الخلل السياسي والثقافة التعصبية وراء الفتن والنزاعات
تصريح لجريدة الحياة ـ لندن بتاريخ الاثنين 9 ذو الحجة 1434هـ الموافق 14 أكتوبر 2013م
إن وراء هذا الواقع المؤلم الذي تعيشه معظم بلادنا العربية والإسلامية من حالات النزاع والاحتراب عاملين رئيسين:
الأول هو الخلل السياسي لغياب التوافق والإجماع الوطني في أكثر هذه البلدان على إدارة السلطة وأحجام مشاركة المكونات الشعبية فيها.
أما العامل الثاني فيتمثل في الخلل الثقافي، حيث تسود في كثير من أوساط مجتمعاتنا العربية والإسلامية تيارات فكرية وثقافية تبعث على التعصب، وتحرّض على الكراهية، وخاصة ما يكون منها باسم الدين، إن التنوع المذهبي واقع تعيشه الأمة منذ القرن الاسلامي الأول، كما هو واقع كل الأمم التي تتنوع مذاهبها داخل الديانة الواحدة، وهو نتاج طبيعي لتعدد الاجتهادات في فهم المقولات الدينية داخل كل الأديان، ومنها الإسلام.
لكننا نشهد اليوم تصعيداً غير طبيعي في إثارة النزاعات والخلافات المذهبية وخاصة بين المكونين الرئيسين للأمة: السنة والشيعة.
وواضح أن هناك جهات سياسية في داخل هذه المجتمعات تعزف على الوتر المذهبي، لكسب الأصوات والتأييد الشعبي، كما أن هناك جهات اقليمية ودولية تستفيد من إثارة هذه الصراعات الطائفية لخدمة اهدافها ومخططاتها.
إنه ليس مطلوباً من أي طرف سني أو شيعي أن يتنازل عن شيء من معتقداته وقناعاته وممارساته الدينية، لكن ما يجب ان يلتزم به الجميع هو الاحترام المتبادل، وهذا ما يدفعنا إلى إدانة نهج التكفير والإرهاب الذي يقوم بسفك الدماء عبر التفجيرات والعلميات الانتحارية في أوساط المدنيين الأبرياء، تحت شعار طائفي لخدمة أغراض سياسية.
كما ندين نهج الاساءة إلى الرموز المحترمة عند المسلمين كأهل البيت وأمهات المؤمنين والصحابة الكرام.
إن ما يشهده العراق من نزف للدماء يومياً عبر التفجيرات والعلميات الانتحارية أمر مرعب وخطير ينبغي للعلماء والدعاة واصحاب الرأي والفكر أن يدينوه وان يدعموا الأطراف السياسية في العراق لمحاصرته وعلاج أسبابه ولا يصح أبداً أن نتكيّف مع هذه الفظائع كأخبار يومية نألفها ولا تحرك فينا ساكناً.
كما أن الأصوات الشاذة المنكرة التي بدأت نهج الاساءة لرموز أهل السنة كما حصل في الأعظمية ببغداد، يجب أن تدان وتحاصر فهي تسيء لمذهب أهل البيت، ولا تعبّر عن رأي مرجعيات الشيعة التي اعلنت استنكارها وإدانتها الفورية لما حصل.
إن في تراث الشيعة كما في تراث السنة الكثير مما يثير الضغائن والأحقاد، وهو نتاج بيئته وعصره، ولا يصح أن تكون الأمة أسيرة لهذا الجانب المظلم المخجل من تراثها.
إنني أتطلع إلى دور نقوم به من المملكة العربية السعودية لمحاصرة هذا التوجه الخطير في العراق.
للاطلاع على الخبر عن التصريح المنشور في جريدة الحياة اضغط هنا