مأوى، وهم بحاجة إلى مساعدات عاجلة حسب تصريحات الأمم المتحدة، بعد أن فقد هؤلاء 1600 من الضحايا، والزيادة في العدد مؤكدة وليست مرشحة كما تصرح السلطات الباكستانية.
يأتي العيد علينا وثمانية ملايين من البشر المنكوبين فريسة للأمراض والأوبئة، لم تكتمل حاجاتهم الأساسية بعد، فصورهم على شاشات التلفاز مؤلمة، وحالتهم مزرية، والموت يتخطف صغارهم وضعافهم.
يمكننا أن نساعدهم بإمكانات محرزة وفاعلة لو استقطعنا بعض المال الذي اعتدنا على صرفه في الأعياد لصالح أولئك المنكوبين.
يمكننا أن نجعل بعض فعالياتنا في العيد تذكر أولادنا وتذكرنا بملايين المشردين بلا مأوى.
يمكننا أن نجعل ريع بعض المسرحيات والفعاليات المضحكة لصالح المستغيثين من بلاد باكستان المسلمة، وليهنأ أولادنا بالمسرحيات ويضحكون حتى فجر اليوم الآخر.
يمكننا أن نقول لأولادنا أنت تستحق لباسا بـ 200 ريال، ولكن ما رأيك أن نشتري لك هذا العام (فقط) لباسا بـ 150 ريالا ونرسل 50 ريالا لإخوانك في الدين والإنسانية في باكستان؟
يمكننا أن نبدأ حملة واسعة في منازلنا لنرسل ما لا نحتاجه مما هو صالح، أو نسعى لبيعه وإرسال ثمنه لمحتاجيه.
يمكن لمليار ونصف المليار مسلم أن يحتضنوا ثمانية ملايين منكوب لتعيّد كل الإنسانية بسعادة ومحبة.
اللهم لا تحرمنا فرحة العيد، ولا تحرمنا رقة القلب، ولا تطمس إنسانيتنا ولا تميت قلوبنا ولا تبلد مشاعرنا. اللهم اجعل في أعيادنا إحساسا بمن لا يذوقون فرحة العيد، ولا يهنأون بالبسمة والسعادة فيه. إلهي لا تغضب علينا إن نسينا جوعهم وأمعنا في ولائم الإسراف والبطر، فحازت حاويات القمامة أكثر نعمك وعطاياك لنا. إلهي لا تمقتنا إن أكلنا القليل ورمينا الكثير لنتفاخر بين أهلنا وضيوفنا بكرمنا العربي الأصيل. إلهي لا تحل عذابك علينا إذا اكتظت أسواقنا بالسيارات، وخلت محلاتنا من الملابس فنحن نرى أن العيد لمن لبس الجديد وليس لمن أمن الوعيد.