الفتيات بين الهموم والتطلعات
واصل سماحة الشيخ إلقاءه للمحاضرات في هذا الموسم العظيم، وفي حسينية العوامي بالقطيف، وفي الليلة الرابعة من الموسم ألقى محاضرة بعنوان: الفتيات بين الهموم والتطلعات.وقد تضمن موضوعه أربعة محاور:
المحور الأول: أهمية شريحة الفتيات في المجتمع.
في بداية الحديث أكد سماحة الشيخ على أن المجتمع يُمثل جسماً واحداً، وكل شريحة منه تمثل عضواً من ذلك الجسد، وأي خلل في أي شريحة من شرائح المجتمع يؤثر على المجتمع كله لتداخل الشرائح فيما بينها.
والفتيات يُمثلن شريحة هامة في المجتمع، وقال: إن مجتمع الخليج بشكلٍ عام يُعتبر مجتمعاً شبابياً، لأن نسبة الشباب فيه تتراوح بين (50 – 60) % من المجتمع. والفتيات يُمثلن من هذه النسبة النصف، فهنَّ إذن (25 – 30)% من المجتمع. وهذه مساحة واسعة.
وقال سماحته إذا كانت هذه الشريحة صالحة فإن مستقبل المجتمع سيكون صالحاً لأن الفتيات هنَّ زوجات المستقبل، وهنَّ أمهات المستقبل.
وأضاف سماحته إن الخلل في هذه الشريحة له مضاعفات أكبر من الخلل في شريحة الشباب خصوصاً في المجتمعات المحافظة.
ومن ناحية أخرى قال سماحته نحن نعيش صراعاً حضارياً، فالحضارة المادية الغربية أخذت تزحف باتجاه مجتمعاتنا الإسلامية وهدفها إلغاء القيم والهوية. هذه الحضارة تُركز على جانب الفتيات فهي تبث ما تُدغدغ به مشاعرهن حتى تقضي على أخلاقهنّ.
المحور الثاني: اهتمام الإسلام بالفتيات.
أكد سماحة الشيخ على أن الإسلام اهتم بالفتيات أيما اهتمام، بعكس ما كان عليه وضعهنّ في العصر الجاهلي من الاحتقار والشعور بالدونية من وجود المرأة.
ولكن الإسلام جاء بمقاييس أخرى في تقييم أفضلية أحدٍ على أحد، فالتقييم عند الإسلام على أساس القيم وعلى أساس مستوى العطاء الإنساني.
واستعرض سماحة الشيخ جملة من النصوص التي تؤكد على أهمية الفتاة بشكلٍ خاص، والمرأة بشكلٍ عام، منها الآية التي بدأ سماحته بها الحديث وهي قوله تعالى: ﴿ ﴿وَأَمَّا الْغُلاَمُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ فَخَشِينَا أَنْ يُرْهِقَهُمَا طُغْيَانًا وَكُفْرًا * فَأَرَدْنَا أَنْ يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْرًا مِنْهُ زَكَاةً وَأَقْرَبَ رُحْمًا﴾﴾. وقال سماحته معقباً على الآية: جاء في تفسير البغوي (معالم التنزيل) وهو تفسيرٌ معتمد عند السلفيين، «جاء فيه رواية عن الإمام جعفر بن محمد الصادق ، يقول: أبدلهما الله بجارية كان من نسلها سبعون نبياً.»
وأشار سماحته إلى النصوص المستفيضة حول فضل البنات، منها هذه الرواية، «قال : ((من عال ثلاث بنات وجبت له عند الله الجنة))، قالوا يا رسول الله واثنتين؟ قال : ((واثنتين، وجبت له عند الله الجنة))، قالوا يا رسول الله وواحدة؟ قال : ((وواحدة وجبت له عند الله الجنة)).»
المحور الثالث: واقع الفتيات في مجتمعنا.
وأكد سماحة الشيخ على أن واقع الفتيات في مجتمعنا عليه مجموعة من الملاحظات في عدة مجالات، منها:
أولاً- على المستوى العائلي.
1- الفتيات يعانين من الجفاء من تعامل بعض الآباء والأمهات مع بناتهم، فهناك انفصال في العلاقة بين الأجيال السابقة وجيل اليوم بعكس ما كان عليه في الماضي.
وأكد سماحة الشيخ أن البنت في مرحلة الشباب تحتاج إلى إشباع عاطفي، وعطف وحنان أكثر من أي مرحلة أخرى.
وضرب نموذجاً من تعامل الرسول مع ابنته السيدة الزهراء ، واستعرض مجموعة من الأحاديث في فضل الزهراء .
2- ضعف التوجيه وضعف الرقابة والاهتمام. وأكد سماحة الشيخ أنه ليس المطلوب رقابة قاسية لأن هذا يُسبب مشكلة للبنت. إن المطلوب الاهتمام وتفقد أوضاع البنت في هذه المرحلة.
ثانياً- على المستوى التعليمي.
أشار سماحة الشيخ إلى أن الفتاة تواجه ضغطاً مكثفاً في الجانب التعليمي، من حيث المناهج التعليمية، والقوانين المفروضة على الفتيات، والتعامل القاسي من قبل بعض المعلمات. وفوق ذلك كله ليس مضموناً لها دخول الجامعة، أو الوظيفة بعد الجامعة، وإذا توظفت فقد تكون مغتربة عن مجتمعها.
وأضاف سماحته: ما يبثه الإعلام الغربي، والمعاكسات التلفونية من قبل بعض الشباب الذين فقدوا وازعهم الديني، والإنترنت الذي تجاوز كل الحدود.
فالبنت تعيش وضعاً حرجاً.
وأكد سماحته أن البنت بوعيها تتجاوز كل تلك الضغوط، ولكن بعدم الوعي قد تضيع البنت مستقبلها، ودعا سماحة الشيخ الفتيات إلى أن ينتبهن ولا يستجبن لأقل محاولة مغازلة من قبل الشباب الطائشين، ودعاهن إلى المحافظة على أنفسهن.
المحور الرابع: تلمس الحلول والمعالجات.
وفي ختام المحاضرة أكد سماحة الشيخ أن الحديث على المنبر وحده لا يكفي وإنما ينبغي أن يكون هناك حلول ومعالجات ومبادرات، وطرح من تلك المبادرات:
1- تنمية الوعي الديني والحياتي عند الفتيات. بأن يكون هناك خطاب موجه للفتيات، عبر الكتب والأشرطة، وحضور المساجد.
2- تنمية القدرات والكفاءات. فالفتاة عندها طاقة وينبغي أن تُستثمر هذه الطاقة. على المستوى الأدبي، والفني، والخطابي، والديني.
3- أن يكون هناك مؤسسات اجتماعية تهتم بالنساء، فينبغي أن تحوي كل جمعية خيرية على قسم نسائي كما هو الآن في جمعية القطيف الخيرية وكذلك في جمعية سيهات.
فالمرأة عندها استعداد للعطاء لا يقل عن استعداد الرجال. والتاريخ يشهد بذلك منذ العهد الإسلامي الأول.
والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على نبينا محمدٍ وآله الطاهرين.