الشيخ الصفار: بالتفاؤل والإرادة نتجاوز التحديات ونصنع النجاح
قال سماحة الشيخ حسن الصفار: إن الثقة بالله والتحلي بالتفاؤل والإرادة القوية في مواجهة تحديات الحياة، هي أول خطوة نحو النجاح والتقدّم.
ودعا لاستلهام القوة من القيم الإيجابية والإيمان الراسخ، مع التأكيد على الابتعاد عن التشاؤم والتطير بكل أشكاله.
جاء ذلك ضمن خطبة الجمعة 3 رجب ١٤٤٦هـ الموافق 3 يناير ٢٠٢5م في مسجد الرسالة بالقطيف شرقي السعودية بعنوان: إدارة الحياة بين التفاؤل والتشاؤم.
وأوضح سماحته أن الشعور بالتفاؤل أو التشاؤم من المشاعر البالغة التأثير على رؤية الإنسان ومواقفه.
وعرّف التفاؤل: أنه قوة الأمل وتوقع الخير، أما التشاؤم فهو: حالة نفسية تجعل الشخص يتوقع دائمًا حدوث الأسوأ.
وأبان أنّ المتفائل حتى لو واجه مشكلة أو صعوبة فإنه يتوقع تجاوزها ومعالجتها، ويستثير قدراته الذهنية، وطاقته الفعلية، بحثًا عن الحلول والمعالجات، أما المتشائم فإنه غالبًا ما يستسلم أمام المشكلة، لضعف توقعه للخلاص منها، أو قدرته على معالجتها.
ولفت إلى أن حالة التفاؤل والأمل لا تعني عدم أخذ التحديات بعين الاعتبار، ولا عدم الحذر أمام احتمالات السوء والخطر، لكنها تعني التشخيص الموضوعي للأمور بوعي وواقعية، والعمل بثقة لتجنب الأخطار وإدارة التعامل معها.
وأشار إلى أن من البواعث التي تدفع إلى التشاؤم في نفس الإنسان، وجود أوهام وتصورات الزائفة، حيث تنتشر في بعض الأوساط أفكار وتصورات عن أشياء باعتبارها مؤشرات للسوء والشر، فعند مصادفتها، يتوقعون حدوث المخاطر.
وذكر أن العرب في الجاهلية كانت تنتشر بينهم هذه الحالة، ويطلق عليها التطيُر، من الطِّيرة، بكسر الطاء وفتح الياء، وهو التشاؤم من بعض الأيام أو الطيور أو الأسماء أو التصرفات.
وتابع: لا يزال في الأوساط الدينية من يروّج للتشاؤم والتّطير بالأيام، فيقسّمها إلى أيام سعود وأيام نحوس، تراعى في أمثال مناسبات الزواج، وذلك لم يثبت بدليل من الشرع والعقل.
وأضاف: وفي بعض المجتمعات الغربية هناك تشاؤم من رقم (13)، فكثير من الفنادق في العالم يوجد لديهم الغرفة رقم 12 تليها الرقم 14 بسبب أن أغلب النزلاء يتجنبون الرقم 13.
وبيّن أن من بواعث التشاؤم، التأثر بنكسات تحصل للإنسان، فتسبب له اضطرابًا نفسيًا يتحول إلى تشاؤم، وحالة سلبية تؤدي به إلى التراجع وفقدان الثقة في النفس.
ومثّل لذلك بالطالب الذي يفشل في الامتحان فيتوقف عن الدراسة، أو الذي ينتكس في تجربته الزوجية فيعزف عن الزواج، أو الذي يتعثر في مشروعه الاقتصادي، فيصاب بالتشاؤم، ويتراجع عن تكرار المحاولة والسعي. وقد يصبح فريسة للاكتئاب والأمراض النفسية.
وأكّد أن التجارب تثبت أن الفشل هو طريق النجاح، حين يستفيد الإنسان من تجربته الفاشلة، ما يؤدي به إلى النجاح.
وتابع: إن على الإنسان ألا يستسلم للفشل، ويرفع الراية البيضاء أمامه، بل يتسلح بالإرادة والثقة، والاستفادة من التجربة، ليخوض غمار المحاولات الجديدة.
واستشهد بقصة نجاح الملياردير الصيني (جاك ما) صاحب شركة (علي بابا)، وكيف أنه صنع من فشله المتكرر نجاحًا تجاوز المحلية حتى أصبحت شركته من أشهر الشركات في العالم، ويعمل فيها أكثر من 22 ألف موظف في أكثر من 70 مدينة حول العالم.
وبمناسبة مرور ذكرى ميلاد الإمام علي الهادي واستقبال ذكرى وفاته ، توقف سماحته مع مقولة الإمام لأحد أصحابه: «مَا ذَنْبُ اَلْأَيَّامِ حَتَّى صِرْتُمْ تَتَشَأَّمُونَ بِهَا إِذَا جُوزِيتُمْ بِأَعْمَالِكُمْ فِيهَا؟».
ومضى يقول: إننا نلتقي بهذا الموقف التربوي التوعوي، الذي واجه به الإمام أحد أصحابه، لتحذيره من مشاعر التشاؤم، وقبول الأفكار الوهمية الخرافية، وتوجيهه إلى الثقة بالله تعالى، والتعامل بواقعية وموضوعية مع أحداث الحياة.