جاذبية شخصية رسول الله (ص)
عقب صلاة الظهرين لهذا اليوم الجمعة غرة شهر ربيع الأول لعام 1424هـ، ألقى سماحة الشيخ كلمةً تحدث فيها عن جاذبية شخصية رسول الله وقال في بداية حديثه إن كل من اقترب من شخصية رسول الله انشدّ إليها وتعمّق حب رسول الله في نفسه، ولذا قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب : «من رآه بديهةً هابه، ومن خالطه معرفةً أحبه.»وأكد سماحته أن انجذاب الناس للإنسان أمرٌ مهم، والإنسان العاقل يعتبر ذلك مكسباً كبيراً. ولذا نقول في الدعاء: اللهم حببني للناس، وحبب الناس إليَّ. ويقول الإمام علي : «عاشروا الناس معاشرةً إن غبتم حنّوا إليكم، وإن غبتم بكوا عليكم.»
وأضاف سماحته أن هذا المكسب يُحقق للإنسان عدة أمور:
أولاً- هو مكسب معنوي لأن الإنسان تغمره الراحة لشعوره بمحبة الناس له.
ثانياً- يُساعد ذلك في تيسير أمور حياة الإنسان.
ثالثاً- وإذا كان لدى الإنسان تطلعاتٍ ومشروع ومبدأ فإن محبة الناس له يخدم مشروعه وتطلعاته.
وأكد سماحته على ما أجمع عليه المحدثون وكتّاب السير من أنه لم يوجد على وجه الأرض إنسان محبوب في مجتمعه كرسول الله .
وأضاف سماحة الشيخ إن هناك ثلاث طرق أمام الإنسان ليُحقق انجذاب الناس له:
أولاً- الكفاءة والتميز.
ثانياً- الأخلاق وحسن المعاشرة.
ثالثاً- الإحسان والعطاء.
وأكد سماحته أن أصحاب رسول الله بدافعٍ إيماني أولاً وبأخلاق رسول الله وإحسانه ثانياً تملّك الرسول الأعظم قلوبهم واستطاع أن يحوّل ذلك المجتمع الذي يسوده الجفاف في التعامل إلى مجتمعٍ تغمره العواطف والمحبة التي بلغت ذروتها في محبتهم لرسول الله .
وأشار سماحة الشيخ إلى جوانب مشرقة من أخلاق المصطفى في تعامله مع أصحابه تلك الأخلاق التي أشاد بها أعداءه قبل أصحابه:
- فما دخل على رسول الله أحدٌ إلا وأكرمه، فهو لا يتجاهل أحداً أبداً.
- وما صافحه رجلٌ ونزع يده إلا أن يكون ذلك الرجل هو الذي ينزع يده.
- وما ناجاه أحدٌ وتركه رسول الله إلا أن يكون ذلك الرجل هو الذي يبتعد.
- ويقول أنس بن مالك: صاحبت رسول الله عشر سنين أخدمه وما قال لي مرةً أف قط.
- والرسول لم ينتقم من أحدٍ لشخصه أبداً.
ولذا بوفاته أصيب المسلمون بصدمة وبذهول حتى أن البعض من المسلمين أقعد عن الحركة، والبعض فقد بصره، والبعض صمت أذناه. وقال أنس بن مالك: لما كان اليوم الذي دخل فيه رسول الله المدينة أضاء منها كل شيء، فلما كان اليوم الذي مات فيه أظلم من المدينة كلَّ شيء.
وأكد سماحة الشيخ في نهاية كلمته أن ما أصاب السيدة الزهراء بوفاة أبيها وما رافق ذلك من بكاءٍ ليلاً ونهاراً لا تُلام عليه أبداً، لأنه إذا كان الأصحاب قد أصابهم الذهول وأصابهم ما أصابهم بهذه الفاجعة، وهم أصحابه، فكيف بالزهراء وهي ابنته التي ما زالت في ريعان شبابها فحق عليها أن تردد:
ماذا على من شمَّ تربة أحمدٍ ألا يشم مدى الزمان غواليا
صبّت علي مصائبٌ لو أنها صبّت على الأيام صرن لياليا
والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على نبينا محمدٍ وآله الطاهرين.