الشيخ الصفار: القرآن شفاء لعلل النفس، وأمراض الجسم يعالجها الأطباء

مكتب الشيخ حسن الصفار

 

نفى سماحة الشيخ حسن الصفار أن تكون مهمة القرآن الكريم تقديم الوصفات الطبية لأمراض الجسم، ومعالجة أسقام البدن، مؤكدًا إن تلك مهمة المتخصصين في المجال الطبي، والخبراء في الشؤون الصحية.

وتابع: جاء القرآن لشفاء ذات الانسان وأعماق نفسه، فكما يصاب الجسم بالأمراض والأسقام، كذلك تصاب نفس الإنسان وروحه بمختلف العلل والآفات.

جاء ذلك خلال خطبة الجمعة 30 رمضان 1444هـ الموافق 21 أبريل 2023م بمسجد الرسالة بمدينة القطيف شرقي السعودية بعنوان: القرآن وتعزيز الصحة النفسية.

وأوضح سماحته أن الأنبياء والأئمة كانوا يأمرون الناس بالرجوع إلى الأطباء لعلاج أمراضهم، كما جاء في سيرتهم.

وتابع: كانت في مسجد النبي خيمة أقامتها الطبيبة (رُفَيْدَة) لمداواة الجرحى، وكان النبي يوجه بنقل المصابين إليها.

واستنكر الشيخ الصفار تعامل البعض مع القرآن الكريم وكأنه صيدلية لعلاج مختلف الأمراض، فلوجع الرأس اقرأ الآية الفلانية، ولألآم القلب اقرأ الآيات الفلانية.

وتابع: بل وحددوا بعض الآيات تقوم مقام منبه الساعة، تقرؤها عدداً من المرات لتستيقظ في الساعة التي تريد، وآيات للعثور على المسروقات وما اشبه، وألّفت لذلك كتب تتداول في بعض الأوساط.

القرآن شفاء

وأبان أن التوسل والاستشفاع إلى الله تعالى بآيات القرآن صحيح، لكنه ليس بديلًا عن السعي للعلاج بمراجعة الأطباء واستعمال الدواء.

ومضى يقول: إن الآية الكريمة ﴿وَشِفَاءٌ لِّمَا فِي الصُّدُورِ تحدد منطقة ونوعية الأمراض التي جاء القرآن لشفائها.

وتابع: المقصود بالآية داخل ذات الانسان وأعماق نفسه، فكما يصاب الجسم بالأمراض والأسقام، كذلك تصاب نفس الإنسان وروحه بمختلف العلل والآفات.

وأضاف: لا تقل خطورة أمراض النفس والروح عن خطورة أمراض الجسم، بل هي أخطر وأشد ضررًا وأذى على الإنسان.

مناشئ الأمراض النفسية

وبيّن أن من أهم مناشئ الأمراض النفسية التي تصيب الإنسان، هو القلق، والوقوع تحت تأثير الضغوط النفسية بسبب المشاكل التي تواجه الإنسان، والعوائق التي تمنعه من تحقيق رغباته وتطلعاته.

وأشار إلى ما تذكره تقارير الأمم المتحدة ومنظمات الصحة العالمية، من انتشار الأمراض والاضطرابات النفسية في هذا العصر.

وذكر احصائيات عن نسبة المرض النفسي الأكثر انتشارًا في المملكة وهو القلق والتي تصل إلى 35% من عدد السكان الإجمالي، ويليها القلق بنسبة 18.3%.

ودعا إلى الاهتمام بفئة الشباب والفتيات، لأنها "الشريحة الأكثر تعرضًا للإصابة بالمشاكل النفسية، وذلك ببث الثقة والاطمئنان والأمل والتفاؤل في نفوسهم".

دور الإيمان في إزالة القلق

وقال: آيات القرآن الكريم ترسّخ في نفس الإنسان أن كل الأحداث تقع ضمن تدبير الله، وأن الاحداث لا تقع اعتباطاً بل هي غائية إما منحة أو محنة، وأن الحدث المؤلم وسيلة لتقويم الذات وفرصة لرقيها.

وأشار إلى حديث كثير من علماء النفس في الغرب عن دور الإيمان في إزالة القلق والضغوط النفسية، وما يبعثه التدين من أمن وطمأنينة، ومن صحة في النفوس والأبدان.

وتابع: إن على من يقرأ القرآن الكريم أن يفتح نوافذ قلبه لأشعة الأمل والثقة والتفاؤل التي تبعثها آياته الصادقة، ليزداد إيمانًا بربه وتوكلاً عليه.

وأضاف: إن التوكل يعني أن يبذل الانسان كل جهده وطاقته لدرء الخطر عن نفسهن ولتحقيق تطلعاته، بهمة وثقة عالية، ولا يعني التواكل والقعود عن الحركة والتقصير في السعي.

وأبان أن التوسل والدعاء يرفع معنويات المريض ويزيد ثقته ويقوّي نفسه، فيعزّز المناعة الصحية، ويساعد على الاستجابة للبرنامج العلاجي. أما الاكتفاء بالتوسل والدعاء فهذا ما لا يؤيده الفهم الصحيح للنصوص الدينية، ولم تشرّعه سيرة النبي والأئمة .