الخطاب الديني حين يخدم الإرهاب
قال تعالى: ﴿وَقُلْ آمَنتُ بِمَا أَنزَلَ اللَّـهُ مِن كِتَابٍ ۖ وَأُمِرْتُ لِأَعْدِلَ بَيْنَكُمُ ۖ اللَّـهُ رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ ۖ لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ ۖ لَا حُجَّةَ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ ۖ اللَّـهُ يَجْمَعُ بَيْنَنَا ۖ وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ﴾
شهدت البشرية على مدى تاريخها نزاعات وحروبًا كثيرة. ولا تكاد تخلو حقبة زمنية في تاريخ البشر من نشوب نزاع، أو اندلاع حرب. وعادة ما تأتي النزاعات والحروب نتيجة صراع على المكاسب السياسية، ورغبة في تحقيق المصالح بمختلف أوجهها، غير أنّ ما يجري في أحيان كثيرة، هو استخدام الدين غطاءً لبعض تلك الحروب والنزاعات.
الحروب الدينية هي الأبشع
وقد أثبتت التجارب أنّ الحروب ذات الشعارات الدينية كانت الأسوأ والأكثر بشاعة من بين الحروب، ومردّ ذلك إلى أنّ خوض الحرب تحت عنوان ديني، يحفّز في الإنسان أعمق قدراته وطاقاته، دفاعًا عمّا يؤمن به ويقدّسه، وبذلك يكون المقاتل أكثر شراسة وعنفًا؛ نظرًا لعمق الدوافع الذاتية عنده، قياسًا على المقاتل في سبيل تحقيق مصلحة أو بلوغ غرض سياسي. من هنا، درج السياسيون والمصلحيون طوال التاريخ على توظيف الشعارات الدينية، بغرض جذب المقاتلين الأسرع استجابة للاستثارة الدينية، والأكثر شراسة واستعدادًا للقتال.
إنّ السمة الأسوأ في الحروب الدينية أنّها تفرّغ الدين نفسه من محتواه، وتأخذه بعيدًا عن غاياته ومقاصده. وتنبع فلسفة الدين ووظيفته من دوره في توفير الطمأنينة والاستقرار في العلاقات الاجتماعية بين البشر، إلى جانب تهذيب الأخلاق، وتعزيز القيم الإنسانية. إلّا أنّ الحروب الدينية تفعل فعل الانقلاب، وتفتك بالقيم الدينية، ليتحوّل الدين عندها من مصدر للنقاء والطهر، إلى دافع للانتقام وارتكاب العدوان الفتك، وهذا ما يمثّل نقضًا لغرض الدين في حياة الإنسان.
الدين لا يأمر بالعدوان
ونجزم أنه ما من دين إلهيّ يمكن أن يشجّع الناس على شنّ الحروب والعدوان. وهناك آيات صريحة في القرآن الكريم، تكبح جماح الناس عن القتال في سبيل فرض دينهم على الآخرين، وغاية ما سمحت به الآيات القرآنية هو القتال دفعًا للعدوان، قال تعالى: ﴿وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّـهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا ۚ إِنَّ اللَّـهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ﴾، وجاء في آية ثانية قوله تعالى: ﴿ فَمَنِ اعْتَدَىٰ عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَىٰ عَلَيْكُمْ﴾، كما يرفض القرآن رفضًا قاطعًا أن يكون الاختلاف في الدين سببًا للحرب أو العدوان، يقول تعالى: ﴿لَّا يَنْهَاكُمُ اللَّـهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ ۚ إِنَّ اللَّـهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ﴾.
إنّ الاستبداد السياسي الذي عاشته الأمة ذهب بعيدًا في استغلال الدين، وابتداع فقه ديني يُشرّع القتل وشنّ الحروب لأغراض دينية مزعومة. رغم أنّ الشريعة تنهى بكلّ صراحة عن إكراه الآخرين على الدين، وذلك في قوله تعالى: ﴿لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ﴾، وبموجب ذلك لا يجوز بأيّ حالٍ استخدام القوة من أجل فرض الدين، ولنا في رسول الله أسوة حسنة، فهو الذي بدأ العلاقة مع أهل الكتاب من اليهود والنصارى، بتوقيع المعاهدات، وعقد التحالفات، لا التوسل بالحرب ضدّهم، وإنّما اندلعت الحروب معهم لاحقًا ردًّا على نقضهم العهود والمواثيق، وإلّا فالأصل كان النأي عن خوض الحرب معهم.
وقد تأخذ الحروب الدينية أشكالًا عدة. وعلى مدى قرون عانت مختلف الأمم من الحروب الدينية، التي ربما جرت بين أتباع دين وأتباع دين آخر، أو بين فرق ومذاهب من أتباع الدين الواحد، وهذا ما عانى منه الأوربيون طويلًا، فقد طحنتهم الحروب الطويلة بين الكاثوليك والبروتستانت، حتى أطلق على إحدى هذه الحروب حرب الثلاثين سنة، وهي المدة التي استغرقتها تلك الحرب، بين أتباع الفرقتين ضمن الدين المسيحي نفسه. وشهد القرنان السادس عشر والسابع عشر سلسلة من الحروب الدينية الداخلية بين المسيحيين أنفسهم، انطلاقًا من الاختلاف الديني. غير أنّ الأوروبيين تجاوزوا هذا النزاع في نهاية المطاف، بعد أن بلغوا حالة من الرشد والنضج، بخلاف ما يجري اليوم في الأمة الإسلامية التي لم تتجاوز بعد مرحلة الحروب الدينية، والتي جعلت من المنطقة العربية بؤرة للاحتراب الديني.
أغراض سياسية باسم الدين
يدرك الجميع أنّ هناك أغراضًا سياسية تقف خلف النزاعات والحروب المستعرة، إلّا أنّ ذلك لم يمنع مختلف الأطراف من استمرار استغلال الدين في تسعير تلك الحروب. ونتيجة لذلك افتقدت العديد من المجتمعات الإسلامية الأمن والاستقرار الداخلي، حيث بات الناس يجدون أنفسهم في خضم حرب طاحنة دونما خطوط فاصلة، ولا جبهات معروفة، فلم يعد يقتصر العنف على ساحة دون أخرى، ولا مختصًّا بمكان دون آخر، ولم يعد الإنسان في كثير من مناطق العالم العربي يعرف مكانًا آمنًا يلتجئ إليه للنجاة بنفسه من آفة الإرهاب، فهناك أسواق تستهدف، ومجمعات سكنية تضرب، ودور عبادة تفجّر، من مساجد وحسينيات وكنائس، بل لم توفر أعمال الإرهاب والتفجيرات الانتحارية مواكب تشييع الموتى ولا سرادقات العزاء!
ويبقى السؤال المطروح دائمًا؛ إلى متى يستمر هذا الواقع المرعب في منطقتنا العربية والإسلامية؟ وما هي السبل لأنْ تتجاوز الأمة هذا الواقع السيء؟ وإلى متى تعيش شعوبنا هذه الحالة من الاحتراب الداخلي، والعنف المفتوح على مختلف الساحات؟ فلا تكاد تنطفئ النار في بؤرة حتى تستعر في بؤرة أخرى، فمرة في أفغانستان، وأخرى في الشيشان، وثالثة في العراق، وبعدها في سوريا، حيث تشكلت بؤر تجتذب العناصر الإرهابية للتدريب ونيل الخبرة، ولتبث بعدها أجواء الاحتراب والعنف في فضاء الأمة. إن مردّ تصاعد الإرهاب مرتبط بدرجة كبيرة بالإرادات السياسية لدول المنطقة. فمتى يا ترى تتوفر الإرادة السياسية عند حكومات المنطقة لتضع حدًّا لحالة الاحتراب من خلال الحوار والتفاوض المباشر، والوصول من ثم إلى توافق على حلّ مشاكلهم السياسية؟
الجهات الدينية غطاء وأدوات
إنّ الجهات الدينية في المنطقة ينبغي أن تتحمّل مسؤوليتها، وأن تنأى بنفسها عن حالة الاحتراب القائمة. فليس من المقبول أن ترضى الجهات الدينية لنفسها أن تتحول إلى وقود لهذا الصراع، وأن تمضي في صبّ الزيت على نار هذه الحرب القذرة في بلاد المسلمين. ينبغي الإقرار بأنّ هناك مذاهب ومدارس متعددة داخل الأمة، بما يحمل ذلك من تنوع عقدي وفقهي، غير أنه لا يجوز للقيادات الدينية أن تضطلع بدور التبرير والتوظيف للدين ضمن الصراعات السياسية. وعلى النقيض من ذلك، ينبغي أن تتحمّل القيادات الدينية مسؤوليتها في إيقاف هذا النزاع المدمّر، وإن لم يكن بيدها فعل ذلك، فلتنأى بنفسها عن أن تكون أداة في يد الأطراف السياسية المتناحرة، وألّا تتحول إلى بوق يؤجج العنف ويصبّ الزيت على نار الفتنة الناشبة في بلاد المسلمين.
التوصيفات الطائفية
ينبغي أن يتجلّى النأي الديني عن الصراعات السياسية في اتّخاذ العديد من الخطوات.
وأول هذه الخطوات أن يجري تجريد الخطاب العام من التوصيفات المسيئة، من قبيل وصم الآخرين بالروافض والنواصب. إنّ هذه العناوين والتصنيفات هي التي تسبغ الحالة الطائفية والمذهبية على النزاعات السياسية المستعرة، وما هي إلّا توصيفات اختلقت ضمن بيئات وعصور سابقة، لم يعد لها وجود حقيقي على أرض الواقع، وليس هناك من داعٍ لها، ولا مبرّر لبقائها، ولا الاستمرار في تداولها. فلا واقعية لمصطلح الروافض مثلًا، ولو تتبعنا كتب التاريخ بحثًا عن ظروف نشأة واستخدام هذا المصطلح المسيء، لوجدنا التباسًا شديدًا حول ظروف النشأة وماهية الفئة التي ينطبق عليها، كما سنجد أن استخدام المصطلح في تلك الظروف الزمنية السحيقة، مغاير تمامًا لنمط استخدامه في وقتنا الراهن.
والحال نفسه ينطبق على المصطلح المقابل للروافض، أي النواصب، فلا وجود في عصرنا الراهن لفرقة النواصب، وهي التي كان أتباعها يعلنون العداء والبغض لأهل البيت ويتعبّدون به. وضمن سياق الحرب على الإرهاب وقتال المجموعات الإرهابية في العراق، سئلت المرجعية الدينية في العراق عن إطلاق مصطلح النواصب على الإرهابيين، فصرّحت المرجعية بأن هؤلاء وإن كانوا مجرمين يُقاتلون دفعًا لإجرامهم لا ينطبق عليهم وصف النواصب، إلّا إذا أعلنوا بغضهم لأهل البيت .
إنّ من الخطأ الفادح تداول التوصيفات الطائفية المسيئة بين السنة والشيعة وكأنّ النزاع المستعر في المنطقة ليس إلّا حربًا بين المذهبين. وهذا غير صحيح جملةً وتفصيلًا، ولا أدلّ على ذلك من أنّ رقعة النزاعات الأهلية المسلحة عمّت مناطق لا وجود فيها للشيعة، كما في ليبيا، والسودان، ومصر، وأفغانستان، ومناطق أخرى. ذلك أنّ المسألة مسألة عنف وإرهاب له أغراض سياسية دنيئة.
الجدل العقيم استفزاز وتحريض
أما الخطوة الأخرى ضمن إطار النأي الديني عن الصراعات السياسية، فهي التوقف عن الجدل المذهبي. إنّ من المسلمات أنّ هناك مسائلَ جمّةً مختلف بشأنها بين السنة والشيعة، على المستوى العقدي والفقهي، ولم تكفنا 1400 سنة من الجدل حولها، وكلّ جماعة لا تزال مصرّة على قناعاتها، فإلى متى نستمرّ في هذا الجدل المذهبي العقيم، القائم على نحو بالغ العبثية؟ إنّ مما ينبغي أن يؤخذ بعين الاعتبار، أنّ هناك من يوظّف هذا الجدل المذهبي سياسيًّا، بغرض صبّ الزيت على نار الفتنة والاحتراب المذهبي.
منذ قرون والشيعة يحتفلون بمناسبة عاشوراء، ذكرى استشهاد أبي عبد الله الحسين ، ولهم في هذا أدلتهم وبراهينهم، ولطالما قالوها وكتبوا عنها وبيّنوها، فتلك هي قناعتهم ووجهة نظرهم، فإن كان هناك من لديه وجهة نظر أخرى، ولا يرى شرعية هذه المراسيم العاشورائية، فذلك حقّه وتلك وجهة نظره، وله في ذلك أدلته، ولطالما طرح كلّ طرف رأيه واستعرض أدلته. غير أنّ السؤال المطروح الآن؛ هو: هل أنّ زمننا الراهن هو الوقت المناسب لإثارة المزيد من الجدل والتراشق المذهبي، سيّما وأنّ الشيعة كجماعة بشرية ورثوا هذه المراسيم، إضافة إلى أدلتهم الشرعية عليها، وأثبتت التجارب أنّ محاولة ثنيهم عن إحياء هذه الشعائر لم تفلح قطّ، حتى مع استخدام القوة والقمع ضدّهم، وهذا شأن أيّ قوم مؤمنين بمعتقدهم، فلماذا نجدّد معركة الجدل المذهبي في كلّ عام؟
إنّ مواقف بعض الرموز الدينية في المملكة تتسم بالغرابة الشديدة حيال المسألة المذهبية. وينبع وجه الغرابة من عدم اتّساق تلك المواقف مع ظروف التشنج الطائفي، وما يكتنفه من أعمال الإرهاب، والتهديدات المتوالية لأتباع مذهب أهل البيت، واستهدافهم في شعائرهم. وقد رأينا انعكاس ذلك في الهجوم الإرهابي الذي استهدف قرية الدالوة في الأحساء، وهذا ما يقتضي ألّا يُقدّم هؤلاء مزيدًا من التبريرات للإرهابيين، وألّا يُجدّدوا الغطاء الشرعي للممارسات الإرهابية. فقد تعوّد بعضهم مع حلول مناسبة عاشوراء في كلّ عام، أن يصدر البيانات والفتاوى التي تسيء للمحتفلين بالمناسبة، وذلك من الجدل العقيم الذي لا لزوم له. فكما هو الحال عند السنة، لدى الشيعة أيضًا ملاحظاتهم، فللشيعة مثلًا رأيهم الفقهي حول صلاة التراويح التي يحرص السنة على تأديتها بصرامة في ليالي شهر رمضان المبارك، إلّا أنه من غير المقبول أن يعمد علماء الشيعة سنويًّا إلى إصدار البيانات الرافضة لصلاة التراويح، والتأكيد على أنّها بدعة لا تصحّ كلما حلّ شهر رمضان!
فليس هناك أسهل من إصدار البيانات والفتاوى، غير أنّهم لم يفعلوا ذلك؛ لأنّ إصدار الفتاوى في هذا الشأن كتصرّف لا يمتّ للعقل بصلة، فضلًا عن أنّهم ليسوا بوارد تضخيم هذه المسألة الفرعية لدرجة تحريض الناس بعضهم على بعض.
معزوفة الفتاوى ومراسم عاشوراء
إننا نستغرب بشدة إصرار بعض المفتين في المملكة على إثارة مسألة الخلاف حول الاحتفاء بمناسبة عاشوراء سنويًّا. مع علمهم بحساسية المشهد الطائفي الراهن، وبذلك يُقدّمون المبرّر والغطاء للاعتداءات الإرهابية، والدفع قدمًا بمسألة الشحناء والبغضاء بين الناس، إنّ هذا أمر بالغ الغرابة حقًّا. وإن كانت الجهات الدينية غافلة عن مضاعفات الفتاوى الطائفية، فإنّ على الجهات السياسية التي يفترض فيها الوعي والإدراك لمخاطر هذا النوع من الفتاوى، أن تضع حدًّا لها. إلّا أنّ من المؤسف غياب الإرادة المستعدة لكبح جماح هذا التشدّد الطائفي غير المبرر، لذلك لن نكون في موقع الاستغراب لو وقعت المزيد من الاعتداءات الإرهابية التي تستهدف الأبرياء.
ومن ذلك ما رأينا قبل أيام من اعتداء دموي استهدف محيط الحسينية الحيدرية في سيهات بالمنطقة الشرقية ليلة الرابع من المحرم 1437هـ، حين أقدم إرهابي منفلت، على إطلاق النار على مواطنين أبرياء، بينهم رجال ونساء، سقط منهم خمسة شهداء وعشرة جرحى، لا ذنب لهم سوى أنهم كانوا يحيون مراسم دينية يعتقدون بشرعيتها وصحتها. إنّ بلادنا في أمس الحاجة الى الأمن والاستقرار، ومواجهة الإرهاب والعنف، ومقتضى ذلك أن تتضافر الجهود، في سبيل تفويت الفرصة على الإرهابيين، من خلال النأي عن صناعة الأرضية التي تنطلق منها أفعالهم الإرهابية.
لقد أثبت المؤمنون مرارًا أنّهم صامدون، ماضون في طريقهم، ملتزمون بمبادئهم، حتى مع تعرّضهم لخطر الإرهاب. فمع كلّ التهديدات الإرهابية، التي أخذ بعضها طريقه للتنفيذ عمليًّا، إلّا أنّ ذلك لم يفت من عضد المؤمنين، ولم يؤثر على مستوى حضورهم في مجالس العزاء، ولم ينخفض مستوى المشاركة، بل على العكس من ذلك، فالمؤشّرات تدلّ على أنّ الناس ازدادت حضورًا وثباتًا وتمسكًا بإحياء شعائرهم ومراسيمهم الدينية، مع وجود التهديد الإرهابي الجاثم على الصدور، وهذا ما ينبغي أن يكون محلّ شكر وتقدير، فهؤلاء الناس الذين يتوجهون للمجالس والمواكب الحسينية، وهم يعلمون بوجود المخاطر والتهديدات الإرهابية، إنّما يدفهم إلى ذلك، الروح الإيمانية، والحالة القيمية، والمشاعر الوجدانية التي تجللهم، فحيّا هؤلاء الولائيين الحسينيين المتمسكين بإحياء ذكرى استشهاد أبي عبدالله الحسين ، غير آبهين بمختلف الأخطار والاحتمالات.
الشكر والتقدير للجهات الأمنية
كما لا بُدّ وأن نشيد بالحضور اللافت للجهات الأمنية، الذي ازداد كثافة بعد وقوع الاعتداء الإرهابي. فهذا التواجد الأمني في المنطقة هو ما يمنح الناس الاطمئنان، ويؤكّد معاني الوطنية السليمة، حيث ينظر المواطنون بعين التقدير للقوات الأمنية وهي تقوم بواجبها الأساس في حماية الناس، والدفاع عن الوطن. هنا ينبغي القول أيضًا، إنّ من الصحيح أن أفراد القوات الأمنية إنّما يقومون بذلك انطلاقًا من واجبهم، إلّا أنهم مع ذلك يستحقون منا كلّ الشكر والتقدير، سيّما وأنّ قيامهم بواجبهم في مثل هذه الظروف الحرجة فيه الكثير العناء والمشقة، ومن خلفهم مسؤولو الأجهزة الأمنية، الذين يشرفون على التوجيه والإدارة، فهم أيضًا يستحقون الشكر والتقدير.
إنّ وقوف رجال الأمن إلى جانب المواطنين في حماية أمن البلاد، تمثل صورة رائعة. حيث ينبغي أن يستمرّ التنسيق بين المواطنين وقوات الأمن، حتى يشعر المواطنون أنّ القوات الأمنية إنّما وجدت لحمايتهم والدفاع عنهم، وأن يشعر أفراد الأمن في المقابل بأن لا قلق من هؤلاء المواطنين. إنّما هم مواطنون مسالمون، موالون ومحبّون لوطنهم، ومدافعون عنه.