الشيخ الصفار يؤكد أن الإسلام مشروعٌ لخدمة البشرية جمعاء
أكد سماحة الشيخ حسن الصفار أن الإسلام دينٌ مفتوحٌ للجميع، وأنه مشروعٌ لخدمة البشرية جمعاء جتى من لا يؤمنون به، ولا يلتزمون بتعاليمه. متطرقاً إلى مجالين يتمثل فيهما هذا التوجه الشمولي في الإسلام، هما: تأكيد الإسلام على قيمة ومكانة الإنسان بغض النظر عن دينه وانتمائه. وتوجيه الإسلام أبناءه للاهتمام بالناس جميعاً. وأشبع حديثه بما يوضح هذه الفكرة ويزيد في تأكيدها. كان ذلك في الخطاب الأسبوعي لسماحته والذي ألقاه ظهر الجمعة 20 شوال 1425هـ (3 ديسمبر 2004).أوضح الشيح الصفار في بداية خطابه أن في القرآن الحكيم آياتٍ كثيرة تؤكد على شمولية الإسلام للبشرية جمعاء، مضيفاً أن هذه الآيات تؤكد على أن الإسلام مشروعٌ لجميع أبناء البشر ومنها قوله تعالى: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيراً وَنَذِيراً﴾ (سبأ، 28)، وقوله تعالى: ﴿قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً﴾ (الأعراف، 158)، وقوله تعالى: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ﴾ (الأنبياء، 107).
وأشار أن هذا التأكيد يعني أمرين:
الأول: أن الإسلام دينٌ مفتوحٌ للجميع، وهو دعوةٌ موجهةٌ للجميع لكي ينضموا إليه ويستفيدوا من هديه.
الثاني: أن الإسلام مشروعٌ لخدمة البشرية جمعاء جتى من لا يؤمنون به، ولا يلتزمون بتعاليمه.
وتطرق الشيخ الصفار في خطابه إلى مجالين يتمثل فيهما هذا التوجه الشمولي في الإسلام:
المجال الأول: تأكيد الإسلام على قيمة ومكانة الإنسان بغض النظر عن دينه وانتمائه.
وانتقد الشيخ الصفار الخطاب الديني المعاصر الذي حجّم هذا التوجه فجعله خاصاً بالمسلم فقط، بل وتضيق المساحة عند البعض أكثر فتكون القيمة والمكانة لمن هم في نفس توجههم وضمن مدارسهم الفكرية، ويُضيف : وهذا خطأٌ كبيرٌ يتنافى مع النص الديني الذي يتحدث عن قيمة الإنسان بغض النظر عن دينه، يقول تعالى: ﴿وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ﴾ (الإسراء، 70)، نعم الإسلام والإيمان يُعطي قيمةً إضافية للإنسان.
وذكر إحصائيةً تبين مدى الاهتمام القرآني بالإنسان، فقد جاء ذكر الناس في القرآن (179) مرة، وجاء ذكر الإنسان بمختلف اشتقاقاته (88) مرة، وجاء ذكر العباد (100) مرة، وجاء ذكر البشر (37) مرة.
مضيفاً كيف يغفل الخطاب الديني عن هذا الاهتمام القرآني بالإنسان وقد بدأ القرآن بـ ﴿بسم الله الرحمن الرحيم﴾، واختتم بـ ﴿الناس﴾.
وأشار الشيخ الصفار إلى الحفل الكوني الضخم الذي أعدّه الله تعالى احتفاءً بخلقه لآدم إذ لم يكن هناك احتفاءً لأي من المخلوقات بهذه الطريقة.
ويُشير الشيخ الصفار إلى الميزات الخاصة التي أعطاها الله تعالى للإنسان بهذا التكريم:
أولاً- إضافة خلقة الإنسان إلى الله تعالى مع أن كل المخلوقات من قبله تعالى: ﴿قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ﴾ (ص، 75)، مؤكداً أن لفظة ﴿بِيَدَيَّ﴾ لا تعني التجسيم وتعالى الله عن ذلك علواً كبيراً، وإنما تعني عمق العناية الخاصة التي أولاها الله تعالى لهذا المخلوق العظيم.
ثانياً- نفخ الروح لهذا المخلوق منسوبةً إلى روحه تعالى: ﴿فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي﴾ (ص، 72).
ثالثاً- أمر الله تعالى الملائكة جميعاً بالسجود لآدم تكريماً له: ﴿فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ﴾ (ص، 72).
وأضاف الشيخ الصفار إن بعض المفسرين حصر السجود لاحترام شخص آدم بينما الصواب أن سجود الملائكة كان للإنسان بما هو إنسان، وآدم كان يمثل نموذج الإنسان وأول فرد من نوعه.
المجال الثاني: الإسلام يوجه أبناءه للاهتمام بالناس جميعاً.
واستعرض الشيخ الصفار جانباً من الآيات القرآنية والأحاديث الشريفة التي تؤكد هذا التوجه في الإسلام، ومنها قوله تعالى: ﴿لا يَنْهَاكُمْ اللَّهُ عَنْ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ﴾ (الممتحنة، 8)، وقوله : «الخلق عيال الله وأحبهم إليه أنفعهم لعياله.» وقوله : «إن لك في كل كبدٍ حراء لأجر.»
وأعرب الشيخ الصفار عن استغرابه العميق للواقع المعاش إذ أن أغلب المنظمات الإنسانية على مستوى العالم تُدار من غير المسلمين، في حين أن النصوص الدينية تدفع باتجاه خدمة الناس والسعي في قضاء حوائجهم. ودفع الشيخ الصفار باتجاه الدعوة إلى أن تكون هناك مشاريع ليس على مستوى العالم الإسلامي فحسب بل على المستوى العالمي حتى يتعرف العالم على الشمولية التي يحظى بها الإسلام وأنه دينٌ لبشرية جمعاء.