مسارات الإحباط
كثيراً ما نقع تحت ضغط بعض المكالمات العاجلة والضرورية لبعض المتصلات من الزوجات أو الفتيات اللاتي وصلت بهن المشاكل والأزمات مع أزواجهن إلى طريق مغلق، ولم يبق في رأيهن إلا طريق واحد وهو الانتحار، أو الإقدام على عمل لم تنل نتائجه المزيد من الدراسة والتفكير والتأمل.
مسارات الإحباط واليأس خطيرة وقاتلة لأن صاحبها لا يفكر بأدوات التفكير المطلوبة، ولا يتحرك ذهنه في الفضاء الواسع، بل إن طاقاته وإمكاناته تكون مختطفة، وأفقه يكون محدوداً وضيقاً، ومعادلاته يشوبها الاختلال وتفتقد الترابط والانسجام، كما أن المتحكم الأول والأخير فيه هو حالة الغضب والانفعال والتشفي.
كثرٌ هم الذين أنهوا حياتهم تحت ضغط الإحباط، وكثرٌ هم الذين تسببوا في أذى مَن معهم بسبب اليأس، وهؤلاء وأولئك قبل أن يقدموا على ما أقدموا عليه سمحوا للضغوط أن تملي عليهم مواقفهم وأن تنطلق منها تصرفاتهم، فتحركوا بضيق فرضته عليهم خيارات الضغوط، ولم يتحركوا بخيارات العقل المبدع الذي لا تحده حدود ولا تقيده قيود، بل له في كل معضلة آفاق لا تعد ولا تحصى.
يوجهنا القرآن الكريم لحقيقة مرة، ولكن يجب أن نعرفها كمعرفتنا لأنفسنا، تلك الحقيقة هي أن البلاء سنّة الله في الحياة وفي الخليقة ﴿الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلا﴾ (المُلك: 2)، لم يبتلنا ليعلم أيُّنا يُصدِر عملا، ولكن ليعلم أيُّنا أحسن عملا، فالذي لا شك فيه أن الإنسان أمام أي بلاء أو امتحان سيصدر عملاً ما، ولكن هل هو أحسن العمل؟ هذا ما يحسن بالمرء أن يقف عنده متأملاً.
يمكن الحديث عن أمرين أساسيين يخففان بل يرفعان من ضغوط الأزمات التي تعتري طريق الإنسان وأحياناً تفرض نفسها عليه:
1 - الثقة بالله سبحانه وتعالى فهو المدبر، وهو القادر وهو المغير، فحين تفرض الضغوط نفسها بثقلها وتداعياتها، يحتاج المرء إلى قوة أخرى تضاف إلى قوته النفسية والروحية، وهي قوة من لا قوي فوقه.
هذا الالتجاء إلى الله يبعد الإنسان عن استفراد الضغوط والأزمات بتفكيره وقراراته، ويخلصه من مرض اليأس والإحباط، ويحفظه من الوقوع في الخطأ؛ لأنه سيفكر باعتباره قادراً وليس محبطاً، سيفكر ولديه مقابل الظروف قوة الله سبحانه وتعالى.
2 - الأمل
لن تعيش أسرنا وعوائلنا ومجتمعاتنا حالة من الاستقرار وهدوء البال إلا إذا قطعت الطريق بينها وبين اليأس والإحباط، وكانت في أوج مشاكلها تأمل وتتأمل الخير، وتتحرك من أجل الخير والسعادة.
الأمل صديق الشدائد وما علينا سوى الالتفات له، والأمل رفيق الأزمات وكل ما نحتاج هو أن نتوجه إليه، وقد روي عن سيد الحكماء الإمام علي قوله: «الأمل رفيق مؤنس».
فهل نصادق الأمل في مشاكلنا العائلية والأسرية، وهل نتخذه خليلاً في شتى أزماتنا ومصائبنا؟