التيسير في الحج
تحدث سماحة الشيخ حسن الصفار في يوم الجمعة 3/12/1425هـ في مسجد الشيخ علي المرهون عن التيسير في الحج، وطلب سماحته من المسؤولين عن هذه الشعيرة المقدسة العمل على أن يكون الحج أكثر يسرا وسهولة.افتتح سماحة الشيخ كلمته بالآية المباركة ﴿ يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ ﴾ (185) سورة البقرة، ثم قال: التكاليف الشرعية إنما جاءت من أجل مصلحة الإنسان وسعادته وهذه التكاليف وضعها رب الإنسان وهو العالم بظروفه ونقاط قوته وضعفه.
وأوضح سماحته: أن جميع الأحكام الشرعية فيها يسر وسهولة على الإنسان ولا يوجد في التشريع الإسلامي ما يوجب للإنسان المشقة والحرج، ولو وجد يتحول التكليف إلى ما يرفع المشقة عنه ﴿ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ ﴾ (78) سورة الحـج، والشواهد على ذلك كثيرة، فمثلا: إذا كان استخدام الماء يسبب للمصلي المشقة أو الحرج ينتقل التكليف إلى التيمم، بل قال بعض الفقهاء في شرائط الوضوء: أن لا يكون مانع من استخدام الماء من مرض أو خوف عطش مما يحرم إيقاع النفس فيه أو نحو ذلك وإلا فهو مأمور بالتيمم ولو توضأ والحال هذه بطل وضوئه.
وكذا في الصلاة فالواجب على المصلي القيام، لكن لو تعذر ذلك صلى من جلوس، ومع تعذره صلى مضطجعاً على الجانب الأيمن كهيئة المدفون، فإذا تعذر فعلى الأيسر فإذا تعذر صلى مستلقياً كالمحتضر ومع عدم إمكانه بالانحناء يومئ برأسه، ومع تعذره فبالعينين بتغميضهما، فإن تعذر يصلي كيفما قدر.
وكذا الصيام الواجب فلو خافت المرأة الحامل على جنينها أو المرضع على طفلها جاز لها أن تفطر ثم تقضي الصيام.
كذلك بالنسبة لرمي الجمرات فقد أصبح من المعروف أن المسلمين لا بد لهم كل عام من تقديم الأضاحي في يوم رمي الجمرات وكل ذلك يسبب التزاحم والتدافع الذي يجري فيه.
إن رمي الجمرات يعتبر واحداً من أهم مشكلات الحجاج، سيما في عيد الأضحى واليوم الثاني عشر، حيث يندفعون لرمي جمرة العقبة، وفي أكثر السنين تحدث خسائر كبيرة في الأرواح، وهذا ما يعرف أما من يجرحوا أو تتعرض رؤوسهم أو وجوههم أو عيونهم لأضرار بالغة، فهذه لا تعد، ورغم كل التدابير المتخذة للحد من هذه الأضرار إلا أن المشكلة لا تزال قائمة.
ثم تساءل سماحته: إذا كان هذا هو التشريع فماذا عن التطبيق؟
وأجاب حفظه الله: للأسف الشديد نجد أن بعض الناس يتشددون على أنفسهم حتى ولو كان في الحكم فسحة، فيحدثون لم كأفراد أو كجماعات المشقة والتعب، ولعل ذلك طلبا لتطبيق الحكم في أرفع درجاته وكامل مستحباته، وذلك نراه واضحا في الحج فمن المعروف أن تقبيل الحجر من المستحبات بعد الطواف، لذلك نرى من الحجاج من يشق على نفسه ويدخل في صراع من أجل عمل مستحب قد يسبب له أو للآخرين الضرر والمشقة.
ثم طالب سماحته من الفقهاء أن يأخذوا قصب السبق والمبادرة لوضع الفتاوى المناسبة لتسهيل عملية الحج، الحاصل اليوم أن الفقهاء ينتظرون حدوث التغيير ثم يبدون رأيهم فيه، لماذا لا يبادر الفقهاء بتكوين لجان لدراسة هذا الموضوع ثم وضع الحلول له.
وقد قام سماحة الإمام الشيرازي (قدس سره) بكتابة بعض الاقتراحات التي تسهل على الحجاج أداء مناسكهم في كتاب مستقل تحت عنوان: [ لكي يستوعب الحج عشرة ملايين].
كما طالب الحكومات: سواءً في المملكة أو حكومات الحجاج أن تيسر عليهم وأن تسهل لهم إتمام هذه الشعيرة وإن تطور مناطق المشاعر بما يخدم الحجاج ويسهل مهمتهم.
كما طالب الجهات المعنية في المملكة: بأن تبذل قصارى جهدها لتيسير شؤون الحج وتسهيل أداء المناسك على الحجاج، وأشاد بما حصل هذا العام من توسعة في موقع رمي الجمار.
كما طالب المرشدين في الحملات: أن يوضحوا المسائل التي فيها مشقة وأن يطرحوا المسائل البديلة التي لا تخرج العمل عن هيئته الصحيحة.
وكذا طلب من الحجاج أنفسهم أن يكون توجههم للتسهيل على أنفسهم وعلى من حولهم وأن لا يشقوا على أنفسهم وعلى الآخرين فالشدة تنفر النفس عن الطاعة، وأن يؤدوا مناسكهم في يسر وسهولة وهذا يتناسب مع قواعد الدين وقيمه.
ودعا لهم بقبول الأعمال والعودة إلى ديارهم سالمين غانمين إن شاء الله تعالى.