عالم الدين بين التواضع وتضخم الذات
أمّ سماحة الشيخ حسن موسى الصفار "حفظه الله" جموع المصلين يوم الجمعة الموافق 7 ذو القعدة 1423هـ في مسجد سماحة الشيخ علي المرهون حفظه الله بالقطيف. وقد افتتح سماحته كلمته بقوله تعالى: ﴿وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنْ اتَّبَعَكَ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ﴾. في بداية الحديث قال سماحة الشيخ: إن الإنسان لا يكون في موضع الإتّباع ويكون له أتباع إلا لوجود نقاط قوة جعلته يحتل تلك المكانة، وقال سماحته: قد يُبتلى من يكون في موقع الإتباع بالعجب لأنه يرى الآخرين يتبعونه ويرى نفسه في موقع القيادة فيُعجب بنفسه، وذكر سماحة الشيخ من نقاط القوة ما يلي:1- موقع السلطة، يقول تعالى عن لسان الطاغية فرعون:﴿قٌال أنا ربّكم الأعلى.﴾
2- كثرة المال، يقول تعالى: ﴿إن الإنسان ليطغى أن رآه استغنى.﴾
3- الموقعية الدينية، كما ورد: «إن للعلم طغياناً كطغيان المال.»
وأضاف سماحة الشيخ: إن ردة فعل الناس تجاه عجب الناس العاديين حينما يكونون في موقع القوة كأشخاص؛ بينما ردة فعلهم تجاه عجب العلماء تكون أكثر باعتبارهم حملة الدين فقد يكون هناك ردة فعلٍ من الدين نفسه.
ثم قال سماحة الشيخ: إن الأحاديث الشريفة تدعوا العلماء بالدرجة الأولى ليكونا على درجة عالية من الأخلاق والتواضع، واستشهد سماحته بالآية الكريمة التي تصدّرت البحث.
أسباب العجب
يقول سماحة الشيخ: كما إن للثروة والمنصب دافعاً للإنسان نحو العجب بنفسه، فإن للعلم أيضاً مثل ذلك، وذلك لأن:
1- الإنسان العالم حينما يرى انقياد الناس له والتفافهم حوله فإن نفسه تكبر في عينه فيرى نفسه أعلى من الآخرين فيُمارس العجب والتكبر على الآخرين.
2- هناك نصوصٌ دينية تؤكد أهمية وتفوق العلماء على سائر الناس، قال تعال: ﴿قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون.﴾ وفي الحديث: «العالم بين الجهّال كالحي بين الأموات.»
وأضاف سماحة الشيخ: إن العالم إذا اتّسم بالوعي والإدراك الحقيقي لموقعيته ولمعاني هذه الروايات فإنه سينجح في الامتحان الحقيقي الذي وضعه الله فيه، وإلا فإن الفشل سيكون مصير كل من يسير وِوفق أهوائه.
سبيل النجاة
بعد ذلك تحدث سماحة الشيخ عن سبل النجاح والنجاة من الوقوع في مأزق الأهواء والانصياع لطغيان النفس، وذكر سماحة الشيخ عدة نقاط:
أولاً- إن العالم الحقيقي ليست له جرأة أن يعتبر نفسه مصداقاً للأحاديث التي تتحدث عن فضل العلماء. يقول أمير المؤمنين
في وصيته لابنه الإمام الحسن : «العالم من عرف أن ما لديه من العلم في العلم قليل فعدّ نفسه جاهلاً.»ثانياً- الإنسان مهما كانت له نقاط قوة فإنه لا يخلوا من نقاط ضعف.
ثالثاً- ينبغي للعالم أن يجعل نصب عينية مسؤوليته الكبرى تجاه العلم الذي يحمله، وأن حساب العلماء عند الله أعظم من حساب الجهّال، جاء في الحديث: «إن الله تعالى يغفر للجاهل سبعين ذنباً قبل أن يغفر للعالم ذنباً واحداً.»
رابعاً- على العالم أن يكون متواضعاً حتى يكسب قلوب الناس بسلوكه قبل أن يكسبهم بعلمه. ثم إن العلم الذي يحمله العالم يُحتّم عليه أن يكون متواضعاً، قال أمير المؤمنين
: «ثمرة العلم التواضع. »وأضاف سماحة الشيخ: إن خدمة الناس والرأفة بهم والإحسان إليهم من أبرز مظاهر التواضع، وهذه سيرة الرسول الأعظم
وأهل بيته الأطهار . واختتم سماحة الشيخ الكلمة بقوله: ما أحوج كل إنسان للتواضع وخاصة العلماء فهم أكثر حاجةٍ لذلك، وذلك للعلم الذي يحملونه والمكانة التي يمتلكونها بين الناس.
والحمد لله ربّ العالمين، وصلى الله على نبينا محمدٍ وآله الطاهرين.
