الشيخ الصفار: الواجبات والحقوق جناحا المواطنة
قال سماحة الشيخ حسن الصفار: هناك ثقافة سائدة على المستوى الوطني هي ثقافة المطالبة بالحقوق، فالبعض يبحث عما يأخذه من الوطن، ولا يفكر فيما يجب أن يعطيه لوطنه، بينما الواجبات والحقوق جناحا المواطنة.
وتابع: ينتج عن التركيز على الحقوق ونسيان الواجبات خلل في العلاقات الإنسانية والاجتماعية، وهو من الأخطاء الثقافية التي يجب مراجعتها.
جاء ذلك خلال محاضرة لسماحته بعنوان: المواطنة بين الحقوق والواجبات، ألقاها في حسينية الكاظمية (البكاي) في دولة الكويت، بتاريخ 9 شعبان 1445هـ الموافق 19 فبراير 2024م.
وأوضح سماحته أن الثقافة المنتشرة اليوم تركز على الحقوق، حيث أصبح التركيز على حقوق الإنسان هو العنوان السائد.
وتابع: وهنا أغفلت الواجبات، وهذا من موارد النقد والنقص في الإعلانات العالمية لحقوق الإنسان.
واستدرك: على الرغم من أننا مع احترام حقوق الإنسان وصيانتها، ومع هذه المواثيق بشكل عام، وبغض النظر عن بعض التفاصيل في بعض موادها، لكن هناك نقدًا حتى عند المفكرين الغربيين في هذا المجال.
وأضاف: أشار عدد من السياسيين والأكاديميين والعلماء من دول ومجتمعات مختلفة إلى أن التركيز على الحقوق وإغفال الواجبات سبّب نقصًا كبيرًا في سلوك المجتمعات البشرية، وجعل الإنسان يطالب بما له ولا يهتم بما عليه.
وعن واجبات المواطنة قال سماحته: أول هذه الواجبات هو حب الوطن، أي الحفاظ على هذه الحالة الوجدانية في نفس الإنسان.
وتابع: أن تحب وطنك فهذا واجبك، حتى وإن كانت هناك أوضاع في الوطن لا تعجبك.
وأضاف: هذا من الواجبات المعنوية على الإنسان تجاه وطنه، أن يبقي على حب الوطن في نفسه، ويربي أبناءه على حب وطنهم والانتماء الوجداني والفطري له، فمن كرم المرء حنينه لوطنه، كما ورد في كلام لأمير المؤمنين علي .
وذكر الشيخ الصفار أن من واجبات المواطنة: الدفاع عن الوطن، مبينًا أن أبناء الوطن يجب أن يقفوا ضد أي اعتداء على وطنهم.
وأبان أن من مبررات تشريع الجهاد أن تدافع عن وطنك وتتمسك به.
وذكر من واجبات المواطنة حسن التعامل مع شركاء الوطن، فالوطن بأهله، فإذا لم يكن هناك انسجام وتآلف بين الشركاء في الوطن، فلن يكون هناك تقدم ولا رفعة ولا بقاء لكيان الوطن، بل سيصبح مهددًا بالأخطار والانهيار.
وأشار إلى أن من واجبات المواطنة العمل على رفعة الوطن وتقدمه، فإذا كان الإنسان محبًا لوطنه، فعليه أن يعمل على تقدمه ورفعة شأنه.
وأوضح أن من واجبات المواطنة الحفاظ على النظام العام؛ لأنه لا بد من نظام يحمي مصالح المجتمع.
وتابع: كلما كان النظام العام مستتبًا مستقرًا يعيش الناس استقرارًا ويكونون سعداء مطمئنين في أوطانهم.
وأضاف: أما إذا كانت هناك فوضى وتمرد على النظام العام فهذا ليس في مصلحة الوطن والمواطنين.
وفي موضوع متصل تحدث سماحته عن رسالة الحقوق للإمام علي بن الحسين زين العابدين، كأقدم وأروع نص تاريخي حقوقي في الحضارة الإسلامية، ولعله أيضًا في الحضارة الإنسانية.
وتابع: خمسون عنوانًا للحقوق، يتحدث عنها الإمام في هذا النص الإسلامي الرائع (رسالة الحقوق).
وعن أهمية النص قال سماحته: تكمن أهميته في كونه صادر عن إمام من أئمة أهل البيت، الذين هم المرجعية للأمة في فهم الدين ومعرفة أحكامه.
وتابع: ومن الرقي الموجود في معانيها ومضامينها، ولقدم هذا النص التاريخي.
وأضاف: كان يفترض أن يفتخر المفكرون في هذه الأمة بهذه الوثيقة، ويشرحونها ويدرسونها لأبنائهم وأجيالهم، وينشرونها في العالم.
ولفت إلى أن هذه الوثيقة التاريخية المهمة لم تأخذ موقعها المناسب في فضاء الثقافة الحقوقية والأدب الإنساني الواسع عن حقوق الإنسان.
وتابع: لم تصل رسالة الحقوق للرأي العام العالمي أو المؤسسات الحقوقية الأممية العالمية، ولم تشق طريقها نحو المفكرين والعلماء في مختلف الأمم والشعوب.
وأضاف: هذا تقصير من أتباع أهل البيت، فغالبًا نهتم بإحياء ذكرى أهل البيت ضمن أجوائنا الخاصة، وليس هذا واجبنا فقط، وإنما أن نوصل فكر وذكر أهل البيت إلى أبناء الأمة بل إلى أبناء الإنسانية جمعاء.
لمشاهدة المحاضرة: