الشيخ الصفار الدين يؤكد على احترام شخصية الفرد وتنمية الروح الاجتماعية
قال سماحة الشيخ حسن الصفار إنّ الدين يؤكد على ترسيخ الروح الاجتماعية، وأن يشعر كلُّ فردٍ في المجتمع بذاته، وكلما كان المجتمع أكثر احترامًا لأفراده تعمقت الروح الاجتماعية في نفوسهم. وتعزز ولاء الفرد للمجتمع باحتضان المجتمع له.
وتابع: يجب على المجتمع أن يحتضن أفراده، فلا يصح تهميش الفرد، ولا تعويق تطلعاته وطموحاته.
جاء ذلك ضمن محاضرة ألقاها سماحته في حسينية الكاظمية (البكاي) في دولة الكويت بتاريخ 15 جمادى الأولى 1446هـ الموافق 17 نوفمبر 2024م، ضمن برنامج محاضراته عن ثقافة الانتماء الاجتماعي، بعنوان: الفردية والانتماء الاجتماعي.
وأشار سماحته إلى تعدد النظريات في العلاقة بين الفرد والمجتمع، فهناك نظرية المدرسة الغربية الرأسمالية التي ترى أن الفرد هو الأصل، والمجتمع حالة اعتبارية، فالأصالة للفرد، وحقوقه الطبيعية ثابتة ضمن علاقاته الاجتماعية، والدولة مهمتها الأساس الحفاظ على حقوق الفرد.
وتابع: وهناك النظرية التي تتبنّاها المدرسة الشيوعية الماركسية والتي ترى أصالة المجتمع، فالإنسان لا تتحقق إنسانيته، ولا هُويته الإنسانية إلا من خلال المجتمع.
وأضاف: وهناك النظرية التي تنسجم مع الرؤية الدينية، وهي لا تقبل الجدل بين أصالة الفرد أم المجتمع، وتقول إن الحياة الاجتماعية قائمة على أصلين متساويين: أصالة الفرد، وأصالة المجتمع. فيتمتع الإنسان بفرديته وفي ذات الوقت يعيش انتماءه الاجتماعي.
وأبان أنّ الدين بتعاليمه يؤكد على التوازن، فلابد من احترام الفرد في المجتمع، كما لابد للفرد أن يكون معطاءً لمجتمعه.
وأشار إلى أنّ المجتمع هو مجموعة من الأفراد الذين يكون بينهم عاملٌ مشترك يجمعهم في ظل علاقاتٍ منتظمة متعارف عليها بينهم.
وعدّد النظريات التي ناقشت خلفية هذا الارتباط بين الفرد والمجتمع، فإن الانسان كائن اجتماعي يشعر بارتباطه النفسي والعضوي لمجتمعه، ومصالحه متداخلة مع محيطه الاجتماعي فلا يمكن للإنسان الاستقلال بعيدًا عن الآخرين لتحقيق متطلبات الحياة.
وأبان أن النظرية الأولى ترى أن العلاقة نابعة من الميل الفطري الغريزي، وهذه الفطرة في أعماق الإنسان، تماماً كحب الإنسان لذاته.
وتابع: أما النظرية الثانية فإنها ترى أن العلاقة نابعة من اضطرار الإنسان، فهو لا يستطيع أن يُسيّر حياته بمفرده، ولأن طبيعة الحياة تفرض عليه أن يكون متداخلاً مع الآخرين، لذلك فهو ينتمي للمجتمع.
وأضاف: والنظرية الثالثة تقول إن العلاقة نتيجة اختيار وادراكٍ عقلي، فالإنسان كائنٌ مفكر، ونتيجة تفكيره توصله إلى أن ارتباطه بالمجتمع أفضل له ولمصلحته.
ولفت إلى أن هذا الاختلاف بين النظريات لا يترتب عليه أثر فعلي، والمحصّلة وجود دافع حقيقي في أعماق الإنسان بضرورة انتمائه الاجتماعي.
وأسف لوجود ضعف في الاعتراف بشخصية الفرد في معظم المجتمعات التقليدية، حتى أن الفرد يشعر أنه مقموع، ومسحوق الشخصية لصالح الحالة الاجتماعية العامة.
وبيّن أن هناك حالة عكسية في المجتمعات الغربية، حيث يتملك الفرد كامل حرّيته ويخضع لأنانيته، فيفعل ما يشاء كيف يشاء، ولا يشعر بأي مسؤولية تجاه حتى أقرب أقربائه.
ومضى يقول: ينبغي للفرد أن يكون معطاءً لمجتمعه، فخير الناس أنفعهم للناس، والعطاء ليس محصوراً في الجانب المادي فحسب، فالفكر والجاه وبذل الجهد كلّها عطاءات مطلوبة.
وأضاف: العطاء يخلق شعوراً نفسياً سعيداً، ويولّد راحة نفسية لدى الفرد، وهذه لذّة يشعر بها أهل الخير، وأهل المعروف.
ولفت إلى أن الإسلام يربي الإنسان كي يشعر بلذّة العطاء، فيفرح ويبتهج بالعطاء، وقد كان الإمام علي بن الحسين حين يأتيه طالب حاجة يقول: «مَرْحَباً بِمَنْ يَحْمِلُ زَادِي إِلَى اَلْآخِرَةِ».
وتابع: الإنسان الذي يؤمن بالآخرة، يسعى أن يضمن فيها نجاته وفوزه، فهي دار البقاء، بينما الدنيا دار فناء، وليس من العقل أن يهتم الإنسان بدار الفناء وينسى دار البقاء.
لمشاهدة المحاضرة
https://www.youtube.com/watch?v=kFDaYtO3P7k