الداعية الإسلامي الشيخ حسن الصفار في حديث خاص للبينة:
الإسلام أعاد للمرأة كرامتها المسلوبة
داعية إسلامي متنور فهم الإسلام المحمدي العلوي وجسده في حياته العلمية والاجتماعية والدينية وهو يؤمن بالحوار وتقبل الآخر ويدعو إلى سبيل الله بالحكمة والموعظة الحسنة وإشاعة ثقافة السلام والمحبة وتجاوز الاختلافات العرقية والدينية والمذهبية والاجتماعية. انه الداعية الشيخ حسن الصفار وقد حاولنا الاتصال به وإجراء حوار شامل معه فلم ننجح سوى بالإجابة عن بعض المسائل في ما يتعلق بالمرأة وقد جاءت الإجابة عن طريق البريد الشخصي وفي البدْء نذكر نبذة عن الشيخ الصفار:
ولد الشيخ حسن بن موسى بن الشيخ رضي الصفار في مدينة القطيف بالمملكة العربية السعودية سنة 1377 هـ ـ 1958م تعلم القرآن الكريم ضمن الكتاتيب الأهلية في المنطقة بدأ بممارسة الخطابة عام 1388 ـ 1968م وعمره احدى عشر سنة، هاجر إلى النجف الاشرف للدراسة في الحوزة العلمية سنة 1391 هـ ـ 1971م صدر له أكثر من مئة كتاب في مختلف مجالات المعارف الدينية والثقافية أسس وقاد حراكا اجتماعيا يهدف إلى إفشاء ثقافة الاختلاف والقبول بالآخر ونبذ ثقافة الكراهية والاستبداد. جميع خطاباته تهدف إلى تعزيز القيم الدينية وتحقيق مفهوم المواطنة والمواطنين، وتجاوز التمييز الطائفي، والإقصاء المذهبي والثقافي باعتماد منهجية العمل السياسي والثقافي والإعلامي. ما يلفت هو ان هناك من يظن ان الدين الإسلامي لم يعط المرأة حقها وعدها إنسانة ضعيفة مسلوبة الإرادة مهمشة ومغلوبة على أمرها فهو أرغمها على الحجاب وحد من رغباتها الجنسية لان الحرية الجنسية جزء من تقدم المجتمع والمدينة تسمح بتداخل العلاقات وتداخل الوظائف وتكشف عن جوهر الإنسان التقليدي الريفي وطبيعتها أكثر ايدابية من الرجل في الحرية لان عندها لا تعني الجنس وانما التحرر من الحرمان إلى ما هو اكبر من ذلك حرمان الحق، الرأي، الجسد، الحرية والوجود لان إنسانيتها مهددة تجد هذا الرحمان الواسع فتحدث تمردات هي في جوهرها ليست جنسية وانما إنسانية سألنا الشيح حسن الصفار:
هل ان الدين الإسلامي أعطى المرأة المسلمة كامل حقوقها؟
لقد أكد القرآن الكريم إنسانية المرأة وأنها كالرجل تماماً خلقها الله كما خلق الرجل ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ...﴾.
والرجل والمرأة خلقا من مصدر واحد، لا تختلف طينة أحدهما عن الآخر ولا يتفوق معدن أحدهما على الآخر﴿هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا﴾ وعملية الخلق والتكوين واحدة فالجنين الذكر يمر بنفس الأطوار التي يمر بها الجنين الأنثى ﴿أَيَحْسَبُ الْأِنْسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدىً * أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِنْ مَنِيٍّ يُمْنَى * ثُمَّ كَانَ عَلَقَةً فَخَلَقَ فَسَوَّى * فَجَعَلَ مِنْهُ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى﴾.
وضمن الإسلام للمرأة حياة السعادة والتقدم إن هي التزمت خط الإيمان، وسلكت طريق العمل الصالح كالرجل تماماً ﴿مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً﴾.
وأي عمل تقوم به المرأة لله تعالى فلا ينكر لها جزاؤه وثوابه فعمل المرأة محترم كعمل الرجل عند الله لأنهما من مصدرٍ واحد وعلى مستوىً واحد: ﴿فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ﴾.
والمرأة شريكة الرجل في الجنة كما هي شريكته في دار الدنيا ﴿وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ...﴾.
وإذا تتبعنا آيات القرآن الحكيم فسنجده يخاطب الإنسان بشقيه الذكر والأنثى ويتحدث للناس رجالاً ونساءً.. فنداءات القرآن كلها: ﴿يا أيها الإنسان﴾.. ﴿يا أيها الناس يا بني آدم﴾.. ﴿يا أيها الذين أمنوا..﴾.
وفي أي موضع يذكر فيه القرآن الكريم لفظ ﴿الذكر﴾ يردفه بكلمة ﴿الأنثى﴾ وكان ذلك في خمسة عشر موضعاً تقريباً..
وقد خاض رسول الإسلام محمد نضالاً اجتماعياً طويلاً لإثبات مكانة المرأة وتصحيح نظرة المجتمع إليها..
ففي ذلك المجتمع الجاهلي الذي يعتبر المرأة عاراً وعيباً وشيئاً حقيراً بالنسبة للرجل... في ذلك الوقت كان الرسول يعلن بكل صراحة «النساء شقائق الرجال» أي نظائرهم وأمثالهم في الخلق والطبائع كأنهن شققن منهم..
بل أكثر من ذلك كان الرسول يعطي للمولودة البنت اهتماماً أكثر من المولود الصبي ويقول «خير أولادكم البنات».
وبشر ببنت وهو جالس مع أصحابه فنظر إلى الكراهة بادية على وجوههم فقال: «مالكم ريحانة أشمها ورزقها على الله».
والرجل الذي يستهين بالمرأة أو يحتقرها يعتبره الرسول لئيماً ساقط الأخلاق حيث يقول «ما أكرم النساء إلا كريم وما أهانهن إلا لئيم».
بمثل هذه الآيات والأحاديث والمواقف أعاد الإسلام للمرأة كرامتها المسلوبة ووفر لها حريتها المهدورة.
وثمة سبب آخر ساعد الإسلام على تحقيق هذا الهدف العظيم وهو نضال المرأة وجهادها من أجل إثبات وجودها وفرض شخصيتها واسترجاع حقوقها.
فقد كان لكثير من النساء دور مشرف استطعن به أن يثبتن جدارتهن وأن يحطمن حواجز الحقارة والذل التي تراكمت عبر التاريخ.
سماحة الشيخ المبارك حسن الصفار انتم من المدافعين عن حقوق المرأة والمتفهمين لقضيتها ومن يتتبع محاضراتكم يلمس هذا الوعي الثقافي والديني والإنساني وكيفية حمايته, بماذا تنصحون بعض الأزواج الذين يخاصمون زوجاتهم لمدة طويلة قد تكون سنة كاملة بسبب كلمة صدرت منها بقصد او دون ذلك؟
﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ﴾.
حاجة الإنسان إلى الأنس والاستقرار النفسي أكبر من حاجاته المادية الأخرى، وقد جعل الله راحة الإنسان واستقراره وأنسه في الزواج، حيث يجد المودة والرحمة والحب والحنان في ظل الحياة الزوجية، وعلى الإنسان أن يقدر هذه النعمة، ويحافظ على هذا الكنز العظيم ويستثمره في الحصول على راحته النفسية.
بالطبع إن الشراكة الزوجية تتطلب التنازل والعفو والصفح فطبيعة الإنسان البشرية تعني احتمال صدور الخطأ سواء من الزوج أو الزوجة. يقول الله تعالى ﴿وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ ويقول تعالى ﴿فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ﴾.
فبالعفو يكسب الإنسان الأجر من الله تعالى، كما يكسب قلب زوجته التي هي أنسه وبهجته في منزله.
ورد في الحديث عن رسول الله أنّه قال: «إِذا كـانَ يَومَ القَيـامَةِ نـادى مُنـاد مَنْ كـانَ أَجرُهُ عَلَى اللهِ فَليَدخُلِ الجَنَّةَ، فَيُقالُ مَنْ ذا الَّذِي أَجرُهِ عَلَى اللهِ فَيُقـالُ: العـافُونَ عَنِ النَّاسِ فَيَدخُلُونَ الجَنَّةَ بِغَيرِ حِسـاب».
هناك صفات تبغضها الزوجة في زوجها بل وحتى المجتمع ينتقدها مثل: البخل، اللئم، التكبر، القسوة، فالقسوة في الكلام ربما تكون أوجع من الضرب أحيانا كذلك التفاخر واستصغار شأنها. بماذا تنصحون هذه الفئة من الرجال؟
الرجل العاقل هو من يسعى لإصلاح نفسه وتنمية صفات الخير لديه، حتى يعيش حياة سعيدة هانئة، خصوصاً مع زوجته وأبنائه، ففي الحديث «خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لِأَهْلِهِ، وأَنَا خَيْرُكُمْ لِأَهْلِي».
من جهة أخرى فإن سوء الخلق يكون وبالا على صاحبه ففي الحديث عن الإمام الصادق «مَنْ سَاءَ خُلُقُه عَذَّبَ نَفْسَهُ» وعنه : «من ساء خلقه ضاق رزقه» فسوء الخلق مع الأهل ليس من شيمة الرجال، خصوصاً وأن الزوجة تقوم على خدمة زوجها في مختلف شؤون حياته وترعى أبناءه.
وفقكم الله لكل خير.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.