الوطن السعودية تنشر قراءة لكتاب سماحة الشيخ الصفار الاستقرار السياسي والاجتماعي – ضرورته وضماناته
جاء ذلك في العدد رقم (1871) الصادر يوم الأحد 11 شوال 1426هـ (13 نوفمبر 2005م).
وهذا نص القراءة:
يتناول المؤلف في هذا الكتاب ضرورات وضمانات الاستقرار السياسي والاجتماعي في الشرق الأوسط، الذي يمتاز - كما يقول المؤلف - بثرائه الروحي، وعمق تاريخه الديني، فمن ربوعه انبثقت الأديان السماوية الكبرى: الإسلام والمسيحية، واليهودية. وهو يحتضن البقاع المقدسة التي يتجه إليها أتباع هذه الديانات من مختلف أنحاء العالم.
ويضيف المؤلف: في الشرق الأوسط ظهرت حضارات عظيمة، كالحضارات التي طورها الآشوريون والمصريون والعبرانيون والفرس، ثم جاءت الحضارة الإسلامية التي انصهرت فيها شعوب المنطقة من مختلف الأعراق والقوميات، وسادت العالم لقرون من الزمن.
إلى جانب الثراء الروحي، والتراث الحضاري، فقد تفجرت في الشرق الأوسط ثروات النفط الهائلة، التي تمثل شريان الحياة الاقتصادية، ووقود الحركة الصناعية في العالم الحديث.
والنفط ليس هو الثروة الوحيدة لهذه المنطقة، بل تتوفر فيها مختلف الإمكانات المادية والبشرية، مع المواقع الجغرافية الإستراتيجية.
لكن الشرق الأوسط لا يزال مصنفاً ضمن أكثر المناطق تخلفاً في جميع حقول التنمية الإنسانية والاقتصادية. ويكفي الاطلاع على التقارير التي أصدرها برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، عن التنمية الإنسانية العربية، للأعوام 2002، 2003، 2004م، لإدراك عمق التخلف الذي تعيشه شعوب هذه المنطقة من العالم، مع كل ما تمتلك من ثراء روحي وتراث حضاري وثروات مادية عظيمة.
ويعدد المؤلف أهم أسباب التخلف في هذه المنطقة من العالم قائلاً: إن من أهم أسباب التخلف في منطقة الشرق الأوسط هو فقدانها للاستقرار السياسي والاجتماعي، حيث تعيش مجتمعاتها حالة مزمنة من الاضطرابات الداخلية، نتيجة لاختلال العلاقات بين أطرافها السياسية والاجتماعية، مؤكداً أن الخلل في العلاقات السياسية والاجتماعية، أنتج شعوراً بالاستعلاء وممارسة للهيمنة عند بعض الأطراف، كما ولد إحساساً بالغبن واندفاعاً للمقاومة عند أطراف أخرى.
ويرى الصفار أن هذه الأرضية أتاحت الفرصة لبروز القوى المتشددة وسط كل جهة، وفتحت الباب لتدخلات من خارج المجتمع يستعين بها هذا الطرف أو ذاك، وهكذا أصبحت المنطقة ساحة للصراعات والنزاعات الداخلية، ومسرحاً للأطماع والنفوذ الخارجي.
وتنطبق هذه المعادلة المؤسفة على مختلف ميادين العلاقات في الشرق الأوسط، فيما بين حكومات المنطقة، وبين الأنظمة والشعوب، وبين القوميات المتنوعة، والاتجاهات الدينية والسياسية المتعددة في المجتمعات، ومن ثم يتساءل: كيف يمكن معالجة الخلل المزمن في العلاقات القائمة بين أطراف المجتمعات الشرق أوسطية، على الصعيد السياسي والاجتماعي؟، ومتى تتجاوز هذه المنطقة حالات الاضطراب والنزاع والاحتراب الداخلي؟، وما هي خارطة الطريق الذي سلكته الأمم الأخرى لتحقيق سلمها الاجتماعي واستقرارها السياسي؟، موضحاً أن هذه التساؤلات وأمثالها كانت الدافع لكتابة هذه السطور، والتي لا تشكل بحثاً مستوعباً لجوانب الموضوع، بمقدار ما تطرح أفكاراً وإثارات، تسلط الأضواء على مكامن الخلل في العلاقات القائمة بين أطراف المجتمع، وتعرض بعض الرؤى والمقترحات لاستشراف أفق جديد نقترب فيه من تحقيق أمل الاستقرار المنشود.