لغة التخاطب مع الأقربين
تمثل لغة التخاطب مع المحيط الأسري والاجتماعي قاعدة أساسية لسلامة العلاقة وقوة الرابطة. فلا شيء يسعد الإنسان ويريحه أكثر من سلامة علاقاته مع من حوله، ولا شيء يشقيه ويؤذيه أكثر من سوء علاقاته بالمحيطين به. فكلما كانت علاقات الإنسان مع محيطه علاقة طيبة، انعكس ذلك بطبيعة الحال على سعادته وراحته النفسية، أما إذا ساءت علاقاته مع محيطه الأقرب فسيكون ذلك مصدر شقاء وعناء نفسي كبيرين.
ولو أنعمنا النظر فسنجد أن هناك عنصراً مهماً يحكم علاقات الإنسان مع محيطه، وهو لغة التخاطب مع من حوله، فلذلك دور أساس في تشكيل نوعية العلاقة بين المرء وبين المحيطين به، فإذا كانت لغة تخاطبه معهم سليمة فسينعكس ذلك على سلامة العلاقة معهم، أما إذا ساءت لغة التخاطب فمعنى ذلك إيجاد الأرضية لسوء العلاقة، لذلك يقول تعالى: ﴿وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ﴾، والخطاب هنا موجه للنبي الأكرم ليبلغه إلى الناس، كل الناس، إذ لم تخصص الآية طرفاً معيناً، بل جاء الخطاب عاماً وشاملاً، فكل الناس عباد الله، معطوفاً على القول ﴿إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ﴾ أي يفسد علاقاتهم اتكاء على سوء لغة التخاطب.
إن لغة تخاطب المرء مع محيطه مدعاة لكسب المودة. وقد وردت في هذا الصدد العديد من الروايات والأحاديث والآيات الشريفة، فقد ورد عن أمير المؤمنين : (ما من شئ أجلب لقلب الإنسان من لسان)[1] ، ولذلك كان لسان الإنسان باستمرار معياراً لرجاحة عقله وسلامة فهمه. ويقول : (كلام الرجل ميزان عقله)[2] ، فإذا أردت أن تعرف مدى عقلانية إنسان فانظر إلى لغة تخاطبه، فكلامه السليم دليل تعقله واتزانه. وعن الإمام الباقر : (إن هذا اللسان مفتاح كل خير وشر)[3] . والملفت أن اهتمام بعض الناس بحسن التخاطب مع البعيدين والأجانب عنه، يقابله استهانة بأسلوب خطابه مع القريبين منه، فتراه حينما يتحدث مع الأجانب يتخير الكلام المناسب، أما إذا أراد الحديث مع الأبناء والزوجة والخدم والأصدقاء فإنه لا يعير هذا الأمر الاهتمام المناسب، وهذا خطأ كبير. إن على المرء أن ينتقي ألفاظه ويحسن لغة التخاطب عنده بدءاً من القريبين منه، وأن لا يستهين بهذا الأمر.
إن كثيراً من الناس لا يهتمون بلغة التخاطب وحسنها مع القريبين منهم، وذلك لعدة أسباب:
أولاً: الأمن من ردات الفعل. فإذا كان المتحدث يخاطب أجنبياً فهو يخشى من ردات الفعل إن هو تلفظ بكلمة بذيئة أو لفظة خشنة بحق الآخر. فيما تجد ذات الشخص غير حريص على تخير ألفاظه و حسن مخاطبته لزوجته، وأولاده أو العاملين في خدمته؛ لأنه لا يجد نفسه عرضة لأي ردات فعل فيما لو تلفظ بحقهم على نحو غير مناسب، فهم جميعاً تحت أمرته و سلطته.
الثاني: توهم الأحقية في الإساءة للأقربين. فلذلك تجد أحدهم يطلق العنان للسانه في التفوه بما يليق ولا يليق بحق أولاده واسرته، انطلاقاً من حق الولاية عليهم كما يتوهم، وهذا فهم سقيم لأمر الولاية جملةً وتفصيلاً، فلا يصح مطلقاً اساءة استخدام الأب ولايته بحيث تكون غطاء لسوء المعاملة والسب والشتم والاعتداء، فهل يظن أمثال هؤلاء أن الله تعالى لن يحاسبهم يوم القيامة؟. إن صلاحية أولياء الأمور معنية بالقيام بشؤون من يرعونهم، دون التعدي إلى الإساءة والاعتداء والتسبب في الضرر، فالتربية والتعليم لها مقاييس ومعايير. وعطفاً على ذلك ينطبق الأمر ذاته على مسألة القيمومة على الزوجة ، فمع التسليم بمبدأ القيمومة، إلا أن ذلك لا يعطي أحداً الحق لأن يؤذي زوجه، أو يتلفظ بحقها كيفما شاء، كما ينطبق الأمر ذاته على الزوجة نفسها، فلا يحق لها التلفظ على زوجها بكلمات تنطوي على السب والشتم والاستنقاص.
ينبغي أن نضع بعين الاعتبار أن الله سبحانه وتعالى كما يحاسب المرء على كلامه الفاحش بحق الأجانب سيحاسبه على ذلك مع القريبين. إن السلوكيات الخاطئة من قبيل السب والشتم ورفع الصوت في وجه العمال أو الخدم، كل ذلك مسجل علينا وسنحاسب عليه يوم القيامة، سيما وأن تلك الممارسة تجري باستغلال سلطتنا الذاتية من جهة وضعف الطرف الآخر من جهة أخرى، وذلك أشد وطئاً من التعدي على من يمتلك القدرة على الدفاع عن نفسه، وقد ورد في الرواية عن أمير المؤمنين علي : (ظلم الضعيف أفحش الظلم)[4] . ويجري الأمر ذاته مع الأصدقاء، فلا ينبغي الفحش في القول معهم، فقد يعتقد البعض خطأ أن اطلاق الكلمات البذيئة أمر مستساغ بين الأصدقاء الخلص، والحقيقة أن مسلكاً من هذا القبيل يعد خطأً كبيراً، إذ ينبغي على الصديق أن يراعي حق صديقه، فكما ورد عن أمير المؤمنين : (لا تضيعن حق أخيك اتكالاً على ما بينك وبينه، فإنه ليس لك بأخ من ضيعت حقه)[5] . ومقتضى ذلك أنه لا يصح بأي حال أن يجرح أحد مشاعر غيره اتكاء على مسألة العلاقة معه، ويقول : (لا تذهب الحشمة بينك وبين أخيك وابق منها، فإن ذهاب الحشمة ذهاب الحياء، وبقاء الحشمة بقاء المودة)[6] . وزبدة القول هنا هو أن يتجنب المرء مزالق الإساءة للآخرين أياً كان هؤلاء، حتى لا تتحول تلك الممارسة إلى عادة يسيء من خلالها للآخرين دون أن يشعر فهو بذلك لن يكون معذوراً بأي حال.
الثالث: جهل البعض بأثر الكلام السيئ بحق القريبين منه، سواء كان زوجة أو ولداً أم خادمة.
إن للكلام السيئ بحق القريبين آثاراً ونتائج وخيمة، منها:
أ- الكلام السيئ سبب للأذى لمن هم حولنا. ويشمل الضرر بصورة خاصة من هم تحت رعايتنا ومسئوليتنا، إن من أوجب الواجبات هو أن يدفع المرء الأذى عن أبناءه وزوجته، فكيف به وقد أصبح مصدراً لما يؤذيهم؟ ويقول الإمام علي في هذا الصدد: (رب كلام كلام)[7] ، أي أن بعض الكلام سبب لجرح الآخرين. وحقيقة الأمر أن جرح الإنسان بالكلام البذيء أشد إيلامًا من الجرح بالسكين، ولا سيما جرح المقربين، يقول الامام علي : (ضرب اللسان أشد من ضرب السنان)[8] ، فحذار أن تقول لزوجتك ولمن هم حولك كلاماً نابيًا يكون سبباً لأذيتهم.
ب- الكلام السيئ منشأ للعقد النفسية لدى أفراد العائلة. إن مما لا شك فيه، أن الكلام السيئ سبب لنشأة العقد النفسية، وعامل أساس في تكوّن عقدة الحقارة لدى الأفراد، وهو من العوامل التي تدفع الكثيرين إلى التمرد، ولعلماء النفس كلام طويل في هذا الشأن. وقد صادفت ذات يوم شخصاً كانت مظاهر ضعف الشخصية بادية في تصرفاته، فقد كان يخاف من كل شيء، فقيل لي أن منشأ تلك الحالة لديه هي المعاملة المهينة والقسوة التي كان أبوه يعامله على أساسها، فلم أتعجب من ذلك. وقد كتب أحد الأشخاص على صفحته في الفيسبوك أن إحدى قريباته كانت تردد وهي على فراش الموت وحتى الساعات الأخيرة من حياتها: أنها لا قيمة لها! فأثار كلامها تعجب من حولها، إذ كيف يصف شخص نفسه بأنه لا قيمة له، حتى زال العجب عندما عرف أنها كانت تردد الكلام الذي كان يواجهه به زوجها دائماً، فقد كان يكرر على مسامعها باستمرار و يخاطبها بالقول: أنت لا قيمة لك ولا تساوين شيئاً.
وقد استفزني قبل فترة اتصال من إحدى الزوجات، فقد كانت تشتكي وهي باكية من أن زوجها دائماً ما يقول لها أنك لا تستحقي أن تكونين لي زوجة، لقد تزوجتك بالخطأ!، فهل هذا كلام يقال لزوجة؟ ومن تظن نفسك حتى تقول هذا؟، وزيادة على ذلك نقول؛ حتى لو كان أحدهم يعتقد مثل ذلك، فليبق هذا في نفسه لا أن يجرح به مشاعر زوجته، ويطعنها بسهامه المريرة. إن على المرء أن يتجنب الكلام البذيء؛ لأن آثاره وخيمة، وقد ورد عن الإمام علي القول: (إياك ومستهجن الكلام فإنه يوغر القلب)[9] .
ج- الكلام السيئ قابل للعدوى. فكما يكون الآخرون عرضة للإصابة بالأمراض المعدية، فهم كذلك عرضة للتطبع بالسلوكيات الخاطئة ومنها التلفظ بالكلمات المسيئة، عندها لن يكون المتلفظ بالإساءة بمنأى عن سهامها المرتدة من قبل بعض المقربين منه أنفسهم.
د- الكلام السيئ سبب للإثم وغضب الله تعالى. فلا ينبغي أن يتساهل المرء بالكلام البذيء الجارح حتى مع القريبين منه، حتى ولو كان ضمن إطار الممازحة. روى عن النبي الأكرم قوله: (ألا هل عسى رجل منكم أن يتكلم بالكلمة يضحك بها القوم فيسقط بها أبعد من السماء؟! ألا هل عسى رجل منكم يتكلم بالكلمة يضحك بها أصحابه فيسخط الله بها عليه لا يرضى عنه حتى يدخله النار)[10] .
ولذلك ينبغي على الإنسان أن يحسب حساباً لكلامه وخاصة مع القريبين منه.
إن عقل الإنسان يهديه للاستفادة من تجارب الآخرين لغرض تجنب الأخطاء والأخطار، وليوفر على نفسه الجهد والعناء، وحتى يصل إلى أهدافه على نحو أسرع. فهذا توجه عقلي فطري عند الإنسان، ولذلك تجده عندما يهم بعمل جديد، حتى في الأمور الصغيرة، فإنه يسأل من مارس هذا العمل من قبله. فالطالب حينما يريد أن يسجل في الجامعة فإنه يذهب لموقع الجامعة على الانترنت ليطلع على متطلبات التسجيل، أو يسأل من سبقه حتى لا يقع في خطأ قد يكلفه الكثير.
ينبغي الاستفادة من تجارب الآخرين سواء على المستوى الفردي أم على المستوى الجمعي. هذا ما يشير إليه أمير المؤمنين بقوله: ( لتستقبل بجد رأيك من الأمر ما قد كفاك أهل التجارب بغيته وتجربته، فتكون قد كفيت مؤونة الطلب وعوفيت من علاج التجربة)[11] ، ومقتضى ذلك أن ينظر المرء بجد إلى تجارب الآخرين، ليستفيد من تجاربهم فيكون قد كفي مئونة الطلب، ويكفى علاج التجربة كما يقول الإمام ، وبمعني آخر أن يبدأ المرء من حيث انتهى الآخرون. ذلك لأن مختلف التجارب، وخاصة على المستوى الجمعي، لا تكاد تخلو من أخطاء وغالباً ما صاحبتها أثمان باهظة، فلم تصل البشرية إلى ما وصلت إليه في مختلف المجالات التي خاضتها إلا بعد أخطاء وتجارب وأثمان. من هنا لا ينبغي أن يقع الناس في ذات الأخطاء التي وقع فيها غيرهم فيدفعون بذلك نفس الأثمان، بل الصحيح أن يبدأ الناس من النتائج التي بلغها من سبقهم. فقد أحرزت البشرية في عصرنا الراهن تقدماً هائلاً في مجالات الصحة والهندسة وغيرها، وذلك ثمرة لتراكم التجارب جيلاً بعد جيل، ومن مجتمع إلى مجتمع، ومعها ألفت الشعوب والمجتمعات على الاستفادة من تجارب بعضها بعض.
إن آفة بعض الناس هي الإصابة بداء التحجر الفكري. فمثل هؤلاء يؤثرون البقاء على ما ألفوه طويلاً، حتى لو تجاوزهم العالم بسنوات ضوئية. ولعل منشأ هذا التحجر لا يعدو عاملين اثنين، أما الغرور أو انعدام الثقة بالذات، فقد تتلبس البعض حالة من الغرور حتى تجعل لسان حالهم المقولة الشهيرة "ليس بالإمكان أبدع مما كان"، وعليه قد يعتقد مجتمع من المجتمعات أن وضعه القائم هو أفضل ما يمكن أن يكون، ويرفض أي قدر من التغيير الذي يأتي على أوضاعه التي تعايش معها وألفها طويلاً حتى لو كانت أوضاعاً متخلفة. أما انعدام الثقة لدى فرد أو فئة أو مجتمع من المجتمعات فهو أشد وطأة، لأنهم بذلك لم يعودوا يرون أنهم قادرون على بلوغ ما وصلت اليه المجتمعات الأخرى من تقدم ومدنية وصناعة. والسؤال هنا، لماذا انعدام الثقة هذا؟ أولسنا بشراً مثلهم، لقد اجتهد الآخرون فنجحوا، ونحن كذلك يمكن لنا أن نجتهد.
وقد ينسحب الغرور أو انعدام الثقة حتى على المسلكيات البسيطة التي غالباً ما تحاط بالأوهام. لدرجة قد يتوهم هذا الطرف أو ذاك المجتمع أن وضعه أفضل من وضع الآخرين، فلا يرى عندها أي داع لتغيير أوضاعه البائسة. وهذا ما يحذر منه الدين، ويقول علي : (من غني عن التجارب عمي عن العواقب)[12] ، ويقول : (لولا التجارب عميت المذاهب)[13] أي الطرق، ويقول في رواية ثالثة: (العاقل من وعظته التجارب)[14] .
قد تستولي الأوهام على أذهان الكثير الناس، ولعلّ النماذج في هذا السياق أكثر من أن تحصى، ويحضرني في هذا الصدد، عندما اقترحنا على بعض القائمين على الحسينيات في المنطقة، قبل عشرين سنة، أن يؤثثوا الحسينيات بالكنب والكراسي، فذلك أدعى لراحة المستمعين، لكنهم رفضوا الفكرة من أساسها بحجة أن ذلك يذهب الروحانية، وقد يخدش قدسية المكان وما أشبه من أوهام، وشيئاً فشيئاً طارت هذه الفكرة حتى أصبح الناس يضعون الكراسي والكنب في الحسينيات على نحو اعتيادي. لا ينبغي أن ندع الأوهام تسيطر علينا، فلندرس تجارب الآخرين، مع الأخذ بعين الاعتبار، أن تلك التجارب ليست كلها مناسبة، لكنها ستظل تجارب قابلة للدراسة والبحث، في سبيل الأخذ بالصالح منها.
ولعل أهم ما يجب الاستفادة منه من تجارب الأمم الأخرى هو طريقة إدارتهم للشأن السياسي في دولهم. لقد مرت شعوب وأمم الأرض بتجارب حكم مريرة، على غرار ما مرت به أمتنا في العهود المختلفة من الأموية والعباسية والعثمانية وغيرهما، لكن تلك الأمم تجاوزت تلك المرحلة حتى انتهت إلى اقامة نظم حكم ديمقراطية ينتخب فيها الناس من يحكمهم، ويتوافقون على دستور يحمي حقوقهم، ويفصل بين السلطات. إن تلك الشعوب لم تصل إلى هذا الحل ألا بعد حروب طويلة سالت فيها أنهار من دماء، وقد نجحوا حتى الآن في تحقيق الأمن والاستقرار والازدهار لأوطانهم، دون أن يدّعي أحد – مع ذلك- بأن نظم الحكم الديمقراطية تخلو تماماً من النواقص، ولكن كما يقول وينستون تشرتشل رئيس الوزراء البريطاني الأسبق ( النظام الديمقراطي هو أقل الأنظمة سوء). أي أن النظم الديمقراطية حتى لو شابتها النواقص فهي أهون بكثير من نظم الاستبداد. وكما قيل؛ ليس العقل أن تعرف الخير من الشر ولكن العقل أن تعرف أهون الشرين.
إن أهم ما يميز الديمقراطية هي قدرتها على تصحيح نفسها. ولعلّ الدرس الأبرز هنا هو أن ننزع من أذهاننا الوهم القائل بأن الديمقراطية لا تصلح لشعوبنا، فماذا يعني ذلك؟ فهل شعوب وأمم الأرض كلها تختلف عنا، أم أن لهم طبيعة بشرية مغايرة لنا؟ فلماذا تصلح الديمقراطية لهم ولا تصلح لنا؟ بل الأسوأ مما سبق هو ترويج البعض بأن الديمقراطية لا تتناسب مع الإسلام!، والأغرب أن بعض من يروج هذه الفكرة هم من المسلمين الذين يعتقدون بأن النبي لم ينص على الخليفة من بعده، بل ترك الأمر للناس، ويروون عنه : (أنتم أعلم مني بشؤون دنياكم)، إلا أن واقع الحال مغاير تماماً لما يعتقدون. ولو شئنا المقارنة فإننا سنجد دون شك أن النظم الديمقراطية أقرب إلى روح الدين من النظم الاستبدادية، فالديمقراطية أقرب لتحقيق القيم الدينية كالعدل والحرية وحقوق الانسان وغيرها مما لا تحققها نظم الاستبداد.
لم تعد المسألة سوى مسألة وقت، حتى تجد كل الشعوب أن لا بديل عن الديمقراطية. ولا يعني التأخر في تطبيق الديمقراطية سوى المزيد من المشاكل المتفاقمة، التي سيتطلب الخروج منها تضحيات وخسائر أكبر، ولذلك فالتفكير السوي يقضي بالإسراع في المسيرة الديمقراطية حتى تصل المجتمعات إلى نظم توافقية تستفيد من تجارب الأمم والشعوب الأخرى، ولقد رأينا ثمار هذه المسيرة، خلال الانتخابات المصرية الأخيرة، فقد حسمت صناديق الاقتراع الأمر، وأعلن الجميع موافقته على النتيجة، وللناس من الآن فصاعداً أن يحاسبوا الرئيس المنتخب، مع الأخذ بعين الاعتبار أن التجربة المصرية جرت في بيئة تزخر بالتنوع الفكري والتمايز الديني والاستقطاب السياسي الحاد، إلا إن الكلمة الفصل كانت لصناديق الاقتراع، وهنا تكمن قيمة الديمقراطية.
نسأل الله أن يوفق المسلمين لكي يسرعوا في هذا الطريق ويحققوا مقاصد الإسلام وقيمه.