الإعلام الإلكتروني ورسالة عاشوراء
قال تعالى: ﴿ذَٰلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ﴾[1] .
يُظهر مجتمعنا في إحيائه لمراسم عاشوراء مدى تمسّكه بهويته الدينية، وعمق ولائه للنبي ولعترته الطاهرة . من خلال استحضار سيرتهم، وخاصّة السّيرة الحسنية، واستذكار مواقفهم المشرقة في الدفاع عن قيم الدين، والتضحية من أجل المبادئ، وتحمّل الآلام والمصائب في سبيل الله.
وفي إحياء عاشوراء يعيش مجتمعنا حركة ثقافية أدبية قلّ نظيرها، حيث تلقى آلاف الخطب والمحاضرات، وتنشد القصائد والنصوص الأدبية بألوانها المتنوعة، من الأدب القديم الرصين والإنتاج الأدبي المعاصر، وتقام مختلف الأنشطة الفنية، من عرض مسرحيات، وإقامة معارض للفنّ التشكيلي، والخطّ العربي، وإنتاج أفلام خاصّة بالمناسبة.
كما تشكل هذه المناسبة العظيمة فرصة مهمّة لتعزيز التلاحم الاجتماعي، وترسيخ تقاليد العمل الأهلي التطوعي، حيث تدار المجالس والمواكب والبرامج المختلفة بتعاون وانسجام، ومشاركة من جميع الشّرائح والطبقات.
وتظهر هذه المراسم روح العطاء والبذل والإنفاق في حبّ النبي وأهل بيته ، حيث يتوفر الطعام والشّراب لكلّ المشاركين، ويصل إلى معظم البيوت والأسر، كما كان ينقل الأديب الراحل الدكتور غازي القصيبي عبارة: (اللّي يعزّي واللّي ما يعزّي ياكل عيش الحسين، وقد أكلته في كلّ عام من أعوام الشّباب)[2] .
هكذا يحيي مجتمعنا الإيماني مراسم عاشوراء، كشعيرة دينية يتقرّب بأدائها إلى الله سبحانه وتعالى.
لكنّ هذه البرامج الرائعة، والفعاليات المكثفة، لم تكن تحظى بتغطية إعلامية مناسبة، تبرزها أمام الرأي العام الوطني والعالمي، مما أتاح الفرصة لتشويهها، والتشكيك في دوافعها وأغراضها، وانتشرت دعايات مضلّلة غير لائقة في بعض الأوساط عن برامج هذه الشّعائر.
وبحمد الله تعالى، فإنّ انطلاق عهد الإعلام الإلكتروني، قد أتاح الفرصة المثلى لإظهار إحياء مجتمعنا لموسم عاشوراء بأوسع نطاق، وأجلى صورة.
لقد قامت الصحافة الإلكترونية المحلية، وشبكات التواصل الاجتماعي، بدور مميّز عظيم، في إيصال رسالة عاشوراء، وإبراز الفعاليات الثقافية والاجتماعية.
وخاصّة مع التزام المجتمع بالضوابط والاحترازات الصحية، التي فرضتها جائحة كورونا، فإنّ هذا الإعلام الإلكتروني ملأ فراغًا كبيرًا، وسدّ حاجة ملحّة.
عبر الإعلام الإلكتروني كان يتم الإعلان عن البرامج، وتبثّ المحاضرات التي يسمعها عشرات الآلاف داخل الوطن وخارجه، ويتم تغطية كافة الأنشطة، وتكتب المقالات، وتنشر القصائد.
من هنا أتوجه بالشّكر والامتنان لجميع الأخوة الأعزّاء، والأخوات العزيزات، القائمين على نشر هذه الصحف الإلكترونية المحلية في القطيف والأحساء، وكذلك العاملين في مختلف شبكات التواصل الاجتماعي، ضمن الحسينيات والمساجد والمواكب، أو بمبادراتهم الفردية المخلصة.
إنّها ساحة جديدة تضاف إلى ساحات إحياء الشعائر الحسينية، فجزى الله جميع المشاركين فيها خير الجزاء، وهذا هو المأمول والمتوقع، ممن تربّوا في أحضان هذا المجتمع الولائي، والوطن المعطاء.
لذلك أدعو المجتمع إلى تقدير جهود الإعلام الإلكتروني، ودعمها ماليًّا ومعنويًّا، والتعامل معها بإيجابية، إنّ البعض حين لا يعجبه شيء ينشر في إحدى هذه الصحف والمواقع، يتخذ موقفًا سلبيًّا متشنجًا، ويغفل أنّها جهد بشري يعرض له الخطأ، وقد تكون هناك مبررات أو جهة نظر أخرى، فلا بُدّ من التعامل إيجابيًّا، عبر الحوار والنقد البنّاء، لدعم هذا الجهد الذي لا غنى عنه في هذا العصر.
وجزى الله أبناء المجتمع بكلّ شرائحه خير الجزاء، على هذا الإحياء الرائع. وأعاد الله علينا هذه المناسبة في خير وضع وأفضل حال.