عاشوراء: برنامجٌ رسالي
أمّ سماحة الشيخ حسن موسى الصفار –حفظه الله- اليوم الجمعة الموافق 26 ذو الحجة 1423هـ جموع المصلين في مسجد الشيخ علي المرهون بالقطيف، وبعد الصلاة ألقى سماحته كلمةً تحدث فيها عن موسم المحرم واعتبره أهم موسمٍ ديني ثقافي لدى المجتمعات الإنسانية، لأن رقعته تشمل كل المنتمين إلى مذهب أهل البيت
، والذين يزيد عددهم على الأربعمائة مليون إنسان يتواجدون في مختلف بقاع العالم وأرجائه، وقال سماحته أن المجتمعات الشيعية لا يتراجعون عن هذا البرنامج الذي أصبح مظهراً وسياجاً لهويتهم الدينية المذهبية.وأشار سماحة الشيخ أن دافع الشيع إلى إحياء هذا الموسم بهذه البرامج هو تأكيد ولائهم ومحبتهم لآل البيت
الذين أمر الله تعالى بمودتهم، واعتبرها أجراً ومكافأةً لرسول الله 
، يقول تعالى: ﴿قل لا أسألكم عليه أجراً إلا المودة في القربى. ﴾وقال أيضاً إن الشيعة يعتبرون هذه البرامج مصاديق لتعظيم شعائر الله حيث دعا سبحانه إلى تعظيم شعائره، يقول تعالى: ﴿ذلك ومن يُعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب.﴾
إضافةً إلى ذلك فإن الشيعة ينطلقون في إحيائهم هذه المناسبات من تعاليم أئمتهم أهل البيت
، حيث ورد عنهم روايات تأمر بذلك وتُشجّع عليه.عطاء كبير
بعد ذلك أكد سماحته على أن المواسم الثقافية ظاهرة عند مختلف الدول والمجتمعات، لكنها في الغالب تتم عبر جهات رسمية حكومية، بعكس موسم عاشوراء فهو برنامج أهلي تطوعي يُشارك فيه كل أبناء المجتمع، رجالاً ونساء، كباراً وصغاراً، ومن مختلف الطبقات والشرائح، ولمدة عشرة أيام، ليلاً ونهاراً، وعبر أشكالٍ متنوعة.
وقال سماحة الشيخ إن أبرز برامج هذا الموسم: الخطب والمحاضرات التثقيفية التوعوية، التي تُذكر الناس بتعاليم الدين، وتشرح لهم مبادئه وأحكامه، وتتحدث لهم عن سيرة الرسول
وأهل بته الكرام . وأضاف سماحته أن هذه الخطب تشكل دورة تربوية تثقيفية مكثفة يُمكنها أن تُساعد في تحصين الناشئين من المفاسد والانحرافات، وفي توعية الجمهور بواجباته الدينية، ومسؤولياته الاجتماعية. من أجل استثمار أفضل
قال سماحة الشيخ كما في أي برنامج ديني لابد من استحضار الغايات والمقاصد، ومراعاة الآداب والضوابط، ليحقق البرنامج أهدافه في حياة الفرد والمجتمع، وإلا تتحوّل إلى مجرد عادة طقوسية، وتقليد متعارف. وموسم المحرم هو من المواسم المهمة التي ينبغي أن لا تتحول إلى مجرد طقوس وعادات يقوم بها الناس دون أن تترك أثراً في حياتهم.
ومن أجل استثمار أفضل أكد سماحة الشيخ على مجموعة من الأمور:
أولاً- تكثيف البرامج وتركيزها.
أشار سماحة الشيخ إلى أن ميزة موسم عاشوراء أن برامجه تتم بجهودٍ أهلية تطوعية لا تحتكرها جهة، ولا يختص بها أحدٌ معين. ودعا أفراد المجتمع إلى ضرورة المشاركة وأن لا يسمحٌ أحدٌ لنفسه أن يكون متفرجاً. كما دعا أصحاب الرأي لتقديم آرائهم المفيدة، ومقترحاتهم النافعة، لأصحاب المجالس، ولخطباء المنابر، ولمواكب العزاء، ولسائر الفعاليات الاجتماعية.
وأكد على العلماء والفضلاء غير الخطباء أن لا يبخلوا بتوجيهاتهم وإرشاداتهم لمن يرتقون المنابر، ولمن يديرون المجالس والمواكب.
ودعا أصحاب الأموال إلى بذل أموالهم لإحياء هذه الشعائر، وبما ينفع المجتمع ويخدم الدين.
وأكد سماحته على أهمية مواقع الإنترنت وما تلعبه من دورٍ فعّال في هذا الجانب، ودعا إلى ضرورة استثمارها في هذا الموسم.
ثانياً- التنسيق بين البرامج.
وقال سماحة الشيخ إذا كانت هذه البرامج تنبثق من منطلقات دينية، ويراد بها التقرب إلى الله تعالى وتحصيل ثوابه ورضاه، فذلك يعني توفر روحية التعاون والتنسيق بين القائمين بها، فكلها تخدم هدفاً واحداً.
وأكد أن هذه المناسبة تشكل مرآة تعكس مستوى المجتمع وأخلاقياته أمام الآخرين، فعلى المجتمع أن يبدوا فيها بأجمل.
ثالثاً- خطاب الوحدة والتقارب.
يقول سماحة الشيخ في ظل الظروف الحساسة التي تمر بها الأمة الإسلامية، وضمن التهديدات الأمريكية بتغيير الأوضاع في الشرق الأوسط، ظهر هناك تصعيد في الخطاب الطائفي لإشغال أبناء المنطقة بالجدال المذهبي العقيم بين السنة والشيعة، المثير للأضغان والأحقاد، عبر نشر كتب عدائية، وعبر بعض المواقع الطائفية على الإنترنت، وكذلك ما أثارته بعض الفضائيات من حوارٍ هو أقرب إلى المهاترات.
ودعا سماحة الشيخ إلى ضرورة عدم الانزلاق إلى هذا المستنقع القذر، وعدم الوقوع في فخ التصعيد الطائفي فيتحول الخطاب الديني وكأنه ردود أفعال وصدى لتلك التوجهات المغرضة.
وأكد على الخطباء ضرورة أن يكون الطرح إيجابي موضوعي، وضرورة التأكيد على مبدأ الوحدة الإسلامية، وأهمية التقارب والانفتاح بين أتباع المذاهب.
رابعاً- رعاية الأمن والنظام.
وأكد سماحة على ضرورة رعاية الأمن والنظام خصوصاً في الفترة الحساسة التي تمر بها الأمة، لتفويت الفرصة على أي مغرض أو عابث.
وفي نهاية الكلمة أكد سماحة الشيخ على الطلاب والطالبات على ضرورة المواظبة في دراستهم، فلا يصح الغياب عن الدراسة من بداية أيام المحرم، إذ أنهم بذلك يحرمون أنفسهم من الاستفادة التعليمية، والتي هم في أمس الحاجة إليها، ليرتقوا بمستواهم الدراسي.
والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على سيدنا ونبينا محمدٍ وآله الطاهرين.
