ضمن محاضرة في المجلس الثقافي بدولة الكويت
الشيخ الصفار: حبُّ الوطن ليس مجرد شعار بل التزام بالواجبات
قال سماحة الشيخ حسن الصفار: إنّ حبّ الوطن ليس مجرد شعار يتغنّى به الإنسان، بلا حقيقةٍ جوهرية.
وتابع: البعض يُفكّر كيف يكسب من وطنه، أو كيف ينهب من خيراته؟ وقليلاً ما يكون التفكير حول ماذا يُمكن للإنسان أن يُقدّم لوطنه.
جاء ذلك ضمن محاضرة ألقاها سماحته في المجلس الثقافي (ديوانية الدكتور علي هادي) بدولة الكويت، بتاريخ 9 شعبان 1445هـ الموافق 19 فبراير 2024م، بحضور عدد من العلماء والوجهاء والمثقفين، بعنوان: الوطن والمواطنة في مدرسة أهل البيت .
وأوضح سماحته أنّ الحديث حول حقوق المواطن أمرٌ مقبول، إلا أنه ينبغي أن يُضاف له الحديث عن واجبات المواطن تجاه وطنه.
ولفت إلى أن من أهم الواجبات التي تجب على المواطن بالإضافة إلى تنمية مشاعر الحب والولاء للوطن هي الدفاع عنه، فإنّ من فلسفة تشريع الجهاد في الإسلام الذود عن الوطن والدفاع عنه، في مقابل أيَّ اعتداءٍ ضده، والآيات الكريمة والنصوص الدينية صريحة في ذلك.
وتابع: ومن الواجبات حسن التعامل مع الشركاء في الوطن، فالوطن يكون بأهله وبمن يعيشون فيه، وذلك يقتضي أن يُحسن الجميع التعامل فيما بينهم لأنهم شركاء في الوطن.
وأضاف: كما أنّ على كل مواطن أن يعمل من أجل رفعة وطنه، فإعمار الوطن وتنميته وتقدّمه مطلبٌ أساس، والحب الحقيقي هو الذي يدفع إلى إعمار الوطن، والمواطن في أي موقعٍ كان ينبغي أن يفكر في مصلحة الوطن، فيُنجز عمله على خير وجه، لما لذلك من أثرٍ كبيرٍ في بناء الوطن وتعزيز مكانته العالمية.
وأبان أنّ مفهوم المواطنة من المفاهيم الحديثة، والوطن في صيغته الحاضرة لم يكن متداولاً في الأزمنة الماضية. حيث أصبح للوطن الآن معنى سياسي، يتألف من ثلاثة أركان: أرضٌ، وشعبٌ، ونظام سياسي.
وتابع: في الماضي كان الوطن يؤخذ فيه بعين الاعتبار الانتماء العقدي، فكانت هناك دار الإسلام ودار الكفر، وكانت كلُّ بلاد المسلمين تعتبر وطنًا واحدًا.
وأضاف: كما أن هناك المعنى العرفي للوطن، وهو الأرض التي يولد الإنسان فيها، وينشأ ويتربى في ربوعها.
وأشار إلى أنّ الحب المطلوب هو الحب الحقيقي النابع من وجدان الإنسان، والذي يدفعه إلى إعمار وطنه والدفاع عنه.
ولفت إلى وجود جدلية ترتبط بالبحث حول أدب حقوق الإنسان في العصر الحديث، ومواثيق حقوق الإنسان، ومنها: الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، فإنها تتكلم عن الحقوق، وتغفل الحديث عن الواجبات.
ومضى يقول: حقيقةً فإن الناس في وقتنا المعاصر قد تربّوا على المطالبة بالحقوق في كل دائرة من دوائر علاقاتهم الاجتماعية، دون أن يكون لهم نفس الدرجة من الاهتمام بالواجبات التي عليهم.
وتابع: علينا أن نُذكّر النّاس بواجباتهم لتكون متكاملة مع حقوقهم، وليست بديلًا عنها، وذلك من أجل إنضاج مستوى الوعي عند الإنسان.
وذكر أنّ الاهتمام بالحقوق والواجبات يخلق التوازن بين المواطنين، ويجعل المجتمع منسجمًا متآزرًا.
وتابع: فكما أن للمواطن حقوقًا في وطنه، فإن عليه واجبات لابد من الالتزام بها.
واستشهد بما ورد في رسالة الحقوق للإمام علي بن الحسين زين العابدين التي اشتملت على 50 عنوانًا للحقوق.
وتابع: لقد تحدث الإمام في رسالة الحقوق ضمن ثلاث دوائر، هي حق الله الأكبر، وحق النفس، والحقوق الاجتماعية.
وأضاف: الملفت للانتباه أن الإمام زين العابدين في صياغته لرسالة الحقوق كان يتحدث بلغة الواجبات، فلم يكن يتكلّم عمّا لك على الآخرين، وإنما عمّا عليك تجاه الآخرين.
وفي موضوع متصل تحدث سماحة الشيخ الصفار عن التقصير في نشر علوم ومعارف أهل البيت كنهج البلاغة ورسالة الحقوق والصحيفة السجادية.
وأعرب عن أسفه لأن هذه المعارف لم تشق طريقها في الثقافة المجتمعية، على مستوى أتباع مدرسة أهل البيت ، ولا على مستوى الأمّة الإسلامية، فضلاً عن الثقافة العالمية.
وبيّن أن هذا يُحمّلنا المسؤولية، فكما يُحيي الشيعة في كلّ مكان المناسبات المرتبطة بأفراح وأحزان أهل البيت ، وهو أمرٌ مهمٌّ ومطلوب، إلا أنه ينبغي أن يكون إلى جانبه الاهتمام بهذا التراث العريق.
لمشاهدة الندوة:
https://www.youtube.com/watch?v=ZMmECxuPjJQ&t=883s