الشيخ الصفار يُشارك في مهرجان المربى بالأحساء
بدأ الحفل بكلمة المعلمين وقد ألقاها سماحة الشيخ عبد الله السعد، وركز فيها على مميزات المهرجان متمثلة في خطوته الجبارة في رص صفوف المؤمنين، مؤكداً على أهمية التعليم في بلادنا والعلوم الأكاديمية والحوزوية، رابطاً بين التعليم الأكاديمي والحوزوي الذي كان ولازال محط أنظار الكثير من الدارسين، لافتاً النظر إلى الشكر الجزيل لمركز فجر الذي أقام هذا المهرجان الكبير في شكله ومعناه، وأن هذا المهرجان المقام باسم المعلم فيه تكريم لهذا المعلم وهي فرصة كبيرة لهذه الفئة من المعلمين لكي يصبوا قدراتهم لخدمة المجتمع، حيث أنه يفجر إمكانيات المعلم على جميع الأصعدة في خدمة الدين والمجتمع والوطن، خاتماً كلمته هذه بالدعاء لهذه الفئة المتميزة في المجتمع للقيام بواجبتها تجاه المجتمع مقترنة بمباركة الإمام الحجة المنتظر «عج».
ثم ألقى بعد ذلك الشاعرالأستاذ ناجي بن علي حرابة قصيدة كانت بعنوان: «تحية الجرح»وكان مطلعها:
حتى مَ أبذل في عروقي نجواك بالأمل المشروقِ
بعد ذلك قُدمت كلمة حوارية استضيف فيها سماحة الشيخ حسن الصفار حاوره الأستاذ محمد البقشي، وكان موضوعها «المعلم الرسالي في بناء المجتمع المثالي».
بدأ الشيخ الصفار بكلمة قُبيل الدخول في محاور الحوار أكد فيها على تلهف القلوب لخروج الإمام المصلح المنقذ، الذي اعتبره منقذاً للعالم وليس للمسلمين وحسب، مرحباً بفكرة هذا المهرجان العظيم، مقدراً جهود من قاموا بهذا الاحتفال، كما أثنى على اختيار العنوان في دور المعلم في خدمة المجتمع، حيث دعا إلى تكاتف الجهود من أجل إصلاح أوضاع المجتمع، مؤكداً على أن شريحة المعلمين أصبحت شريحة كبيرة، ويمكنها تقديم الكثير لهذا المجتمع المتعطش لنميرها المعطاء، لكنها جهود تحتاج لدعم المجتمع لها، شاكراً دور سادة آل السلمان في إقامة هذا المهرجان الذي تأمّل فيهم الأمل الكبير في إقامة مشاريع أخرى.
بعد ذلك تقدم الأستاذ محمد البقشي بطرح أربعة أسئلة، كان أولها يدور حول دور المعلم في المجتمع، جاءت هذه الحوارية كالتالي:
س1: للتربية والتعليم رسالة مقدسة. فما هي؟
أجاب سماحة الشيخ الصفار بأن الله زود الإنسان بكفاءات وقدرات، لكنها تحتاج إلى صقل، وأن الرسالة تكمن في أمرين رئيسين: التربية والتعليم، فالتربية تستهدف الجانب النفسي والتعليم يستهدف العقل، حيث أن الحياة أصبحت معقدة أكثر مما كانت عليه بالأمس، مع توفر الكثير من الوسائل الحديثة المساعدة على ذلك، وأن الحياة أصبحت ساحة إثارة للأهواء عبر وسائل الإعلام والإتصالات.
ثم أردف قائلاً: «لذا فالتربية تستهدف ضبط سلوك الإنسان وغرائزه والمعلم يتحمل هذا الجانب، أما جانب التعليم فينبغي أن يقوم المعلم بإشباع العقل بكل أساليب الإشباع، فالتعليم التلقيني الذي يعتمد على الحفظ دون أن يستثير دفائن عقله غير مجدٍ، بل نحن اليوم بحاجة ماسة للإبداع ؛ وذلك لصنع المبدعين والمخترعين ».
ثم طرح المُحاور سؤاله الثاني وكان كالتالي:
س 2: ماهي أسباب اختفاء بعض المعلمين عن الساحة الثقافة والاجتماعية. وماهي طرق علاجها؟
أجاب سماحة الشيخ الصفار:
المعلمون جزء من المجتمع لذا أنا أعزو ضعف المبادرة لعدة أسباب، منها:
1. ضعف الشعور بالمسؤولية: فالبعض يعيش همه الذاتي، يريد السيارة والبيت والزوجة وحسب، وهذا يخالف قيم الدين الحقيقة.».
2. عدم القدرة على تنظيم الأوقات:
حيث هم الوظيفة والعائلة والارتباطات المختلفة، فكيف يجمع بين هذه الاهتمامات، لذا يحتاج الإنسان للتنظيم.
3. عدم وجود أطر وبرامج:
تماماً مثل هذه المبادرة الطيبة التي اجتمعنا فيها، وذلك بأن يجتمع المعلمون ويتدارسون أمورهم وكيف يخدمون مجتمعهم، أرجو أن تكون هذه المبادرة بداية.
أما السؤال الثالث فكان كالتالي:
س 3: للمعلم المربي دور في تحقيق أهداف خروج الإمام المهدي، فما هو دور المعلم المربي في تحقيق أهداف الإمام المهدي عليه السلام؟
فأجاب الشيخ:
يمكننا أن نلخصها في ثلاثة عناوين:
1ـ بناء الشخصية المؤمنة:
صناعة الشخصية المؤمنة هذا من أهم الأعمال ولذلك فالقرآن الكريم يعتبر أن صناعة الإنسان الصالح أهم من العمل الصالح ﴿أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَجَاهَدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لا يَسْتَوُونَ عِنْدَ اللَّهِ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ﴾ التوبة «19».
2 ـ إصلاح المجتمع المسلم:
وهذا الطريق الآخر كيف نصلح مجتمعنا؟ وهذا يساعد على التمهيد لخروج الإمام المهدي «عج».
3 ـ نشر الوعي الحضاري على المستوى العالمي:
البشرية في حاجة للوعي الحضاري يمزج بين مصالح الدنيا وقيم الدين. والمسلمون أولى من غيرهم في القيام بنشر الوعي الحضاري على مستوى العالم.
ثم تقدم المُحاور بالسؤال الرابع وكان كالتالي:
س4: هناك بعض المعلمين يقصرون في أداء عملهم في المدارس بحجة أن هناك زميل آخر يقصرفما هو تعليقكم على ذلك؟
فأجاب الشيخ:
لديّ بحث منشور لم أشأ تكرار بعض ما فيه كان بعنوان: «المعلم أخطر وظيفة وأقدس دور»، مقتبس مما أقره اليونسكو، حيث قررت أن المعلم هو صاحب أهم مهنة في العالم، لا يوجد مهنة أهم من مهنة التعليم، ولذلك فإن المعلم ينبغي أن لا ينظر لعمله نظرة وظيفية، فقط يحصل على راتب في آخرها، بل هو دور يحمّله مسؤولية كبيرة، يجب أن يكون مواظباً على حضوره في المدرسة ولا يتغيب، وقد قال الفقهاء أن الإنسان الذي يأخذ راتب على وظيفة معينة وقد قصر فيها بمقدار تقصيره الراتب الذي يأخذه فيه إشكال، وعلى المعلم الإخلاص في عمله، بعض المعلمين يحضر الدرس معتمداً على ما في مخيلته، وهذا نوع من اللا مبالاة، يجب أن يفكر في أفضل الوسائل التي تساعد على تفهيم المادة التي يدرسها، ويشوقهم فيها.
والطلاب قد يعشقون بعض المواد ويكرهون بعضاً أخر منها بسبب المعلم، حيث المعلم يطرحها بشكل جاف وغير مناسب. فعلى المعلم الاجتهاد في عرض المادة العلمية ولا يكون دوره دوراً تلقينياً، وإذا رأى أن بعض المعلمين ينقصهم الإخلاص فعليه أن ينصحهم فمن صفات المؤمنين تقديم النصح قال تعالى: ﴿وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر﴾ الإنسان.
فعليه أن يكون مؤثراً لا متأثراً، وأضيف أنّ كل معلم عليه أن يعرف أن هؤلاء الطلاب هم الذي سيتعامل معهم ومع أسرهم في المستقبل، أحدهم سيكون المعلم الذي سيدرس أبناءك، أو سيكون الطبيب الذي سيعالجك مستقبلاً، أو الموظف الذي ستراجعه في المستقبل.
وهذا ما نأمله من كل معلم إن شاء الله، خاصة وأننا نسمع عن إخلاص أئمتنا في جميع الجوانب فلنتمثل مواقف أئمتنا الكرام، وكما ورد: «من عمل عملاً أن يتقنه».
ثم طلب المقدم من محاوره الشيخ أن يقدم كلمة أخيرة للمعلم تجاه مجتمعه وللمجتمع تجاه المعلم:
فجاءت الكلمة الختامية كالتالي:
أقول للمعلم أن الظروف أصبحت مهيأة أكثر مما كان عليه في السابق، فطالب اليوم غير طالب الأمس، والتحدي الذي تواجهه الأمة ويواجهه الوطن تحد كبير أطالب المعلمين بالقيام بدورهم، وصنع العلاقة المناسبة لصنع الوطن.
هؤلاء المعلمون من مذاهب مختلفة فعليهم أن يتعاونوا معاً لخدمة التربية والتعليم وأن ينبذوا كل الخلافات المذهبية بينهم، وإن أبناءنا التلاميذ أمانة فيجب أن نجنبهم كل التشنجات الطائفية.
وأرجو أن يكون هناك تفاعل مع هذه المبادرة المقدمة من سماحة آية الله السيد طاهر السلمان، كما أرجو من المجتمع أن يعين المعلم على ذلك.
فعلى الآباء التواصل مع المدارس، وعلى الأب أن يتصل بالمعلم الذي يدرس أبناءه، فهذا يزيد التعلم حماسة وقداسة.
وفي ختام الحوارية قُدِّم لسماحة الشيخ درع تذكاري رمزاً للعطاء الذي قدمه لخدمة المجتمع، حيث سلمه له آية الله السيد طاهر السلمان، في جو تملؤه الصلوات الخارجة من ثغر المؤمنين الحاضرين بنشوة الفرحة وأريج البسمة.
بعد ذلك تقدمت فرقة أنوار الهداية بقرية العمران بقيادة الأخ فاضل المريحل على خشبة المهرجان لتقديم أنشودة المهرجان،حيث شنفت أسماع الحاضرين بألحان الولاء المشوبة بالترانيم الصداحة في مدح أهل بيت العصمة عليهم السلام،وكانت كلماتها من تأليف الدكتور يوسف المريحل.
ثم تمّ عرض فيلم مسجل لسماحة العلامة السيد كمال الحيدري، كان قد أعد مسبقاً، حيث تم تسجيله بقم المقدسة خصه سماحته لمهرجان المربي، بدأه سماحته بالتبريك للعالم الإسلامي وخصوصاً أتباع أهل البيت بولادة الإمام الثاني عشر من أئمة أهل البيت «ع»، مؤكداً على أن الحديث عن أهل البيت ليس بالأمر الهين والسهل، تالياً نصاً من زيارة الإمام الحجة المنتظر «عج»: «السلام عيك سلام بما عرفك به الله ونعتك بكل نعوت الله، ونعتك ببعض نعوتك التي نعتك بها».
وشيئاً من نص دعاء النصف شعبان «نورك المتألق وضياؤك المشرق... إلى قوله: مدار الدهر ونواميس العصر وولاة الأمر والمنزل عليهم ما يتنزل في ليلة القدر...».
ثم شرع في تبيان معاني بعض ما ورد في هذا النص، متسائلاً أنه لماذا يسمى الإمام صاحب الأمر؟ هل هو الأمر التشريعي؟ أو هو أوسع من ذلك؟ وهو الذي يتعلق بما يتنزل عليهم..؟ مؤكداً على أن الوقوف على شخصية الإمام لا يمكن في هذه الدقائق البسيطة. ثم تلا نزراً بسيطاً من الرويات التي تتعلق بالإمام الحجة المنتظر «عج»، شاداً أنظار وأسماع الجميع نحوه في تلاوته لهذه الرويات التي تلاها تبركاً بها، مبيناً أنها مدخل لمعرفة أصول الدين، معرجاً على تبيان بعض الأصول في العقيدة الإسلامية، مركزاً على إقامة العدل إذ العدل الصفة الأساسية التي يتصف بها الله عز وجل، التي يتفق عليها جميع الشرائح الإسلامية، مبيناً مقومات العدل الإلهي المنشود في آخر الزمان.
وأن مقومات العدل الإلهي ثلاث مقومات:
1. وجود شريعة كاملة.
2. وجود قائد رباني معصوم من حيث العلم ومن حيث العمل من حيث الفهم ومن حيث السلوك.
3. وجود أمة تحمل هذه الشريعة.
مبيناً أن القصور في العامل الثالث، وإلا فالمقومان الأوليان متحققان منذ زمن.
مُرجعاً أن العامل الرئيس في غياب الإمام هو عدم وصول الأمة للمستوى المطلوب في تحمل الشريعة المحمدية.
مؤكداً على أن الانتظار ينبغي أن يفسر تفسيراً وهو تحمل المسؤولية.
خاتماً كلمته القيمة هذه بالحديث عن محاور استعداد قبول الإمام وأن ذلك لا يكون إلا عن طريق التركيز على ثورة الإمام الحسين والثقافة الإسلامية , موجهاً سلامه للحوزة العلمية في العالم الإسلامي خاصاً بالسلام الحوزة العلمية بالأحساء.
ثم اعتلى خشبة المهرجان سماحة السيد محمد باقر بن أية الله السيد طاهر السلمان المشرف العام على المهرجان، ليسلمه الأستاذ منير البحراني المشرف التنفيذي للمرجان درعاً تذكارياً باسم مهرجان المربي الأول لميلاد الإمام المهدي، رمزاً لعطائه المتواصل للمجتمع الأحسائي، واعترافاً بالجهود التي قدمها ويقدمها سماحته من خلال مركز فجر للبناء الاجتماعي.
ثم تم تكريم عدد من المعلمين لما قدموا من جهود مبذولة في المجتمع الأحسائي، وهم كالتالي:
1 ـ المربي الأستاذ عبدالله الخلف.
2 ـ المربي الأستاذ أحمد الوباري.
3 ـ المربي الأستاذ عبدالله بن موسى الحداد.
4 ـ المربي الأستاذ سعيد بن محمد بوزيد.
5 ـ المربي الأستاذ حسين بن طاهر البراهيم.
6 ـ المربي الأستاذ أحمد بن علي الغشام.
ثم خُتم المهرجان بمشهد تمثيلي اجتماعي وكان بعنوان: «التدريس بين الوظيفة والمسؤولية»، وهو من تأليف وإخراج الأستاذ حسين المهدي «أبو سجاد»، حيث شارك في التمثيل مجموعة من الممثلين وهم:
1 ـ طالب الغزال.
2 ـ فتحي الحسين.
3 ـ حسين اليحيا.
4 ـ صابر الأحمد.
5 ـ زهير القضيب.
6 ـ عادل الحسن.
7 ـ حسين الحداد.
كما أعلن في نهاية المهرجان عن مسابقة هي عبارة عن عمل بحوث ميدانية تهم المعلم في التربية والتعليم، بإشراف السيد محمد رضا السلمان «أبو عدنان».
جدير بالذكر أن هذا المهرجان لاقى صدى كبيراً في أوساط المجتمع الأحسائي في محافظة الأحساء، والسؤال هنا هل سيتجاوب المجتمع مع معطيات هذا المشروع الاجتماعي أم سيبقى فقط ذكرى في العقول تنتظر فعاليات المهرجان للسنة القادمة؟!