صحيفة الوسط البحرينية تنشر قراءة في سلسلة من الكتب الجديدة لسماحة الشيخ الصفار
نشرت صحيفة الوسط البحرينية يوم الجمعة 14 رجب 1426هـ الموافق 19 أغسطس 2005م في عددها الصادر رقم 1078 قراءة في سلسلة من الكتب الجديدة لسماحة الشيخ حسن الصفار الجديدة بعنوان : « قوانين السعادة الزوجية وأبجديات الحب .. سلسلة كتب جديدة للشيخ حسن الصفار » للكاتب الأستاذ حسن آل حمادة ، وفيما يلي نص المقال:
القطيف - حسن آل حمادة
عن مركز الراية للتنمية الفكرية في دمشق، صدر للمفكر الشيخ حسن موسى الصفار، سلسلة من الكتابات الجديدة، تحت عنوان: "قوانين السعادة الزوجية وأبجديات الحب"، وجاءت في سبعة أجزاء، من القطع الوسط، وطبعت بعض أجزائها في طبعتين على رغم صدورها خلال هذا العام 2005م، وهنا عرض موجز لثلاثة من عناوينها أولها: من عقد الزواج إلى ليلة الزفاف.
يعد هذا الكتاب بمثابة بحث فقهي اجتماعي، عن الزمن الفاصل بين إجراء العقد والدخول لمباشرة الحياة الزوجية، ومدى فعلية آثار الزواج في هذه المرحلة، وما قد يحصل خلالها من عزم على إنهاء العلاقة وفسخ العقد، من قبل أحد الطرفين، لاكتشافه خللا في مواصفات الطرف الآخر، ثم ما يترتب على هذا الفسخ من التزامات، كما يتناول هذا الفصل، موضوع مراسيم الزفاف وليلة العرس، بذكر المستحبات الشرعية، ومناقشة ما أضافته العادات والأعراف، من تقاليد خاطئة مرهقة.
يقول المؤلف: إذا كان من الطبيعي وجود مراسيم احتفاء بليلة العرس، وتعاليم الشرع تشجع على ذلك، فإن ما تعاني منه بعض مجتمعاتنا اليوم: هو المبالغة في أنماط هذه المراسيم والأعراف، حتى تحولت إلى عبء يرهق كاهل العروسين وعائلتيهما، إنها لم تعد مراسيم احتفاء رمزي، تفيض فيها المشاعر والأحاسيس، وتزخر بقيم المودة والتضامن الاجتماعي، بل أصبحت ذات متطلبات شاقة مكلفة، من الناحية الاقتصادية والعملية.
وفي مكان آخر راح الشيخ الصفار يشجع الراغبين في الزواج على الانخراط في مهرجانات الزواج الجماعي، وعدم الالتفات إلى الأفكار السلبية، التي تعتبره خاصا بذوي الدخل المحدود، وأنه لا يليق بالمتمكنين ماليا أن يتزوجوا ضمن المهرجان، أو أن المتزوج وأهله لا يشعرون بخصوصيتهم، حينما يتم الزواج بشكل جماعي.
وفي هذا الكتاب تناول المؤلف الآثار المترتبة على عقد الزواج الصحيح، من حقوق وواجبات كل من الطرفين تجاه الآخر، وبحث أفضل أساليب المعاشرة بين الزوجين لتحقيق السعادة والنجاح.
يقول المؤلف: فهناك امتيازات وخصائص متقابلة بين الزوجين، ليس هناك امتياز مطلق لأحدهما على الآخر، بل نقاط قوة عند كل منهما تجاه الآخر، وبمشاركتهما وتكاملهما تتحقق سعادتهما، ويؤديان دورهما الإنساني الاجتماعي.
وقوامة الرجل على المرأة في الحياة الزوجية تكليف قبل أن تكون تشريفا، وفي مقابل الواجبات الملقاة على عاتقه تجاهها، تكون له بعض الصلاحيات... لكن هذه الصلاحيات الممنوحة للرجل من خلال موقع القوامة في الحياة الزوجية، لا يصح أبدا أن تتحول إلى تسلط وقهر، وإلى استضعاف للمرأة وإساءة لكرامتها. ولأن ذلك كثيرا ما يحدث من بعض الأزواج تجاه زوجاتهم، فقد جاء تأكيد في آيات كثيرة، وأحاديث كثيرة، أهمية مراعاة حقوق الزوجة المادية والمعنوية، والتعامل معها باحترام وإحسان.
يستعرض الشيخ الصفار في هذا الكتاب احتمالات الخلاف بين الزوجين، وطرق ضمان حقوق كل منهما، وكيفية التعامل مع مشكلات الحياة الزوجية، ومسئولية المجتمع في حماية التوافق الزوجي، وإصلاح ذات البين، وأخيرا موضوع تعدد الزوجات، ورؤية الإسلام لهذه المسألة الحساسة، على الصعيد النسائي والأحكام الشرعية التي تضبط موضوع تعدد الزوجات.
وعند حديثه عن: (تعدد الزوجات) لم يكتف المؤلف ببيان الحكم الشرعي في الإسلام، والذي يجيز للرجل تعدد الزوجات بأربع، بل عمد لتسطير تحليل اجتماعي للمسألة مستعينا في ذلك بما كتبه المؤرخ (ول ديورانت) في موسوعته الشهيرة: (قصة الحضارة)، والذي أشار ضمنه إلى أن التعدد نظام ساد العالم البدائي، وهنالك أسباب عدة عملت كلها على تعميمه. ومن المبررات التي يطرحها المؤلف لتعدد الزوجات:
- عادة ما يكون عدد الإناث أكثر من عدد الذكور.
- المرأة أسرع بلوغا وتهيئا للزواج من الرجل.
- تمر على المرأة فترات تعاني فيها من العوائق الجنسية، كأيام العادة الشهرية، وبعض فترات الحمل.
- هناك نساء يفقدن أزواجهن لبعض الأسباب، من وفاة أو طلاق... وقد تكون المرأة مصابة بالعقم، أو أي مرض آخر، ففي ظل نظام الزوجة الواحدة فقط، تصعب معالجة مثل هذه الحالات.
من أجل ذلك أمضى الإسلام ما كان معمولا به من تعدد الزوجات، ولكن ضمن حدود وضوابط... وتحديد تعدد الزوجات بأربع لقوله تعالى: ﴿وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُواْ فِي الْيَتَامَى فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاء مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ (3) سورة النساء، إضافة إلى الكثير من الأحاديث الصريحة بهذا التحديد. والوارد في قوله تعالى: ﴾مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ ﴿ للتخيير، يعني: أما اثنتان، أو ثلاث، أو أربع، وهذا باتفاق المسلمين.
وقبل أن نسدل الستار على هذا الكتاب، لا يسعنا إلا أن نسجل توافقنا مع الشيخ الصفار حين بارك مبادرة بعض المؤسسات الاجتماعية، لعقد دورات تثقيفية توعوية لمجاميع من المقبلين على الحياة الزوجية، وهو - كما يقول - برنامج مفيد جدا، ينبغي أن يتحول إلى سنة حسنة، ليساعد أبناءنا وبناتنا على النجاح في حياتهم الزوجية، وخصوصا نحن نعيش ظرفا زادت فيه حدة المشكلات العائلية، وارتفعت وتيرة الطلاق، كما تتحدث الأرقام والإحصاءات.