الدين والوطن يجمعنا
في ضيافة رسول الإسلام وفي شهر مولده لابد من تكرار الكتابة والحديث حول الإسلام الجامع، وحول الرسول الجامع، ووأد كل شتات وتفرقة للمسلمين باسم الاستناد إلى الدين والتمسك بتفاصيل الدين.
البحرين التي عرفت بوحدة شعبها وأخوّته وتسامحه وتعاونه، أكبر من أن تمسها أقلام مريضة من خارج سورها ومن وراء حدودها، محاولة تفتيت هذه الوحدة بإثارة بعض النعرات البغيضة، وتأليب الناس على بعضهم بعضاً بأقنعة دينية.
يتكرر ذهابي للبحرين عدة مرات سنوياً، أصلي في أي من مساجدها، وألتقي بمن فيها بمختلف مذاهبهم فلا أشعر بغربة، ولا أتوجس خيفة، ولا أحذر طارئاً يداهمني، بل أشعر في هذه الناحية بقلوب تجمعها مشاعر واحدة، وعادات واحدة، وأخلاق واحدة، والأهم من ذلك هو الدين الواحد.
الدين يجمع: حينما يتحدث أهل البحرين عن العلاقات البينية التي تشدهم إلى بعضهم، تراهم يؤكدون على الدين الجامع، والإسلام الواحد، ويتركون للمذاهب تفاصيلها، تلك التفاصيل التي تصنع الاستقامة بين المخلوق وخالقه، محاولين أن يستوحوا من الدين المشترك استقامة العلاقة التي تربط بينهم كمسلمين، ويعطوا المزيد من الفسحة والسعة للعبادات والقضايا الشخصية التي تخص طقوس الإنسان العبادية التي توصله إلى ربه.
لعل حجم البحرين هو الذي يدفعهم لتلك العلاقات السوية، ولعل تداخلهم في العمل في بلد صغير هو الذي يفرض عليهم التمسك بتعاليم الدين في إحياء الأخوّة بينهم، ولعلي لا أغادر الحقيقة إن قلت إن مستوى الوعي والتحضر والفهم الصحيح للدين وللمذهب هو ما يدفع لعلاقة سوية ربما حُرمت منها شعوب التحجر والتصحر والبداوة.
الوطن الكبير: ربما يكون تراب الوطن ممتداً في مساحاته الشاسعة، وفي حجمه المادي، لكن وجوده ضئيل أو معدوم في قلوب أفراده لأنهم لا يشعرون به حاضناً، ولا يتحسسونه رحيماً، فتقل روابطهم به، لتبقى الضرورة هي التي تفرض عليهم حباً ما لأمر ما، وربما في زمن ما.
لكنك تقرأ في عيون البحرينيين ما يكشف عن حب كبير تنطوي عليه قلوبهم لذلك البلد الصغير، حتى كأن الحب للوطن أكبر من الوطن نفسه، وهذا الحب من الإيمان، ومن الفهم السليم للمذهب، وهو علامة من علامات الخير التي تشعر الإنسان بالاطمئنان على البلد وعلى أهله.
وغير بعيد عما قلت ما يشعر به الزائر للبحرين من راحة كبيرة، لأنه يرى من يلتصق بترابه بإخلاص، ويلمس من يحب البشر الذين يشتركون معه في العيش على هذا التراب بصدق، وهو جزء من السبب الذي يجعله مقصداً خليجياً للأسوياء في العطل والأعياد والمناسبات.
ولطالما تمسك البحرينيون بالإسلام فاجتمعوا كمسلمين، وبالوطن فزاد تمسكهم بمن يشترك معهم فيه شراكة صادقة وإن دان بغير الإسلام، فهم على استعداد جاد لبناء وطنهم ولتقدمه والرقي به، والاستفادة من كل ذرة من حبات ترابه، لأن لسانهم أن الدين والوطن يجمعنا.