الأبوة لا تبرر التسلط
﴿وَنَادَىٰ نُوحٌ ابْنَهُ وَكَانَ فِي مَعْزِلٍ يَا بُنَيَّ ارْكَب مَّعَنَا وَلَا تَكُن مَّعَ الْكَافِرِينَ ﴿٤٢﴾ قَالَ سَآوِي إِلَىٰ جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْمَاءِ ۚ قَالَ لَا عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّـهِ إِلَّا مَن رَّحِمَ ۚ وَحَالَ بَيْنَهُمَا الْمَوْجُ فَكَانَ مِنَ الْمُغْرَقِينَ﴾[سورة نوح، الآيتان: 42ـ43]
يهتمّ الآباء بصلاح أبنائهم، وصناعة مستقبل صالح وسعيد لهم، انطلاقًا من دوافع فطرية. ذلك أنّ الآباء مفطورون غريزيًّا على حبّ الأبناء، فهم مهتمون غاية الاهتمام بتنشئتهم تنشأة صالحة، حتى قيل: إنّ الإنسان لا يحبّ أن يتفوق عليه أحد إطلاقًا سوى ابنه، فقد يضيق المرء ذرعًا نتيجة تفوق الآخرين عليه، بخلاف ما إذا كان المتفوق هو ابنه؛ لأنّ الآباء يحملون عاطفة وحبًّا وشفقة عظيمة على أبنائهم.
إنّ الدين يحمّل الآباء المسؤولية التامة عن حسن التربية للأولاد، فكلّ أبٍ مسؤول أمام الله سبحانه عن حسن تربية ابنه والعمل على إصلاحه.
ويكشف الدين عن الآثار العظيمة التي يتركها صلاح الولد على الوالد، فقد ورد عن رسول الله أنه قال: "الولد الصالح ريحانة من رياحين الجنة"[1] ، وورد عن الإمام الصادق أنه قال: "من سعادة الرجل الولد الصالح"[2] ، وجاء في رواية أخرى عنه أنه قال: "ميراث الله من عبده المؤمن الولد الصالح يستغفر له"[3] . لكلّ ما سبق، يسعى الإنسان ويتطلع إلى صلاح أبنائه، ذكورًا وإناثًا، وذلك ما يتطلب أن ينتهج الأب منهجًا تربويًّا صالحًا، ويبذل أقصى جهد ممكن، حتى يضمن إنتاج ولد صالح.
هل يفرض الصلاح على الأبناء؟
غير أنّ السؤال المطروح هنا، هو ما إذا كان يتوجب على الآباء أن يفرضوا الصلاح على أبنائهم فرضًا، وهل من حقّهم فعل ذلك؟
إنّ من الملاحظ أنّ آباء يعمدون إلى محاولة فرض الصلاح على أولادهم. فلا يكتفون ببذل ما في وسعهم نحو تربية الأبناء، وإنما يلجأون إلى فرض الصلاح على الأبناء بالإكراه، انطلاقًا من الشعور بالحقّ في الهيمنة عليهم، استمرارًا للوصاية الأبوية عليهم منذ الصغر، التي تفرض - بظنّهم- حتمية رضوخ الأولاد لأوامرهم، وبذلك يريد هؤلاء الآباء استصحاب حالة الوصاية هذه على الأولاد حتى في كبرهم، متصورين بأنّ من حقّهم فرض ما يشاؤون على أبنائهم، باعتبار ذلك طريقًا لصلاحهم، بل إنّ بعض الآباء يتوهّمون أنهم عن طريق ذلك يقومون بتكليفهم الشرعي، ويستجيبون لأوامر الله تعالى في رعاية الأبناء.
ويأتي العرف الاجتماعي باعتباره دافعًا آخر وعاملًا ضاغطًا على الآباء، نحو ممارسة التأثير على الأبناء قسرًا، وذلك تحاشيًا لتلقي العتب الاجتماعي، والتوبيخ من الناس، فيما لو خرج الأبناء عن طوعهم، وبذلك يلجأون إلى درء العيب الاجتماعي عن أنفسهم، من خلال فرض رؤيتهم على الأبناء، بما يصل أحيانًا إلى قسرهم على اتّباع العادات والأعراف التي لا صلة لها بالدين ، وبما يصل أحيانًا إلى الاصطدام بالأبناء أو البنات، نتيجة خروجهم على عادة اجتماعية، أو تقليد مجتمعي، كلّ ذلك رغبة في درء العيب، وتفاديًا للحرج الاجتماعي.
حدود التربية شرعًا
وبالعودة إلى النصوص الشرعية، والتعاليم الدينية، نجدها لا تكلّف الأب المسؤولية عن الأبناء بعد بلوغهم سنّ التكليف والرشد. بل يكون دور الأب حيال الأبناء، كدوره حيال سائر أفراد المجتمع، لجهة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، بمعزل عن أيّ خصوصية شرعية تلزمه كأب تجاه الأبناء، بأكثر مما تلزمه حيال سائر أفراد المجتمع، فإذا لم يقبل الأبناء الراشدون من أبيهم، ولم يستجيبوا لتوجيهاته، فلا مسؤولية شرعية تقع على عاتقه. ما دام قد قام بواجبه، وبذل ما بوسعه في تربية أبنائه، فلا ينبغي للمجتمع أن يحمّله المسؤولية ويلقي باللائمة عليه نتيجة تصرفات أبنائه.
وأبعد من ذلك، هل هناك أصلًا إمكانية لدى الآباء لقسر أبنائهم الراشدين على فعل شيء لا يريدونه! كلّا. فالأبناء، إناثًا كانوا أم ذكورًا، يمثل كلٌّ منهم كيانًا مستقلًّا، أعطاه الله تعالى الإرادة وحرية الاختيار، قال تعالى: ﴿فَمَن شَاءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاءَ فَلْيَكْفُرْ﴾، فلم يرد سبحانه وتعالى أن يكون إيمان الفرد ناتجًا عن الجبر والإكراه، سواءً من طرفه سبحانه، أو عن طريق أنبيائه، أو بواسطة الآباء.
النبي نوح والابن المتمرد
لقد استعرضت قصة نبي الله نوح مع ابنه أثناء الطوفان، الواردة في القرآن الكريم، جانبًا من حدود المسؤولية الملقاة على عاتق الأب حيال أبنائه. وهي رسالة واضحة ينبغي أن يلتفت لها الآباء، فهل كان النبي نوح مقصِّرًا في هداية ابنه؟ أولم يسلك الطريق السليم في تربيته؟ بلى، لقد كان ذلك متوفّرًا من جهة نوح حيال ابنه، غير أنه لم يكن يتسنى له فرض أمره على ابنه، ولا إكراهه على اتّخاذ موقف لا يريده، وذلك لسبب بسيط، وهو أنّ ابنه الذي يقف قباله بشر منحه الله الحرية والإرادة، فهو المخوّل في اتخاذ مواقفه، وتحديد توجهه.
وقد استعرض القرآن الكريم قصة نوح مع ابنه في قوله تعالى: ﴿وَنَادَىٰ نُوحٌ ابْنَهُ وَكَانَ فِي مَعْزِلٍ يَا بُنَيَّ ارْكَب مَّعَنَا وَلَا تَكُن مَّعَ الْكَافِرِينَ ﴿٤٢﴾ قَالَ سَآوِي إِلَىٰ جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْمَاءِ ۚ قَالَ لَا عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّـهِ إِلَّا مَن رَّحِمَ ۚ وَحَالَ بَيْنَهُمَا الْمَوْجُ فَكَانَ مِنَ الْمُغْرَقِينَ﴾[سورة نوح، الآيتان: 42ـ43].
حيث جرت أحداث القصة يوم الطوفان، حين نادى نوح ابنه وكان في معزل، وللمفسّرين قولان في تفسير مفردة ﴿مَعْزِلٍ﴾، فهناك من قال أنّ الابن كان في مكان مرتفع منعزل وبعيد عن الطوفان، فيما رأى فريق آخر من المفسرين أن عبارة ﴿فِي مَعْزِلٍ﴾ تشير إلى انعزال الابن عن الإيمان برسالة أبيه، ونأيه في الوقت ذاته عن الكافرين بالرسالة، وبمعنى أدقّ كان معتزلًا اجتماعيًّا، بعيدًا عن الدخول في الصراع، فلم يكن مع هؤلاء ولا أولئك. إذًا نحن هنا بإزاء نبيّ عظيم، سعى بكلّ جهده لهداية قومه، ومن المؤكّد أنه بذل ما بوسعه لهداية ابنه، بل إنّه ظلّ يناديه وينصحه بالركوب معه في سفينة النجاة، حتى آخر لحظة ﴿يَا بُنَيَّ ارْكَب مَّعَنَا وَلَا تَكُن مَّعَ الْكَافِرِينَ﴾، لكن الابن لم يستجب لنداء أبيه، وآثر الهرب إلى قمة جبل، ظنًّا منه أن ذلك سبيل النجاة ﴿قَالَ سَآوِي إِلَىٰ جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْمَاءِ﴾، وكأنه يقول لأبيه ضمنًا، يا أبتِ، لا دخل لك فيما أختار، ومع ذلك ظلّ نوح يتعامل مع ابنه العاق بالرأفة والشفقة، مخاطبًا إيّاه ﴿قَالَ لَا عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّـهِ إِلَّا مَن رَّحِمَ ۚ وَحَالَ بَيْنَهُمَا الْمَوْجُ فَكَانَ مِنَ الْمُغْرَقِينَ﴾، وبالرغم من هذا الوضع المأساوي، ظلّت الرحمة والشفقة تجلّل نبي الله نوح تجاه ابنه المتمرّد، الذي رفض الاستجابة لرسالة أبيه، حتى حين كان في أحلك الظروف، والخطر محدق به من كلّ جانب، قال تعالى: ﴿وَنَادَىٰ نُوحٌ رَّبَّهُ فَقَالَ رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ وَأَنتَ أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ ، قالَ يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ ۖ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ﴾، ومضمون قوله تعالى: ﴿لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ﴾ أي إنّ الابن لم يعد يستحقّ الرابطة النسبية بك، ما دام قد قطع الرباط الإيماني، الذي يُعَدّ أوثق وأكثر عمقًا من الارتباط النسبي.
الرسالة في القصة
إنّ الرسالة الأبرز التي يريد أن يبعثها الخالق سبحانه من خلال قصة نوح مع ابنه، هي أنّ صلاحية الآباء تجاه الأبناء تقتصر على الإرشاد والتوجيه، وحسب. فإن لم يأخذ الإرشاد مفاعيله في حياة الأبناء، فليس ذلك موجبًا للآباء أن يفرضوا على أبنائهم ما لا يرغبون، ولو كان الأمر كذلك لفعله نبي الله نوح مع ابنه، وفلذة كبده الموشك على الهلاك الحتمي، بأن يكبّل يديه ورجليه مثلًا، ويأخذه إلى سفينة النجاة رغمًا عنه!، لكنه لم يفعل. وذلك لعلمه أنّ الأب ليس مكلّفًا إكراه أبنائه وإجبارهم على النزول على ما يريد هو، وإن كان محقًّا، فضلًا عن أنّ الطريق نحو الهداية والرشاد لا يتسنّى بالقسر والإكراه، خاصة حين يتعدّى الأبناء مرحلة الطفولة ويبلغون سنّ الرشد.
إنّ على أفراد المجتمع أن يفهموا هذه الرسالة جيّدًا، فلا يلجأون إلى تحميل الآباء المسؤولية عن انحراف أبنائهم، ذكورًا كانوا أم إناثًا، فلا مسؤولية تقع على عاتق الأبوين أو العائلة تجاه الانحرافات التي قد تصدر عن بعض الأبناء، ما دام الأبوان قد أدّيا واجبهما في تربية الأبناء. كما لا ينبغي إلقاء الاتّهامات على عواهنها حيال تقصير الآباء في تربية أبنائهم الذين وقعوا في الانحراف، وإنّما يلزم البناء على الصحة في هذا المقام، من خلال حمل عمل المؤمن على الصحة، ما يعني الافتراض بأنّ الأب قد أدّى واجبه التربوي على أحسن ما يكون، اللهمّ إلّا إذا تأكد خلاف ذلك، فهنا ربما صحّ توجيه الملامة.
وبالمقارنة مع المجتمعات الغربية، تبدو العلاقة بين الآباء والأبناء في مجتمعاتنا في غاية الإيجابية، إلّا أنّها قد لا تخلو من المبالغة أحيانًا. حيث تتسم العلاقة بين الآباء والأبناء في المجتمعات المتحررة بالمبالغة لجهة الانفصال النفسي والقانوني فور بلوغ الأبناء سنّ الثامنة عشرة، بحيث لا تعود العائلة معنية بتصرفات الأبناء نهائيًّا، ولا المجتمع يتوقع منها ذلك أصلًا، في المقابل يمثل الارتباط الأبوي القائم بين العائلة والأبناء حالة إيجابية في مجتمعاتنا المحافظة، إلّا أنّ ذلك قد يوقع كثيرين في المبالغة أحيانًا، على نحو يحمّل الآباء أنفسهم أعباء ومسؤوليات لم يحمّلهم الله تعالى إيّاها.
في بيوت الأئمة أبناء متمرّدون
لقد شهد تاريخ أئمة أهل البيت عددًا من الحالات التي كان فيها أبناؤهم مخالفين لعقيدتهم ونهجهم الديني. فهل كان ذلك ناتجًا عن تقصير من الأئمة حيال تربية أبنائهم، أم أنّهم لم يكونوا يحسنون التوجيه والإرشاد، كلّا، لكن الإمام لا يمتلك الحقّ الشرعي في أن يفرض على ابنه ما لم يختره، وقد ذكر الشيخ المفيد في الإرشاد ما نصّه: "كان لأبي عبدالله ـ الصادق ـ عشرة أولاد، وكان إسماعيل أكبر إخوته، مات في حياة أبيه...، وكان عبدالله أكبر إخوته بعد إسماعيل، ولم تكن منزلته عند أبيه منزلة غيره من ولده في الإكرام، وكان متّهمًا بالخلاف على أبيه في الاعتقاد، ويقال إنه كان يخالط الحشوية، ويميل إلى مذاهب المرجئة، وادّعى بعد أبيه الإمامة، واحتج بأنه أكبر إخوته الباقين، فاتّبعه على قوله جماعة من أصحاب أبي عبدالله ، ثم رجع أكثرهم بعد ذلك إلى القول بإمامة أخيه موسى، لما تبينوا ضعف دعواه، وقوة أمر أبي الحسن ودلالة حقّه، وبراهين إمامته، وأقام نفر يسير منهم على أمرهم، ودانوا بإمامة عبدالله، وهم الطائفة الملقبة بالفطحية، وإنّما لزمهم هذا اللقب؛ لقولهم بإمامة عبدالله، وكان أفطح الرجلين، ويقال: إنّهم إنّما لقبوا بذلك؛ لأنّ داعيتهم إلى إمامة عبدالله كان يقال له: عبدالله بن أفطح"[4] ، وورد عن الإمام الكاظم أنه قال: "يريد عبدالله أن لا يعبد الله"[5] .
إذاً نحن هنا بإزاء ابن إمام، وأخ لإمام، كان يحمل عقيدة مخالفة، فقد كان يخالط الحشوية، وهي الفرقة التي كانت ترى خطأ قتال الإمام عليّ لأصحاب النهروان وصفين، وقد كان عبدالله هذا يميل إلى رأي هذه الفرقة في تخطئة جدّه أمير المؤمنين ، وكذلك ميله إلى مذاهب المرجئة، ما يدلّ على ارتباك شديد في تركيبته العقدية، ناهيك عن ادّعائه الإمامة بعد وفاة أبيه الصادق ، محتجًّا بأنه أكبر إخوته الباقين. وهذا يكشف إلى حدٍّ بعيد أنّ نهج الأئمة ليس قائمًا على الفرض والإكراه حتى مع أقرب الناس إليهم وهم أبناؤهم.
كما أنّ من الحالات التي شهدها تاريخ أئمة أهل البيت، قصة جعفر بن الإمام الهادي. وقد اشتهر باسم جعفر الكذّاب، مع أنّه كان ابن إمام وأخ لإمام وعم لإمام، ولم يعصمه ذلك من الوقوع في الانحراف، قال عنه الشيخ المفيد في الإرشاد: "وتولى جعفر بن عليّ أخو أبي محمد الحسن العسكري، أخذ تركته - العسكري-، وسعى في حبس جواري أبي محمد ، واعتقال حلائله، وشنّع على أصحابه بانتظارهم ولده، وقطعهم بوجوده، والقول بإمامته، وأغرى بالقوم حتى أخافهم وشرّدهم، وجرى على مخلَّفي أبي محمد بسبب ذلك كلّ عظيمة، من اعتقال وحبس وتهديد وتصغير واستخفاف وذلّ"[6] ، و هناك روايات تشير إلى أنّ جعفر الكذّاب سعى عند الخليفة حتى يفرضه إمامًا على الشيعة، بدلًا عن أخيه الحسن العسكري .
حدود سلطة الآباء
إنّ على الآباء أن يعرفوا حدود سلطتهم على أبنائهم. حتى على صعيد المسائل الأساسية الكبرى، في العقيدة والدين، فضلًا عن الإلزام بالأعراف والتقاليد، فهذه أولى بأن لا يجري فرضها على الأبناء بأيّ حال من الأحوال؛ لأنّ هناك صنفًا من الآباء يضغطون على أبنائهم للخضوع إلى أعراف اجتماعية وتقاليد اعتاد الناس عليها، أو ربما يسعون لإكراههم على الاستجابة لرغبات شخصية عند الآباء، من قبيل إجبارهم على الزواج من هذه العائلة المعينة، أو اختيار تلك المرأة المحددة، أو حتى إجبارهم على العيش وفق طريقة معينة تناسب الآباء أكثر مما تناسب الأولاد أنفسهم، وتلك بأجمعها ممارسات لا مشروعية لها، ولا يحقّ للأب فرضها على أيّ نحو من الأنحاء. وقد رد عن أمير المؤمنين أنه قال: "لا تقسروا أولادكم على آدابكم، فإنهم مخلوقون لزمان غير زمانكم"[7] . إنّ على الآباء بذل ما في وسعهم نحو تربية أبنائهم تربية صالحة، حتى إذا بلغوا سنّ الرشد فإنّ للآباء أن يقوموا حيالهم بدور النصح والإرشاد، وواجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وبذلك تنتهي مسؤوليتهم. فالآباء غير مكلّفين شرعًا بقسر أبنائهم على فعل ما يرونه مناسبًا، ناهيك عن النتائج السلبية لممارسة الفرض والإكراه على الأبناء.