برلمانيات ونساء في مراكز صنع القرار
المرأة هي المخلوق الذي كرمه الله فيمن كرم بقوله (ولقد كرمنا بني آدم)، لقد احترمتها رسالات السماء، وأعلت مقامها، ومن حيث لا تتوقع هذه المرأة جاءتها الوكزة من شريكها في الإنسانية والتكريم, من الرجل الذي شق عليه أن يراها تستمتع بكرامتها, وتستأنس بعقلها, وتفتق طاقاتها وإمكاناتها , خنقها الرجل في كل ميدان التقاها فيه, وفي كل ساحة شعر بأنفاسها ولمساتها فيها.
كتم الرجل أنفاس المرأة بعناوين متعددة ومبررات واهية ,تارة باسم الدين، وأخرى بذريعة العادات والتقاليد والأعراف، وثالثة بدافع الغيرة والشرف والنزاهة, وهكذا استمر الرجل وطال حكمه وتحكمه وهو يستل عنوانا وراء آخر، ويلعب كل حين بورقة تناسب عبثه ومبتغاه, لم يكن الرجل في بلادنا (وربما لخصوصيتنا المدعاة حتى في وسطنا الإسلامي) يرى شرفا ولا كرامة ولا غيرة ولا نزاهة في بقية شعوب العالم الإسلامي، التي استوعبت المرأة وفعلتها وأشركتها في قراراتها, إنها شعوب إثم وخطيئة وبعد عن الله سبحانه وتعالى بسبب تقديمها للمرأة كانسان راق واع ومبدع وشريك أصيل.
لا تزال المرأة في أوساطنا تسعى جاهدة لتحصيل دور هنا وموطئ قدم هناك, وحضور في موقع ما ورمزية في موقع آخر, لكنها ما لم تصل إلى المشاركة السياسية وإن كانت نسبية ومحدودة فلن تستطيع الوصول إلى شيء، ولن تتمكن من تحقيق شيء، أو حماية مكتسب من مكاسبها الضئيلة.
يوم الأربعاء 31/ أكتوبر، كان موعدا معدا لبدء فعاليات مؤتمر البرلمانيات والنساء في مراكز صنع القرار في (أبو ظبي) والذي رعته الشيخة فاطمة بنت مبارك الرئيس الأعلى لمؤسسة التنمية الأسرية (أم الإمارات).
لقد كان المؤتمر فرصة جادة للحوار والنقاش وتبادل وجهات النظر حول قضايا مختلفة يجمعها الدور الموعود للبرلمانيات والقيادات النسائية بدول مجلس التعاون الخليجي, هذا الدور الذي لا زال في دول أخرى موضعا للجدل والنقاش , هل تتبوأ المرأة موقعا قياديا أم لا؟
لست أدري متى يمكن أن يحسم هذا النقاش العقيم لننطلق سويا مع المرأة في بناء مجتمعاتنا الخليجية، على أني أرى أن يكون تمكينها وتبوؤها لمواقع القرار وصلاحياتها فيها ليس نسخة طبق الأصل عما يحصل في الدول والمجتمعات الأخرى, لأننا كمجتمع مسلم لسنا فراغا ولا عدما بل لنا ثقافتنا وتعاليمنا الدينية وأعرافنا الاجتماعية، التي يجب أن نستنطقها كلها بعناية، ونقرأها من جديد، لنرسم صورة مشرقة وفاعلة للمرأة في مجتمعنا كما أرادتها شريعتنا وتعاليم ديننا.
لا يكفي في هذا الإطار المتأمل لتفعيل مكانة المرأة إطلاق الشعارات الجميلة حول المرأة، ولا مجرد كلمات التشجيع والثناء عليها, ولا الحديث عن الموقعية التي رسمها الدين لها، وأعطتها تعاليمه لاحترامها, لأن ذلك كله (ما لم يترجم إلى واقع فعلي)هراء ممجوج لا يغير من حال المرأة، ولا يبدل من واقعها وضياعها.
المطلوب هو أن تشاركنا المرأة ولو نسبيا في صياغة القوانين التشريعية التي تكفل حقوقها، وتبوؤها موقعها, وتحترم عقلها، وأن تكون في مواقع تستطيع بصلاحياتها أن تدافع عن نفسها وتحمي شراكتها.
أن متوسط نسبة النساء في جميع برلمانات العالم بلغ رقما قياسيا غير مسبوق في العام 2007، كما تقول كارين جبر مدير برنامج الشراكة بين الرجل والمرأة، حيث بلغت النسبة 17% وهي تزيد بنسبة 50% على معدلات العام 1995الذي كانت تحتل فيه النساء 11,3%من المقاعد البرلمانية.
وأشارت جبر إلى أن متوسط نسبة اشتراك النساء في برلمانات الدول العربية يبلغ حاليا 9,6% حيث تضاعفت خلال السنوات العشر الماضية وبلغت نسبة مشاركة النساء في برلمانات الدول الاسكندنافية 41,6% وفي أوروبا 20,4% وفي الأمريكيتين 20% وفي دول شبه الصحراء الأفريقية 17,2% وفي آسيا 16,6% وفي دول المحيط الهادي 13,1%.
انتهي بالقول: ضمن تعليم ديننا التي تحترم المرأة وتقدرها وتحترم إنسانيتها، علينا أن ننصفها عمليا وميدانيا بجعلها شريكة معنا في مواقع القرار في النسبة المتاحة التي نتمتع بها.