حقوق أهل البيت عليهم السلام على الأمة
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد خاتم الأنبياء والمرسلين وعلى آله وصحبه أجمعين.
صلى الله عليك يا رسول الله وعلى أهلك الطيبين الطاهرين.. صلى الله عليك يا مولانا يا سيد الشهداء يا أبا عبد الله الحسين وعلى أنصارك المجاهدين بين يديك.
ورد في الحديث عن رسول الله صلى اللَّه عليه وآله وسلم أنه قال: «أيها الناس إنما أنا بشر يوشك أن يأتي رسول ربي فأجيب، وإنا تارك فيكم ثقلين، أولهما كتاب الله فيه الهدى والنور، فخذوا بكتاب الله وتمسكوا به، وأهل بيتي أذكركم الله في أهل بيتي وقد كررها ثلاث مرات»[1] .
وصية الرسول بأهل بيته:
في السنة الماضية تحدثنا في أول ليلة من ليالي هذا الموسم الكريم حول حديث الثقلين، والليلة نتحدث حول الفقرة الأخيرة من هذا النص الذي ورد في رواية أخرى لحديث الثقلين وهو قوله صلى اللَّه عليه وآله: «أذكركم الله في أهل بيتي» وقد كررها ثلاث مرات.
وقد ورد هذا الحديث في صحيح مسلم في الجزء السابع ص123 باب فضائل على بن أبي طالب ، وورد في مصادر عديدة وكثيرة، لكن لما لصحيح مسلم من موقع ومكانة بين المصادر الإسلامية نقلناه عن هذا المصدر.
فالرسول صلى اللَّه عليه وآله وسلم يقول:« أذكركم بأهل بيتي.. »
ونعلم معنى هذه الجملة فإنه يقال: أذكرك اللَّه؛ حينما يكون المورد موردا يخشى الإنسان فيه من غلبة عوامل الشهوة والأهواء والضغوط المختلفة.. حينما يكون المورد هكذا فإن التأكيد يكون بهذه العبارة (أذكرك اللَّه) أي تذكر الله تعالى في هذا المورد واعلم أن المسألة مرتبطة بأمر الله سبحانه.
والإنسان إذا ذكر الله الذي يلزمه طاعته ويلزمه التعبد له وخشيته والتورع عن معصيته إذا ذكرته فإنك تستطيع مواجهة الأهواء والشهوات والضغوط المختلفة.
والرسول صلى اللَّه عليه وآله وسلم يوصي الأمة بأهل بيته ثم يقول:« أذكركم اللَّه.. »وهذا يعني أن هذا المورد يخشى فيه من سيطرة الأهواء والضغوط والشهوات المختلفة؛ لذلك فالرسول صلى اللَّه عليه وآله يؤكد على الأمة أن يكونوا منهجيين في التعامل مع أهل البيت ولا يتركوا المجال للضغوط المختلفة ولا للهواء وللشهوات أن تحول بينهم وبين التعاطي الصحيح مع أهل البيت، بل يجب أن تذكر الأمة الله تعالى حينما تريد أن تتعاطى وتتعامل مع موضوع أهل البيت.
«أذكركم الله في أهل بيتي» ليس مرة واحدة وإنما يكررها ثلاث مرات مما يعني أن الرسول صلى اللَّه عليه وآله كان يدرك أن تعاطي الأمة مع أهل البيت ستعترضه أهواء وشهوات وضغوطات وعقبات، لذلك الرسول صلى اللَّه عليه وآله يلفت نظر الناس: لا تدخلوا هذه المسألة ضمن المعادلات الاجتماعية ولا تتعاطون معها كمعادلة سياسية فتنظرون إلى مراكز القوة والضعف وتنظرون إلى معادلة الخسارة والربح، بل إن موضع أهل البيت ليس مسألة مادية أو قضية اجتماعية ولا معادلة سياسية؛ وإنما هي معادلة ترتبط بالله تعالى.. «أذكركم الله في أهل بيتي» حينما تفكرون في هذا الموضوع أو تتعاطون مع هذا الموضوع اجعلوا الله تعالى أمامكم ونصب أعينكم حتى لا تنحرف بكم الأهواء والشهوات والضغوطات المختلفة.
هذا هو مبرر التذكير بالله وتكرار التذكير به تعالى ثلاث مرات «أذكركم الله في أهل بيتي».
مواسم الولاء:
نعيش هذه الأيام موسم الولاء لأهل البيت عليهم السلام.. أيام المحرم.. فعشرة المحرم هي موسم تجديد الولاء وتجديد العهد بأهل البيت عليهم السلام.
ومعروف الآن في عالم البشر كيف أن فترات زمنية تحدد لمفاهيم معينة ولقضايا معينة من أجل التذكير بها وتركيزها في النفوس، ومن أجل التوجه والالتفات إليها.. ماذا يعني إعلان أسبوع للمرور مع أن المرور حالة عامة في كل يوم وفي كل ساعة، ومراعاة أنظمته وقوانينه شيء مطلوب من الإنسان في كل وقت، لكن جعلوا له أسبوعاً معيناً أطلقوا عليه (أسبوع المرور) ليتم توجيه وسائل الإعلام لتوجيه وتذكير الناس لأهمية المحافظة على أنظمة المرور. ولذلك ترى كل مؤسسة تنشر لافتات وتعمل برامج معينة من أجل تذكير الناس بأهمية المحافظة على قوانين المرور.. فهل يفيد ذلك أم لا يفيد؟
فبعد هذا التركيز إذا ملك الإنسان سيارة وجلس أمام مقودها وقادها بأقصى سرعة فهل يتذكر أسبوع المرور؟ وهل يتذكر اللافتات والنصائح؟
في غالب الأحيان وخاصة بالنسبة للشباب الذين يمتلئون نشاطاً وحيوية وقوة يعتبرون قيادة السيارة مجالاً فإبراز العضلات والقوة فيقودون بتهور.. متى يتذكر الشاب؟ يتذكر حينما يحصل ما لا يريد وما لا يتوقع لا سمح اللَّه.. هناك إذا حدث له مكروه يتأسف ويلوم نفسه ساعة لا تفيد الحسرة والندم فقد تذهب حياته ضحية هذه النزوة. والمسألة لا ترتبط به هو وانتهى بأن يتحمل مسؤولية عمله، لكن ماذا عن أهله وعن عائلته وعن أحبابه وأعزائه؟ وماذا عن الأبرياء الذين قد يكونون ضحايا لسرعته وتهوره؟!
ليس كلامنا في هذا الموضوع وإنما كشاهد.. يعين أسبوع المرور من أجل إلفات الأذهان والأنظار وتذكير الناس بهذه المناسبة، وكذا يعين يوم العلم ويوم الأم واليوم الوطني وما أشبه.
هذا شيء مألوف ومعروف.. ونحن نحمد الله أن أئمتنا أئمة الهدى عليهم السلام وجهونا وعلمونا أن نهتم بهذه الأيام العشرة بالخصوص وإن كان الولاء لأهل البيت طوال العام وفي كل يوم، لكن في هذه الأيام بشكل خاص باعتبار أنها ذكرى لحدث مهم من أهم الأحداث التي حدثت في حياة أهل البيت عليهم السلام هي ذكرى استشهاد أبي عبد الله الحسين ، الأئمة وجهونا لنحيي ذكرهم في هذه الأيام.
يقول الإمام الصادق عليهم السلام لفضيل بن يسار: «أتجلسون وتحدثون؟ قال: نعم. قال: إن تلك المجالس أحبها، فأحيوا أمرنا، رحم الله من أحيا أمرنا»[2]
وقال الإمام الرضا : «من جلس مجلساً يحيي فيه أمرنا لم يمت قلبه يوم تموت فيه القلوب»[3] .
عن الريان بن شبيب قال:« دخلت على الرضا في أول يوم من المحرم فقال لي: (يا بن شبيب أصائم أنت؟ فقلت: لا. فقال: إن هذا اليوم هو اليوم الذي دعا فيه زكريا ربه عز و جل فقال:
﴿رَبِّ هَبْ لِي مِن لَّدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاء﴾ فاستجاب الله له وأمر الملائكة فنادت زكريا ﴿وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ أَنَّ اللّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَى﴾[4] . فمن صام هذا اليوم ثم دعا الله عز وجل استجاب الله له كما استجاب لزكريا ؟
ثم قال: يا بن شبيب إن المحرم هو الشهر الذي كان أهل الجاهلية فيما مضى يحرمون فيه الظلم و القتال لحرمته، فما عرفت هذه الأمة حرمه شهرها ولا حرمة نبيها لقد قتلوا في هذا الشهر ذريته و سبوا نساءه و انتهبوا ثقله فلا غفر الله لهم ذلك أبداً»[5] .
وفي رواية أخرى ينقل الإمام الرضا عن أبيه:«كان أبي إذا هلّ شهر المحرم لا يُرى ضاحكاً أبداً، وكانت الكآبة تغلب عليه حتى يمضي منه عشرة أيام، فإذا كان يوم العاشر كان ذلك اليوم يوم حزنه ومصيبته وحزنه وبكائه»[6] .
وروايات كثيرة في هذا المجال توجهنا لإحياء ذكر الأئمة في هذه الأيام بشكل خاص..
ولكن لماذا هذا الاهتمام بإحياء ذكرى أهل البيت؟
ولماذا هذه العلاقة المميزة بيننا وبين أهل البيت عليهم السلام؟ وما سببها؟
حاول بعض المؤرخين وبعض الكتاب أن يفتعلوا وأن يلتمسوا أسباباً غير حقيقة، بل هي تشوه الحقيقة والواقع.
وأول من بدأ هذا الطرح هم المستشرقون حيث قالوا: إن سبب هذه العلاقة المميزة بين الشيعة وبين أهل البيت هو تأثرهم بأوضاع الفرس؛ لأن الفرس الإيرانيين كانت لهم علاقة عاطفية كبيرة بملوكهم وخاصة الملوك الساسانين، فكانوا يعتقدون أن ملوك بني ساسان يجب أن يتوارثوا الملك والزعامة، وأن الله تعالى قد اصطفاهم وخصهم بموقعية معينة. والتمسوا شواهد هذا الأمر في تاريخ الفرس.
وحينما دخل الفرس الإسلام نقلوا هذه العقيدة وطبقوها على أهل البيت عليهم السلام وقالوا إن أهل البيت لهم موقعية إلهية ودم إلهي خاص يجري عروقهم ولهم موضعية معينة اصطفاهم اللَّه عز وجل، وكل ما كان عندهم من أعراف وتقاليد وتعاطي مع ملوكهم الأكاسرة طبقوه في التعاطي مع أهل البيت. فالتشيع لأهل البيت وهذه العلاقة المميزة أتت من الفرس لأنهم نقلوا تلك الحالة العاطفية بينهم وبين ملوكهم الأكاسرة. هكذا قال المستشرقون.
وجاء بعض الكتّاب المسلمين والتقطوا هذا الكلام منهم وصادف هدفاً في نفوسهم فزادوا عليه واستخرجوا منه نظرية يفسرون بها التشيع والولاء لأهل البيت عليهم السلام.
ومن أبرز الكتاب الذي تناولوا هذا الموضوع وتحدثوا حوله أحمد أمين الكاتب المصري المعروف في كتابه (فجر الإسلام) الذي نقل فيه كلام المستشرقين وحلل وفسر الولاء لأهل البيت على أساس هذه النظرية.
طبعا هناك ردود كثيرة على هذا الكلام ولا نريد أن نطيل ونفصل، لكن نشير إلى بعض الملاحظات.
الملاحظة الأولى: أن مسألة الاصطفاء ليست مسألة منقولة من خارج الإسلام ولكنها موجودة في القرآن: ﴿إِنَّ اللّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ (33) ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِن بَعْضٍ وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾[7] هذه آية قرآنية فهل هي متأثرة بالأكاسرة وبالحالة الموجودة عند ملوك بني ساسان وتعامل الإيرانيين معهم. وهذه الآية تتحدث عن اصطفاء ذرية ﴿إِنَّ اللّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ (33) ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِن بَعْضٍ﴾.
فمسألة أن هناك عائلة أو أسرة أو ذرية لها موقعيتها الخاصة عند الله وأنه تعالى اصطفاها واختصها بمقام سامٍ مفهوم قرآني.
ومن ناحية ثانية: متى دخل الفرس في التشيع؟ هل كان أساس التشيع من إيران أو من قِبَل الفرس حتى تكون معالم التشيع واتجاهاته متأثرة بالأوضاع والعادات والأعراف الموجودة عند الفرس والإيرانيين؟!
إنما دخل الفرس في التشيع دخولا عاما رسميا في القرن العاشر للهجرة (سنة 1500م) على أثر قيام الدولة الصفوية وقبلها بقليل روج الشاه رسميا المذهب الشيعي قبل القرن العاشر.
والشيعة كانوا من أعلام العرب، ولا نريد بذلك أن ندخل في العصبيات القومية عرب وعجم لكن نشير إلى ذلك توضيحاً للمسألة.. فعمار بن ياسر وأبو ذر الغفاري ومالك الأشتر ومحمد بن أبي بكر والمقداد بن عمر وأبو الأسود الدؤلي وبقية أعلام التشيع من أين كانوا؟! نعم كان هناك سلمان الفارسي رضي اللَّه عنه (سلمان المحمدي) هذا أيضا كان من أقطاب الولاء لأمير المؤمنين علي بن أبي طالب ولأهل البيت عليهم السلام.
وبشكل عام فأعلام الشيعة الذين ألفوا الكتب ووضعوا قواعد الفكر الشيعي والفقه الشيعي وتلامذة الأئمة عليهم السلام والطبقة التي جاءت بعد الأئمة أيضا كانوا عرباً. فمن أين كان الشيخ المفيد والشريف الرضي والشريف المرتضى وابن إدريس الحلي والعلامة الحلي وأمثالهم من العلماء؟
ودخولهم الفرس في التشيع كان دخولاً متأخراً، وكان أكثر الإيرانيين سابقا على مذهب التسنن، بل كلهم، وكانت إيران دولة سنية. وتشير بعض الروايات التاريخية إلى أن منطقة إصفهان من المناطق التي كانت متعصبة ضد أهل البيت، حتى أنهم استمهلوا عمر بن عبد العزيز أسبوعاً حتى يتخلوا عن سب الإمام علي .
كانت حالة العداء لأهل البيت سائدة في إيران ثم بعد ذلك في أعقاب قيام الدولة الصفوية ساد التشيع لأهل البيت، كما حصل في كثير من البلدان، تأتي دوله وتبشر بمذهب وتتبناه يصبح المذهب السائد حتى لو لم يكن له أتباع.. أما كان في مصر المذهب الفاطمي هو السائد ولما جاءت الدولة الأيوبية تغير الاتجاه؟ ألم يكن في حلب وتلك المناطق المجاورة لها أيام الحمدانيين مذهب أهل البيت عليهم السلام هو السائد بعد ذلك جاءت دولة أخرى وتغير الاتجاه؟ وهكذا في مختلف البلدان.
إذاً دخول الفرس في التشيع لم يكن دخولاً قديماً حتى نقول هم الذين طبعوا التشيع بلونهم واتجاهم.
ومن ناحية ثالثة: تعالوا نحتكم إلى النصوص:
الولاء لأهل البيت عليهم السلام إنما هو انقياد للنصوص الدينية وليس تأثراً بالفرس أو هذه الجهة أو تلك.
يقول أحمد أمين في سياق حديثه عن هذا الموضوع: كان عند الفرس المذهب المزدكي، ومزدك هو الذي ظهر في القرن الخامس الميلادي ودعا إلى الاشتراكية في المال والنساء، وقال الناس سواسية وينبغي أن يكونوا شركاء في الأموال وفي النساء، ودعا إلى الإباحية. وليس لنا كلام في هذا، لكنه يقول: نحن نلحظ أن أبا ذر الغفاري عنده آراء تشبه آراء مزدك فهو يدعوا إلى أن يتساوى الناس في الأموال ولذلك اعترض على الخليفة عثمان وعلى معاوية بن أبي سفيان وكان يكرر الآية الكريمة: ﴿وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ﴾[8] فأبو ذر من أين جاء بهذه الأفكار المشابهة لآراء مزدك.. بعد ذلك يستخدم أحمد أمين عبقريته فيقول: عثرت على رواية تشير إلى أن ابن أبي السوداء عبد الله بن سبأ هذا التقى مرة مع أبي ذر وأمره بطرح هذه الأشياء.. فأبو ذر أخذ هذه الفكرة المزدكية المنافية للإسلام من أمر عبدالله بن سبأ لأنه جاء بها من عند الفرس فتأثر بها.
كيف يقبل إنسان مسلم أن يتحدث بمثل هذا المنطق في حق أبي ذر الغفاري الذي قال الرسول صلى اللَّه عليه وآله في حقه: «ما أقلت الغبراء وما أظلت الخضراء من رجل أصدق لهجة من أبي ذر»[9] .
لو أن شخص آخر يتهم واحداً آخر من الصحابة أنه متأثر برأي من جماعة مزدك ما الذي سيقولون عنه.. هذا يطعن في الصحابة لكن أبي ذر لأنه من الصحابة الذين والوا علي بن أبي طالب أصبح أمر نقده سهلاً.
إذن الولاء لأهل البيت والتشيع لهم إنما هو انقياد للنصوص الشرعية الواردة في القران الكريم وفي أحاديث الرسول صلى اللَّه عليه وآله والتي تلزمنا باتباع أهل البت عليهم السلام مثل هذا الحديث: «أذكركم الله في أهل بيتي» ثلاث مرات يقولها الرسول، وأحاديث كثيرة سنشير إليها.
موقف الأمة تجاه أهل البيت:
النصوص الواردة في أهل البيت كثيرة ولا يوجد عالم أو محدث ولا كاتب يتكلم عن النصوص الإسلامية والتاريخ الإسلامي إلا ويخصص فصلاً من كتابه أو مسنده أو مجمع أحاديثه لأهل البيت، سواء قل كتابه أو كثر. انظر إلى كل الصحاح والمسانيد وكل كتب الروايات لابد وأن فيها فصلاً ولابد أن فيها باباً عن فضائل أهل البيت عليهم السلام. هذا حقيقة موجودة لا يمكن التغاضي عنها.
والموقف تجاه أهل البيت نستجليه في أحد مواقف أربعة:
الموقف الأول: موقف الغلو:
جماعة رأوا هذه النصوص الكثيرة والكفاءة المتميزة لأهل البيت عليهم السلام فانجرفوا ولم تكن لهم حدود سليمة يقفون عندها فأصيبوا بمشكلة الغلو.. ولا شك في أن الغلو في أهل البيت أو في رسول الله صلى اللَّه عليه وآله حرام، بل الغلو كفر بالله تعالى. وقد نهانا أئمتنا عن الغلو.
قال الإمام الصادق : «الغلاة كفار»[10] .
وفقهاؤنا يعتبرون المغالين كفاراً ويعتبرونهم نجسين[11] .
الغلو يعنى إعطاء أهل البيت أو أحدهم شيئاً من صفات الربوبية أو الألوهية والعياذ بالله.. هذا شرك وكفر وغير مقبول أبدا. وروايات كثيرة عن الأئمة عليهم السلام ترفض ذلك.
يقول الإمام الصادق : «نحن عبيد مرهوبون لله تعالى فلا تتجاوزوا ما قبل العبودية وقولوا في فضائلنا ما شئتم ولن تبلغوا فضائلنا».
ما الذي نقول في أهل البيت؟
قل في أهل البيت لكن لا تتجاوزوا إلى مقام العبودية.
نهى رسول الله صلى اللَّه عليه وآله عن الغلو فيه فقال: «إن الله اتخذني عبداً قبل أن يتخذني نبيا»[12] .
إذن موقف الغلو موقف مرفوض.. والغلاة أو موقف المغالين موقف منقرض، وجد في فترة من الفترات، فكان في عهد أمير المؤمنين أناس غالوا فيه، ووقف الإمام منهم موقف الشرع وأحرقهم بالنار. وقد اعتبر بعضهم هذه العقوبة أيضا تأكيداً لما ادعوه، فقالوا: انظر إنه يحرق بالنار، وهل يحرق بالنار إلا اللَّه. قبحهم اللَّه، وتعالى الله عما يقولون.
إذن هذا موقف الغلو، وهو موقف مرفوض، والشيعة يعتبرون الغلو كفراً، ويعتبرون المغالي نجساً لا تصح ملامسته برطوبة. وهناك روايات كثيرة وأبواب في كتب الحديث عندنا ضد الغلو وضد الغلاة.
وقلنا إن رفع أهل البيت عن مقام العبودية وإعطائهم بعض صفات الألوهية أو الربوبية هذا هو الغلو، وليس منه الصفات المميزة عند أهل البيت عليهم السلام لأنها ليست ذاتية وإنما هي عطاء لهم من قبل اللَّه، فهم لا يعلمون الغيب وإنما هم معلَّمون.
قيل أمير المؤمنين بعد أن تحدث عن بعض المغيبات: «لقد أعطيت يا أمير المؤمنين علم الغيب. فضحك وقال للرجل وكان كلبيا: يا أخا كلب ليس هو بعلم غيب وإنما هو تَعَلُّم من ذي علم وإنما علم الغيب علم الساعة و ما عدده الله سبحانه بقوله: ﴿إن الله عنده علم الساعة﴾ الآية فيعلم سبحانه ما في الأرحام من ذكر أو أنثى أو قبيح أو جميل أو سخي أو بخيل أو شقي أو سعيد و من يكون في النار حطبا أو في الجنان للنبيين مرافقا فهذا علم الغيب الذي لا يعلمه أحد إلا الله وما سوى ذلك فعلم علّمه الله نبيه فعلّمنيه ودعا لي بأن يعيه صدري وتضطم عليه جوانحي»[13] .
فالصفات المتميزة عند أهل البيت ليست ذاتية وإنما هي عطاء ومنحة وإفاضة من الله تعالى عليهم ولهم.. هذا هو الموقف الأول موقف الغلو وهو موقف مرفوض.
الموقف الثاني: هو موقف العداوة والنصب:
وهو يعني أن يعادي الإنسان أهل البيت وينصب العداء لهم، والمعادي هو الآخر خارج عن الدين وكافر يفتك بضرورة من ضروريات الدين، وهو نجس عند جميع المسلمين؛ لأن من يعادي أهل البيت إنما يعادي رسول الله صلى اللَّه عليه وآله، فمن آذاهم آذى رسول الله، ومن أبغضهم أبغض رسول اللَّه، ومن نصب العداء لهم نصب العداء لرسول الله صلى اللَّه عليه وآله، كما هو مفاد أحاديث كثيرة حول أفراد أهل البيت وحول كل أهل البيت.
يقول الرسول صلى اللَّه عليه وآله: «فاطمة بضعة مني من آذاها فقد آذاني ومن آذاني فقد آذى الله»[14] وفي رواية: «فاطمة بضعة مني يرضيني ما أرضاها ويسخطني ما أسخطها»[15] .
وفي دعاء واضح يقول الرسول صلى اللَّه عليه وآله في حق أمير المؤمنين على بن أبي طالب :«اللهم والي من والاه وعادي من عاداه»[16] فمعادةُ علي معاداةٌ للَّه عزّ وجلّ.
والنصب والعداء لآل البيت كان موجوداً في سالف الزمان ولعل بقايا النواصب الذين يكرهون أهل البيت ويبغضونهم بصور وأشكال مختلفة لازالت لهذا اليوم، فإليك نموذجاً وشاهداً فقط في العراق.. كاتب ومفكر بعثي من جماعة الحكم الموجود في العراق اسمه عزيز السيد جاسم، وهو من عائلة شيعية ومن السادة كان في بداية حياته شيوعياً ثم أصبح مع البعثيين وكان مسؤولاً عن التثقيف الحزبي لكوادر حزب البعث وكتب كتابات كثيرة، وكان له دور كبير في نشر الفكر البعثي والتثقيف البعثي، وقبل سنوات ألف كتاباً عن الإمام علي بن أبي طالب وفق أمنيته وأفكاره العلمانية البعثية، وعندما عزم أخوه السيد محسن الموسوي وهو الأمين العام لاتحاد أدباء العراق السفر إلى بيروت أعطاه نسخة من الكتاب وقال له: خذ هذا الكتاب إلى مطبعة في بيروت واتفق معه على طبع الكتاب، طبع الكتاب، ووصل الخبر إلى صدام أن هذا الرجل ألف كتاباً عن الإمام علي فأمر بالقبض على عزيز السيد جاسم ولم يكتف به سجنا بل سجن أخاه أيضا لأنه ذهب بالكتاب إلى بيروت، وقد أثبت أنه لا يدري عما في الظرف الذي أعطي إليه ولا يدري عن هذا الكتاب، فأكتفي بسجنه ستة أشهر لأنه أوصل الكتاب، أما المؤلف السيد عزيز الجاسم فقال له صدام: أنت تبقى في السجن إلا إذا كفرت عن ذنبك، قال: ماذا تريد؟ قال: ينبغي أن تؤلف خمسة كتب كلها بحجم هذا الكتاب الذي كتبته، ثلاثة كتب عن الخلفاء الراشدين، عن أبي بكر وعمر وعثمان، وكتاب عن النبي صلى اللَّه عليه وآله، وكتاب عنه هو (صدام)، وهذا لابد أن يكون الأكبر في الكتب جميعاً.
وبالفعل ألف هذه الكتب التي طلبت منه وأكبرها كان كتاب عن صدام وعن عبقرية صدام، اسمه (عملاق الرافدين) ومع ذلك أطلقوا سراحه لكن بعد فترة قصيرة أعيد اعتقاله والآن صار له عدت سنوات لا يدري عنه وعن مصيره أحد، أحي هو أم ميت؟ وكل جريمته أنه ألف كتاباً عن أمير المؤمنين .
إذن خط النصب والعداء لأهل البيت عليهم السلام مستمر وباقٍ إلى الآن.
الموقف الثالث: موقف احترام أهل البيت:
موقف احترام أهل البيت لكن على حد سواء مع احترام غيرهم من الصحابة ومن الخلفاء، فلأهل البيت لهم مقام لكن مثلهم مثل الصحابة والخلفاء، وبعض يفضل بعض الصحابة على أهل البيت.
وهذا هو الاتجاه الأكبر عند كثير من المسلمين الذين يجعلون أهل البيت في موازاة غيرهم.
الموقف الرابع: هو موقف نصرة أهل البيت والتشيع لهم:
هو موقف نصرة أهل البيت والتشيع لهم وتفضيلهم وموالاتهم.. جعلنا الله وإياكم من أتباع أهل البيت عليهم السلام.
فلماذا نتخذ هذا الموقف رغم أن له تبعات.. فالذين يدينون بهذا الموقف دفعوا طوال التاريخ ضريبة إيمانهم واعتقادهم بأهل البيت؛ لأن الولاء لأهل البيت غالبا لم يكن هو السياسة الرسمية للدول، بل بالعكس كانت أكثر الدول التي حكمت في التاريخ ضد هذا الاتجاه، وكانت تواجه الموالين لأهل البيت عليهم السلام مواجهة قاسية في كثير من الأحيان وخاصة كما نعلم أبناء الدولة الأموية والعباسية وشطر كبير من الدولة العثمانية وغير هذه الدول.
ما الذي يجعل الذين التزموا بمذهب أهل البيت عليهم السلام يدفعون هذا الثمن الباهض ويتحملون المشاكل والصعوبات؟!
في الواقع هناك نصوص تلزمهم وتأخذ بأعناقهم إلى اتباع أهل البيت عليهم السلام.. مثل النص القرآني الذي قرأناه ﴿إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا﴾[17] ومن المعلوم أن هذه الآية الكريمة نزلت في أهل البيت.
يقول الشيخ ابن تيمية في رسالته (حقوق أهل البيت): صحيح أن هذه الآية نزلت في سياق الحديث عن زوجات رسول الله لكن سيرة الرسول هي التي توضح القرآن وتفسره، ولقد ثبت أن رسول الله أدار كساءه على علي وفاطمة والحسن والحسين وقال: اللهم هؤلاء أهل بيتي فأزل عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا. فهذه الآية تخص هؤلاء.
ومنها قوله تعالى: ﴿قُل لاَّ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى﴾[18] في التفاسير المختلفة ليس عند الشيعة فقط وإنما العديد من المفسرين عند تفسر هذه الآية الكريمة يذكرون أن الرسول صلى اللَّه عليه وآله سئل: قالوا: يا رسول الله، من هؤلاء الذين نودهم ؟ قال:« علي وفاطمة وأبناؤهما»)[19] .
ومن الروايات الكثيرة الواردة عن رسول الله صلى اللَّه عليه وآله في تعيين أمير المؤمنين حديث الغدير الذي رواه أكثر من 110 من الصحابة وأكثر من 84 تابعي وأكثر من 360 من طبقات العلماء على مر العصور كلهم نقلوا هذا الحديث عن الرسول صلى اللَّه عليه وآله.
فبعد انصرافه من حجة الوداع كان معه أكثر من 120 ألف من الحجاج المسلمين وصل عند مفترق الطرق في مكان يدعى غدير خم وأمر المسلمين أن يتوقفوا كلهم، فقال وهو يرفع يد علي بن أبي طالب:« ألست أولى بكم من أنفسكم».
وفي حديث آخر: «ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟ »قالوا: نعم، فقام وهو يرفع يد علي بن أبي طالب وقال:« من كنت مولاه فهذا مولاه، أو فعلي مولاه، اللهم والِ من والاه وعادِ من عاداه وانصر من نصره واخذل من خذله وأدر الحق معه حيثما دار».
هذا حديث واضح وصريح لا يشك فيه أحد أبدا.. لكن الكثير من علماء المسلمين قالوا: نعترف بهذا الحديث ويعتبرونه حديثاً صحيحاً ويأتون بمصادره ثم يحاولون تفسيره بما يتنافى مع ظاهره البيِّن.
ففسروه بأن معنى المولى هو الحبيب أو الناصر، فمراد الرسول : من كنت حبيبه فعلي حبيبه، أو من كنت ناصره فعلي ناصره.
ونحن لا نقبل هذا التفسير لأنه لا يتناسب مع ظاهر النص ومفاد الواقعة التي قيل فيها.
وإلى جانب هذا الحديث أحاديث كثيرة تفيد معنى الولاية، منها ما رواه محمد ناصر الألباني من أعلام السلفيين المحدثين وهو قوله : «علي مولى كل مؤمن ومؤمنة بعدي»[20] ووصفه بالحديث وذكره مصادره.
ثم نقل أن عمر بن الخطاب لقي أمير المؤمنين بعد ذلك، وقال له: هنيئاً لك يا بن أبي طالب أصبحت وأمسيت مولى كل مؤمن ومؤمنة.
فإذا كان مراد النبي بـ(المولى) الحبيب أو الناصر فهل يستوجب ذلك التهنئة؟!
وقيل: إذا كان الرسول يريد تعيين أهل بيته ووضعهم في الموضع القيادي فلماذا لم يقل ذلك بنص صريح بعيداً عن هذه النصوص التي تحتمل التأويل؟!
والجواب عن ذلك: أي نص أكثر صراحة من هذه النصوص التي توالت من أول أيام البعثة الشريفة إلى آخر يوم في حياته ؟!
ففي أول يوم في حادثة الإنذار قال رسول الله لبني هاشم:« من منكم يريدني ويؤازرني فيكون أخي ووارثي وخليفتي من بعدي، فما قام إلا علي بن أبي طالب».
وإلى ما بعد الغدير. فهل هناك نصوص اعظم من هذه النصوص.
فها هو يقول: «ألست أولى بكم من أنفسكم» يعني ولاية تصرف وسيادة وقيادة وأمر (قالوا: نعم. قال: «من كنت مولاه») يعني على نفسه «فعلي مولاه».
والحال أن أي نص يأتي فيه قابلية أيضا للاحتمال والتأويل ﴿وَكَانَ الإِنسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلاً﴾[21] هل هناك شيء لا يؤول ولا يفسر؟!
فقد سرى الشك إلى وجود الإنسان نفسه، فهناك أناس يقولون إن هذا الوجود خيال وطيف، كالحلم الذي يراه النائم.
فهذه نصوص واضحة لكن حصل فيها الاختلاف.
قلت في بعض المحاضرات: هل هناك شيء أوضح وأصلح من الأذان؟ فكيف كان يؤذن في عصر رسول الله صلّى الله عليه وآله؟ وكم كان يؤذن؟
فنحن نعلم أن الأذان شرع في السنة الأولى من الهجرة، مما يعني فكان يؤذن في حياة رسول الله عشر سنوات في المدينة المنورة، وكل سنة فيها 365 يوماً، في كل يوم يؤذن خمس مرات، اضرب السنوات في عدد الأيام ثم في خمس مرات يومياً يكون الناتج 18250 مرة كان الأذان على عهد الرسول .
ولاشك في أن الأذان كان علنياً وفي مكان واضح يعلن به عن دخول وقت الصلاة في مكان مرتفع من المسجد.
هذا الشيء الذي حصل 18250 مرة وبشكل علني وبشكل واضح هل سلم من الاختلاف؟!
كلا، فالمسلمون مختلفون في الأذان، ليس بين السنة والشيعة، بل بين أهل السنة أنفسهم.
هناك ثلاث كيفيات للأذان، هناك بعض أبناء السنة يرى أنه في البداية: الله أكبر مرتين، وبعض أعلام المالكية يرون أن التكبير في الأذان مرتين: الله أكبر الله أكبر مرتين، والبعض يرى أربع مرات كما هو السائد. والشهادتين: أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمد رسول الله تقال كل واحدة مرتين. وهناك من المسلمين من يقول إنها يجب أن تقال في الأذان أربع مرات، يقولهما المؤذن مرتين بخفض صوته، ويقولهما بأعلى صوته مرتين فتصبح فقرات الأذان 14 فقرة. وفي الأخير: لا إله إلا الله، بعض المسلمين يراها مرة واحدة، وبعضهم مرتين. والزيديه في بداية الأذان يرون التكبير مرتين. ثم يأتي بعد ذلك الاختلاف في: حي على خير العمل، التي يرى الشيعة الاثني عشرية أنها جزء من الأذان وكذا الزيدية، كما معلن في إذاعة وتلفزيون اليمن. وأضاف بعض المسلمين في أذان الفجر: الصلاة خير من النوم، وبقية المسلمين لا يقولونها.
إذن فالأذان الذي تردد على عهد رسول الله 18250 مرة وبشكل علني لم يسلم من الاختلاف.
فمسألة التأويل والتغيير لها أسبابها وعواملها ولذلك تحصل مهما كان الأمر واضحا وصريحا.
فمع أن النصوص قد حثت على مودة أهل البيت وموالاتهم، لكنها أولت، فما الذي حصل لهم؟ وكيف وقع الاعتداء عليهم في حياتهم؟ وكيف أوذي أهل البيت بعد وفاة رسول الله بفترة قصيرة؟
من قرأ التاريخ يجد أن العداء لأهل البيت إنما استحكم وتجلى وأصبح في أوجه وقوته أيام حكم الأمويين، فهم الذين أمعنوا في العداء لأهل البيت وإيذائهم عليهم السلام.
وكان ذلك لأخذ ثاراتهم من أهل البيت وإشفاء أحقادهم على أهل البيت؛ لأن بني أمية كانوا هم الذين قادوا حروبا كبرى ضد الإسلام في بداية الدعوة الإسلامية، وهذا شيء واضح جدا. ففي واقعة بدر من الذي بدأ المبارزة أوليس هو عتبة بن ربيعة جد معاوية بن أبي سفيان لأمه، وكذا أبناء ربيعة بن عبد شمس ومعهم الوليد بن عتبة خال معاوية. ومن الذي واجه هؤلاء الثلاثة؟ واجههم حمزة بن عبد المطلب وقضيب بن الحارث بن عبد المطلب وعلي بن أبي طالب.
وقتل علي الوليد وشارك حمزة أيضا عبيدة في قتل عتبة وشيبة. لذلك كان قلب هند يمتلئ حقداً على بني هاشم عموماً، وعلى أهل البيت خصوصاً، فنفثتها في وقعة أحد لأنها هي التي أغرت وحشي ليقتل حمزة، ووضعت له جائزة إن قتل أحد الثلاثة: النبي أو الإمام علي أو حمزة. واستطاع أن يقتل حمزة.
ونقل التاريخ أن هند بعد انتهاء المعركة جاءت إلى جسد حمزة ومثلّت به فبقرت بطنه وأخرجت كبده وصارت تلوكها بين أسنانها. ولذلك عرف معاوية بابن آكلة الأكباد.
إذن فهذا الذي جعل نفوس الأمويين تحمل على أهل البيت، ودعا يزيد للأخذ بالثارات بقتل الحسين وأهل بيته وأصحابه وسبي بنات رسول الله .