الشيخ الصفار يأمل أن تكون القطيف نموذجاً متقدماً في إدارة انتخابات المجالس البلدية
أعرب الشيخ الصفار عن تطلعه لأن تكون محافظة القطيف نموذجاً متقدماً في إدارتها لانتخابات المجالس البلدية المقبلة، ومن خلال حجم القاعدة الانتخابية. كما أعرب عن أمله أن تكون هذه الخطوة بدايةً لخطواتٍ أوسع وأكبر بأن تكون منهجية الانتخابات حاكمة في مختلف أمور الحياة الاجتماعية. وتحدث في كلمته حول أهمية الانتخابات المقبلة وضرورة التفاعل معها معتبراً إياها فرصةً ينبغي استثمارها والتطلع لما هو أوسع. جاء ذلك في الخطاب الأسبوعي لسماحته والذي ألقاه ظهر الجمعة 27 شوال 1425هـ (10 ديسمبر 2004م).بدأ الشيخ الصفار خطابه بالتأكيد على أن من أهم أسباب الاستقرار في المجتمعات المتقدمة مشاركة الناس في إدارة أمورهم، فالقرارات العامة هناك يقررها الناس بأنفسهم وما الحكومة إلا سلطة تنفيذية لما يقرره الناس، ويضيف الشيخ الصفار: إن لهذه الحالة فوائد عديدة:
أولاً- إذا اتخذ الناس القرارات العامة بأنفسهم فإنهم سيندفعون ذاتياً لتطبيقها، أما إذا اتخذت جهة أخرى عنهم القرار فإن الدافع الذاتي لتطبيقه قد يكون ضعيفاً.
ثانياً- القرار الذي تشترك العقول في اتخاذه يكون أقرب إلى الصواب، بعكس القرار الفردي فإن احتمال الخطأ فيه أكبر.
ثالثاًَ- إذا كان القرار من الناس فإن المخالف له سيكون ضد الناس وسيوقفونه عند حده، أما إذا كانت السلطة تنفرد بالقرار فلن يكون للناس ذات الموقف السابق.
وأكد الشيخ الصفار أن الإسلام شرّع لأن تكون القرارات العامة بيد الناس، وفي ذلك يقول تعالى: ﴿وَالَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ﴾ (الشورى، 38)، وأضاف: إن الله تعالى ألزم نبيه بمشاورة الناس مع عصمته وكمال شخصيته، يقول تعالى: ﴿وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ﴾ (آل عمران، 159)، مشيراً أنه لم يكن أحدٌ أكثر مشاورةً من رسول الله ، وأعظم من ذلك قد يكون للرسول رأيٌ وللأصحاب رأيٌ مخالفٌ لما يراه الرسول فيتنازل الرسول الأكرم عن رأيه، كما حصل في معركة أحد. بالطبع هذا لا يشمل الأمور الإلهية والأحكام الشرعية التي تأتي عن طريق الوحي ولا مجال فيها لأي رأي.
وأضاف الشيخ الصفار: الشورى مبدأ إسلامي، أكد الإسلام على ضرورة تطبيقه، ولكن أسلوب التطبيق متروكٌ للناس يقررونه حسب تقدم المجتمعات. مشيراً أن البشرية وعبر التجارب الطويلة توصلوا إلى الصيغة المتبعة حالياً في الدول المتقدمة، وهي صيغة التمثيل بأن ينتخب الناس من يُمثلهم في اتخاذ القرار.
وأضاف: إن المجتمعات العربية والإسلامية وهي تتطلع للنهوض والتغيير فلا مجال أمامها سوى انتهاج هذا الطريق، مؤكداً أنه طريقٌ بحاجة إلى تدريب عملي حيث أن أغلبية مجتمعاتنا غير معتادة على هذا النمط من التعامل مع القرارات العامة حيث أن القرار يُتخذ نيابةً عنهم عبر السلطة التنفيذية لمجتمعاتهم.
وأكد الشيخ الصفار أنه ينظر بإيجابية إلى انتخابات المجالس البلدية التي بدأت في المملكة تحضيرات إجرائها، وقال: إنها خطوةٌ في طريق الديمقراطية، وهي وسيلة لتكريس مبدأ الشورى بأن يتخذ الناس القرارات العامة بأنفسهم.
واستعرض الشيخ الصفار صنوف الناس من حيث تقبلها لفكرة انتخاب المجالس البلدية، وصنفها إلى ثلاثة أصناف:
الصنف الأول: يقفون موقفاً سلبياً من الانتخابات، فهم يرون أن هذه الخطوة ناقصة ويتطلعون لخطوة أكبر وأوسع، وأكد الشيخ الصفار أن هذه الحالة السلبية قد تفوّت على هؤلاء الفرص النافعة، ففي كلمة للإمام الصادق يقول فيها: «من انتظر بمعاجلة الفرصة مؤاجلة الاستقصاء، سلبته الأيام فرصته».
الصنف الثاني: يعيشون حالة نفسية سلبية، فهم لا يتفاعلون مع مثل هذه الأمور، إضافةً إلى أنهم إن لم يُعطوا فرصةً وقفوا موقفاً سلبياً، وإن أعطوا الفرصة وقفوا ذات الموقف.
الصنف الثالث: يتجاوبون مع هذه الفرصة، ولكنهم يتطلعون إلى ما هو أفضل متمثلين مبدأ: (خذ وطالب)، وهذا الأسلوب هو المناسب حسب رأي سماحة الشيخ الصفار.
وتطرق الشيخ الصفار إلى ما ينبغي أن يقوم به الواعون والمهتمون قبيل بدء الانتخابات، موجزاً ذلك في الأمور التالي:
أولاً- تشجيع الناس والدفع إلى التفاعل مع موضوع الانتخابات البلدية.
ثانياً- عدم السماح لانتشار أجواء سلبية في المجتمع تجاه الانتخابات، ومنع ذلك بتفعيل الأجواء الإيجابية.
ثالثاً- المبادرة إلى تسجيل الأسماء في سجل الناخبين، والذي سيبدأ في الثاني من ذي القعدة 1425هـ. ودفع الشيخ الصفار الحضور باتجاه هذا الأمر حتى يتبين حجم القاعدة الانتخابية في محافظة القطيف.
وحول المطلوب من المجلس البلدي المرتقب دعا الشيخ الصفار إلى ضرورة بلورة المطالب وحاجات البلد المختلفة، مؤكداً أهمية الندوات والحوارات المفعّلة لهذا الموضوع حتى تتبلور المطالب والحاجات في أذهان الناس.
وللمرشحين للمجلس البلدي قال الشيخ الصفار: على كل من يجد في نفسه الكفاءة والقدرة على خدمة المجتمع أن يتقدم ويُرشح نفسه دون تردد، وعليه أن يضع في ذهنه خدمة المجتمع، قبل أن يكون التفكير في الجوانب المادية والمصلحية وغيرها. مؤكداً على أهمية أن تُدار العملية الانتخابية بعيداً عن المحسوبيات، والصراعات الفئوية، وإنما يجب أن يكون الطريق هو التنافس الإيجابي فيما بين المرشحين وكذلك الناخبين.
وأضاف الشيخ الصفار: علينا أن نستغل هذه التجربة لتنظيم علاقاتنا الداخلية من خلال التنافس الإيجابي، كما وعلينا أن نجعلها فرصةً للاندماج والتعاون والتعارف مع التوجهات والتيارات المختلفة والتي تعيش معنا في منطقةٍ واحدة. فلا نريد لهذه الانتخابات أن توجد حالة فرز مذهبي أو مناطقي أو مرجعي، فالانتخاب للمرشح الكفء بغض النظر عن مذهبه وتوجهه.
وفي ختام كلمته أعرب الشيخ الصفار عن تطلعه لأن تكون محافظة القطيف النموذج الأفضل من بين محافظات المملكة في إدارتها لانتخابات المجالس البلدية المقبلة، ومن خلال حجم القاعدة الانتخابية. كما أعرب عن أمله أن تكون هذه الخطوة بدايةً لخطواتٍ أوسع وأكبر بأن تكون منهجية الانتخابات حاكمة في مختلف أمور الحياة الاجتماعية.