الشيخ الصفار: لا يصح اتهام الآخرين في نياتهم ومقاصدهم دون دليل قاطع

مكتب الشيخ حسن الصفار

 

قال سماحة الشيخ حسن الصفار إن اختلاف وجهات النظر بين الناس في المجالات الفكرية والعمل الاجتماعي شيء طبيعي.

وتابع: لا يصح للإنسان أن يتهم الآخرين عند اختلاف وجهات النظر دون أن يمتلك دليلًا قاطعًا على ذلك.

جاء ذلك خلال خطبة الجمعة 13 جمادى الآخرة 1444هـ الموافق 6 يناير 2023م بمسجد الرسالة بمدينة القطيف شرقي السعودية بعنوان: حين تختلف وجهات النظر.

وأوضح سماحته أن سوء الظن واتهام الآخر غالبًا ما يحصل عند الاختلاف في وجهات النظر الفكرية والدينية، حيث تتنوع وجهات النظر بين الناس في أمور الدين حتى ضمن الدين الواحد والمذهب الواحد.

وتابع: ويكون ذلك أما لاختلاف الاجتهاد أو لاختلاف التقليد للمجتهدين أو لاختلاف المدرسة الفكرية، أو لاختلاف القناعات والاطمئنان ببعض الآراء والمواقف.

وأضاف: ويكون ضمن الاختلاف في وجهات النظر في المؤسسات الأهلية والاجتماعية كإدارة الجمعيات والأندية والمساجد والمآتم والمواكب واللجان والهيئات.

ومضى يقول: في أي عمل جمعي قد تختلف وجهات النظر بين أعضاء الفريق، ويجب أن يتحاوروا ويتناقشوا لإنضاج آرائهم وتقريبها والتوافق تجاهها.

وتابع: فإذا لم يتفقوا في وجهات النظر تجاه برنامج أو قضية، فليعذر بعضهم بعضًا، وليحتكموا إلى النظام الإداري المعتمد لديهم.

وشدد على أنه لا يصح إساءة الظن واتهام أي طرف للآخر، أو الحكم عليه بالضلال أو الابتداع، أو العناد أو الغرض السيئ دون دليل قاطع. ذلك أن الله هو العالم بما في القلوب والنيّات.

وأشار إلى أن النصوص الدينية تعتبر سوء الظن من كبائر المعاصي والذنوب.

مستشهدًا بقوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ.

وقول الإمام علي : «لَا تَظُنَّنَّ بِكَلِمَةٍ خَرَجَتْ مِنْ أَحَدٍ سُوءاً، وَأَنْتَ تَجِدُ لَهَا فِي الْخَيْرِ مُحْتَمَلًا».

وأضاف: يجب أن تصل حالة الوعي والورع بالإنسان المؤمن إلى إعذار مخالفه في الرأي، وإن كان حادًا في موقفه تجاهه، أو كان رأيه ضعيف المستند.

ولفت إلى أن من أسباب اختلاف وجهات النظر مدى توفر المعطيات العلمية والموضوعية في بحث أي قضية أو مسألة، فمن تتوفر له معلومات أكثر، قد يختلف رأيه عمن يفتقد تلك المعلومات.

وتابع: ومن أسباب ذلك اختلاف زاوية النظر للقضية والأمر. والذي قد يؤثر على تكوين الرأي والموقف حولها.

وأضاف: وإن الخلفية الفكرية والنفسية، تسبب اختلاف وجهات النظر، مؤكدًا أن الإنسان ليس جهازاً آلياً محايدًا كالكمبيوتر، بل هو كائن ذو مشاعر واحاسيس وانطباعات وتصورات، وحين تختلف الخلفيات قد تختلف الاستنتاجات والآراء.

وتابع: بعض الناس يكون أكثر دقة وذكاءً وعمقًا في تناول المسائل والأمور، بينما يكتفي آخر بالنظرة السطحية السريعة.

وبين أن من أسباب الاختلاف الأمراض الأخلاقية والنزعات المصلحية، بأن يتبنى الانسان وجهة نظر، انطلاقاً من حالة عناد، أو مناوئة لأحد، أو خدمة لغرض ومصلحة شخصية أو فئوية.

وقال: عندما تواجه اختلافًا مع أحد عليك أن تفسر بأحد التفسيرات الإيجابية، ولا تلجأ إلى التفسير السلبي إلا إذا كانت لديك معطيات وأدلة تثبته، وليس مجرد تخمين وظنون.

وبيّن أن اتهام الآخر بأنه ينطلق من سوء وخبث في وجهة نظره دون دليل قاطع، هو سوء ظن منهي عنه شرعًا واخلاقًا. فكما لا ترضى أن يساء الظن بك لا يصح لك إساءة الظن بغيرك.