عقلية المغالبة وخراب الأوطان
ورد عن الإمام الحسين أنه قال: "أيّها الناس! إّنها معذرة إلى الله عزّ وجلّ وإليكم، إني لم آتكم حتى أتتني كتبكم وقدمت عليّ رسلكم أنْ أقدم علينا فإنه ليس لنا إمام لعلّ الله يجمعنا بك على الهدى، فإن كنتم على ذلك فقد جئتكم، فإن تعطوني ما أطمئنّ إليه من عهودكم ومن مواثيقكم أقدم مصركم، وإن لم تفعلوا وكنتم لمقدمي كارهين انصرفت عنكم إلى المكان الذي أقبلت منه إليكم"[1] .
شاءت الإرادة الإلهية أن يتحمّل الإنسان المسؤولية المطلقة عن تصرفاته في هذه الحياة. وحيث إنّ الله تعالى هو العالم بما كان وما يكون، فهو الملمّ بحصول الطاعات، وحدوث المعاصي، يعلم بما يجري على أوليائه، ومحيط بما يفعله أعداؤه، لكنه تعالى ترك للإنسان حرية الاختيار، مع سابق علمه تعالى بما سيختاره كلّ إنسان.
إنّ علم الله باختيارات البشر، خيرًا كانت أم شرًّا، لا يعني إجبارهم عليها، ولتقريب الفكرة يمكن تشبيه الحالة، بحالة المعلم الذي يعلم بمستوى وجدية كلّ واحد من طلابه، وهذا ما يكسبه العلم المسبق بمن هو الأجدر بالنجاح أو الأقرب إلى الفشل، غير أنه مع ذلك يقدّم لهم الامتحان ويتركهم، كلٌّ بحسب اجتهاده. إنّ العلم المسبق لدى المعلم بالطلبة الجادّين والأقرب للنجاح، لا يعني أنّ للمعلم دخلًا مباشرًا في نجاح هذا أو فشل ذاك. وهكذا الحال معه سبحانه وتعالى، فهو يعلم بالمطيعين والعاصين، غير أنه أعطى هؤلاء وهؤلاء حرية الاختيار في هذه الحياة.
وكذلك الحال مع ما يحدث في الحياة من الحوادث، فإنه عالم بها قبل حدوثها، فقد أحاط سبحانه وتعالى في سابق علمه بواقعة كربلاء، ولما لتلك الواقعة من عظيم الأهمية والتأثير، فقد أخبر نبيه عنها، وهذا ما تناولته الكثير من الأحاديث التي رواها المسلمون بشتى فرقهم، والتي أجمعت على أنّ النبي قد أُخبر بما سيحدث على سبطه الحسين ، وأخبر أهل بيته وأصحابه. غير أنّ العلم المسبق عند الله سبحانه وتعالى بها، لا يقلّل من كونها جريمة بشعة وفاجعة كبرى، ما كان ينبغي لها أن تقع من حيث الأصل. على مرأى ومسمع من الأمة.
لماذا حدثت فاجعة كربلاء؟
وحقيقة الأمر، لم تكن واقعة كربلاء لتحصل لو أنّ الأمة قامت بواجب الولاء لأهل البيت (عليهم السلام). فلو استجابت الأمة لأمر نبيها ، وأعطت أهل بيته حقهم ومكانتهم، وانحازت إليهم، لما حصل ما حصل في كربلاء. ولو تحلّت السلطة الأموية الحاكمة بشيء من التعقل، لأمكن تلافي وقوع هذه الفاجعة، سيّما وأن الإمام الحسين لم يكن متعطشًا للسلطة، فهو كسائر أئمة أهل البيت لم تكن السلطة بالنسبة لهم مطلبًا أساسًا، بقدر ما هي تكليف شرعي من قبل الله، يقومون به ما سنحت لهم الفرصة بذلك، وإلا فهم ليسوا في وارد التكالب عليها.
إنّ الإمام الحسين لم يكن ليتحرك باتجاه الكوفة لو لم تأته كتب أهل العراق بعشرات الآلاف، حتى بلغت أربعين أو خمسين ألفًا بحسب بعض الروايات، بخلاف الوفود والمبعوثين والرسل الذين أقبلوا عليه في المدينة المنورة، ليدعوه "أنْ أقدم، ليس علينا إمام غيرك"، وبمعنى أدق، لقد كانت الأمة تريد منه تحمل المسؤولية تجاهها، وما كان له أن يتهرّب عن التصدي لهذه المسؤولية، وفي ذات الوقت لم تكن له رغبة في قتال. حتى إنه رفض مهاجمة طلائع الجيش الأموي، حين دعاه بعض أصحابه لانتهاز الفرصة ومهاجمتهم، وأخذ سلاحهم ليكونوا بذلك عبرة لمن خلفهم، وقد كانوا حينها لا يتجاوزون الألف فارس، قد كظّهم العطش، وأنهكهم التعب، بقيادة الحرّ بن يزيد الرياحي، فما كان منه إلا أن أجابهم بالقول: "إني أكره أن أبدأهم بقتال"، وقد تكررت منه ذات المقولة في يوم العاشر من المحرم.
لقد بلغ من حرص الإمام الحسين على تجنّب الصدام والحرب، أن نأى عن الذهاب للكوفة، وقد كانت وجهته الأساس. ولطالما خطب في الجيش الأموي عارضًا عليهم أن يدعوه ينصرف، رغبة منه في العودة إلى المدينة المنورة، أو التوجه إلى أيّ مكان آخر. ولو كان لدى السلطة الأموية شيء من العقل والإدراك، لما تورطت في سفك دماء الإمام الحسين وأهل بيته، ولوفّروا على الأمة مآسي هذه الفاجعة الكبرى. ولو شئنا الوقوف على سبب التعنّت الأموي تجاه الإمام الحسين ، لرأيناه يعود إلى رغبتهم في انتزاع البيعة منه عنوة، وهو تعنّت سلطوي ليس له ما يبرره، فقد حصل في التاريخ الإسلامي أن رفض بعض الصحابة أداء البيعة للخليفة، وتأخرت بيعة بعضهم الآخر، وقد حصل ذلك مع الخليفة الأول أبي بكر، كما حصل مع الإمام عليّ، دون أن يصل الأمر إلى هذا القدر من الوحشية تجاه الرافضين أو المتأخرين عن البيعة، فما الضّير في أن يترك الحسين للذهاب في حال سبيله، سيما وقد قال لهم : ".. وإن لم تفعلوا، وكنتم لمقدمي كارهين، انصرفت عنكم إلى المكان الذي جئت منه إليكم".
وتكرّرت مرارًا دعوته للجيش الأموي بأن يتركونه ينصرف عنهم. فقد وردت عنه عدة خطب في هذا السياق، ومن ذلك ما ورد في خطبة له أمام الجيش الأموي قال فيها: "أما بعد، أيّها الناس فإنكم إن تتقوا وتعرفوا الحقّ لأهله، يكن أرضى لله، ونحن أهل البيت أولى بولاية هذا الأمر عليكم من هؤلاء المدّعين ما ليس لهم، والسائرين فيكم بالجور والعدوان، وإن أنتم كرهتمونا وجهلتم حقّنا، وكان رأيكم غير ما أتتْني كتبكم وقدمت به عليَّ رُسُلكم انصرفت عنكم"[2] ، وقد استمرّ يدعوهم على هذا النحو حتى اليوم العاشر من المحرم، فلم يكن يريد لهذه الواقعة المؤلمة أن تقع.
وقد جاء في آخر خطبة له يوم عاشوراء أنه قال: "أتطلبوني بقتيل منكم قتلته؟ أو مال لكم استهلكته؟ أو بقصاص من جراحة؟ قال: فأخذوا لا يكلمونه، قال فنادى: يا شبث بن ربعي، يا حجّار بن أبجر، يا قيس بن الأشعث، يا يزيد بن الحارث، ألم تكتبوا إليَّ أن قد أينعت الثمار، واخضرّ الجناب، وطمّت الجمام، وإنما تَقْدِمُ على جندٍ لك مجنّد فأقبل، ... فقال له قيس بن الأشعث: أوَلَا تنزل على حكم بني عمّك، فإنهم لن يروك إلا ما تحبّ، ولن يصل إليك منهم مكروه، فقال له الحسين عليه السلام: ...لا والله، لا أعطيكم بيدي إعطاء الذليل، ولا أقرّ لكم إقرار العبيد "[3] . وقد كانت جلّ دعوته في سبيل درء خطر النزاع ونشوب القتال بين أبناء الأمة. غير أنّ جوهر المشكلة الكامنة خلف التعنّت الأموي تكمن في المكابرة، والرغبة في الإخضاع، وفرض الغلبة فرضًا على الإمام الحسين . إنّ هذه العقلية الأموية المتعنتة تُعدّ سببًا رئيسًا من أسباب فاجعة كربلاء.
بين المغالبة وتلمّس الحلول
واستلهامًا من فاجعة كربلاء، يمكن الوقوف على نمطين من طرق حلّ النزاعات. تنحو الطريقة الأولى نحو ابتداع الحلول والمعالجات للخروج من المشكلة، فيما تنحو الأخرى نحو الرغبة في كسر الطرف الآخر والانتقام منه، لا التوصل معه إلى حلول معقولة. ولا شك بأنّ الطريقة الأولى في إدارة الصراع، يغلب عليها التفكير العقلاني، الذي يميل نحو ترجيح المصلحة، ويبحث عن التسويات المعقولة، وطرح التنازلات المتبادلة، وتدوير الزوايا، بما يفضي إلى حلّ النزاع. وغالبًا ما يجري حلّ المشاكل على هذا النحو متى ما توفرت الرغبة الصادقة، كما يقول تعالى: ﴿إِن يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّـهُ بَيْنَهُمَا﴾، ذلك أنّ الخروج من النزاعات مشروط بتوفر الإرادة الحقيقية، والعقلية الراغبة، في اجتراح الحلول والتسويات.
إنّ المشكلة الأساس تكمن في التشبث بعقلية المغالبة في حمأة الصراعات. تلك العقلية القائمة على المكابرة والتحدّي، التي لا تجد مكانًا للتوافق والصلح مع الآخر، على طريقة القول الشعبي الدارج "إمّا أنا أو هو"، ولماذا يا ترى لا تكونان سويًّا؛ أنت وهو!.
إنّ عقلية المغالبة ليست مقتصرة على مجال دون آخر، فقد تأخذ طريقها إلى النزاعات العائلية مثلًا، حيث ينشب خلاف بين زوج وزوجته، فإذا بالزوج يرعد ويزبد، مهدّدًا ومتوعّدًا امرأته بعظائم الأمور، والعكس بالعكس، فقد يجري الأمر نفسه على لسان المرأة تجاه زوجها، وهذا نمط من عقلية المغالبة والمكابرة، الذي يجرّ وراءه تداعيات مؤسفة، تلقي بظلالها السيئة على آخرين، كالأطفال مثلًا، فقد تتحول قضية حضانة الأطفال بين الزوجين المنفصلين إلى مشكلة المشاكل، حتى تطرق أقسام الشرطة، وتصل أروقة المحاكم، وقد يكون الزوج المكابر غير مهيئ أصلًا ولا أهلًا لحضانة الأطفال، لانشغاله بعمله، أو زواجه من أخرى، غير أنّ عقلية المغالبة تأبى إلّا أن يمضي بعيدًا في إيذاء طليقته، حتى لو كان على حساب أولادهما، وقد يحصل العكس أيضًا من طرف المرأة، لا لشيءٍ إلا انتقامًا وتحدّيًا. في حين ينبغي أن يسود التفكير العقلاني، القائم على الرغبة في معالجة الموضوع، وحلّ المشكلة، وهذا ما ينبغي أن يجري على النزاعات في كلّ المجالات والمواضيع.
قد تكون عقلية المغالبة هي السمة الأبرز للمزاج العام، كما هو حال الأمة العربية في عصرنا الراهن. حيث لم يعد في الأمة صوت يعلو على صوت المغالبة، ولا محلّ فيها للحديث عن العقلانية في حلّ النزاعات، والخروج من الصراعات، بقدر ما باتت تجثم على صدور الجميع الرغبة في سحق الآخر، حتى لو جرّ ذلك إلى إزهاق الأرواح، وخراب الأوطان، وتدخّل الأجانب. وترجع جذور عقلية المغالبة هذه إلى الماضي السحيق، التي عبّر عنها الشاعر العربي أبو فراس الحمداني في البيت الشهير القائل:
وَنَحْنُ أُنَاسٌ لا تَوَسُّطَ عِنْدَنَا لَنَا الصّدرُ دُونَ العالَمينَ أو القَبرُ
فهذه العقلية أبعد ما تكون عن الوسطية والاعتدال، فهي بين خيارين لا ثالث لهما؛ إما الهيمنة على كرسي الحكم أو الموت دون ذلك. والأسوأ أن تغدو حالة المغالبة وغياب الاعتدال مجال فخرٍ واعتزاز، في تناقض صريح مع المنهج القرآني والمنحى العقلاني، الذي تكشف عنه الآية الكريمة ﴿وَالصُّلْحُ خَيْرٌ ۗ وَأُحْضِرَتِ الْأَنفُسُ الشُّحَّ﴾، فالصلح هو الأفضل دائمًا، دونما حاجة للاحتباس ضمن أضيق الخيارات المتعنتة.
تونس أنموذج مشرق
إنّ العقلية القائمة على المكابرة والمغالبة تتحمل المسؤولية عن معظم مآسي الأمة. فهي العقلية التي دمّرت أوطاننا، وقسّمت شعوبنا، وجعلت الدماء أنهارًا تجري طوال السنوات الأخيرة في بلاد المسلمين. في حين ليس هناك مشكلة لا يوجد لها حلّ، وليس هناك أزمة لا يكون لها مخرج.
ونحن هنا لا نتحدث عن مثاليات ولا عن نظريات، فقد رأينا ما جرى هذا الأسبوع من إعلان عن فوز الرباعي التونسي بجائزة نوبل للسلام لعام 2015م، والرباعي التونسي يمثل أربع مؤسسات مدنية تونسية، وهي الاتحاد العام للشغل، والاتحاد التونسي للصناعة والتجارة، والرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان، والهيئة الوطنية للمحامين، وقد لعبت المؤسسات الأربع دورًا مهمًّا في أعقاب الثورة التونسية، وسقوط الرئيس بن عليّ عام 2011، وذلك حين برزت بوادر نزاع حادّ بين مختلف القوى السياسية الجديدة والقديمة، ومساعي كلّ فريق لضمان حصته السياسية كاملة، حتى أوشكت تونس على الدخول في نفق النزاعات الدموية التي اجتاحت بلدان الربيع العربي الأخرى. غير أنّ هذا الرباعي نشط بقوة، وقاد جهود وساطة جدية، بين مختلف الأطراف السياسية المتنافسة، حتى نجح في وضع حلول معقولة، أجمعت عليها مختلف الأطراف السياسية في البلاد، وساهمت في إنقاذ البلاد من الدمار الذي آلت إليه بلدان أخرى. كلّ ذلك بفضل تحكيم العقلانية، والركون للحكمة، عند مختلف الأطراف، بالإضافة إلى توفر الوسيط المخلص.
إنّ حصول الرباعي التونسي على جائزة نوبل للسلام، يُعدّ تقديرًا مستحقًّا للتجربة الناجحة في إدارة الصراع. وما أحوج أمتنا في جميع الساحات؛ السياسية والاجتماعية والدينية، إلى السير على هذا المنحى المتعقّل في إدارة النزاعات الداخلية، حتى نوفّر على أوطاننا الدمار والخراب، وفقد الأرواح والممتلكات. أوليس الأولى إذا اندلعت مشكلة أن نسعى جميعًا في تطويقها، والبحث عن حلول عقلانية لها، سواء جرت تلك المشكلة بين دول المنطقة، أو بين الأحزاب والجماعات المختلفة. وهل نحن بدعًا من الأمم!، أوليس هناك في الأمم الأخرى نزاعات معقدة ومتشعبة وأكثر عمقًا مما عندنا، تنشب بين الحين والآخر، وقد راقبنا منذ أيام مجريات الاستفتاء على انفصال إقليم كاتلونيا في إسبانيا، ما يدلّ على وجود خلافات عميقة في تلك البلاد، غير أنّ الفرق بينهم وبيننا، أنهم يعتمدون المنحى العقلاني القائم على البحث عن الحلول الممكنة لمعالجة المشاكل، فيما يجري عندنا العكس تمامًا.
إرادة الصّلح والسّلام
لقد كرّس المنهج القرآني طريق البحث عن الصلح، باعتباره منهجًا حاكمًا على ما عداه. ولطالما وجّهت آيات القرآن الكريم إلى التزام طريق السلم، والنأي عن النزاع والقتال، قال تعالى: ﴿وَإِن جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا﴾، ومضمون ذلك الحثّ الشديد على التقدم نحو الطرف المقابل، في حال بدت هناك بوادر للحوار والبحث عن الحلول.
وجاء عن أمير المؤمنين عليّ في عهده لمالك الأشتر: "ولَا تَدْفَعَنَّ صُلْحاً دَعَاكَ إِلَيْهِ عَدُوُّكَ ولِلَّهِ فِيهِ رِضًا فَإِنَّ فِي الصُّلْحِ دَعَةً لِجُنُودِكَ ورَاحَةً مِنْ هُمُومِكَ وأَمْناً لِبِلَادِكَ"[4] .
لقد آن أن تسود شعوب هذه الأمة حالة التعقل عند النزاع والصراع، والنأي عن الانفعال الأجوف والحماس المنفلت، القائم على عقلية المغالبة والمكابرة، كما نجد في حالات الانجرار الأعمى خلف الأصوات المتشنجة، التي ترفض الصلح مع الطرف الآخر، وتأبى إلّا الصّراع طمعًا في التغلب عليه، كلّ ذلك نتيجة غياب العقلانية ضمن المحيط العام.
إنّ أمّتنا بحاجة إلى بذل جهود كبيرة على شتّى الصُّعد، في التربية والتثقيف والتوعية، وترشيد الخطاب الديني، لعلّنا نتجنب منحى المغالبة والمكابرة الذي عانت منه الأمة على مدى تاريخها الطويل، وكان من أبرز نتائجه المرة، حصول واقعة كربلاء، مع كلّ ما قام به الإمام الحسين من فتح للأبواب من أجل تلافي حدوث الفاجعة، لولا استحكام عقلية المكابرة والمغالبة عند فريق السّلطة، الذي قاد في نهاية المطاف إلى ارتكاب هذه الجريمة البشعة، بحقّ آل بيت النبي .