مقدمة كتاب إشارات في الوعي الاجتماعي للأستاذ كمال المزعل
بسم الله الرحمن الرحيم
يظلم الإنسان نفسه حين يحجّم تفكيره واهتمامه بحدود شؤونه الذاتية، ذلك أن الله تعالى منحه قدرة عقلية هائلة، وإرادة نفيسة جبّارة، ونزعة عميقة نحو التطلع والطموح.
فهو مخلوق مهيأ للقيام بدور على مستوى الكون والحياة، ومؤهل للقيادة والخلافة في الأرض، لذلك يأمره الله تعالى بالنظر في آفاق الوجود، والتأمل في أحداث الماضي والحاضر والمستقبل، ليتعرف على سنن الله الناظمة للحياة في عالم الطبيعة والمجتمع البشري.
ولا تحتاج هذه الحقيقة إلى أدلة وبراهين، فكما يقال: الوقوع أكبر دليل على الإمكان، حيث نرى أفراداً من بني الإنسان حققوا منجزات كبيرة على مستوى العالم، وأصبحوا قادة للتغيير والتأثير في تاريخ البشر.
لكن الجهل بالذات، والغفلة عن غرض الوجود وهدف الخلق، والانشغال بالرغبات التافهة، هو ما يصرف الإنسان عن الاهتمامات الكبرى.
وهنا يأتي دور الثقافة والوعي الذي يثير تفكير الإنسان، ويدفعه لاكتشاف قدراته ومؤهلاته، ويمنحه الثقة بالذات، والطموح للإنجاز.
وحين نرى أفرادًا يتجاوزون همومهم الذاتية، ويفكرون في الشأن العام، ويتصدون لقضايا المجتمع، فإن ذلك ناتج عن مستوى بلغوه من الثقافة والوعي ميّزهم عن أقرانهم ومجايليهم.
ومؤلف هذا الكتاب أنموذج مشرق لهذه الفئة من الأفراد المتميزين في مجتمعهم، هو الصديق العزيز الأستاذ كمال أحمد المزعل، فقد عرفته من حداثة سنه، وريعان شبابه، يتوقد حماسًا وإخلاصًا لخدمة دينه ومجتمعه، لم تستقطبه الرغبات والهموم الذاتية التي جذبت معظم أقرانه وأبناء جيله، بل استجاب لنداء المسؤولية والوعي، فاتجه لبرامج العمل الاجتماعي والنشاط الثقافي، حتى اكتسب خبرة وتجربة أهّلته للتصدي لمسؤوليات مهمة، والقيام بأدوار بارزة.
فقد أسّس منتدىً ثقافياً رائدًا في بلده (سيهات)، واُنتخب عضواً في المجلس البلدي لمحافظة القطيف، ونهض بأعباء القسم الثقافي في نادي الخليج الرياضي بسيهات، وقام بعدد من المبادرات الثقافية والاجتماعية، وشارك بالعمل في أكثر من مؤسسة تطوعية، إضافة إلى اهتمامه بالعلاقات والتواصل الوطني.
وكانت الكتابة في الشأن العام إحدى اهتماماته على هذا الصعيد، حيث نشر عدداً من المقالات في الصحافة الورقية والالكترونية، وتعكس هذه المقالات مستوى وعيه وخبرته من خلال تثقيفه الذاتي وتجربته الميدانية، وقد جمعها في هذا الكتاب الذي تنبض صفحاته بعشق الوطن، وتفيض سطوره حبًا للمجتمع.
اسأل الله أن ينفع بكتابه كما نفع بمساعيه وجهوده، وأن يوفقه للمزيد من العمل والعطاء في خدمة الدين والمجتمع.
والحمد لله رب العالمين.
حسن موسى الصفار
1 رجب 1442هـ
13 فبراير2021م