هكذا عرفت الشيخ الصفار

 

بسم الله الرحمن الرحيم

وبه أستعين، وصلى الله على محمد وآله الطاهرين

تعرّفت على سيرة ومسيرة، أخي في الله تعالى، العلامة الجليل والخطيب المفوه اللوذعي، سماحة الشيخ حسن الحاج موسى الصفار، حفظه الله وأيده، في أشواط حياته التصاعدية الربانية، منذ ما يربو على خمسة عقود.

سوف يكون حديثي، عن هذه الشخصية الفذة، من خلال سيرة ومسيرة طيبة، وجدتها فيه مباشرة امتدت في عمرها الزمني، أكثر من خمسين عاماً، وهذه المعرفة المباشرة، تمثل في قيمتها التوثيقية، لدى الباحثين المنصفين، كتاباً ضخماً، ينبغي النظر فيه، والركون إلى ما فيه، ولو إلى درجة الاطمئنان، لمن يعرف المدون الأقل ويثق به، وهنا أتمثل قول الشاعر:

يا بن الكرام ألا تدنو فتبصر ما              قد حدثوك فما راء كمن سمعا

وفي الحديث «لَيْسَ اَلْخَبَرُ كَالْمُعَايَنَةِ»[1] ، وأنا أدوّن بعض ما أدونه، حول سماحة الشيخ الصفار حفظه الله ورعاه، إنما هو عن حس ودراية مباشرة، لا عن رواية بالواسطة.

وسيكون الحديث في المحاور التالية:

المحور الأول: البداية

١ - بعد تعلّمه القرآن الكريم، درس الأكاديمية، حتى بداية المتوسطة.

۲- توجه لاعتلاء أعواد المنابر الخطابية الدينية، وخاض عباب هذا البحر الزاخر العميق، بكل جدارة وشجاعة، وهو ابن أحد عشر ربيعاً، ولم يكن في حينه، من أترابه تمن يملك الكفاءة والنبوغ، أن يجرأ على مخاطبة الجماهير المتنوعة، بمثل ما قام به.

أثبت في شوطه الخطابي العاطفي الديني، نجاحه الباهر، في امتلاك قلوب جماهير مستمعيه، واستدرار دموعها، بصدق وحق، على ما جرى لأهل بيت النبي عليهم السلام، من مظالم ومصائب.

وقد كان للشيخ الصفار، في هذا الباب، جماهير كثر ، تستمع مجالسه النموذجية، واللاهبة للعواطف الصافية، في داخل الوطن العزيز وخارجه، سيما وهو بعد صبي، م يبلغ الحلم، امتاز بجرأته، وبلاغته، وصوته الشجي.

٣- توج خطابته الحسينية الناجحة، في الالتحاق بجامعة النجف الأشرف، (الحوزة)، وهو ابن ثلاث عشرة سنة تقريبا، وكانت طموحاته، في كسب العلوم والمعارف الدينية والثقافية الراقية، أكبر من عمره، شجعه حين ذاك، أبواه وأهله، لما وجدوا فيه من كفاءة عالية.

في هذه البيئة العلمية المرموقة الباسقة، التحق الشيخ الصفار، وعاش في حضنها العلمي الأصيل، وكنا نلتقي سوية، وتجمعنا بعض المجالس العلمية والدينية حين ذاك.

لم تسمح له الظروف الأمنية والسياسية آنذاك بالبقاء في النجف الأشرف مدة طويلة، فدفعه طموحه، وحب الاستطلاع، بما يتناسب مع فتوته وصباه، حين ذاك، أن يلتحق بحاضرة العلم المرموقة، بعد النجف الأشرف، قم المقدسة، وينهل من علومها الفذة، عام ١٩٧٣م، ثم بعد فينة من الزمن، حط رحاله في الكويت (مدرسة الرسول الأعظم) عام ١٩٧٤م.

المحور الثاني: الجانب الايماني في حياة الشيخ الصفار

في المحور الايماني، لابد من إطلالة على مقومات إشراقات حياته الشخصية، وهي كالتالي:

۱- في ظل الأسرة:

لا شك أن الاسرة، التي تتكون أساساً، من الأبوين، لها أكبر الأثر، في استقامة أو اعوجاج البراعم الناشئة، وهي الركن الأول في تحقيق ذلك.

ومن هذا المنطلق، فإن سماحة الشيخ الصفار، تولد من أبوين مؤمنين صالحين - أعرف أباه رحمه الله، معرفة تامة بالإيمان والتقوى - منذ ما يربو على أربعين عامًا.

٢- في محيط البيئة

من الأهمية بمكان، في بناء الشخصية أو هدمها، ما تفعله البيئة والمحيط العام، الذي يعيش فيه الفرد، وهو جزء منه، يتأثر به سلباً أو إيجابا، والبيئة هي الركن الثاني في حصول ذلك، وهو ما نص عليه الواقع، وعلماء التربية والنفس.

ولا شك أن هذا المحيط العام النقي، الذي كان يعيشه الشيخ الصفار، ويتنفس أريجه الطيب، خارج الاسرة، وفي المحيط العام السليم، وداخل الأسرة الكريمة، هما ركنان و عاملان مهمان، في صقل مواهب شخصيته الفذة، على نحو التدرج والترقي حتى وضعاه على سكة قطار التقوى، فلازمت أشواط حياته الربانية، في إطار المفهوم الاسلامي ، الأخلاقي الحقيقي، وفي جميع أبعاده الرحبة الواسعة.

إن مرجع جميع ما يتحلى به القادة الكرام من صفاة الابوة والرحمة والحنان، والحرص على هداية البشرية، والاهتمام بمحسنها ومسيئها، إنما يعود إلى إيمان القائد المطلق بالله تعالى، وأنه يحتسب كل ما يلاقيه، في طريق ذات الشوكة ، الله سبحانه، وفي سبیل رضاه.

وما أخي الشيخ الصفار المبجل، إلا مفردة واحدة، من سلسلة اولئك القادة الهداة، والدعاة إلى الله تعالى ﴿بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ [النحل: ١٢٥] ، وخير ما فيه صالح البلاد والعباد، بل والدعوة إلى الاستقرار والخير والسعادة، ونبذ الفرقة والتنازع، لكل الأمة المسلمة، بل والبشرية عامة، وفي جميع أنحاء العالم، كما يتمنى ذلك، ويطمح إليه، جميع الهداة إلى الله، وهو ما برز وبان للجميع، في خطب الجمعة، وخطبه العامة، وتأليفاته المرموقة.

المحور الثالث: نشاطه الفكري والثقافي

كان يسعى سماحة الشيخ الصفار، في نشاطه الفكري والثقافي، بعد التوكل على الله، وبعزيمة واقتدار، وبلا كلل ولا ملل، في تأليفاته وخطاباته المتنوعة الجذابة، وفي جميع وسائل التخاطب والاعلام المرئي والمسموع، أن يظهر ويكشف عن مفاهيم ومضامين الاسلام الحقيقية الناصعة.

و ما يطرحه سماحة الشيخ، في كتاباته وتأليفاته الراقية، وخطبه الجاذبة اللاهبة، لم يكن في معدنه وجوهره الأولي، من بنات أفكاره واختراعاته، التي تحمّل الاسلام مالم يتحمّل، ويأبى عليه إيمانه الصادق ذلك، كيف لا ، وهو يتمثل قوله تعالى: ﴿وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ﴾ [الحاقة: ٤٤- ٤٦]

فما يأتي به الشيخ في كتبه وخُطبه العصماء، إنما هو بصياغة حديثة، تتناسب ولغة العصر، وما يتسق مع مجاراة الزمن، وتطوّرات أساليب أهله، ومرجعه في كل ما يطرحه باسلوب جزل، ولغة شيقة، وبلاغة واضحة، ومن دون تكلف في الطرح والأداء، معينه ومنبعه في ذلك، روح القرآن الكريم والسنة النبوية الصحيحة، التي لا تتعارض مع القرآن الكريم، وهو في جميع اطروحاته وصياغاته الموهوبة، في الكتابة والخطابة معاً، ينم عن ملكة وقدرة كبيرة، قلما يبدع في جمع أطرافها الكثير، فضلاً عن الأكثر.

وفي هذا الإطار والسياق، ألف سماحة الشيخ الصفار، مائة كتاب أو ما يزيد، وله ما يفوق أربعة آلاف خطبة وخطاب في مختلف الفنون القرآنية، والحديثية والفقهية، والدينية، والاجتماعية، والاقتصادية، والرياضية.

ومع وكتب ذلك بلغة عصرية، تتناسب مع روح شبابنا المثقف الحاضر، وما يتناسب وقفزات المعرفة، الهائلة والسريعة في عصرنا الراهن، إلا أنه . ذلك لاطلاعه الواسع، على مصادر المعرفة الاسلامية الأصيلة، لم تخرجه كتاباته وخطاباته، عن جوهرها وموادها الأولية الصحيحة، بل إنه كان يستفيد كثيراً منها، بملكته المعرفية الواسعة، ويصوغها في قوالب حديثة، قد أعدها بريشته الموهوبة، وفكره الثاقب فيتفاعل معه قراؤه ومستمعوه، ويطربون فكريًا ومعرفيًا بما يعرضه عليهم، ويداوي به أدواءهم الفكرية، بأساليبه الشيقة، فهو طبيب دوّار بطبه، يعرف كيف يضع بلسمه، ومتى يضعه على الداء.

الكتابة والتأليف

وكان من نشاطات الشيخ الصفار الثقافية اهتمامه الشديد بالتأليف والتدوين، وانطلق في هذا من حكمة النبي الله وحديثه الشريف: «قَيِّدُوا اَلْعِلْمَ بِالْكِتَابِ»[2] ، وغيره من النصوص المباركة، التي تؤكد على هذا السياق والمضمون، لأن في ذلك حفظ العلوم والمعارف البشرية من الضياع، وعدم خسارة الأجيال القادمة.

وفي ظني، أن الشيخ قد وضع نصب عينيه، أن الكتابة والتدوين، فيما يمتلكه العالم العارف، من مخزون علمي معرفي، ليس ملكاً خاصاً له، يتصرف فيه كيف يشاء، وإنما هو ملك البشرية عامة، يجب تدوينه وحفظه، كي يستفيد منه الجيل الحاضر، والأجيال القادمة، ويستضيئوا بنور علمه، سيما في علوم المعرفةالاسلامية.

وفي هذا السياق، أبدع وأجاد سماحة الشيخ، في ميدان التأليف والتدوين، على صعيد التراث الديني والعصري، وفي جانبيه الكمي والكيفي:

1- ففي الجانب الكمي، ألف الشيخ، ما يربو على مئة عنوان، بين كتاب وموسوعة: منها على سبيل العد لا الحصر، موسوعة (أحاديث في الدين والثقافة والاجتماع)، تضم عشر مجلدات، وهي عبارة عن خطب الجمعة، التي ألقاها في صلاة الجمعة، وموسوعة (مسارات في ثقافة التنمية والاصلاح)، تضم عشر مجلدات أيضًا، وموسوعة (روافد في تنمية الوعي الديني والاجتماعي) صدر منها حتى الآن خمسة مجلدات، وكتاب (الانسان قيمة عليا)، يربو على ۷۰۰ صفحة، درس فيه مختلف الأبحاث، ذات الصلة بالكائن البشري، على صعيد الفرد والأسرة والمجتمع، وما له وعليه، من حقوق وواجبات.

٢ - وأما في جانبها الكيفي، فكانت كتبه تتسم:

بالشمولية والاستيعاب، لمختلف المواضيع العصرية، ومستحدثات المسائل، وكان من خلالها، يعالج مشاكل الأمة المسلمة وهمومها، بل ويناقش فيها هموم مشاكل البشرية عامة، وكانت تقوم على نظريات إسلامية متينة، واقتبس جميع ذلك من نور الإسلام.
تجد في كتابات الشيخ، ومنتوجاته العلمية، سحر البيان وروعته، واهتمامه البالغ، بسلاسة التعبير، ووضوح الرؤية ، عما يكتبه ويدونه، ويبتعد في عبائره، التي سطرها مداده، عن التعقيد والالغاز، التي ما من شأنها أن تنفر عموم القراء، ولا تجذبهم إلى أبحاث الكتاب، فتضيع الغاية القصوى والأسمى، من التدوين والتأليف فيه، وكل ذلك ينمّ عن ملكة وموهبة واسعتين في الكاتب القدير.

المحور الرابع: النشاط الاجتماعي

أما على الصعيد النشاط الاجتماعي، فما عساني أن اسطر بيراعي الوديع، وعما يفصح، وأنى له ذلك ؟

كان لسماحة الشيخ الصفار، الدور الكبير، في النشاط الاجتماعي، والتفاعل: مع تطلعات الأمة، في جوانبها المتنوعة، وما : تطمح إليه، في مسيرة حياتها، على أحسن وجه، وكان حريصاً على أن يتواجد مع إخوانه وأبناء جلدته، أين ما كانوا، ومشاركتهم أفكارهم وتطلعاتهم السليمة، التي تصنع حاضرهم ومستقبلهم الواعد، في ثبات الايمان الصادق، واستقرار الأمن العام، وعزة البلاد والعباد معًا.

وفي ميدان الأمة وما تحتاجه، تجد الشيخ أمامك ماثلاً، ولو فقدت أشباهه، فهو عنصر فعال وبقوة عجيبة، في مشاركات الأندية والمؤتمرات، وقلما تفقده، في المهرجانات الثقافية والاجتماعية، والاقتصادية، فهو ابن بجدتها، وفارسها المغوار.

وما أخي الشيخ الصفار إلا حلقة واحدة من تلك السلسلة الذهبية المعطاءة، في نشاطه الرسالي، وفرد واحد من أولئك العلماء الواعين العاملين بواجبهم الرباني، وفي هذا السبيل العظيم، أبلى بلاء حسناً، واستخدم جميع ما اتيح له من وسائل التبليغ المحمدي، وإيصال صوته الحق إلى عباد الله، وبطرق مختلفة، حتى فاز ونجح نجاحًا باهرًا، وفي هذا البعد الثقافي والاجتماعي معًا، أشير إلى ما يحضر ني باقتضاب:

١ - إقامته صلاة الجمعة

من الثابت للجميع، أن صلاة الجمعة، هي تلبية لنداء الله، في قوله تعالى: ﴿يَأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ﴾ [الجمعة: 1].

وفي حكمها وخطها العام الأولي، أجمع علماء المسلمين، من جميع الطوائف والمذاهب الاسلامية، على وجوب إقامة صلاة الجمعة، ووجوب حضورها، واستماع خطبتيها، إلا في حالات يستثنى فيها ذلك، وقد بحثها الفقهاء وأئمة المذاهب، ليس محل ذكرها، واستقصائها هنا.

إن أخي سماحة الشيخ الصفار، حفظه الله ورعاه، كان يحرص كثيراً، على تهيئة الظروف المناسبة، في إقامة صلاة الجمعة، وذلك لأجل خدمة المجتمع، وقد صارحني مرة، في رغبته السديدة الشريفة، وكنت له مشجعاً، وهو أهل لا قامتها على أفضل وجه.

وسماحة الشيخ، حين أقام صلاة الجمعة، أراد أن يحقق الهدف الأسمى منها، والدخول من خلالها إلى نشاطه الاجتماعي، ليكون في خدمة المجتمع ومخاطبته، والتحدث معه وجهاً لوجه، وملامسة أدوائه وحاجاته، وعلاج جروحه وآلامه: النفسية والروحية والأسرية، وما يحقق خير حاضره ومستقبله، وكل ذلك يتحقق ببركة إقامة صلاة الجمعة، وخطبتيها المباركتين، وما يبدع فيهما الخطيب، من مستلزمات ذلك، وما ينطلق من القلب الصادق، يستقر في القلوب، وتتأثر به كثيراً.

وفي هذا الإطار، وُفّق أخي العلامة الشيخ حسن، في جمع خطب الجمعة، وتسجيلها، وتدوينها، حتى أنجزها إخوانه المخلصون، جزاه الله وإياهم خيرًا كثيرًا، وأتوا بها إخوانهم في حلة قشيبة، تضم موسوعة ضخمة مباركة، تحت عنوان: (أحاديث في الدين والثقافة والاجتماع)، تحوي عشرة مجلدات، تلتها موسوعة أخرى بعنوان (مسارات في ثقافة التنمية والاصلاح) في عشرة مجلدات، وقد بدأوا في موسوعة جديدة بعنوان: (روافد في تنمية الوعي الديني والاجتماعي) صدر منها بضع مجلدات.

ومن على منبر صلاة الجمعة المبارك، أبدع وأجاد سماحة الشيخ الصفار، وبعض العلماء الأعلام، المؤهلين لإقامة هذه الشعيرة العظيمة، وسدوا فراغاً كبيراً في المنطقة.

۲ - محاضراته

تمكن سماحة الشيخ الصفار، أن يسبح في بحر الخطابة والخطباء، وهو حين ذاك، بعد لم يبلغ الحلم، وقد أحرز في حلبة السباق الخطابي، سرعة الوصول، إلى قصبة السبق، قبل أقرانه واترابه، وبتفوّق باهر، وأثبت جدارته الفائقة، في هذا الشوط البعيد، الذي استمر أكثر من خمسة عقود، وسيستمر بعون الله تعالى، وهو بعد لم يهن ولم ينكل، وبوتيرة أقوى، بإذن الله ولطفه.

وفي هذا الصدد، سجل له أكثر من أربعة آلاف خطاب ومحاضرة، في مختلف العلوم والمعارف.

واستطاع بحنكته، ومداركه المعرفية الواسعة، أن يضع وسيلة الخطابة الجماهيرية، نصب رسالته الاسلامية الهادفة، وفي خدمة مجتمعه على أحسن وجه، وفي مختلف المواضيع الهادفة، منها :

الفكرية والثقافية، والاقتصادية والاجتماعية، كما كان ديدن سلفه الصالح، من الربانيين الواعين، ومن كان قبلهم، في ساحة الهداية البشرية، من الأنبياء والرسل .

٣- مجلس الحاج سعيد المقابي

وهو عبارة عن صرح شامخ، أسس على التقوى) بإذن الله، يتألف من عدة أدوار، أسسه وأقامه فضيلة الشيخ الصفار على أرضه الخاصة، وتكاليف البناء، تبرع بها المؤمن المرحوم الحاج سعيد المقابي، وقد وضع اسمه على هذا الصرح العملاق وفاءاً وتخليداً له ولحرمه المؤمنة، تعويضًا لهما، عما حرما من الذرية والخلف، في استمرار ذكر هما الطيب مدى الدهور والأزمان.

أعرف سماحة العلامة الشيخ الصفار حفظه الله، أنه يتنفس الوفاء للأصحاب والأحباب، كما يتنفس هواء الأوكسجين الرباني، وقد سرى حب الوفاء لإخوانه المؤمنين، في مشاعره ووجدانه، ولا يتمكن أن يعيش بدونه أبدا.

والوفاء صفة متجذرة في نفوس الأنبياء مان، ثم الأولياء والصالحين الخلص، نسأل الله تعالى، أن لا يحرمنا جميعاً، الوفاء والحب في الله أبداً.

واستثمر سماحة الشيخ، هذا الطود الكبير، بعون الله تعالي، في صالح عموم الأمة المسلمة الطيبة، وكان كما يلي :

١ - أسس فيه مكتبة ضخمة، ﴿فِيهَا كُتُبٌ قَيمَةٌ [البينة: ٣] ، تضم في جنباتها، روائع الكتب النفيسة، في مختلف الفنون والعلوم.

۲ - و من موارد استثمار هذا الصرح الكبير، أن سماحة الشيخ، يعقد فيه مجالس العترة الطاهرة ، أيام أفراحها وأتراحها، ويملأه بفضائلها ومناقبها الثابتة، في القرآن الكريم، والسنة الصحيحة، فيروي ظمأ حاضريه.

وهو في كل عام يشيد حفلًا ضخمًا، بمناسبة يوم عيد غدير خم الأغر، يشارك فيه مع رعيل من العلماء الأفذاذ، والأدباء والشعراء المثقفين الكرام.

ويعقد الشيخ فيه، مجالس العزاء، أيام عشرة محرم الحرام، وتبث محاضراته مباشرة، عبر وسائل الاعلام المرئية والمسموعة.

٣- يهتم الشيخ كثيراً في عطائه المعرفي، ذي البعد الثقافي والاجتماعي، بإقامة الندوات، والحوارات، والمحاضرات، وفي جميع المناسبات، داخل مؤسسته الدينية الواعدة، ومختلف المناطق والبلدان، ويستثمر كل ذلك، في بث قيم المعرفة، وروح الأخوة والمودة، بين أفراد المجتمع الواحد، وحفظ هيبته ومنعته.

٤ - زياراته ومقابلاته

أما على صعيد المقابلات والزيارات الميدانية، فالشيخ حفظه الله ورعاه، حريص على زيارة إخوانه المؤمنين، أين ما كانوا ، في حال الفرح والترح، والوقوف إلى جانبهم، مهما كانت الأحوال، ويبادر في قضاء حوائجهم، قبل السؤال منه ذلك، ولا يدخر شيئاً من قدراته وعلاقاته الواسعة، إلا وبذلها في إغاثة ملهوفيهم، وإنقاذ مضطريهم، فهو جواد كريم، وأخ كريم، ويحضرني فيه، ما نسب للإمام علي .

إن أخاك الحق من كان معك         ومن يضر نفسه لينفعك

ومن إذا ريب الزمان صدعك        شتت فيك شمله ليجمعك

أسأل الله العلي المتعال، أن يتقبل أشواطه الربانية الصادقة، قبولا حسناً، ويجعلها نوراً له يوم الظلمة والحسرة، كما أسأل الله تعالى، جلت قدرته وعظمته، أن يجيرنا جميعاً وإياه، من عذابه ونقمته.

وصلى الله وبارك على محمد وآله المطهرين من الرجس، والبررة المتقين، الذين ﴿ءَامَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنزِلَ مَعَهُ أُوْلَبِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ [الأعراف: ١٥٧].

 

يوم الجمعة ٨ ذو الحجة الحرام ١٤٤٣ هـ

الموافق 8 يوليو 2022م

الأحساء - المنصورة

المحتاج دومًا إلى رحمة ربه

حسن الشيخ علي الراضي

 

ابو عبدالمنعم الحبابي

[1]  من لا يحضره الفقيه ج4، ص ۳۷۸.
[2]  تحف العقول، ص36.
عالم دين من الأحساء، له عدد من المؤلفات منها: نظرية المعرفة على ضوء كتاب "فلسفتنا".