اهتمام النبي (ص) بالتعليم
قال تعالى: ﴿وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْمًا﴾[1] .
تشير أكثر من آية قرآنية إلى أنّ التعليم من وظائف النبوة، فالنبي جاء ليهدي الناس إلى طريق العلم، ويبيّن لهم معارف دينهم وإدارة أمور دنياهم.
يقول تعالى: ﴿كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولًا مِّنكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُم مَّا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ﴾[2] .
ويقول تعالى: ﴿هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ﴾[3] .
وقد أكد القرآن الكريم على قيمة العلم وأهميته، ويكفي أنّ الله سبحانه يأمر نبيّه أن يطلب من الله الزيادة في العلم ﴿وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْمًا﴾، فإذا كان النبي مع غزارة علمه وسعة معرفته وارتباطه بالوحي مأموراً بطلب زيادة العلم من ربه إلى آخر عمره، فسائر الناس أحوج إلى هذا التطلع والطلب على مساحة العمر كلّه، وكما ورد في الأثر: (اطلبوا العِلْمَ مِنَ الْمَهْدِ إِلَى اللَّحْـد)، وربما نسب إلى رسول الله لكنه لم يرد في مصادر الحديث.
وأكد رسول الله كثيرًا على قيمة العلم ودوره في حياة الإنسان، حتى جعل طلبه فريضة حيث ورد عنه : «طَلَبُ الْعِلْمِ فَرِيضَةٌ عَلى كُلِّ مُسْلِمٍ»[4] .
واعتبر مستوى العلم مقياسًا لقيمة الإنسان. جاء عنه : «أكثَرُ النّاسِ قيمَةً أكثَرُهُمْ عِلماً، وأقَلُّ النّاسِ قيمَةً أقَلُّهُم عِلْماً»[5] .
وعنه : «خَيْرُ اَلدُّنْيَا وَاَلْآخِرَةِ مَعَ اَلْعِلْمِ، وَشَرُّ اَلدُّنْيَا وَاَلْآخِرَةِ مَعَ اَلْجَهْلِ»[6] .
تعليم الكتابة واللغات الأخرى
وإلى جانب الدور الذي كان يقوم به في تعليم الناس المعارف الإلهية، فإنه كان يحث على تعليم وتعلم مختلف المعارف المفيدة.
ففي سنن الترمذي وسنن أبي داود عن زيد بن ثابت: أمَرَني رَسولُ اللَّهِ أن أتَعَلَّمَ لَهُ كِتابَ يَهودَ. قالَ: إنّي وَاللَّهِ ما آمَنُ يَهودَ عَلى كِتابٍ. قالَ: فَما مَرَّ بي نِصفُ شَهرٍ حَتّى تَعَلَّمتُهُ لَهُ. قالَ: فَلَمّا تَعَلَّمتُهُ كانَ إذا كَتَبَ إلى يَهودَ كَتَبتُ إلَيهِم، وإذا كَتَبوا إلَيهِ قَرَأتُ لَهُ كِتابَهُم»[7] .
أي إنه أمره بتعلّم اللغة العبرية لغة اليهود قراءة وكتابة.
ورد عن عبدالله بن سعيد بن العاص «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ أَمَرَهُ أَنْ يُعَلِّمَ النَّاسَ الْكِتَابَةَ بِالْمَدِينَةِ، وَكَانَ كَاتِبًا مُحْسِنًا»[8] .
وفي الطبقات الكبرى عن عامر قال: (أَسَرَ رَسُولُ اللَّهِ يَوْمَ بَدْرٍ سَبْعِينَ أَسِيرًا. وَكَانَ يُفَادِي بِهِمْ عَلَى قَدْرِ أَمْوَالِهِمْ. وَكَانَ أَهْلُ مَكَّةَ يَكْتُبُونَ وَأَهْلُ الْمَدِينَةِ لا يَكْتُبُونَ. فَمَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ فِدَاءٌ دَفَعَ إِلَيْهِ عَشَرَةَ غِلْمَانٍ مِنْ غِلْمَانِ الْمَدِينَةِ فَعَلَّمَهُمْ. فَإِذَا حَذَقُوا فَهُوَ فِدَاؤُهُ)[9] .
وقد حمّل رسول الله الآباء مسؤولية تعليم أبنائهم حيث ورد عنه : «حقُّ الولدِ على الوالدِ أن يعلِّمَهُ الكتابةَ والسِّباحةَ والرَّميَ»[10] .
وهذا يعني أنّ النبي كان يسعى لنشر تعليم القراءة والكتابة في ذلك المجتمع الذي كانت تسوده الأمية.
الموسم الدراسي واحترازات الجائحة
نستقبل هذه الأيام الموسم الدراسي الجديد لأبنائنا وبناتنا في ظروف استثنائية بسبب جائحة كورونا كالسنة الماضية، ولكن مع تحسّن نسبي بسبب اكتشاف اللقاحات واستخدامها، وكما بذلت الجهات التعليمية في بلادنا جهودها الكبيرة بتوجيهات ولاة الأمر في إدارة دفّة العام الدراسي الماضي، عبر الوسائل الإلكترونية وحققت نجاحًا كبيرًا، فإنها في هذا العام تخطو خطوات متقدّمة مع تحسّن الأجواء والظروف، نسأل الله أن يعينهم على تحمّل مسؤولياتهم وأن ينجح خططهم.
وهنا لا بُدّ من التأكيد على العوائل لبذل أقصى جهودهم في مساعدة أبنائهم في مسيرتهم التعليمية في ظلّ هذه الظروف الاستثنائية.
إنّ على الآباء أن يشاطروا الأمهات في تحمّل أعباء رعاية أبنائهم وخاصّة مع هذه الظروف.
ونحتاج إلى بذل جهد أكبر في التعاون والتنسيق بين الأسرة والمدرسة، فنحن أمام تحدٍّ وطني اجتماعي نتحمّل جميعًا مسؤولية مواجهته وكسبه.
وأملنا في إدارات المدارس والمعلّمين الأعزّاء كبير بأن يستوعبوا هذه الظروف الطارئة بصبر وإخلاص ليؤدوا واجبهم الديني والاجتماعي والوطني على خير وجه إن شاء الله.
ولا بُدّ من التأكيد على رعاية الأنظمة والاحترازات الصحية. حمى الله أبناءنا وبناتنا ومعلّميهم ومعلّماتهم من كلّ سوء ومكروه، وكشف هذا البلاء عن الجميع إن شاء الله.