الشيخ الصفار: تصوّراتنا عن الله تؤثّر في تحديد سلوك تعاملنا وعلاقتنا به تعالى

مكتب الشيخ حسن الصفار

 

قال سماحة الشيخ حسن الصفار: إن النظرة والانطباع الذي يتشكل في ذهن الإنسان ونفسه عن الله تعالى، تؤثّر في تحديد سلوك تعامله وعلاقته مع الله تعالى.

وتابع: هنا تأتي أهمية تصحيح نظرة الإنسان إلى الله، وحسن ظنه به، فحين يعتقد بعدل الله وحكمته يرضا بقضائه وقدره، وإذ يستحضر سعة رحمة الله لا ييأس من عفوه.

جاء ذلك ضمن خطبة الجمعة 10 رجب ١٤٤٦هـ الموافق 10 يناير ٢٠٢5م في مسجد الرسالة بالقطيف شرقي السعودية بعنوان: ما ظنكم برب العالمين؟

وأوضح سماحته أن تصوّر الإنسان أن الله غافل عن الإحاطة به، وأنّه يترك الناس في هذه الحياة، دون مبالاة بأعمالهم وتصرفاتهم، تصوّر وظن خطأ، يشجع الإنسان على الفساد والظلم، استجابة لشهواته وأهوائه، ويؤدي به أخيرًا إلى الهلاك والخسران يوم القيامة.

وتابع: إنّ تيقن الإنسان واستحضار أنه محاسب أمام ربه، وأنه تعالى لا تخفى عليه خافية، يدفعه إلى الاستقامة والالتزام في عمله وسلوكه.

وأضاف: لذلك يتحدث القرآن الكريم في عدد من آياته عن التصورات الخطأ، والظنون السيئة، عند بعض البشر عن الخالق جلَّ وعلا، فتكون سببًا لانحرافهم وشقائهم.

مستشهدًا بقوله تعالى: ﴿وَذَٰلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنتُم بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ فَأَصْبَحْتُم مِّنَ الْخَاسِرِينَ.

وأبان أنّ آيات كثيرة في القرآن الكريم تؤكد على أهمية أن يُصحح الإنسان نظرته إلى الله، وتصوره عن صفاته تعالى.

وتابع: كما أن هناك روايات وأحاديث كثيرة تؤكد على حسن الظن بالله، وتحذّر من سوء الظن به تعالى.

واستشهد بما ورد عن رسول الله : «فَأَحْسِنُوا بِاللَّهِ اَلظَّنَّ، وَاِرْغَبُوا إِلَيْهِ».

وعن آثار حسن الظن بالله تعالى تحدّث سماحته عن عدل الله وحكمته، مؤكدًا أن من طبيعة الحياة أن يواجه الإنسان فيها مشاكل وصعوبات.

وتابع: قد تحصل للإنسان اعاقات أو إصابات في جسمه، وقد يتعرض للكوارث الطبيعية، كما يرزأ بفقد بعض أحبته وأعزته، ويعيش أزمات في علاقاته الاجتماعية مع من حوله، وقد لا تتوفر له بعض متطلبات حياته، وقد يقع عليه عدوان من بني جنسه.

وأضاف: فيتساءل الإنسان أين الله فيما يصيبه ويحدث له، ولماذا يقع به ما وقع؟

وأشار إلى أنّ بعض المصائب والمشاكل تصيب الإنسان بسبب أخطائه وغفلته، وبعضها يحصل للإنسان ضمن السنن الإلهية التي جعلها الله حاكمة على الكون والحياة.

وتابع: إنّ الله يعوض الإنسان في الآخرة عند تعرضه للبلاء في الدنيا، إذا كانت إصابته ضمن السنن الإلهية، كما يُعطى الإنسان مثلًا تعويض كافٍ حينما يزال بيته من قبل الدولة لتوسعة الطريق.

وبيّن أن الإنسان قد ينزعج من بعض ما يصيبه لكن نتائجه تكون لخيره وصلاحه، وقد يفوته ما يحزن لفوته لكنه مضر له.

وتابع: كما أنّ الإنسان يقتصر نظره على عاجل الدنيا، فيقيس الخير والشر بمعادلاتها، ولكن الله تعالى يريد مصلحته في الدارين.

وفي موضوع متصل تحدّث سماحته عن صفتي الرحمة واللطف، مؤكدًا أنّ الصفة الأهم التي تصحب اسم الله هي الرحمة، بسم الله الرحمن الرحيم، وتتكرر هذه الصفة فيما يرتبط بالناس: ﴿إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَّحِيمٌ.

واستنكر عدم التوازن في الخطاب الديني بحضور جانب الوعيد والعقاب عند بعض الخطباء، أكثر من الحديث عن الرحمة والمغفرة والوعد بالثواب.

ولفت إلى أن من أهم وظائف الأدعية الواردة والمأثورة، أنها تركّز النظرة السلمية، والظن الحسن في نفس الإنسان عن الله تعالى.

واستشهد ببعض الأدعية المأثورة في أيام شهر رجب، كالدعاء المروي عن الإمام الصادق : «يا مَنْ أَرْجُوهُ لِكُلِّ خَيْرٍ، وَآمَنُ سَخَطَهُ عِنْدَ كُلِّ شَرٍّ، يا مَنْ يُعْطِي الكَثيرَ بِالقَلِيلِ، يا مَنْ يُعْطِي مَنْ سَأَلَهُ، يا مَنْ يُعْطِي مَنْ لَمْ يَسأَلْهُ وَمَنْ لَمْ يَعْرِفْهُ تَحَنُّنا مِنْهُ وَرَحْمَةً».